
> د. زبيبة:
فكر وهيكل تكتلات القرن الماضي بحاجة إلى تغيير
> د. الحاضري:
الوطن لم يعد يحتمل الشعارات البراقة بدون جدية
> د. الحكيمي:
النهوض الحضاري يتطلب شراكة السلم والتعايش
تبنى الأوطان بجهود جميع أبنائها دون استثناء أو إقصاء فالتاريخ يعلمنا أن ما من نجاح لشعب ما إلا كان بتكامل جهود مكوناته إذ أن أي تعطيل لجزء من قدرات وإمكانات قواه الحية دائماٍ ما يؤدي إلى تحويل تلك القوى المعطلة إلى قوى سلبية يمكن أن تستغل في إذكاء حالات الصراع ولاسيما في مراحل عدم الاستقرار السياسي كما هو الحال في اليمن ولهذا فإن المتغيرات التي تمر بها اليمن تفرض على جميع القوى دوراٍ وطنياٍ ومسؤولية أخلاقية لإخراج الوطن إلى بر الأمان ومن هذا المنطلق سعينا في هذا الاستطلاع للإجابة عن دور الكتل السياسية في دعم توجهات الحكومة في بناء اليمن الحديث.
اليمن سيظل وطن الجميع تتوارثه الأجيال ونحن الزائلون لذا على كافة القوى والأحزاب والجماعات السياسية والدينية أن تؤمن بالشراكة الحقيقية في بناء الوطن بتجرد بعيدا عن المماحكات المدمرة وٍالتكتيكات الآنية, هذا ما أكد عليه المحلل السياسي والأكاديمي بجامعة صنعاء الدكتور عبد الباسط الحكيمي في بداية حديثه, قائلاٍ: لا يستطيع أحد أن يلغي الآخر أبدا بل أن محاولات البعض إلغاء الآخر سيترتب عليها عواقب وخيمة على الوطن والشعب وعلى النسيج الاجتماعي وهو أول من سيكتوي بها لأنه إذا كان اليوم قويا ويغتر بقوته فهو في الغد ضعيف ولن يتعاطف معه أحد.
ومضى بالقول: “يجب على كافة القوى العمل لإخراج اليمن من الأزمات التي يشهدها اليوم من خلال السعي الجاد في إيجاد دولة المؤسسات دولة النظام والقانون دولة تكفل حقوق وحريات الجميع دولة تحترم نفسها حتى تحترم دولة العدل والمساواة… وأن تعمل ما أمكنها في سبيل الحفاظ على لحمة الوطن…ومن خلال ذلك يمكنها أن تساهم في بناء نهضة اليمن, والتي تتطلب أن يعمل الجميع مع الحكومة بروح الفريق الواحد تحت مظلة شراكة السلم والتعايش.. تشجيع التعليم والاهتمام بالكوادر المتعلمة والمؤهلة, والبحث في أسباب تسرب عقول اليمن ومبدعيها إلى الخارج لإيقاف هذا الاستنزاف للعقول والتركيز على بث قيم الجودة في كل شيء وتشجيع البحث العلمي ورصد الميزانية اللازمة لذلك والسعي بجدية إلى تحقيق الاستقلال التام للجامعات ومراكز البحث العلمي ورفدها بالإمكانات البشرية والمادية وكذلك استقلال القضاء وتفعيل تطبيق القانون على الصغير والكبير وإطلاق الحريات لأن المجتمع الذي تقيد حرياته لا يمكنه الإبداع فضلا عن إتاحة الحرية للجميع في إتباع المذهب الديني الذي يرغب به مع منع أي شخص أو حزب أو فئة أو تكتل يريد فرض أفكاره الدينية بالقوة تحت أي مبرر كان, والأهم من ذا وذاك هو العمل على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي توافق عليها الجميع…
العقلية الجمعية
النهوض الحضاري وبناء الوطن لا يتم بالأمنيات والخطابات أو الجهود الفردية…وإنما من خلال الشراكة المجتمعية الحقيقية القائمة على أساس السلم والتعايش, وتلك الشراكة المجتمعية تحتاج إلى تغييرات جذرية في الهيكل السياسي للقوى هذا ما أوضحه الدكتور عبد الكريم زبيبة -جامعة ذمار- مؤكداٍ أن على القوى والتكتلات السياسية التحول من عقلية القرن الماضي والظروف التي ساهمت في وجودها إلى أحزاب وتكتلات سياسية تحمل مشروعاٍ للبناء والتغيير وبرامج واضحة سياسية واقتصادية واجتماعية تطرح على الشعب بعيدا عن عقلية التفكير الديماغوغي والعصبوي…وبناء لوائح وأنظمة داخلية تضمن تحولها إلى مؤسسات تعمل بنظام المؤسسة المبني على العقلية الجمعية لا الفردية وتكون أداة للبناء ورفع الوعي المجتمعي بأهمية المحافظة على السلم والتعايش في إطار الدستور والقوانين النافذة وأضاف عندئذ يمكن لهذه القوى والتكتلات السياسية المشاركة في نهضة وبناء الوطن من خلال تقديم البرامج لبناء دولة مدنية حديثة تعتمد المساواة والعدالة والمواطنة بعيدا عن احتكار الحقيقة والتفكير التآمري والتخوين, بل من خلال الاعتماد على التنافس في تطوير وتقديم البرامج التنموية المبنية على الموضوعية العلمية لما فيه مصلحة الوطن وتغيير واقعه, وتحسين مستوى معيشة الناس, وضمان حياة آمنة وكريمة لأبنائه…
الإحساس بالمسئولية
المرحلة الحالية حرجة للغاية ولا مجال فيها للتسويف والمغالطة السياسية من قبل القوى السياسية التي يجب أن تحرص كل الحرص على هذا الوطن حرصاٍ عملياٍ وليس شعارات وخطابات رنانة, هذا مستهل حديث الباحث الدكتور يوسف الحاضري, الذي مضى في توصيفه بأن أعمال وممارسات البعض لا تدل على.. الإحساس بالمسئولية فاليمن أكبر من القادة السياسيين ومن الحكومة ومن الأحزاب ومن الجماعات… فإن لم نسع جميعا لأن نكون فلن نكون بعدها أبدا…
دروس الماضي
وشدد الدكتور الحاضري على ضرورة أن يتخلى الجميع ولو لفترة زمنية معينة, تمتد من الآن وحتى رسو الوطن على شاطئ النجاة والأمن, عن أهدافهم الشخصية الضيقة الحزبية, وأن يعطي كل واحد ما يستطيع من العطاء الفكري أو البشري أو التنازل عن حقوق حزبية لأجل الوطن أو القبول بالآخر…والامتناع أو الاستحواذ هو أساس المصائب التي ستحل على الجميع ولن تستثني أحدا…وأن على الحكومة في الشهرين القادمين إثبات أنها تعلمت من دروس الماضي بإن يضع الوزراء لمساتهم الإيجابية الواضحة البينة وأن يتدرجوا في النمو والتنمية ليعطوا الجمهور إيحاءات إيجابية بأنهم عازمون على خدمة المواطن والأرض اليمنية , ثم كل مرحلة تأخذ وقتها في الأداء الوظيفي خاصة في مجال مكافحة الفساد والتلاعب بالمال العام وأن يتحلوا بثقافة التخلي عن الكرسي متى ما رأوا أنفسهم غير قادرين على تحمل تبعاته..
وأضاف الدكتور الحاضري: إن على كافة القوى أن يكونوا لأعضاء الحكومة اليد المعينة لتنفيذ الأهداف, كما أن يقفوا ضد من لم يدرك أن الوضع تغير جذريا وأن لا يكونوا أمام الحكومة عقبة فعلية, وأن على المكونات الحزبية التي تريد المعارضة أن تتعامل كمعارضة حقيقية فاعلة وليس معارضة مخربة, وأن تدرك أن المعارضة الحقيقية هي التي تقف على جانبي الطريق المستقيم الذي يمضي فيه الحاكم والحكومة وأن تمضي معه في الاستقامة حتى إذا رأت أن هناك بداية اعوجاج أو خروجاٍ عن المسار أن تعيده أو تعيدهم إلى جادة الطريق بكل حب وابتسامة وحزم وعزم… لكي نصل إلى التعايش الكلي والشامل والسلم العام الآمن بين جميع أبناء اليمن.