
فلاش:
” من مثلي.. يقترح بلادا كل صباح.. تفتح شباك الروح على أفق مغسول من وسخ “الأحزاب”.. ومن وهم الانجاز”
الجرادي
***
شهدت الساحة الأدبية مؤخرا صدور عدد من الابداعات الأدبية في بارقة أحيت هذا النوع من الاصدار والذي شارف في الاشهر الماضية عن التوقف أو الموات إن صح التعبير نهائيا تاركا الساحة تعج بكل ما هو غثائي ومسيس! ..
من هذه الابداعات والتي صدرت كلها عن الامانة العامة لجائزة رئيس الجمهورية للشباب ديوان شعر مميز للشاعر المحنك “محمد الجرادي” تحت عنوان ” لا ظهر لي”
اشعار للنفس:
احتوى الديوان والذي جاء في 76 صفحة من القطع المتوسط على (27) قصيدة وهي (أرصفة لا تنام هيثم قد من حجر هباء حقل جاءك الوطن المرتجف في مخيلة الغبار وهم لو اقتراح لها خيال ذكرى نعي..¿ عدن امرأة في الزحام الوطن الظل والغبار انتظار امرأة الذهول حنين سقوط انثى همس اشبابيك بوح اقل الجهات حصار ومنفى الخطيئة يكفي!! لا ظهر لي اخاف تستيقظين على خيل الريح توقيعات انستنا يا عيد أسرار الصلصال)
لا ظهر لي:
للشاعر محمد الجرادي تجربة شعرية أكثر من مميزة تمتد لأكثر من (20) عاما..فهو طيلة تجربته الشعرية يواكب كل ما يتفاعل في البلد مواكبة الانسان المحب الآمل في استعادة البلد لهوائها الرطب وشمسها المنيرة..تجده بعيدا عن السياسة المباشرة لكöن بعده لا يشير إöلى أنه أراد ان يكون ككثير من الشعراء أقل مكانة منهم بل أكبر مكانة وارفع مستوى منهم..
حتى في حالة ما يلملم الجرادي شظاي ألامه الناتجة عن أفعال الساسة فهو يعيدها إöلى نتاج ذاته.. ابداع حقيقي ولا يحتاج لشهادة فمن يتمكن من البوح بألمه الناتج عن الساسة من دون ان يتنازل عن مكانة –الأعلى من السياسي- لهو قادر على اضفاء لمسات شعرية سحرية على قصائدك وهذا ما كان ..من هذه النماذج قصيدته “لا ظهر لي”
“لملم بقاياك وأخرج إöلى سطح هذا الخراب/ ولا تعتذر/ قل على ظهرها ..هذه الأرض أقصد / لا ظهر لي/ كي أتظاهر/ او أتظاهر/ أو أتمظهر صـ33”
هيثم:
لم ينس الشاعر محمد صالح الجرادي رغم نزف الشاعر المسيطر على دمه ان يتذكر الشعراء السابقين والذين كرسوا مكانة الشاعر المرموقة في المجتمع ..يتذكر في واحدة من ابدع قصائد ديوانه “لا ظهر لي” الشاعر الكبير المرحوم محمد حسين هيثم والذي رحل قبل عقد ونيف ..يتذكره بكثير من الحب والعرفان.. الحب الذي لا يدين الغير كما يكتب الكثير من الشعراء ويرمي الاتهامات جزافا للاهمال ونظرة الساسة الدونية تجاه الشاعر والذي تعرض له.. او يتناول العرفان بصورته التقليدية التي تنتظر الشكر من أحد!
“واحدا منا كان/ومن زهونا في طريق البدايات/ من صوتنا/ وحرارة اصرارنا/ من قصائد في اكتمال دهشته/ ويقين توحده بدم الكلمات..صـ12”
جاءك الوطن المرتجف:
قصيدة “جاءك الوطن المرتجف” قصيدة محيرة إذ كيف تمكن الجرادي في قصيدة واحدة مركزة ومكثفة ان يلم بكل قضايا وارتجافات البلد وعلى كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخ..¿
ان تناول هذه القصيدة يحتاج لدراسات مطولة حقا ..اقرأوا مقطعا منها كي تتأكدوا ” قف/ ليس بيتك والحلم إلا.. يقولون إلا.. وبيتك الحلم –تدري والمسافة- / بيتك والحلم/ بيتك والأمنيات البعيدة/ قف…حيث الفيت نفسك/ في سرب من وصلوا/يسالون عن الوطن الأم / قالوا لنا وفطن / فاستحال لهم شارعا كي يغنوا/ وكي يحلموا/ هؤلاء هم المتخمون بعشق الوطن.. صـ18″
فخ للقارئ:
في قصيدته “أتركني” يوقع الجرادي القارئ في ارتباك عجيب.. فقصيدته تفتح المئات من النوافذ امام القارئ كي يختار اي نافذة تطل على ذاته…في شطر ..تكون ذات الشاعر مسيطرة ..يضع اسئلة يجيب عنها القارئ تلقائيا ” هذا أنا”. في شطر اخر يتحول من الشاعر إöلى القارئ.. وفي شطر اخر يشد القارئ إöلى عوالم الشعر في تكامل ابداعي رائع.
اتركني يا ظلي الخائف من خوفي/ مني/من جهة حقل ينبت الخوف/وتستعر حروب الكلمات/ أتركني/ احتفل بخوفي منفردا/واقيم لرعشته عرشا من نعشي/ وبطانات/ اتركوني لخوفي/ يكفي..صـ45″
نهائيات:
محمد الجرادي ببساطة شديدة.. شاعر بامتداد الأرض وقصائده وان كتبت بالحروف العربية فإنها تنطق بلغة الكون.. لا تكفي لغات العالم لقراءة دلالات نصوصه ورموزها الابداعية..