في زاوية منسية من هذا الكوكب ثمة مدينة تقصف كل يوم ولا تسقط… اسمها غزة.
وفي قاعة مزخرفة بالكلمات المنمقة والأعلام الأممية سقطت ليلة البارحة آخر أوراق التوت عن إنسانية تتاكل.
الفيتو الأمريكي السادس..
لم يكن قرارا سياسيا عابرا بل كان ختما أحمر بلون الدم وضع فوق نعوش الأطفال وصك براءة مزيفا وقع باسم “الديمقراطية” على أنقاض مدينة تلفظ أنفاسها الأخيرة.
في نيويورك.. يمنح الضوء الأخضر للموت
في 18 سبتمبر 2025 وقف العالم على قدم واحدة ليقول لغزة: “آن لهذا الموت أن يتوقف”.
14 صوتا صوتت للحياة…
وصوت واحد أميركي أجهض القرار وأسدل الستار على مسرحية كان أبطالها من ورق وضحاياها من لحم ودم.
المقترح كان بسيطًا:
وقف إطلاق النار. فتح الممرات الإنسانية. الإفراج عن الأسرى.
لكن واشنطن، التي ما انفكت تتحدث عن “حق الدفاع عن النفس” رأت أن المذبحة يجب أن تستمر… وأن الحديث عن وقف القتل يعني “مساواة الضحية بالجلاد”.
وهكذا بصوت واحد فقط تواصل الحرب طريقها… بلا خجل، بلا مبرر.
غزة… حين تختزل الحياة في أرقام
231,000 شهيد.
أكثر من 11,000 مفقود.
جثث لا تجد كفنا وأطفال يبحثون عن أمهاتهم تحت الركام.
نساء ولدن ليربين، فوجدن أنفسهن يدفن أو يدفن.
لكن من قال إن هذه أرقام؟
هذه ليست إحصائيات.. هذه قصص حب لم تكتمل دفاتر مدرسية لم تكتب وضحكات قطعت فجأة بقذيفة.
الفيتو… حين ترتكب الجريمة بالقانون
وقفت السفيرة الأمريكية لتبرر الفيتو كأنها تلقي درسا في الأخلاق قائلة إن القرار “ينحاز ضد إسرائيل”.
لكن أحدا لم يسألها:
· هل كان حي الشجاعية مقراً لحماس؟
· وهل كانت مدرسة الفاخورة ثكنة عسكرية؟
· وهل يحتاج الطفل الذي كان نائما على صدر أمه إلى محام ليثبت براءته؟
الفيتو لم يكن مجرد تعطيل لقرار… بل كان غسلًا علنيا لجرائم الحرب ورسالة واضحة:
أن القانون الدولي مرهون بمصالح الأقوياء وأن القتل يمكن أن يصبح شرعياً إذا كان القاتل حليفا.
العالم يتفرج… والسماء تمطر نارا
في المخيمات لم ينتظر الفلسطينيون القرار.
هم يعرفون أن “الفيتو” ليس جديدا وأن الأشلاء لا تسأل عن السياسة وأن مجلس الأمن لا يسمع صراخ الأطفال.
لكنهم مع ذلك تمنوا.. أن يكون في العالم بقية ضمير.
أما أمريكا فلم تكتف بالدعم السياسي بل واصلت إرسال القنابل الذكية التي تعرف طريقها إلى حضن الطفل قبل أن تراه عينه.
إلى متى؟
هذا السؤال لا يطرح في المؤتمرات ولا يناقش في العواصم.
هو فقط يقال بصوت مبحوح في الخيام في المشردين في الأمهات اللواتي انتظرن الفجر فعاد عليهن بصور أبنائهن في النعوش.
لكن… غزة لا تموت.
تقصف، نعم.
تُجوّع.. تحاصر.. تنسى…
لكنها تعود دائمًا.
من بين الركام تولد طفلة جديدة تسمى “كرامة” ويولد فتى اسمه “حق” وتولد أمة لا تنحني.
الخاتمة:
سيكتب التاريخ أن هناك من قتل ومن مول القتل ومن تفرج عليه.
وسيكتب أيضًا أن في غزة شعبًا لم يمت وإن مات.
لكل طفل سرق منه الحلم لكل أم نامت على صوت الطائرات لكل يد حفرت قبرًا بيدها…
ستظل الحكاية تروى وسيسقط الفيتو… يومًا ما أمام صوت العدالة.