
يعيش ابناء الشعب الفلسطيني اوضاعاٍ معيشية صعبة للغاية في ظل محارسة الاحتلال الاسرائيلي لثلاثيته المعروفة ” الحصار وتسمين الاستيطان والترانسفير” بما يشبه العقاب الجماعي ضد شعب أعزل لم يحدث له مثيلاٍ في تاريخ الإنسانية خاصة سكان قطاع غزة 1,8 مليون نسمة الذين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة في منازل تأويهم وخدمات وبنى تحتية قضت على معظمها حرب الإبادة الإسرائيلية الأخيرة على القطاع التي اسفرت في مجملها عن استشهاد أكثر من الفين شهيد واربعة الاف جريح وتشريد أكثر من مائة ألف شخص من منازلهم ….. وهاهو الشتاء يطل ببرده القارس على سكان غزة وهم يعيشون في العراء فالخيام لا يمكن أن تقيهم آلام وبرودة الشتاء لا سيما وأن إعادة اعمار القطاع تلاقى مماطلة اسرائيلية وعرقلة واضحة كي تتلذذ بمعاناة شعب بأكمله .
وقد دمر الاحتلال الاسرائيلي في حربه الغاشمة الاخيرة على قطاع غزة ما يقارب 30% من منازل القطاع الفقيرة التي يقطنها 1,8مليون فلسطيني بنحو 1800منزل بشكل كامل و22ألف منزل تعرض للأضرار الجزئية منها1600 منزل غير صالحة للسكن .
ويقدر حجم الخسائر المالية الأولية وفقاٍ لإحصاءات وزارة الاشغال العامة والإسكان بـ3 مليارات دولار كما كشفت الغرفة التجارية في غزة عن حجم الخسائر الناتجة عن توقف الأنشطة الاقتصادية بفعل الحرب والتي بلغت ما يقارب 5 ملايين دولار يومياٍ .
كما رصد الاتحاد العام للصناعات في غزة أكثر من 2400 مشروع صناعي قدرتة الإنتاجية صفر بفعل العدوان الإسرائيلي الذي اصابها بأضرار كبيرة من بينها قطاع الصناعات الانشائية الذي يضم 500 مصنع والخياطة والنسيج والجلدية الذي يضم 200مصنع و 600 مصنع خاص بالقطاع الهندسي والمعدني و الالمنيوم و500 مصنع في قطاع الصناعات الخشبية .
كما تدفت قدرة الانتاج في قطاع الصناعات الغذائية إلى3% وتم تحديد الخسائر الأولية المادية في البنية التحتية والمباني والمساجد ومؤسسات الحكومية والمنشآت الصناعية إلى مليارين بينما بلغت خسارة القطاعين الزراعي والصحي نحو مليار و200ألف دولار .
واعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الاونروا) في بيان لها مؤخراٍ عن حالة الطوارئ في مدينة غزة بسبب الفيضانات الغزيرة مما زاد الأوضاع في غزة سوءاٍ مما هي عليه ولاتزال اسرائيل بالرغم من الاتفاق مع الامم المتحدة على تخفيف الحصار على عزة ترفض إدخال مواد البناء وتقرض حصاراٍ خانقا على القطاع.
واكد وزير الاسكان والاشغال العامة الفلسطينية في حكومة التوافق الوطني مفيد الحساينة انه ” يوجد بطء في ادخال مواد البناء وان اسرائيل يجب ان تتحمل مسؤولية ذلك معرباٍ ان لديهم المعابر والمواد الخام التي يحتاجون اليها لإعادة الاعمار إلا انها تدخل بكميات ضئيلة يعادل 5% من احتياجاتهم “.
ويحتاج قطاع غزة إلى نحو سبعة آلاف طن يومياٍ من تلك المواد الخام والبناء لكي تتم إعادة اعمار غزة على الاقل خلال ثلاث سنوات .
بدوره أكد الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون في المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله الذي عقد برام الله في منتصف اكتوبر الماضي على أهمية التوصل إلى تسوية الصراع الفلسطيني –الاسرائيلي على اساس حل الدولتين لبسط الاستقرار في المنطقة .
واشار بان إلى ” أن المجتمع الدولي اعترف بالحاجة الكبيرة لمساعدة غزة مؤكدا في الوقت نفسه أن القطاع لا يمكن اعادة اعماره بدون التوصل لحل سياسي يضمن عدم حدوث ما وقع مرة اخرى ” .
وشدد الأمين العام للمنظمة الدولية على أن يجلس كلا الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي وان تستمر المفاوضات واعادة اعمار غزة دون ان يكون هناك هدم باعتبار ان محادثات السلام من أهم الأشياء لدينا .
وقال بان كي مون خلال كلمته في الجلسة الثانية للمؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة الذي عقد بالقاهرة منتصف الشهر الماضي “: إن مبادرة الأمم المتحدة بشأن دعم إعمار قطاع غزة تصل قيمتها إلى 2.1 مليار دولار من إجمالي أربعة مليارات دولار طلبتها السلطة الفلسطينية لإعمار القطاع الذي لحق به دمار واسع جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة مطالباٍ في الوقت نفسه المجتمع الدولي لدعم هذه المبادرة “.
وأضاف كي مون: ” إن خطة الأمم المتحدة بدعم إعمار قطاع غزة تقدر بنحو 2.1 مليار دولار لإعادة الإعمار وهذه المبادرة تستحق الدعم السخي من الدول الأعضاء مشيراٍ إلى أن نجاح إعادة إعمار غزة يتطلب توافر أسس سياسية قوية ” .
من جهة أخرى قال ممثل الاتحاد الاوربي جون غات روتر على هامش زيارة قطاع غزة الاربعاء الفائت: إن ثمة حاجة ملحة للتحرك على وجه السرعة دبلوماسياٍ وسياسياٍ لتغيير الأوضاع الراهنة لقطاع غزة بعد أن دمرتها الحرب مؤكداٍ أن الأمر لا يحتاج إلى الاسمنت والحجارة فقط وإنما إلى تغيير سياسي جوهري .
وفي مؤتمر المانحين الذي عقد في القاهرة اكتوبر المنصرم من اجل إعادة إعمار غزة تعهد المجتمع الدولي بتقديم 5,4مليار دولار نصفها خصص لإعادة اعمار غزة وبما أن عدداٍ كبيراٍ من الفرقاء الأساسيين سيشارك في المشروع ونظراٍ للتباين الموجود في مصالحهم الخاصة ستكون إعادة إعمار غزة مهمة شاقة .
وكانت دولة قطر من اكبر المانحين لإعادة اعمار غزة حيث اعلنت عن تقديم أكبر مبلغ لإعادة اعمار غزة بمقدار مليار دولار, إضافة إلى الاستعداد الكامل لتوفير رواتب موظفي الحكومة الحاليين في القطاع.
إلا أن هناك العديد من العراقيل التي تعيق استلام حكومة التوافق الوطني الفلسطينية لتلك المبالغ والتي منها أن تلك الوعود التي تقطعها الحكومات على نفسها وقت الأزمات لا تفي بها حيث أعلن المسؤولون الفلسطينيون ” ان التبرعات بعد حرب الابادة الاسرئيلية عام 2009م لم تصلهم قط “.
إلى ذلك تراهن كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي على ” إعادة اعمار غزة إلى بيت الطاعة ” من خلال الانصياع لشروط الرباعية الدولية بالاعتراف بشرعية ” اسرائيل ” والالتزام بالاتفاقيات الموقعة معها ووقف المقاومة ونزع سلاحها من واقع حاجة القطاع لتلك المساعدات بعد الدمار الهائل الذي خلقه العدوان الاسرائيلي في القطاع .
وقد ظهرت – تلك الرهانات التي تبنتها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي من أجل اعادة اعمار غزة جلياٍ في مؤتمر اعمار غزة الذي عقد في القاهرة أوائل اكتوبر الماضي بمشاركة ممثلي 50 دولة ومنظمة والتي تعهدت بتقديم 5,4 مليار دولار للسلطة الفلسطينية , والتي خصص نصفها لإعادة إعمار غزة .
وفي الوقت الذي يتوقع العالم أن يدين المؤتمر اسرائيل ويحملها مسؤولية تدمير القطاع وعلى جرائمها التي ارتكبتها فيه بل كافأها بجعلها شريكاٍ في عملية إعادة الإعمار .