خطر يهدد حاضر ومستقبل اليمن


■ استطلاع / رضي القعود –
عندما ينحرف العمل السياسي عن مساره الصحيح فإن نتائجه تصبح غير واضحة وتحدث اختلالات وفوضى تؤدي في بعض الأحيان إلى صراع وعدم استقرار داخل البلد ونظامه. لذلك العمل السياسي يحتاج إلى توازن وتسيير وفق أسس ونظريات مدروسة وواضحة تعود بالنفع على كافة أفراد المجتمع.
بعض الأطراف السياسية في مجتمعنا تستخدم أساليب مختلفة لتحقيق أهدافها.. لكن هذه الأعمال يمكن أن تكون صائبة ويمكن أن تكون خاطئة.
طرحنا بعضاٍ من تلك الأساليب على عدد من السياسيين والمختصين وخرجنا بجملة من الآراء المتباينة.. إلى التفاصيل:
في البداية يطرح الدكتور علي الحاوري -أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء- وجهة نظره بالقول: أو لا من الصعوبة إبعاد الجامعة عن الحياة العامة لأن الجامعة يفترض أنها المؤسسة التي تقود المجتمع وعزلها عن الحياة العامة خطأ فادح ومعروف أن الجامعات في مختلف بلدان العالم تسهم إسهاماٍ كبيراٍ ومباشراٍ في الحياة العامة.. ولو ظلت الجامعة معزولة كليا عن القضايا الجوهرية في المجتمع فسوف يؤدي ذلك إلى التقليل من مهامها المجتمعية العامة. ويوضح الدكتور الحاوري ذلك بقوله: الخلل ليس في انخراط الجامعة وأعضاء هيئة التدريس أو الطلاب في السياسة من حيث المبدأ لكن الخلل يكمن في التسييس الخطأ والانحراف عن المسار الصحيح.. وأضرب على ذلك مثالاٍ: كيف نستطيع أن نمنع طلاب العلوم السياسية بالجامعة من الخوض في الحياة العامة أو الحياة السياسية.. إذن الخلل بشكل أوضح يأتي من التوجيه الحزبي وتسييس الوظيفة العامة ومن هنا يبدأ الانحراف والخروج عن المبادئ العامة بمعنى تغليب المصالح الحزبية على المصالح العامة.. ولهذا يجب أن نفرق بين انخراط الجامعة من حيث المبدأ في الحياة العامة وبين الرؤى والمصالح الضيقة للأحزاب إذن المسألة بكل الأحوال تقدر بقدرها فهناك قضايا ربما تكون صائبة في أوقات معينة وغير صائبة في أوقات أخرى أما أننا نقول ونعمم بأن العمل السياسي في الجامعة أو العمل الحزبي خاطئاٍ من حيث المبدأ فهذا أمر غير صحيح لكن المسألة تقدر بقدرها بمعنى آخر ننظر إلى القضية نفسها وتقاس وفق معايير معينة فإذا كانت متطابقة مع الأهداف العامة يصبح الأمر هنا جائزاٍ أما إذا كانت مخالفة ولا تخدم الصالح العام تصبح المسألة غير صحيحة.
فيروس فساد
● من جانبه تحدث الصحفي والمحلل السياسي منصور صالح قائلا :
_ كانت ومازالت السياسة واحدة من عوامل تردي التعليم في اليمن بل لقد استطاع فيروس فساد السياسة أن يصيب مؤسسات التعليم بمقتل بدءا من إقحام السياسة في مناهج التعليم وخاصة ما يتعلق بمناهج التاريخ والتربية الوطنية وعلم الاجتماع وانتهاء بالتعيينات القيادية في الحقل التربوي ووضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب في مختلف درجات المؤسسة التربوية ابتداء من مدير أصغر مدرسة أساسية في منطقة نائية وانتهاء بموقع وزير التربية والتعليم حيث تخضع التعيينات في هذه المواقع لمعايير حزبية وسياسية عقيمة يصح القول أنها قد تنتمي إلى أي مسمى إلا التربية والتعليم .
كما يدخل في فساد السياسة وتأثيرها على العملية التعليمية فساد خطط توزيع تشييد المدارس والجامعات حيث نراها تتركز أحيانا في مناطق حققت الاكتفاء وتغيب عن مناطق يدرس فيها الطلاب في العراء وتحت ظل الأشجار وذلك لاعتبارات سياسية معينة حيث تمنح المشاريع التربوية لمن يوالي وتمنع عمن يعارض وهكذا.
لقد بات الجميع على يقين أن عبثا مخيفا مازال يمارس في حق الطلاب وبإشراف مباشر من وزارة التربية والتعليم التي تبدو وكأنها تحولت إلى وزارة معنية بنقل وتأصيل فساد الساسة وهوس الحكام بالخلود إلى أذهان وعقول الطلاب كما نشاهد تزويرا للتاريخ وللوقائع في تجاهل لحقيقة قدسية التاريخ واستعصائه على التزوير في مقابل تغييب وعدم مواكبة الجديد في مجالات العلوم والتقنيات الحديثة المختلفة بل والنظر إلى هذه المجالات وكأنها ترف زائد عن الحاجة .
في كل العالم تعد وزارة التربية والتعليم هي الوزارة الأهم لارتباطها ببناء الأجيال ولذلك فهي لا تسند إلا لمتخصصين ولا تقحم في السياسة إلا اليمن تعامل هذه الوزارة باعتبارها وزارة سياسية مثلها كمثل وزارات الدفاع والخارجية والنفط والمالية وكل الأحزاب تعتقد أنها إن مكنت من هذه الوزارة فإنها تستطيع إن تصنع جيلا يحمل فكرها أو سياستها أو يحمل نظرتها لفهم معنى الوطن وتاريخه ورجاله وثوراته .
لقد أسهمت السياسة التربوية العقيمة المتبعة في إعداد وإدارة العملية التعليمية في البلد في إنتاج جيل مشوش الفكر فاقد الثقة بذاته وقدراته وعديم الانتماء لوطنه وأمته وأحيانا وللأسف حتى لدينه وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال من العبث بالعملية التعليمية فإننا سنكون أمام جيل عديم الفائدة لذاته ووطنه ومقطوع الصلة بماضيه وحضارته وستكون المدارس عبارة عن مؤسسات تخرب الأجيال ولا تبنيها.
محراب مقدس
● وختم منصور حديثه بالقول :
على الأحزاب والسياسيين أن يتمثلوا الحرص على العملية التعليمية وان تظل المدارس والجامعات بمنأى عن أي حسابات أو صراعات حزبية أو سياسية وعن أي نشاطات أو استقطابات حزبية وان تظل المؤسسة التعليمية محرابا مقدسا لطلب العلم والمعرفة وبناء الاجيال لا ميدانا للتنافس والصراع الحزبي لما لذلك من أثر على الأجيال ومستقبلها الذي هو أساسا مستقبل الواطن الذي يراهن عليه الجميع .
صراع حزبي
● فيما يقول الكاتب والباحث علي أحمد عبده قاسم :
-إن المؤسسة التعليمية والتربوية يجب أن يكون انتماؤها للوطن وا?مة باعتبار أن الهدف النهائي والغاية من التربية هو خلق المواطن الصالح الذي يبذل جهده من أجل رفعة ونهوض الوطن ويبذل روحه إذا داهمه خطر أو تعرضت مكتسباته للاعتداء بمعنى خلق مواطن يسكنه الوطن ويذوب في دمه.
لكن التعليم تعرض لكثير من الهدم أبرز هذا دخول الحزبية وتسييس التعليم حيث تحولت المؤسسة التعليمية الى ساحة صراع حزبي الغاية منه إقناع بأفكار ا?حزاب وقل غرس الانتماء للوطن وبدلا من ترسيخ الانتماء للوطن ترسخ وتغرس افكار الاحزاب مما ترتب عليه تعدد الانتماءات وانخفاض المستوى المطلوب والامين لتعميق الانتماء للوطن والامة مما أفضى الى تكريس ظاهرة التمزق والاختلاف وإهمال للعملية التربوية والتعليمية خاصة وقال علي أحمد: الورقة التربوية تعتبر ورقة هامة في ترجيح كفة الميزان السياسي خصوصا أثناء مواسم الصراع فنتج عنه ظهور من ليس معي فهو ضدي فتحول الثواب والعقاب التربوي على ميزان الانتماء الحزبي فاضعف ذلك ا?داء التربوي وبدلا من تكون التربية مؤسسة لتوحيد الفكر تحولت الى مؤسسة لاتستطيع القيام بهذا الهدف النبيل نتيجة للصراع الحزبي المتغلل بداخلها ويجب ان يعترف التربويون بهذه الظاهرة خاصة في ظل غياب قانون صارم يحرم الانتماء داخل الحرم التعليمي لذلك يجب أن تكون هناك قوانين ومناهج ومعلمين يعملون جميعا على تحريم السياسة داخل الحرم التعليمي المقدس.

قد يعجبك ايضا