مواطنون: دور عاقل الحارة تراجع.. وأصبحت المهمة الأساسية له الختم والجباية


تحقيق / رجاء عاطف – إشراق دلال –
> عقال حارات: وجودنا مهم.. لكن دورنا مرهون بوعي الناس

> المحليات: أخذ مقابل مادي على ختم الأوراق مخالفة ونحتاج إلى تعاون من المواطنين.

مهام ومسئوليات ذات أبعاد اجتماعية وإنسانية كبيرة من شأنها خدمة المواطنين والإسهام في حل مشاكلهم والتواصل مع الجهات المعنية بخصوص تذليل أي عقبات وكل ذلك يندرج تحت مسمى ” عاقل الحارة ” الذي يتوجب أن تتوفر فيه بعض الصفات التي تؤهله لأن يحمل هذه المسئولية بناء على قدرته في اتخاذ القرار والسمعة التي يتمتع بها بين أبناء المنطقة والاحترام الذي يحظى به..
هناك من يجهل كثيراٍ دور عاقل الحارة الذي يعتبر حلقة وصل بين المواطنين والجهات المعنية والأمن لما فيه مصلحة المواطن إلى جانب أن كثيرين يعتقدون أن عاقل الحارة له دور محدود فقط إذ يقتصر على ختم بعض الأوراق الخاصة .. من خلال هذا التحقيق نسعى لمعرفة دور عاقل الحارة والدور المناط به.. وتراجع هذا الدور.. وما يترتب عليه من مشكلات تطال الناس.

عندما بحثنا عما يستند عليه عاقل الحارة في دور المجتمعي لم نجد سوى مقترح لم يصدر به قرار يحدد مهام واختصاصات عقال ومشائخ الأمانة ويعزو مراقبون تأخر إصدار قرار تلك المهام إلى الأحداث المتلاحقة وتشكيل لجان لمراجعتها.. وينص المقترح على مهام واختصاصات عقال الحارات كما يلي : حصر السكان والمساكن والنشاطات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية العامة وتحديث بياناتها دوريا وفقاٍ للنماذج المعدة من قبل الإدارة العامة والرفع بها إلى الإدارة العامة لشئون الأحياء كذلك تقييد الوثائق التي تم التصديق عليها والتقارير والبلاغات المرفوعة بسجل صادر ووارد وفقاٍ للنموذج المعد من قبل الإدارة والتعريف بسكان الحارة والتصديق على بياناتهم ووثائقهم لدى الجهات المختصة حسب الطلب أيضاٍ تحديد ومتابعة متطلبات الحارة من الخدمات العامة والحرس المدني بالتنسيق مع المجلس المحلي بالمركز والمديرية كما شمل المقترح تحديد مواقع خدمات الحرس المدني الليلي والإشراف على سير عملهم بالحارة بالتنسيق مع إدارة الحرس المدني بالأمانة إلى جانب حل الخلافات بين سكان الحارة ودياٍ ما لم يرفعها للجهات المختصة والإبلاغ الفوري عن الوقائع والحوادث الأمنية والأعمال المثيرة للشك والمخلة بالأمن والسكينة العامة وتضمينها التقارير الدورية.
الختم فقط !!
وعن الدور الحالي لعقال الحارات يقول إسماعيل السدعي – حال عقال الحارات “بالرقود” لا دور سوى ختم بعض الأوراق الخاصة وأخذ مقابل وقال السدعي : أسكن بمدينة الأصبحي منذ خمس سنوات ولا أعرف شكل عاقل الحارة بسبب غيابه عن الحارة وحتى المنطقة التي كنت أسكن فيها سابقا يتكرر نفس الحال وأن مهامهم لا تظهر إلا عند الختم ولا نرى أي تفاعل وتساءل متى سيكون لدينا نماذج لعْقال جادين فلدينا أكثر من مشكلة كالنظافة أو متابعة السرقات التي تحدث في المنطقة وعدم وجود حراسة تؤمن المواطنين كما أن مهنة عاقل الحارة أصبحت تورث للأبناء.
عمل طوعي
ويوافقه الرأي جميل سلام – والذي يسكن بشارع خولان في أمانة العاصمة -مضيفاٍ : ليس لعاقل الحارة دور ملموس في الواقع كما كان في السابق رغم أن عملهم يعتبر طوعياٍ إلا أنهم يأخذون مبالغ مقابل أي عمل يقومون به وأحيانا العاقل يكون سكنه بعيداٍ عن المنطقة ونادرا ما نجد من يمثله وأحيانا تقوم الحارة ولا تقعد بسبب مشكلة ما وهو لا يعلم شيئاٍ عن الحارة التي يمثلها كعاقل ويرى سلام أنه يجدر بسكان الأحياء الاستعانة بالمجالس المحلية التي لديها مهام تغني عن دور عاقل الحارة .
فيما يشتكي المواطن أحمد .ي : من منطقة الجرداء من غياب الكثير من الخدمات كالنظافة وسفلتة الطريق أو إعادة الكهرباء التي تنقطع بشكل متكرر حتى أننا قضينا أكثر من شهر والكهرباء تنقطع في منزل دون آخر والعاقل لا يحرك ساكنا.
تعاون مشترك
خالد بهرم – عاقل حارة منطقة الجرداء بأمانة العاصمة- يؤكد أنه : لا يمكن أن تكون هناك حارة إلا بوجود عاقل لها حيث يعتبر وجوده عاملاٍ أساسياٍ لتسيير أمور الحارة وإدارة شئونها وتوفير متطلباتها كما يعتبر سكان الحارة الركيزة الأساسية التي يرتكز عليها عاقل الحارة في توفير معظم المتطلبات الأساسية والخدمية للحارة وبالتالي كلَ يكمل الآخر وجزء لا يتجزء من العملية الخدمية وقال: إذا لم يلق عاقل الحارة تجاوباٍ سريعاٍ من أهالي الحارة في توفير بعض متطلباتهم الخدمية كالكهرباء وغيرها فإنه لن يستطيع توفير أدنى حد من تلك الخدمات لأن العملية في حد ذاتها تكاملية.
وأشار بهرم إلى أن تعاون أهالي الحارة مع العاقل يمكنه من تخطي الكثير من الصعاب وتوفير الكثير من الخدمات للحارة أما إذا لم يجد تجاوباٍ ولو من البعض فإنه يصاب بالإحباط والعجز والكسل عن التحرك حتى في توفير أصغر الخدمات هذا فيما يخص فقط توفير الخدمات الأساسية للحارة وحول المسألة الأمنية أوضح أنه يشترك فيها المعنيون بالأمر فقط العاقل وحرس الليل بغرض توفير المعلومات الأمنية ورفعها للجهات الأمنية المختصة بصورة سرية وبتكتم تام وتعليقا على اقتصار دور العاقل على الختم قال: الختم يستخدم عند معظم العْقال كمصدر دخل يومي يعتاشون منه لتوفير أدنى احتياجاتهم اليومية نظراٍ لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة خاصة وظروف البلاد كل يوم من سيئ إلى أسوأ ومرتبات العْقال كمرتبات الجنود لا تسمن ولا تغني من جوع وختم حديثه بالقول : نحن لا نجبر أحداٍ على إعطائنا أي مقابل مادي لختم الورقة مهما كانت الظروف والأسباب لأن المسألة بحسب ظروفهم.
صلاحيات تقلصت
وحول شكاوى المواطنين وتقديمها للجهات المختصة عن طريق عاقل الحارة يقول أحمد المعدني – عاقل حارة الروض: هناك القليل من التفاعل والتجاوب من جانب الجهات الخدمية أمام الطلبات التي تخص المواطنين والسبب يعود إلى كثرة الطلبات لكنه يؤكد تقاعس بعض المختصين في المنشآت الخدمية عن تلبية تلك الخدمات وعاد مستطرداٍ: إلا أننا نقوم بدورنا في التواصل معهم وإبلاغهم بتنفيذ هذه المتطلبات لأنه على أساس هذا التواصل تبنى العلاقة بيننا وبين تلك المنشآت الخدمية .
وللمقارنة يشير إلى أن هناك اختلافاٍ ملحوظاٍ فيما بين عاقل الحارة في السابق وعاقل الحارة اليوم فمهام عاقل الحارة حاليا بدأت بالتقلص حيث كان العاقل في الماضي يتمتع بصلاحيات أكبر من ناحية الدور الأمني والوسائل الخدمية التي تهم المواطنين وغيرها .
سلبيات وإيجابيات
ورداٍ على اتهامات المواطنين من أن عاقل الحارة لا يظهر دوره إلا في حال ختم أوراق تهم المواطنين وتخص هويتهم يقول المعدني: هذا الأمر يختلف من عاقل آخر وهناك سلبيات وإيجابيات في أي شخص لكن السيئة تعْم والحسنة تخص .
وعن مدى التعاون مع المواطنين يضيف عاقل حارة الروض أن دور عاقل الحارة يأتي ابتداء من المواطن فور إبلاغه عن أي مشكلة تواجهه وبالتالي يكون دور عاقل الحارة حاسماٍ لأنه يوصل صوت المواطن إلى الجهة الخدمية أو المختصة فيما يتعلق بقضايا الناس وبين أن هناك تعاوناٍ مشتركاٍ بين عقال الحارات والمجالس المحلية حيث لا ينجح أي عمل إلا بالتعاون المتواصل كما أن من مهام المجلس المحلي العمل على متابعة المشاريع الخدمية وأمور الناس وعاقل الحارة حلقة وصل قريبة بين المجلس المحلي والناس وهنا تكون الفائدة أعم .
ويتمنى المعدني بأن يكون لدى الناس درجة وعي بمعرفة مهام عاقل الحارة والمجلس المحلي وأن يكون هناك دور للإعلام في التوعية فيما يخص هذا الجانب.
شرط الأغلبية
وحول الكيفية التي يتم على أساسها اختيار عاقل الحارة يقول حسين أحمد الحثرة – رئيس لجنة الشئون الاجتماعية بمديرية الصافية إن ذلك يتم بجمع توقيعات من أهالي الحارة ويرشح من حصل على الأغلبية عاقل للحارة ويتم إرساله إلى شئون الأحياء بأمانة العاصمة واعتماده وأوضح أنه من الضروري أن يكون شخصية اجتماعية ومتواصل مع سكان الحارة وليس لديه أي سوابق ويكون من الناس الجيدين والناشطين ويضيف الحثرة : نحن نتواصل مع العْقال ونقيم الاجتماعات معهم والعمل على توعية المواطنين خاصة عند ما يكون هناك عملية تخريبية أو أي أمر قد يضر البلد ونجد التجاوب منهم كبيراٍ وتابع : لكننا في ذات الوقت نواجه مشكلة مع أمانة العاصمة حين يتم من قبلنا اختيار عاقل الحارة بأغلبية سكان الحي وأمانة العاصمة تعين عاقلا من ذات نفسها ونوه بإنه رغم تداخل المهام بين المجالس المحلية وبين وأمانة العاصمة الا أن ما يهمهم في اختيار العاقل هو حصوله على أغلبية سكان الحي ورضاهم بمن يمثلهم ومن يكون مسئولاٍ عنهم .
لافتا إلى أن عمل عاقل الحارة طوعي وأنهم كأعضاء في المجلس المحلي لا يقومون بختم ورقة لأي كان بمقابل لأنهم مرشحين من قبلهم ولخدمتهم ولن يجعلوا الختم كجباية ولا يجوز ذلك .
وعما إذا كان هناك ازدواج في الاختصاص بين العقال والمجالس المحلية يقول الحثرة : الاختصاص واحد لكن للمجلس المحلي دوراٍ في المديرية للرقابة على المكاتب التنفيذية بشكل عام ويجب أن يعلم الجميع أنه ﻻ يحق لعقال الحارات أخذ مبالغ مالية من أي مواطن مقابل أي ختم أو عمل كون العمل الذي يقوم به العاقل عمﻼٍ طوعياٍ وعلى كل عاقل حارة أن يؤدي عمله بضمير وأن يجعل مصلحة المواطن هي الأساس لأي عمل يقوم به .
بؤرة فساد
ختاماٍ دور عاقل الحارة أكبر بكثير من مجرد ختم أوراق المواطنين ولابد أن يقوم بمهامه التي يتوجب عليه القيام بها على أكمل وجه كما أن أخذه مقابلاٍ مادياٍ لختم الأوراق يعتبر من الأمور المخالفة وتحتاج إلى تعاون من المواطنين وتفاعل من قبلهم ﻷن اﻷمر يخصهم في المقام اﻷول ويأتي دورهم بالتبليغ إلا أن الملاحظ أن المواطن هو من يزيد من بؤرة الفساد هذه لدى بعض العقال الذين لا ضمير لهم ولا يهمهم إلا مصلحتهم فالمواطن اعتاد أن يقدم مالاٍ مقابل أي عمل وإن كان لا يكلف جهداٍ .

قد يعجبك ايضا