بين مطار صنعاء، ومطار اللد، فروق جوهرية ومادية شاسعة، فمن حيث التأثير في قصف مطار صنعاء، من قبل أي عدوان، سواءً كان إسرائيلياً أم أمريكياً أم غيرهما من دول التحالف، كما حدث منذ أول ضربة جوية عدوانية على المطار في مارس 2015م، لا مقارنة في هذا التأثير مع ضربة صاروخ واحد يستهدف مطار اللد، كما حدث يوم الأحد.
فبالرغم من كون مطار صنعاء الدولي هو المطار الأول في اليمن منذ إنشائه، إلا أن ضرب مطار اللد يحدث تأثيراً يتضاعف عشرات المرات عن ضرب مطار صنعاء، إذ يشل حركة النقل والسياحة الإسرائيلية، ويؤثر على سوق البورصة، ويزعزع ثقة المستوطنين في قدرة الدفاع الجوي، ويخلخل سمعة المناعة، ويحطم الأمن القومي لدولة الكيان، ويشعر قيادة الكيان وكل المستوطنين بأن لا بقاء لهم، ويعيد حساباتهم في مزاعم التفوق العسكري، ويدمر ثقتهم في أسطورة الردع، ويؤثر على كل جوانب السياسة والاقتصاد والأمن، ويؤدي إلى تلاشي واضمحلال خططهم في توسيع نطاق العمليات العسكرية الإجرامية، سواءً في غزة والضفة، أو خارج خارطة فلسطين، في لبنان أو سوريا، أو غيرهما، لأن ضرب مطار اللد، ووصول الصواريخ اليمنية إلى أرض المطار يؤدي إلى كبح جماح شهوة ابتلاع أراضٍ جديدة من قبل العدو الإسرائيلي، الذي تتوسع شهيته كلما وجد الصمت العربي هو الفعل المضارع الوحيد لكل عملياته الإجرامية، التي لا تُحَد حتى يبتلع أضعاف ما هو مرسوم منذ القدم في مخططاته لإقامة دولته الكبرى المزعومة.
- تصريح المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع مساء الاثنين، كان مسدداً وبالغاً وبليغاً، في القول والمعنى، لأنه يضرب خطط العدو الإسرائيلي في الصميم، ويوصل رسالة إلى العرب، شعوباً وأنظمة، أن اليمن مستعد للدفاع عن أي بلد عربي يتعرض للعدوان من قبل العدو الصهيوني والأمريكي وغيرهما، ما يعني أن يمن الصمود اليوم هو منكم وإليكم، فلا يجوز أن تتخذوا منه عدواً، أو تقفوا على الحياد تجاه معاناته، التي كان معظمكم بالأمس جزءً منها، ومن صناعتها، وأن اليمن لا يلتفت إلى التباين المذهبي، الذي يعمقه العدو الصهيوني والأمريكي، ليجعل من العرب أطباقا متفرقة، متيسرٌ التهامها وما فيها.
كما هي دعوة عملية لوحدة الروح والتوجه والموقف، ودعوة للتحرك، فما حدث في غزة خلال عامين توسع ليشمل لبنان، ثم ها هو يمد يداً نحو سوريا، ويداً نحو اليمن، ويلوح لكل من الأردن والسعودية ومصر والعراق.
- يتساءل البعض عن عدم استهداف الصاروخ اليمني، برج مطار اللد، أو منشآت أخرى داخل المطار، أو حتى مدرج المطار أو الطائرات الرابضة في أرضه، والجواب أن الرسالة التي أراد إيصالها الصاروخ قد وصلت، وهي (وصول الصاروخ أرض المطار)، بمعنى تأكيد القدرة والإرادة، ثم متى كان يمن الأنصار دموياً ليستهدف صالة المسافرين مثلاً، أو غيره من منشآت تذهب فيها أرواح، لكن لو كان هناك مسؤول كبير فلا مانع من ذلك.
والمتابع لأحداث العدوان الأمريكي – الصهيوني البريطاني – السعودي -الإماراتي ومن تحالف معهم على اليمن منذ 2015 إلى اليوم يرى في الواقع أخلاقيات المواجهة التي يتمتع بها يمن الأنصار، هذه الأخلاق التي نرى أنها كانت – وما تزال – سبباً من أسباب النصر والتأييد الإلهي. لكن أمام ضراوة ووحشية وهمجية العدو الإسرائيلي والأمريكي في استهداف مدنيي غزة واليمن، لابد أن نلتزم بالأمر الإلهي، الذي يُحتم علينا الرد بالمثل، امتثالاً لقوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَـمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْـمُتَّقِينَ}..[من سورة البقرة- آية (194)].. فنحن ندّعي – صادقين – أننا أمة قرآنية، نتحرك بالقرآن، متبعين لا مبتدعين، فإن تمادى عدوان الصهاينة في استباحة الدماء البريئة، فسيسمع العالم صراخهم، واكتضاض مستشفياتهم، وقد أعذر متحدث القوات المسلحة اليمنية، إذ أنذر في بيانه الصهاينة بأن يستغلوا الفرصة قبل أن لا يجدوا مطاراً يصلح للمغادرة.