الثورة / قضايا وناس
بعد فشلها عسكريا “في إركاع اليمن تلجأ الولايات المتحدة الأمريكية لخطة بديلة تتمثل في إثارة الفوضى وإرباك المشهد وإضعاف موقف اليمن المساند لغزة والشعب الفلسطيني عن طريق محاولة الدفع بأحمد علي عبدالله صالح عفاش إلى المشهد السياسي وتحريك (العفافيش) الذين مازالوا موالين لأسرة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح عفاش ( الموالين للمشروع الأمريكي السعودي) لإثارة الفوضى وإرباك المشهد داخليا، لكن المحاولة الأمريكية الراهنة لإعادة تموضع أحمد علي عبدالله صالح عفاش في المشهد اليمني تستند إلى حسابات تتناقض جوهرياً مع حقائق راسخة :
أولاً: تمثل ثورة 2011م إرثاً شعبياً لا يُنكر، تجسد في رفضٍ قاطع لمنظومة الفساد التي قادها علي عبدالله صالح عفاش وعائلته، وكان الهدف استئصال هذه المنظومة لولا عرقلة التدخلات الخارجية لتحقيق ذلك.
ثانياً: لا تزال الذاكرة الجمعية اليمنية تحمل بصمات فساد أحمد علي خلال قيادته لما كان يسمى بالحرس الجمهوري، حيث ارتبط اسمه بملفات نهب المال العام والثراء غير المشروع، مما جعله شخصيةً مرفوضةً شعبيّاً وغير قابلة للتسويق سياسياً بأي شكل.. إضافة إلى تورطه في دعم العدوان على اليمن وخيانته لوطنه التي استوجبت إصدار حكم الإعدام عليه والذي لاقى تأييدا شعبيا واسعا.
وفي السياق الراهن تشكل القيادة في صنعاء القيادة الوطنيةً التي تقف في وجه العدوان الأمريكي-“الإسرائيلي”، بينما تقف قوى تحالف العدوان (المدعومة من واشنطن) صراحةً إلى جانب العدو الإسرائيلي في عدوانه على غزة. لذا، فإن أي محاولة لإعادة أحمد علي أو تحريك جماعته (العفافيش) ستُفهم كامتدادٍ لهذا العدوان، وسيتعامل معها الشعب اليمني من هذا المنطلق.
خطأ الاستراتيجية الأمريكية:
تخطئ واشنطن في محاولة توظيفها حزب المؤتمر الشعبي العام كواجهةٍ لتحريك “العفافيش”، وذلك لسببين جوهريين:
تحول البنية القيادية: لم يعد الحزب خاضعاً لسيطرة عائلة صالح، بل تضم قيادته الحالية شخصيات وطنية ترفض المشاريع الأمريكية-“الإسرائيلية”.
غياب القاعدة الشعبية: عودة أحمد علي تواجه برفض شعبي واسع ومن المرجح ان يجد نفسه ومن معه في مواجهة مباشرة مع الشعب .
يقظة القيادة في صنعاء
إضافة الى ذلك تراقب صنعاء تحركات واشنطن وأذرعها بدقةٍ استخباراتيةٍ وعسكريةٍ مدعومةٍ بخبرةٍ متراكمةٍ في إفشال المخططات المعادية، كما أن الدعم الشعبي المتصاعد لها – خاصةً بعد موقفها الثابت من قضية فلسطين – يحول أي تحرك لأحمد علي أو مؤيديه إلى “انتحار سياسي” محتوم.
الخروج المليوني رسالة واضحة
لا تقف يقظة الشعب اليمني عند حدود الرصد أو الغضب الصامت، بل تتجسد في الخروج الأسبوعي في العاصمة صنعاء والمحافظات تأييداً لغزة .
هذه المليونيات التاريخية ليست مجرد تعبير عن التضامن مع فلسطين فحسب، بل هي رسائل موجهة إلى واشنطن بأن الشعب اليمني يرفع سقف مواجهته لكل أدوات مشروعها ومنهم “العفافيش” ومن يسعى لتحريك الفوضى بأن الأرض لم تعد مهيأة لمسرح عملياتهم.
هذه الحشود الغاضبة هي إنذار بان أي محاولة لاستغلال الأوضاع أو العبث بالأمن، ستحول الغضب الشعبي إلى رد عملي حاسم ضد كل من تسول له نفسه التعاون مع أمريكا والعدو الإسرائيلي.
الخلاصة يمثل الرهان الأمريكي على أحمد علي و(العفافيش)محاولةً يائسةً لإحياء مشروعٍ ميت. فالشعب اليمني حسم موقفه الرافض للعودة إلى مربع الفساد والتبعية الخارجية، وسيصبح الضحية الوحيدة في هذه المعادلة هم “العفافيش” أنفسهم، الذين سيدفعون ثمن تحالفهم مع واشنطن و”إسرائيل” – سواء عبر السخط الشعبي أو الرد الأمني الحاسم .