المدارس الخاصة.. غيض من فيض الإهمال


تحقيق /وائل علي الشيباني –

يتكبد أولياء الأمور عناء دفع مبالغ مالية مرتفعة للمدارس الأهلية بهدف تمكين أبنائهم من الحصول على خدمة تعليمية متميزة والسبب رداءة التعليم في المدارس الحكومية ..
ويراهن الآباء على المدارس الأهلية لتوافر وسائل التعليم الحديثة بها- أو هكذا يفترض – التي تساعد على سرعة الفهم وتقديم خدمة ذات جودة ..هذا في الجانب المادي..
أما على المستوى المعنوي فيقدم هذا التعليم الأنشطة والجوائز التحفيزية التي تقدم لحث الطلاب على بذل المزيد ..هذه هي الصورة الذهنية الراسخة في ذهن الكثير ممن يفضلون تلك المدارس على غيرها ليبقى السؤال هنا: هل وجدوا تلك الخدمة التعليمية داخل مدارس التعليم الأهلي والخاص …¿..إلى جانب ذلك هل أغلقت وزارة التربية والتعليم بالفعل مدارس وصفتها بالمخالفة ..¿ وهل هناك رقابة على هذه المدارس طبقا للقانون. ¿
قام كاتب التحقيق بزيارة بعض المدارس الأهلية في أمانة العاصمة كعينة عشوائية للتعرف على حالها عن قرب ..وإليكم حصيلة المشاهدات :
تبين أن بعض المدارس بحال شبه ممتاز وهذا للإنصاف وأخرى جيدة نوعاٍ ما وبعضها للأسف الشديد كانت عبارة عن شقق سكنية سابقة قرر صاحبها استثمارها بتحويلها إلى مدرسة أهلية خاصة لتحقيق أرباح أكثر مما كان يجنيه من المستأجرين الساكنين فيها ..لكنها في المجمل لا تصلح كمدارس خاصة..
لقد تكشف الحال لمعد التحقيق عبر تلك الزيارات فالمباني غير صالحة ولا يوجد بها حوش مناسب حتى يخرج الطلاب إليه في الاستراحة لأداء طابور الصباح كما ينبغي..
بل بعض تلك المدارس استغلت الأسطح رغم جو البرودة لإقامة الأنشطة الخفيفة وكاستراحة للطلبة.
أما الفصول الدراسية فشتان بينها وبين الفصول في المدارس الحكومية ليس لأنها لا تصل إلى نصف مساحة الفصول في المدارس الحكومية ولكن لكونها مظلمة ولا يتوفر فيها نوافذ كبيرة لدخول الهواء …
وفيما يخص معامل المدرسة فهي غائبة ولا توجد سوى غرف صغيرة وجدنا بداخل بعضها أجهزة كمبيوتر غالبيتها لا تعمل وحتى التي تعمل منها لا يتم إدخال الطلاب فيها إلا للتصوير وعند زيارة الجهات الرقابية كما قال الطلاب لكاتب التحقيق.
الطلبة أوضحوا أن حصص الكمبيوتر تكون كالتالي: طلاب يجتمعون في فصل ويشاهدون حلقات للأطفال عبر تلفزيون 32 بوصة..
وفيما يتعلق بالنشاطات الرياضية كرة القدم هي النشاط الوحيد وفيها يقوم المدرس بتقسيم الفصل إلى مجموعتين أو ثلاث بحسب عددهم ويجلس في طرف الحوش حتى يكملوا النصف الساعة المقررة ليعودوا للدراسة بعدها ..
هذا شطر مما لمحه معد التحقيق أثناء زيارته لعينة من المدارس الأهلية.. وما خفي كان أعظم .
(معرفة الواقع)
المدارس الحكومية أفضل بكثير من تلك التي تطلق على نفسها مدارس خاصة ولا يوجد بداخلها وسائل تعليمية جيدة ولا حتى كادر تعليمي مؤهل ومتخصص هذا ما أكده المعلم عبدالله الكميم مدير مدرسة ابن خلدون الذي لم يخف استياءه من العبث بالعملية التعليمية خاصة في تلك الشقق السكنية التي لا يزيد بعضها عن دورين وتحولت بقدرة قادر إلى مدرسة وللأسف يتهافت أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم فيها بمبالغ تصل لمرتب شهرين لأحد المدرسين الحكوميين وهذا أمر غير مقبول .
وأكد أن المفترض أن تكون تلك المدارس كونها تابعة لمستثمرين يجنون المال من بعدها أفضل حالاٍ مما هي عليه الآن .
وقال :أتمنى أن لا يهتم أصحاب تلك المدارس بالربح المادي فقط فالعملية التعليمية أمانة في عنق كل من يتحمل مسئوليتها ولابد من تأديتها على أكمل وجه لأن القضية مرتبطة بجيل المستقبل.
لم يختلف معه المعلم فواز محمد معلم مادة التربية الإسلامية في أهمية مراعاة الله في العملية التعليمية وبناء الجيل الذي سيحمل على عاتقه هم بناء الوطن .
وأفاد قائلاٍ: على أولياء الأمور أن لا يتسرعوا بتسجيل أبنائهم بمدارس غير مؤهلة سواء أكان ذلك بالمرافق أو حتى في الكوادر التعليمية فغالبية المدارس إن لم تكن كلها يوجد بداخلها معلمون خريجو ثانوية عامة وغير مؤهلين ولا متخصصين ولا يملكون الخبرة الكافية في التدريس ويفضلونهم على أولئك الحاصلين على شهادة البكالوريوس لأنهم بكل بساطة يقبلون براتب شهري قد لا يزيد عن 25ألف ريال بينما الحاصلون على شهادات جامعية لا يقبلون بهذا المبلغ.
(استياء)
علي محمد عبده طالب في المرحلة الثانوية بإحدى المدارس الخاصة بأمانة العاصمة لم يخف استياءه الشديد من مدرسته الجديدة حين قال: أتيت أنا وأبي للتسجيل في هذه المدرسة الخاصة بعد أن انتقلت للعيش في هذا الحي وعند التسجيل أخبرتنا الموظفة المختصة بالتسجيل أنه في هذه المدرسة توجد أجهزة كمبيوتر عديدة يقوم الطلاب بالتطبيق عليها, وأن غالبية المدرسين يستخدمون (البايربوينت) لشرح بعض المواد التي يصعب فهمها إلا بوجود صور متحركة تسهل ذلك وكذلك توجد حصص للرسم والخط وفريق رياضي ومدرب متخصص وما إلى ذلك وأن رسوم الدراسة تكلف 140 ألفاٍ بعد التخفيض وافق والدي على الفور وسعدت أنا بذلك.
لكنه حسب قوله بعد شهر واحد تكشفت الحقائق فالبروجكتر لا يستخدمه سوى معلم مادة الجغرافيا لعرض صورة الخريطة على الجدارفقط, وحصص الرسم والفنون تكون بمقدار حصة في الأسبوع للطلاب الذين يجيدون الرسم فقط أما المدرس المختص بالرياضة (فأنا أجيد اللعب أفضل منه) وظهرت الحقيقة فكل ذلك كان زينة في المدرسة التي لا يوجد بها حمامات نظيفة ولا ساحة تكفي طلاب المدرسة كافة عند الراحة مما يضطرهم للخرج على دفعات.
(وسائل مساعدة)
تعتبر كل الوسائل المادية والمعنوية داخل المدرسة مهمة فهي تساهم بشكل كبير في إيصال المعلومة بشكل أسرع وأفضل لذهن الطالب لذا أصبح من المستحيل الاستغناء عنها في العملية التدريسية حتى يتمكن الطالب من الاستيعاب والتحصيل الدراسي الجيد بأقل جهد ممكن.
وتثبت الدراسات التربوية أنه كلما وفرت المدارس التقنيات التربوية والمرافق الجيدة التابعة للمدرسة واستخدمتها بطريقة علمية سليمة أدى ذلك إلى تطوير العملية التربوية بشكل إيجابي, وهذا ما أكد عليه الأخصائي الاجتماعي وليد الخوي حول أهمية تواجد الوسائل التعليمية والمرافق الصحية والرياضية داخل كل مدرسة سواء كانت أهلية أو حكومية.
وأضاف: لابد من توفر وسائل التعليم المساعدة في المدارس بشكل عام وخاصة الأهلية لأن أولياء الأمور يدفعون المال لتلك المدارس من أجل ذلك ومن حق أولادهم أن يحصلوا على ذلك, ويجب معاقبة أي مدرسة لا توفر هذه الإمكانيات لطلابها خاصة تلك التي تؤسس في شقق سكنية سابقة ولا تملك حوشاٍ ولا معامل ولا توجد بداخلها عيادة داخلية سوى بعض الأدوية المعلقة في الجدار إن وجدت.
(مخالفات)
ومن جهته, يؤكد نائب مدير عام التعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم حميد شاطر بأن الوزارة تقوم بعمل اللازم.
ولفت إلى أن الوزارة اكتشفت (96) مدرسة مخالفة للمواصفات الفنية من حيث المبنى التي تخالف بالقانون .. وقال :بدورنا قمنا بأخذ تعهد من هذه المدارس بأن تقوم بإصلاح الخلل في المبنى أو الانتقال إلى مبنى آخر مؤهل لتدريس الطلاب خلال شهر من تاريخه وقد تعهدت لنا المدارس بذلك. ويضيف: في حالة عدم إيفاء المدارس الأهلية والخاصة بوعدها للوزارة فإننا سنضطر لإغلاق المبنى نهائياٍ وتوزيع الطلاب المسجلين فيها على جميع مدارس الأمانة .
أما فيما يتعلق بالمدارس التي يتم إغلاقها نهائياٍ بدون إعطاء فرص لها لتصحيح وضعها ..فهي المدارس التي نكتشف أنها غير قانونية في منحها الشهادات للطلاب وغير معتمدة من قبل الوزارة.
وأكد شاطر أن الوزارة في الفترة الأخيرة قامت بإجراءات صارمة وذلك من خلال النزول الميداني الذي تم عبر المشرفين من الوزارة ومكاتب التربية ومديري المديريات إلى المدارس الخاصة والأهلية, وذلك لمتابعة إن كانت هذه المدارس مطابقة للمواصفات التي تنص عليها اللائحة رقم (276) باب الشروط والمواصفات لعام 2004م والخاصة بالمواصفات الفنية للمدارس الأهلية والخاصة والتي تنص على أن يكون المبنى مطابقاٍ للمواصفات المنصوص عليها كتأهيل المبنى من حيث السعة وتواجد ساحة للطلاب وتوفير معمل ومكتبة وغيرها من المواصفات المطلوبة في المدارس.

قد يعجبك ايضا