عروس البحر الأحمر..مدينة (منكوبة) بالفيروسات الحمية


* اطباء:ضعف الوسائل التشخيصية زاد من حدة مضاعفاتها

* مكتب الصحة:
وثقنا 40 حالة إصابة بحمى الضنك و1400حالة
اشتباه

* مواطنون :
تكدس القمامة وطفح المجاري وتوقف الرش الضبابي بالمبيد..يساعد على انتشارها 

تجتاح محافظة الحديدة موجة من الحميات الفيروسية الخطيرة أخطرها حمى الضنك التي تسببت بوفاة وإصابة المئات من الناس بالمحافظة ومديرياتها المختلفة وسط ضعف الإمكانيات التشخيصية المخبرية والطبية لدى مكتب الصحة بالمحافظة رغم محاولاته المستمرة في مواجهة هذه الحميات في ظل عدم توفر الإمكانيات والأجهزة التشخيصية الحديثة والكوادر المؤهلة القادرة على تحديد هذه الحميات وعلاجها.
وطبقا للواقع فإن ما يتم من إجراءات طبية وعلاجية للمصابين بهذه الحميات سواء في المرافق الصحية الحكومية أو الخاصة لايزيد عن إعطاء المريض سوائل ومهدئات للحمى ومضادات حيوية فقط نتيجة عدم تشخيص المرض بحسب إفادة أهالي المصابين والمختصين.
عبرهذا التحقيق نقلنا معاناة المصابين وأهاليهم مع الفيروسات الحمية وناقشنا عدداٍ من المختصين حول طرق تشخيص المرض التي وصفوها بعدم الدقة وكذا آليات صرف الأدوية ..

الزميل عبده مخاوي من إذاعة الحديدة يقول: إن معاناتي مع الحمى الفيروسية أو حمى الضنك التي تجتاح محافظة الحديدة هذه الأيام لا توصف فأولداي الاثناين وزوجتي وأخي الأصغر أصيبوا جميعهم بهذا المرض الخطير دفعة واحدة وكانت أعراض المرض عبارة عن ارتفاع في درجة الحرارة التي لا تستجيب مع الأدوية الخافضة للحرارة وغيرها من المهدئات وكان الحل الوحيد في بداية الأمر هو الكمادات الباردة للتخفيف من درجة حرارة أجسادهم حتى قمت بإسعافهم الى الطبيب الذي أجرى لهم بعض الفحوصات التي أظهرت نتائجها انخفاضاٍ كبيراٍ في صفائح الدم وصلت إلى 120بينما هي من 150 إلى 450 عند الشخص السليم.
القضاء على المسببات
ومضى مخاوي قائلاٍ: لقد قرر لي الطبيب عدة أنواع من العلاجات وهي عبارة عن سوائل ومغذيات ومضادات حيوية ومسكنات للحرارة تستخدم يوميا بواقع مرتين في اليوم لمدة أسبوع مع متابعة إجراء الفحوصات الطبية لمعرفة استجابتهم للعلاجات والحمد الله تماثلوا للشفاء بعد أسبوعين وخسرت أكثر من 150 ألف ريال على علاجهم.
ويطالب مخاوي الجهات المختصة بالمحافظة تحمل مسئولياتها في مكافحة هذا المرض والقضاء على مسبباته ورفع الوعي لدى المواطنين وخاصة في القرى الريفية بأسباب الإصابة بالمرض وأعراضه حتى يستطيعوا تفادي مضاعفاته.
هبوط في الصفائح
عبد الله أحمد سالم لم تختلف معاناته كثيرا مع هذا المرض الخطير عن مخاوي حيث بدأ حديثه بقوله: تعرض ابني تركي للإصابة بهذا المرض الخطير بصورة مفاجئة وكانت أعراضه حمى شديدة مع عدم قدرته على الحركة فنقلته إلى المستشفى وتم إجراء الفحوصات الطبية له فتبين أنه يعاني من هبوط في صفائح الدم بشكل كبير نتيجة هذه الحمى الناجمة عن حمى الضنك المصاب بها بحسب إفادة الطبيب ..
وتابع :لقد خضع لعلاج طويل في المستشفى وتم إعطاؤه العديد من السوائل والمغذيات والمضادات الحيوية يوميا ولمدة 20 يوما وبدأت حالته الصحية تتحسن ببطء شديد إلى أن تم شفاؤه تماما والحمد الله.
مكافحته بجدية
ويؤكد سالم أهمية قيام مكتب الصحة بسرعة مكافحة مسببات هذا المرض من خلال رفع القمامة من الشوارع والحارات وإنهاء طفح المجاري بالمحافظة وتنفيذ عمليات رش ضبابي واسع من أجل القضاء على البعوض الناقل للمرض وتوفير الأطباء الأخصائيين من ذوي الخبرات في الحميات وتوفير التشخيص المخبري الدقيق والصحيح وتوفير العلاجات المجانية للمصابين بهذا المرض وخاصة الفقراء منهم الذين هم أكثر عرضه للإصابة به.  
قصور التشخيص
محمد إسماعيل – صيدلي – يقول: تنتشر الفيروسات الحمية بمحافظة الحديدة ومختلف مديرياتها بشكل كبير جدا ومنها حمى الضنك الاستوائية التي تسببها إحدى الحشرات التي تتكاثر في المياه العذبة والأواني المكشوفة بالمنازل وتصيب الناس بجميع فئاتهم العمرية وهي مرض خطير جدا إذا ما تعرض المصاب بهذا المرض للإهمال وعدم الرعاية الطبية وفي الوقت المناسب. 
 ويشير إسماعيل إلى أنه يستقبل في اليوم الواحد في الصيدلية من 5 إلى 7 حالات يوميا فحوصات نتائجها تبين بأن المريض يعاني من نقص في صفائح الدم نتيجة حمي الضنك وبعضها حمى فيروسية فقط وجميع المرضى يحملون روشتات طبية لعلاج حمى الضنك والفحوصات.
فيما بعض الفحوصات لا تؤكد بأن هؤلاء المرضى مصابون بحمى الضنك وهذا خطأ كبير في التشخيص كون الملاريا تسبب نقصاٍ في صفائح الدم والتيفوئيد والتهابات الدم وغيرها من أمراض الحميات وهذا للأسف يبين بأن بعض الأطباء والمخبريين غير قادرين على تشخيص المرض فيكتب الأطباء علاجات عشوائية للمرضى وهذا خطير جدا على المريض .
توفير الإمكانيات التشخيصية
ووفقا لإسماعيل فإنه لا توجد لدى جميع المختبرات العامة والخاصة بالمحافظة الإمكانيات لإجراء فحوصات حمى الضنك 100% وهذا الأمر يتطلب بذل المزيد من الجهود من مكتب الصحة لتوفير فنيين مختبرات مؤهلين تأهيلا عاليا وتوفير الأجهزة والمواد والمحاليل المطلوبة لتشخيص حمى الضنك بشكل دقيق وصحيح في المحافظة بدلا من إرسال عينات إلى القاهرة لفحصها.
20 إلى30 حالة في اليوم
عبد السلام محمد غالب – صيدلي – يقول: يصل إلى الصيدلية التي أعمل بها من 20 إلى 30 حالة يوميا بينهم أطفال ونساء وكبار السن وشباب من الجنسين يعانون من حمى فيروسية ونقص في الصفائح الدموية بحسب الفحوصات التي يحملوها والتي لم تحدد أسباب الإصابة بهذه الحمى الفيروسية هل هي نتيجة لحمى الضنك أم مرض آخر ولكن جميع الأطباء وخاصة أطباء المستشفيات الخاصة يشخصون المرض بأنه حمى ضنك ويكتبون للمريض العلاجات المكونة من سوائل ومضادات حيوية.
المكافحة محدودة
ويطالب غالب وزارة الصحة توفير المختبرات والأطباء الاستشاريين القادرين على تشخيص هذه الفيروسات الحمية التي تنتشر في فصل الصيف بشكل كبير جدا بمحافظة الحديدة ومديرياتها الريفية بشكل وبائي بالرغم من المكافحة المحدودة التي ينفذها مكتب الصحة بالمحافظة.
محفوظ عمر بركات – أخصائي مختبرات – يقول: جميع الحالات التي تصل إلى المختبر الذي أعمل فيه سواء التي يتم إحالتها من الأطباء أو التي تحضر إلى المختبر بصورة بمباشرة تعاني من أعراض فيروسية غريبة ومتعددة ومنها دوخة وحمى وطفح جلدي وعندما يتم إجراء فحوصات لها يتبين بأن عندها هبوط في صفائح كرات الدم البيضاء وهذا يدل على أن المريض يعاني من مرض فيروسي قد يكون حمى ضنك أو غيرها من الأمراض الفيروسية ولا تمتلك كافة المختبرات بالمحافظة سواء كانت الحكومية او الخاصة الإمكانيات والمواد الكافية لتشخيص علامات المرض بشكل صحيح ودقيق كذلك الأطباء بالمحافظة لا يستطيعون تشخيص المرض بدقة من خلال الأعراض ونتائج الفحوصات الطبية التي يطلبونها من المختبرات وهنا تكمن الصعوبة في التعامل مع المرض لهذا يلجأ جميع الأطباء إلى إعطاء المرضى السوائل الوريدية والمضادات الحيوية بصورة مستمرة حتى يتم السيطرة على الحمى وإعادة صفائح كريات الدم البيضاء إلى طبيعتها ويتماثل المريض عقب ذلك للشفاء تدريجيا.
مدينة موبوءة
ويبين بركات أن الحالات التي تصل إلى المختبرات تؤكد أن هذا المرض منتشر في مدينة الحديدة بشكل كبير جدا وهذا يدل على أنها موبوءة نتيجة تراكم القمامة في الشوارع والحارات وطفح المجاري بالمدينة إلى جانب أواني حفظ المياه المكشوفة بالمنازل التي يتكاثر فيها البعوض الناقل للمرض.
لهذا يدعو بركات إلى تنفيذ حملات نظافة واسعة ومستمرة وإنهاء طفح المجاري إلى جانب نشر الوعي بين الناس بأهمية تغطية أواني حفظ المياه العذبة وكيفية التعامل مع المريض بهذه الحمى ومنها نقل المصاب بصورة سريعة إلى اقرب مرفق صحي حتى يتم إعطاؤه الإسعافات الأولية وإيقاف تدهور حالته الصحية.
الدكتور عبد الرحمن محمد جارالله مدير عام مكتب الصحة بمحافظة الحديدة يقول: اتخذ مكتب الصحة بالمحافظة العديد من الإجراءات الطبية لمواجهة هذه الحميات وأبرزها الضنك من خلال تأسيس فريق ترصد مكون من خمسة أشخاص كما تم التواصل مع معالي وزير الصحة الذي زودنا بخبيرين سودانيين استفدنا منهم بشكل كبير جدا في المكافحة كما تم إنشاء إدارة للإنذار المبكر للوبائيات وكل هذه الإجراءات ساهمت في الحد من انتشار حمى الضنك هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة حتى في الوفيات نتيجة المرض التي كانت محدودة ولم تتجاوز 4 حالات فقط .
 وأكد إصابة 40 حالة بحمى الضنك تم توثيقها رسميا عبر المكتب والاشتباه في إصابة أكثر من ألف و400 حالة أخرى حتى يوليو الماضي هذا بالإضافة إلى التواصل مع البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا بمحور تهامة وتم الرش في عدة أماكن سواء بالأثر الباقي أو الضبابي ولازال لدى الأخوة في الملاريا نقص أو قصور فيما يخص الرش .
وأضاف: المحافظة للأسف الشديد حولت عملية الرش منذ فترة طويلة لصندوق النظافة الذي لم يقم باي عملية رش نهائيا خلال العام الحالي أو الماضي وهذا سبب لنا إشكاليات نظرا لأن حمى الضنك والحميات الأخرى مستوطنة بمحافظة الحديدة بشكل عام ولكن مديرية القناوص فيها المرض أكثر انتشارا إلى جانب انتشار المرض أيضا بمديرية الميناء داخل مدينة الحديدة وبجوار مدرسة بلقيس للبنات وشارع الحمدي نتيجة بركة من المياه الراكدة التي يتجمع البعوض فيها لوضع بيوضه والتكاثر والانتشار في منازل المواطنين ونشر المرض.
استغلال
وأشار جارالله إلى أن بعض الأطباء وخاصة في المستشفيات الخاصة يشخصون من يأتي إليهم للعلاج أنه يعاني من حمى بعد عمل فحص له يظهر الصفائح الدموية منخفضة فيشخصون الحالة على أنها حمى ضنك على الرغم من أن الصفائح تنخفض أثناء الإصابة بالملاريا وغيرها من الأمراض التي تصيب الإنسان ويقوم هؤلاء الأطباء بعمل رقود للمريض بحجة انه مصاب بحمى الضنك بهدف كسب المال نتيجة التهويل فقط .
وقال: إن بعض المرضي بهذه الحميات يتوجهون الى الصيدليات مباشرة والسبب يعود إلى قلة الوعي والجهل.
ويحمل أصحاب الصيدلية المسئولية الكاملة عن ذلك مؤكدا أن مكتب الصحة بالمحافظة أصبح لديه الإمكانيات اللازمة لإجراء فحوصات حمى الضنك وتشخيصها من خلال “ال بي سي آر” في مستشفى الثورة والمختبر المركزي وهذا الجهاز يقوم بفصل الفيروسات.

قد يعجبك ايضا