تفكير الأب المريض يدفعه لقتل ابنته ذات العشر سنوات


العنف الاجتماعي يتجدد يوميا وضحاياه المزيد من الابرياء
* ذات صباح اعتيادي بحارة الشريف حي نقم شرقي العاصمة صنعاء قبل بضعة أشهر كان رجل في الثلاثينات من عمره برفقة صغيراته الثلاث يجوب الحي بحثا عن بيت للإيجار من أجل أن يأوي بناته اللاتي يتراوح أعمارهن ما بين التاسعة والخامسة تقريباٍ وهن بلا عائل سوى الاب الكثير الاسفار بسبب ارتباطه بعمل خارج الوطن ..
كان هذا الرجل يقول بأنه يريد شقة سكنية بجوار أسرة حتى تنتبه على الصغيرات خلال سفره .. وبالفعل نال الوالد مراده واستأجر الشقة المناسبة وكانت في الدور الرابع من العمارة ذات الادوار الخمسة وذلك في حارة الشريف بمديرية آزال بنقم وكانت الشقة أسفل شقة صاحب العمارة حيث تسكن اسرته واطفاله..
البنت الكبرى الذي يناهز عمرها العاشرة واسمها “مآب” كانت بمثابة الام لشقيقتيها “افنان” 7 سنوات وبيان خمس سنوات. هذه الطفلة التي وجدت نفسها امام مسؤولية كبيرة ومهمة تفوق عمرها وقدرتها لم تكن سوى صاحبة الجثمان الذي عثر عليه الاسبوع الماضي ممزق الاشلاء بنقيل سمارة على طريق صنعاء- تعز في جريمة تقشعر لها الابدان وسط معلومات عن تورط الوالد المغترب في هذه الفاجعة ..
“الاسرة” زارت الحي حيث كانت تعيش هذه الاسرة الاستثنائية وسط ظروف غامضة والتقت عددا من الجيران الذين سردوا والحزن يعتصر قلوبهم جوانب من مأساة هؤلاء الصغيرات اللاتي كن يقضين معظم الوقت بمفردهن في العمارة بينما كان الوالد يغيب لأسابيع وأشهر متواصلة ..

غموض ومخاوف
كان الغموض هو السائد في حياة الطفلة مآب وشقيقاتها اللاتي وجدن انفسهن مجبرات على العيش بمفردهن وهن في هذا العمر المبكر وتقول أم أسماء وهي واحدة من الجيران اللاتي كن يشفقن على حال هؤلاء الصغيرات : لطالما راودتني المخاوف والهواجس بأن الصغيرات المرميات بعيدا عن أمهن وأقاربهن سيتعرضن لخطب ما لكن لم اتوقع ان يكون هذا الخطب من قبل الوالد المتهم الاول في جريمة مقتل الطفلة مآب.
وتضيف هذه السيدة والدمع يرقرق في عينيها تأثراٍ بخبر مقتل الطفلة مآب لقد كان اكثر ما يلفت نظري عند الحديث مع الصغيرات هو تجنبهن الحديث عن والدتهن كما كن يعشن الرعب والصمت الرهيب عند وصول الوالد من الغربة .
وتوضح بأن الطفلة مآب التي قْتلت رمياٍ بالرصاص بعد أن تعرض جسدها النحيل لتعذيب وحشي كانت تحاول ان تعوض على شقيقتيها بعض الحنان من خلال الاهتمام والرعاية رغم عمرها الصغير .
وتستغرب هذه السيدة من الجزاء القاسي الذي تعرضت له هذه الطفلة البريئة من قبل والدها الذي تشير المعلومات الأولية عن تورطه المباشر في جريمة القتل .
فارقت الطفلة “مآب ” الحياة بعد أن أراد لها والدها الموت بهذه الطريقة التي تخلو من أي رحمة او عطف بل بوحشية القتل والتعذيب كافأ ابنته ذات السنوات العشر..
تكاد البراءة تنطق من فم تلك الطفلة المذبوحة والتي ذهبت تاركة وراءها اختين يصغراها سنا حيث كانت بمثابة والدة لهما بعد انفصال والدها عن والدتها
ظروف غامضة
شكل مقتل الطفلة البريئة “مآب” صدمة كبير لزميلاتها وجيرانها وكل من عرفها وتفاجأ الكل بمقتلها بتلك الوحشية والاجرامية رغم وداعتها وبرائتها وتقول إحدى جارات مآب والتي تسكن في نفس العمارة ان مآب كانت تعيش ظروفاٍ غامضة بسبب عدم وجود والدتها معها فقد كانت تسكن مع ابيها واختيها اللتين تصغراها سنا وكانت إذا سئلت عن والدتها لا تجيب الى ان عرف جيرانها ان والديها منفصلين. وتضيف تلك الجارة أن مآب كانت طفلة مرحة وديعة تلعب كباقي الاطفال وتخرج الى المدرسة وتعيش حياة طبيعية غير ان والدها كان يتركها وحيدة مع اخواتها الصغار ويسافر للعمل في بيع العقيق فيلبث احيانا اسابيع او عدة اشهر خارج البلاد تاركاٍ صغيراته بمفردهن.
تحملت المسؤولية
وقال الجيران في نفس العمارة التي كانت تسكن فيها الطفلة مآب ان مآب كانت تتحمل مسؤولية في المنزل وفي تربية اخواتها الصغار فقد تحملت هذه الطفلة التي تبلغ عشر سنوات مسئولية اكبر من سنها وكانت تقوم بجميع اعمال المنزل وكانت بمثابة الأم لأختيها الصغيرتين فكانت ترعاهما وتخاف عليهما كأم ورغم انها ما تزال طفلة وبحاجة لمن ينتبه لها الا انها كانت تملك قدرة كبيرة لرعايتها اخواتها ومنحهما الحب والامان كونها الوحيدة التي تعيش معهما وهي اكبرهما الى ان سافر الوالد مع بناته وترك المنزل ثم علمنا بتلك الفاجعة بعد مغادرهم للمنزل
البحث عن أدلة
وقد اكد العميد عبدالكريم العديني مدير عام شرطة محافظة ذمار في تصريحاته ان بداية الامساك بخيط هذه القضية من قبل راعية اغنام التي وجدت الطفلة مآب مقتولة في احد شعاب نقيل سمارة بمحافظة إب وقد قام قبلها اثنان من المواطنين بالتواصل مع العقيد ناجي اليافعي نائب مدير عام الشئون المالية بوزارة الداخلية واخبراه بمعرفتهم بوالد الفتاة التي عثر عليها مقتولة وتم نشر صورها على الفيس بوك وقال المواطنان بانهما شاهداها بصحبة والدها المدعو نوح علي صالح اليمني على سيارة أجرة وانه اصطحبها معه في سفره.
وقد اضاف مدير عام شرطة محافظة ذمار بأن القاتل هو والد الطفلة وانه قام بتعذيبها واحراقها ب” المكواة ” وضربها وتصويرها بواسطة تلفونه وتم اكتشاف ذلك عند فحص تلفونه عند البحث عن أدلة أخرى قد توصل للحقيقة فتم العثور على فيديو للطفلة وهي تتعذب وتستغيث .
العقيد محمد الحدي مدير بحث محافظة ذمار قال بأن الجاني (نوح) قد اقر بجريمته بحق طفلته البريئة وذلك بعد ان تم القبض عليه وان الاب الجاني كان يشك بأن ابنته تمارس الدعارة مما دفعه الى اخذها وفحصها في العديد من المستشفيات والتي اكدت ان الفتاة سليمة وعذراء ولكنه لم يقتنع بذلك رغم كل التأكيدات من جميع المستشفيات التي زارها فقام بتعذيبها وحرقها ويطلب منها الاعتراف بذنب لم تقترفه وتم تسليم القضية كاملة مع الجاني الى ادارة البحث في محافظة إب لاستكمال الاجراءات.

قد يعجبك ايضا