جميع المحافظات اليمنية موبوءة بالألغام باستثناء أمانة العاصمة والمحويت

الألغام والمتفجرات محلية الصنع أكثر خطورة نظرا لأشكالها الخداعية وقرب أماكن التصنيع من الأحياء
استخدام المتفجرات في الصراع القائم بالمحافظات ضاعف عدد ضحايا الألغام في اليمن

أكد مدير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام أن المتضررين من الألغام في تزايد مستمر في ظل استمرار الصراعات المسلحة المستخدمة فيها الألغام والعبوات الناسفة كسلاح للحرب في عدد من المحافظات اليمنية.
وأشار العميد الركن علي محمد القادري في لقاء مع “الثورة” أن عدم استتباب الأمن في المناطق الملوثة بالألغام يعد أبرز العوائق لوصول فرق النزع والتطهير مشيرا إلى أن المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام استطاع منذ تأسيسه تدمير أكثر من (324000) ما بين ألغام مضادة للأفراد وألغام مضادة للعربات وقذائف منوعة وشراك خداعية كما استطاع المركز تقديم المساعدة لأكثر من ألفي ضحية من ضحايا الألغام.

* متى بدأت مشكلة الألغام وما حجم المشكلة في اليمن ¿
– مشكلة الألغام في اليمن ليست جديدة فكان أول استخدام للألغام أثناء الحرب بين الملكيين والجمهوريين في ستينيات القرن الماضي ثم استخدمت الألغام في حروب المناطق الوسطى ثم في حرب صيف94م ومن ثم الحروب والصراعات المسلحة التي حدثت منذ 2004م وحتى الآن في صعدة وحجة وأبين وعمران وصنعاء وغيرها من المحافظات .
وقد بينت نتائج المسوحات الميدانية لدراسة حجم مشكلة الألغام في اليمن أن جميع المحافظات ملوثة بالألغام عدا محافظة المحويت وأمانة العاصمة حيث بلغ إجمالي المساحة الملوثة (1,202,594,182) متراٍ مربعاٍ وذلك يوضح أن حجم مشكلة الألغام في اليمن ليست يسيرة .
* ما دور المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في التخفيف أو الحد من مشكلة الألغام¿
– المركز التنفيذي يتبع اللجنة الوطنية للتعامل مع الألغام التابعة لمجلس الوزراء ونعمل بموجب الخطط التي تعتمدها هذه اللجنة وبدعم منها ومن الجهات المانحة الأخرى من الدول الصديقة والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة, ويعمل معنا في المركز التنفيذي كوادر يمنية متخصصة في هذا المجال ويمتلكون خبرات نظرية وعملية كبيرة حيث تراوحت مدة عملهم بين 15و20 عاماٍ في مجالات إزالة وتطهير الألغام ومخلفات الحروب التي لم تنفجر بعد, والمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام هو الجهة التنفيذية الوحيدة في الجمهورية اليمنية, المعنية بالتعامل مع مشكلة الألغام والمخلفات الحربية بحكم وجود هذه الكوادر والخبرات التخصصية تنافس قدراتها الكوادر المشابهة لها في المحيط الإقليمي والدولي, لذلك فإننا في المركز التنفيذي نعمل بكل جهودنا وطاقاتنا من خلال عدد من الأنشطة المتنوعة المشتملة على تطهير وإزالة الألغام ومخلفات الحروب التي لم تنفجر وأيضاٍ أعمال مساعدة الضحايا ونشاطات التوعية بمخاطر الألغام التي يتم تنفيذها في المدارس والتجمعات السكانية في المناطق المتضررة وذلك بدعم من منظمة اليونيسف وبجهود مشتركة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات الأهلية غير الحكومية في المحافظات المتضررة .
خلال هذا العام عملنا في ثماني محافظات من خلال فرق المسح الفني وسرايا إزالة الألغام ومخلفات الحروب التي لم تنفجر كما يقوم المركز بتنفيذ نشاطات التوعية بمخاطر الألغام للمواطنين في المدن والأرياف وتقوم فرق مساعدة الضحايا (الناجين من الألغام) بالنزول إلى المحافظات المتضررة وتنفيذ أعمال المسح الطبي الذي يتم من خلاله تسجيل وحصر الحالات المتضررة من الألغام, ثم يتم إجراء الفحوصات الطبية لهم ومن خلالها يتم تحديد نوع الدعم الطبي الذي نقدمه مثل إجراء العمليات الجراحية أو تركيب أطراف صناعية أو تقديم كراسي متحركة وغيرها من المواد المساعدة .
* استمرار الأعمال القتالية والصراعات الداخلية في أكثر من محافظة يؤدي إلى زيادة مساحة المناطق الملوثة بمخلفات الحروب, ما هو الدور التوعوي الذي يقوم به المركز تجاه المواطنين في هذه الأماكن ¿
– المركز يقوم بأنشطة التوعية الطارئة في المدارس والتجمعات السكانية في المناطق المتضررة حيث يتم تمويل هذه الأنشطة من قبل منظمة اليونيسف(UNICEF) ونقوم بالتنفيذ بالاشتراك مع الجمعيات الأهلية في المحافظات المستهدفة وبالتنسيق مع مكاتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في هذه المحافظات. ونستطيع أن نقول أنه تم تنفيذ أنشطة التوعية الطارئة في عدد (11) محافظة خلال العام الحالي 2014م وحتى نهاية شهر أكتوبر وصل عدد المستهدفين أكثر من ( 340,000) شخص ولا زالت أنشطة التوعية مستمرة حتى نهاية العام في محافظتي حجة وأمانة العاصمة, أيضا بداية شهر أكتوبر المنصرم وقبل عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة, نزل فريق من المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام لمسح وتفتيش عدد (62) مدرسة من مدارس أمانة العاصمة للتأكد من خلوها من المخلفات الحربية التي لم تنفجر وذلك بعد الأحداث التي عاشتها أمانة العاصمة في سبتمبر الماضي, كذلك عملنا على إنتاج فيلم وثائقي بتمويل من منظمة اليونيسف بثته بعض القنوات اليمنية باسم “الخطر المجهول” يتحدث عن مشكلة الألغام في اليمن ومخاطرها ويسلط الضوء على معاناة ضحايا الألغام, وخلال شهري نوفمبر وديسمبر تبث عدد من القنوات التلفزيونية المحلية فلاشات توعية بمخاطر الألغام توصل رسائل تحذيرية للمواطنين عن مخاطر الألغام مخلفات الحروب التي لم تنفجر بعد, وأيضا توضح خطوات السلامة للشخص الذي دخل منطقة خطرة أو صادف جسم غريب .. وكيف يتعامل معها والى من يبلغ عنها.
* من هي الجهات الداعمة لتنفيذ أنشطة إزالة الألغام ¿
– الجهات الداعمة خلال هذا العام هي الولايات المتحدة الأميركية واليابان ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP), ولكننا في المركز التنفيذي لا نستلم هذا الدعم بصورة مباشرة وإنما يصل إلينا عبر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP) فصلياٍ, بموجب خطة فصلية مفصلة نرفعها إليهم بالاستناد إلى الخطة السنوية التي يتم مناقشتها والمصادقة عليها من قبل اللجنة الوطنية للتعامل مع الألغام.
* ما حقيقة ما نشرته بعض وسائل الإعلام من تقارير تتضمن شكاوى تتحدث عن توقف عمل السرايا والفرق الميدانية ¿
– نعم, خلال هذه الفترة لم نتمكن من إنزال الفرق والسرايا للعمل في الميدان نتيجة عدم استلام المركز الميزانية التشغيلية للفصل الثالث ( يوليو-سبتمبر 2014م) والفصل الرابع (أكتوبر- ديسمبر 2014م) ونحن منتظرون التمويل من الأصدقاء في البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP) خاصة وأننا قد رفعنا الخطط الفصلية في وقتها وتم مناقشتها معهم والموافقة عليها.
* كم عدد الضحايا في صفوف الفرق والسرايا العاملة في مجال نزع الألغام ¿
– العمل في مجال إزالة الألغام وتطهير الأرض من مخلفات الحروب من أخطر الأعمال على الإطلاق, فبالإضافة إلى المعارف العلمية والمهارات العملية يحتاج إلى رباطة جأش وإرادة صلبة وبالنسبة للعاملين في الميدان فعملهم “معركة” مع عدو أو خصم متخف تحت الأرض ولكن الرغبة في إنقاذ أرواح البشر تقوي عزيمتهم لتنفيذ هذا العمل الإنساني النبيل.
وعملية نزع الألغام والتعامل معها عمل خطير جداٍ, والمركز التنفيذي منذ تأسيسه قدم تضحيات من خيرة كوادره من الشهداء والجرحى الذين أصبحوا معاقين ومقعدين عن العمل في منازلهم وعددهم ما يقارب خمسين نازع وتعود أسباب ذلك بدرجة رئيسية إلى مخاطر الشراك الخداعية (المفخخات) والتفجير عن بعد للعبوات الناسفة التي واجهت العاملين أثناء تأدية واجبهم الإنساني لإنقاذ أرواح المواطنين.
* مؤخرا ظهر استخدام ألغام محلية الصنع .. كيف تتعاملون معها وهل تجدون صعوبة في التعامل معها¿
– الألغام محلية الصنع ظهر استخدامها مؤخرا في الصراعات الأهلية المسلحة التي حدثت خلال العشر سنوات الأخيرة, وما يزيد في خطورة هذه الألغام محلية الصنع والعبوات الناسفة أن بعضها تصنع في أشكال خداعية لا توحي في شكلها أنها ألغام أو متفجرات, ويتم وضعها في أماكن قريبة من السكان وفي أحياء سكنية وعلى الطرق وقد خلفت الكثير من الضحايا بين صفوف المواطنين الأبرياء بمن فيهم الأطفال, أما بالنسبة لصعوبة التعامل مع هذا النوع من الألغام المحلية فيجب أن نوضح أن العاملين في البرنامج تدربوا على أشكال وأنواع الألغام المعروفة لدى جيوش العالم لكن رغم ذلك وتنفيذاٍ للواجب الوطني والإنساني يبذل العاملون في هذا المجال جهوداٍ كبيرة في إبطال مفعولها من خلال معارفهم العلمية وخبراتهم المتراكمة في هذا المجال, ولكن الصعوبة التي نواجهها حالياٍ هي عدم توفر أجهزة إلكترونية حديثة لمواجهة وسائل التفجير عن بعد, وحالياٍ لدينا مجموعة من المتخصصين العاملين معنا والذين يتم تدريبهم من قبل خبراء أجانب بدعم من الحكومة الأميركية والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وهكذا فإننا دائماٍ نسعى إلى إنقاذ أرواح المواطنين من الألغام وتطهير الأرض حتى يمكن استصلاحها واستخدامها لصالح المجتمع .
* ما هي أبرز الصعوبات والعوائق التي تواجه عملكم ¿
– من أبرز المشاكل التي نعانيها في البرنامج هو الوضع الأمني الذي يعاني منه البلد ونحن نعاني منه بصورة مضاعفة كوننا نعمل في مناطق مختلفة أحيانا تكون أوضاعها الأمنية غير مستقرة, لكن الرغبة في إنقاذ أرواح المواطنين من مخاطر الألغام ومخلفات الحروب التي لم تنفجر ولتأمين عودة المواطنين الذين أرغمتهم الحروب على النزوح من ديارهم, ولإنهاء معاناتهم وعودتهم إلى مدنهم وقراهم وممارسة حياتهم الطبيعية فيها وفي مزارعهم ومراعيهم, تمثل حافزاٍ لنا أثناء عملنا, وهناك مشكلة أخرى نعاني منها في بعض المناطق حيث تتعرض السيارات التابعة للمركز التنفيذي للاختطاف وأحياناٍ يتعرض العاملون للتهديد والاختطاف رغم أننا نقوم بعمل إنساني يخدم المواطن بالدرجة الأساسية وهدفنا هو إنقاذ أرواح السكان وتطهير الأرض من الألغام وكل مخلفات الحروب التي لم تنفجر وتحويلها من أراض خطرة لا يستطيع أحد الاقتراب منها ومصدر خطر دائم على السكان إلى أراض نافعة للإنسان يستفيد منها في الزراعة والبناء والاستثمار, وما نتمناه هو أن يستوعب المواطنون طبيعة العمل الإنساني الذي نقوم به, أما المشكلة الثالثة التي نعاني منها فهي التأخير في استلام المخصصات المالية من قبل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة واللجنة الوطنية للتعامل مع الألغام وأيضاٍ ضعف الدعم الدولي في تمويل نشاطات المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام خاصة في السنوات الأخيرة بالرغم من أن العاملين عندهم استعداد كامل للقيام بواجبهم الإنساني للحفاظ على حياة المواطنين وتطهير أراضي بلادنا من مخاطر الألغام ومخلفات الحروب التي لم تنفجر.