استحواذ الآباء على الوقت الأكبر لمشاهدة البرامج السياسية يجعل الأطفال يدمنونها


> تربويون: أحاديث السياسة بين الأطفال طغت على تعليمهم في المدارس

> مهتمون: على الحكومة الحد من تدخل الأحزاب في العملية التعليمية

حديث الأطفال عن السياسة صار أمرا واقعا ليتحول الأمر إلى بنية تربوية جديدة تشكل ملامح مستقبلهم وزاد الأمر في الآونة الأخيرة بعد متابعتهم المستمرة لوسائل الإعلام المختلفة التي ذهبت بعيدا عن رسالتها الوطنية.. واقتربت من كل ما يعكر السلم ويجعل المجتمع في حال قلق دائم بسبب تناولاتها الإعلامية.. خبراء يعتبرون اهتمام الأطفال بالسياسة فضولاٍ في معرفة كل جديد حتى أصبح تحصيلهم التعليمي في تدن متزايد فما هي الأسباب التي جعلت أطفال المستقبل يتأثرون بالسياسية وماذا يجب على الأسرة والمدرسة والحكومة تجاههم ..

إدارة الأحزاب
سامية الأهدل باحثة تربوية ترى أن البيئة المحيطة تؤثر على التلميذ اقتصاديا وثقافيا وكذلك سياسيا وتؤثر السياسة في المدارس عبر إقحام وفرض منتسبي الأحزاب على إدارة العملية التعليمية نشاطات حزبية وسياسية وبالتالي فكل فصيل يحاول أن يغرس أفكاره وتوجهاته وإيديولوجيته في النشء.
واستقطاب التلاميذ من الصفوف الأساسية وتربيتهم على فكر معين حتى يصبحوا طوع هذا الحزب أو ذاك وهذه مصيبة كبرى لأنه على المدى البعيد تهتز ثقة أولياء الأمور في المدارس وتحدث الأهدل بالقول: للأسف أصبح لكل فصل مدارسه ومناهجه الخاصة وهذا ما يضر بالوحدة الوطنية لذا يجب على الحكومة القادمة والدولة اليمنية الحديثة الحد من تدخل الأحزاب في العملية التعليمية خاصة وان الطلبة يصرفون كثيرا من وقتهم في المماحكات السياسية والجدل السياسي والنقاش العقيم بدلا استثمار هذا الوقت في التحصيل والبحث العلمي.
متابعة مستمرة
بكيل 10 أعوام وسحر 13 عاما أرغمهما والدهما على متابعة أخبار السياسة ومنغصاتها بسبب عدم امتلاكهم تلفزيون آخر يتابعون فيه حلقات الأطفال وغيرها حتى أصبح لهم شغف في الحديث عن كل ما يتعلق بالسياسة يقول بكيل كنا في البداية مرغمين على متابعة الأخبار وما يتعلق بالسياسة من مقابلات وأخبار حروب ودماء وغيرها إلا أننا تعودنا على ذلك وأصبح كل همنا معرفة ما يدور في الساحة حتى أنه لم يعد يمض يوم إلا وأنا أقلب القنوات الواحدة تلو الأخرى لمتابعة آخر المستجدات السياسية حتى وأنا في المدرسة لدرجة أننا نصل الى حد الصياح والضرب مع بعض الزملاء وبدا مستاء وهو يقول: أصحبنا في الفصل كتلاٍ سياسية سلطة ومعارضة وحتى جماعات دينية وأكد أن والده تلقى عدة استدعاءات من مدير المدرسة ومعه زملائه في الصف وتوقفوا عن الدراسة لمدة ثلاثة أيام.
حق التعبير
دعاء تبلغ من العمر تسع سنوات صنعت في صفها تكتلاٍ ولقبته بتكتل الأحرار تقول أحاول أنا وبعض زميلاتي أن نقوم بإقناع كل من حولنا أن الوطن يتسع للجميع ولابد أن يكون لنا حق التعبير في كل شيء.
تهاني الوجيه 14 عاما لقد أصبحت السياسة ومعرفة الأخبار الجديدة عنها مبلغ همها وذلك لمعرفة ما يدور في البلد طبقا لحديثها وتقول لا يخفى عليكم أنني اشعر بالقلق بسبب ما يحدث حتى يصل شعوري إلى حد الخوف المستمر وعدم الأمان وهذا ما جعلني أتابع مستجدات السياسة أولا بأول حتى أعرف إلى أين سينتهي بنا المطاف وزادت بالقول: ما أشاهده في القنوات الفضائية ينعكس في أحلامي ويبدأ الشعور بالخوف يخيم على أنفاسي فمرات عديدة أشير على والدي بالسفر إلى بلد آخر يشعرني بالأمان إلا أن والدي يرفض ذلك.
فضول الأطفال
الطفل هو شخص ذكي غير ما يعتقده الآخرون فهو يكتسب تكوينه ومعلوماته وشخصيته من البيئة التي ينشأ فيها سواء بيئة البيت ( الأب والأم ) أو بيئة المدرسة والشارع والحارة التي يعيش فيها هذا ما يراه الدكتور محمد الأشول – استشاري أمراض نفسية – وبالتالي فالبيئة هي بيئة تعليمية داخل المنزل أو خارجه.
ولأن السياسة طغت أحاديثها في كل مكان فقد أصبح الصغير يتحدث عنها بشغف ويسأل عن آخر التطورات بل ويتابعون الأخبار أولا بأول حتى أن هناك أطفال لم يبلغوا العاشرة من عمرهم عندما تسألهم عن سبب تركيزهم ومتابعتهم للأخبار ومتابعتهم للسياسة يقولون حتى إذا تحدث الكبار نكون أول من يشاركهم الحديث ونحن فاهمون وكذلك حتى ندرك حقيقة ما يجري في بلدنا.
التأثيرات النفسية
وحول التأثيرات النفسية يوضح الأشول بالقول: الطفل عندما يسمع أصوات رصاص وإنفجارات يبدأ في التساؤل عمِا يحدث وبالتالي مثلما تكون البيئة تعلم الطفل كيف أنه يدرس ويذاكر ويكتسب له علوماٍ أيضا البيئة نفسها تعلمه الاتجاه ناحية السياسة والأمور السياسية لكن يظل الفهم بشكل عام غير كامل ولا يزال قاصر ويفند أكثر: سؤال الطفل عن مفهوم السياسة ليس بدعوى أنه يريد أن يفهم وإنما هو عبارة عن نوع من الفضول حتى يستكشف بعض المجالات التي ربما تكون هي خفية عليه لكن أكثر ما يتعلمه هو من الجانب السلوكي وبالتالي يرى أن الجانب المهم هو التأثيرات على الطفل عندما يشاهد مسألة الاعتداءات والدماء والقتل والتهجير والخراب وكل هذه التأثيرات أخطر من مسألة اهتمامه بجانب السياسة لأن هذه الأشياء تترك بصمتها في الطفل وما لم تكن الأسرة حكيمة في تعاملها ومحاولة إخراج الطفل من التأثيرات فإنه من الممكن أن تؤثر عليه مستقبلا وكثير من الأطفال يعانون من مرض مشهور يسمى ( كرب ما بعد الصدمة ) وهذا يصيب حوالي 30 – 40% من الأطفال الذين يتواجدون في أماكن الكوارث والحروب والنزاعات والجانب هذا مهم لأن الأطفال أصبحوا يخافون من سماع الأصوات والخروج والجلوس بمفردهم.
السياسة والمدرسة
التربوي خالد يوسف الخضمي يتهم المجتمع والبيئة باعتبارهما سبباٍ رئيسياٍ في تسييس الأطفال ويوضح بالقول: يتحدث الوالدان أو الأهل عن الأحداث السياسية وما يحصل في واقعنا أمام أطفالهم ولا يراعون وجود أطفالهم وهنا المشكلة حيث تترسخ بين أذهانهم محطة العيش مع الواقع بقسوة.
وقال: نرى الأطفال يجلسون مع بعضهم في المدرسة ويتناقلون حديثهم عن هذه الأمور وقد يؤلفون أكثر مما سمعوا ويصبح كل ما يدور في أفكارهم الحديث عن السياسة ويهملون الجانب التعليمي وذلك من شدة خوفهم والرهبة من المستقبل ..
ولفت الخضمي إلى دور المدرسة التي قال إن لها دوراٍ كبيراٍ حيث أصبح كل العاملين فيها لا يتحدثون إلا عن السياسة ونسوا أنه لكل مقام حديث حتى مواهب الأطفال أصبحت تطوع في هذه الأحداث فيقومون بعمل أشكال لأنواع من الأسلحة بمواد من البيئة من الأخشاب ومواد أخرى مقاربة للحقيقة أو شراء المسدسات الوهمية وكأنها سلاح يحملونه كالكبار أثناء خروجه ومنهم من يحاول أخذ سلاح حقيقي قد يراه مع أحد أقاربه بحجة الدفاع عن نفسه كما يتبادر إلى ذهنه مما يسمع وكل هذه الأسباب تجعل من مستواه العلمي في تدنُ.

قد يعجبك ايضا