»سجون« أقسام الشرطة والمديريات .. ممارسات اللهو الخفي


■ تحقيق / هشام المحيا –
حقوق الإنسان :
تحذر من استمرار الانتهاكات وتتهم النيابات بالتنصل عن مسئوليتها
قانونيون:
الحجز في أقسام الشرطة لا ينبغي أن يزيد قانوناٍ عن 24 ساعة
بعض أَقسام الشرطة والمديريات ــ تحتجز الكثير من الناس بينهم أطفال يتعرضون لحالات امتهان وتعذيب واحتجاز لفترات طويلة غير قانونية في ضل إهمال غير مسبوق من الجهات القضائية والرقابية على السجون في إدارات الأمن التي بدورها درأت التهمة عن أقسام الشرطة واعتبرت السجون في المديريات فقط مخالفة للقانون … وزارة حقوق الإنسان حذرت من استمرار الانتهاكات داخل سجون أقسام الشرطة والمديريات وحملت النيابات العامة مسئولية ما يحدث.. التحقيق الصحفي التالي يسلط الضوء على المشكلة:
في غرفة لا تتجاوز الخمسة أمتار في سجن مديرية ( م ـ ن ) تم احتجاز 12 مواطنا في وقت واحد لتأخرهم عن سداد الضريبة في غرفة الحجز هذه رفض أحدهم ــ وهو الشاب (م ـ ح ) صاحب محل في ش/ هائل ـ تسليم جواله للجنود بحسن نية ـ ليحدث للشاب ما لم يكن بالحسبان حيث تلقى صفعة في وجهه من أحد الجنود تناقلت صداها الحيطان الأربعة تلتها ركلة في بطنه تحركت لها مشاعر رفقاء السجن ليحشروا أنفسهم في زوايا الغرفة الموحشة خوفاٍ من انتقال فيروس « فرد العضلات إليهم» بعد ذلك جاء التعزيز بأربعة من الجنود ينهالون على الشاب بالضرب المبرح جدا وأخذوا الجوال في موقف شاهدة كاتب التحقيق عياناٍ بياناٍ وليس هذا فحسب فمسلسل الامتهان لم يتوقف بعد فهناك ما هو أدهى وأمر من ذلك فبعد سداد المحتجزين ما عليهم وحصولهم على قرار الإفراج وقف في وجههم حارس السجن « الشاوش» يريد من كل واحد مبلغاٍ من المال وذلك مقابل الرعب الذي منحهم إياه أثناء إقامتهم في سجنه .
الشعر الآخر من المعاناة يقع في أقسام الشرطة حيث الأوضاع لا تقل إهانة عن كون المديريات فقد شكى المواطن عبد العزيز محمد من المعاملة السيئة التي وجدها في أحد أقسام الشرطة وذلك عند احتجازه على خلفية شجار بسيط حصل بينه وبين جاره وقال « ذهبت إلى قسم الشرطة لأشتكي بجاري وعند استجوابه قرر القسم أن كلينا على خطأ ورمى بنا في السجن لمدة ثلاثة أيام دون النظر إلى ما نحتاجه من غذاء وماء وغير ذلك ولولا اعتمادنا على عائلاتنا الموجودة بالقرب من القسم لكنا في عداد الهالكين « باختصار يروي قصته والأوضاع داخل سجون أقسام الشرطة يقول « دخلت السجن وفيه ستة أفراد اثنان منهم كانوا يتلقون الإهانات باستمرار وأحيانا تصل إلى حد الضرب فضلا عن أن غرفة الحجز صغيرة والنظافة فيها معدومة الأمر الذي يعرض المحتجزين للأمراض المعدية والخطيرة «.
اتهامات
رئيس اللجنة المكلفة بزيارة السجون من قبل وزارة حقوق الإنسان معتصم الفاتش ساق لنا جملة من الانتهاكات التي تمارسها بعص أقسام الشرطة حيث يقول « عند زيارتي لبعض أقسام الشرطة وجدنا الكثير من الانتهاكات والمخالفات منها على سبيل المثال وجود أطفال داخل هذه السجون تحت مبررات وأعذار هي أقبح من ذنب حيث ذكرت تلك الأقسام أن وجود الأطفال في السجون كان نزولا عند رغبتهم في المبيت بالقرب من أهلهم المحتجزين أيضاٍ رصدنا داخل بعض الأقسام حالات تعذيب وكان من أبشع تلك الحالات عمل قيود لبعض المواطنين وربطهم إلى شبابيك غرف الحجز وأضاف: يعيش المحتجزون حالة صحية مزرية جدا والسبب انعدام شبه كامل للنظافة وانعدام للغذاء فالمحتجز يعتمد على نفسه لأن السجن لا يقدم الوجبات الغذائية اليومية الفاتش حمل النيابة العامة وأقسام الشرطة وسجون المديريات المسئولية الكاملة إزاء ما يحدث للمواطنين في السجون داعيا في الوقت ذاته منظمات المجتمع المدني إلى تحمل مسئوليتها الوطنية للحد من هذه المشاكل يذكر أن عدد الانتهاكات خلال العام 2013م وصل إلى 619 حالة انتهاك عدد كبير منها تم ارتكابها في هذه السجون.
أما نائب مدير عام إدارة البلاغات والشكاوى بوزارة حقوق الإنسان راجح سعدان فقد صنف الانتهاكات داخل سجون أقسام الشرطة بأنها تقع في اتجاهين الأول الحجز فوق المدة القانونية حيث القانون لا يسمح لقسم الشرطة أن يحتجز المواطن أكثر من 24 ساعة قبل إحالته إلى النيابة أما الاتجاه الثاني فهو قيام بعض أقسام الشرطة بأخذ أقارب المتهمين كرهائن في حال تعذر القبض على المطلوبين وهي مسألة بالغة الخطورة « ويرجع سعدان سبب ارتكاب الأقسام لهذه المخالفات إلى ضعف الرقابة والتفتيش من وزارة العدل ممثلة بأعضاء النيابة الذين لا يقومون بواجبهم في زيارة هذه السجون وحل الإشكاليات.
نفي واتهام
العقيد عبدالرب الأصبحي مساعد مدير أمن أمانة العاصمة لشئون الأمن نفى أن يكون هناك أي حالات تعذيب للمحتجزين داخل أقسام الشرطة نافيا في الوقت ذاته احتجاز المواطنين لفترات طويلة وأضاف « إذا ما تم تجاوز المدة المحددة بالقانون فلن تتعدى أكثر من يومين وذلك بسبب تأخر النيابة عن أداء مهامها « ويسند الأصبحي صحة كلامه بالزيارات المفاجئة التي يقوم بها بين الحين والآخر لأقسام الشرطة والتي لم يلاحظ من خلالها حد قوله ما رصدته وزارة حقوق الإنسان في أقسام الشرطة.
من جهة أخرى اعتبر العقيد الأصبحي أن وجود سجون خاصة في مقر المديريات للضغط على المواطنين لسداد الضرائب أو ما عليهم من التزامات يعد أمراٍ مخالفاٍ للقانون كون هذه الجهات غير مخولة بالضبط القضائي.
النيابة بريئة
مدير المكتب الإعلامي بمكتب النائب العام نجيب الأميري حاول جاهدا الدفاع عن النيابات العامة بوصفه سجون أقسام الشرطة بأنها قانونية وأن المحتجزين فيها عليهم قضايا منظورة أمام المحاكم ولا علاقة للنيابة.
سيادة القانون
الدكتور طاهر العبيدي أستاذ القانون بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء أبدى رأيه القانوني حول الانتهاكات داخل سجون أقسام الشرطة وسجون المديريات حيث يقول « لقد حدد القانون المدة الزمنية التي يجب فيها على قسم الشرطة الاحتفاظ بالمتهم لذا فالزيادة عليها أمر مخالف للقانون أيضاٍ حالات التعذيب ــ إن رصدت ـ فلا ينبغي السكوت عليها « هذا وقد علق العبيدي على السجون الموجود داخل مقر المديريات بالقول « لا أعلم أن قانونا يسمح للمديريات باحتجاز الناس تحت أي مبرر لكن إن كان هناك قانون فهذا أمر آخر».
خلاصة القول
كاتب التحقيق ووزارة حقوق الإنسان وثق انتهاكات بالجملة تقوم بها أقسام الشرطة وسجون المديريات بالمقابل إدارة أمن أمانة العاصمة تنفي وجود أي انتهاكات وبين هذا وذاك تبقى المشكلة قائمة حتى يقضي الله أمراٍ كان مفعولاٍ.

قد يعجبك ايضا