مطهر الأشموري

أمريكا المهزومة!

 

 

بعد أحداث سبتمبر ٢٠١١م رفع الرئيس الأمريكي بوش الابن شعار «من لم يكن معنا فهو ضدنا»، وهذا يؤكد أن تلك الأحداث إنما هي الذروة لمشروع أمريكي كذروة لاستثمار الإرهاب أمريكياً وعلى مستوى العالم، وبالتالي فكل الحروب منذ تفتت السوفييت حتى أحداث ٢٠٠١م وما بعدها لم تكن غير مسرحيات وحروب أمريكية ممسرحة، وحتى من كان يعرف خفايا وخلفية ذلك لم يكن في هذا العالم من يجرؤ على رفض الشعار الأمريكي «من لم يكن معنا فهو ضدنا» تحت ترهيب وإرهاب الهيمنة الأمريكية على العالم..

ولهذا فمثلي لم يكن يحتاج ليعي ويفهم أن يقول النظام السعودي ومن ثم الباكستاني أنهما صنعا الإرهاب بناءً على طلب أمريكي لأن ذلك ما أفهمه وأعيه، ولكن إمبراطورية الإعلام الأمريكي باتت التي لا أحد في الكون يستطيع مجرد تأثير عليها..

ولهذا فإنه حتى ما يطرح الآن في مواجهة أمريكا وإمبراطوريتها الإعلامية فهو لا يصل إلى سقف المواجهة أو المنازلة فهذه الإمبراطورية لا زالت الأقوى ولكن واقع أمريكا وتموضعها العالمي هو الذي ضعف ويسير إلى المزيد من التراجع وفق الإعلام الأمريكي وقد بات أضخم وأوسع إمبراطورية إعلامية في التاريخ..

لو أن أمريكا لا زالت العظمى ما كان ترامب يحتاج أن يطرح عن ذاته أنه بمثابة مكلّف بإعادة العظمة لأمريكا..

لو أن أمريكا لازالت أمريكا بعد تفتت السوفييت ومعها هذه الإمبراطورية الإعلامية فإنه ما كان لروسيا والصين أي تأثير بل ما كان أحد في هذا العالم يجرؤ حتى على التباين مع أمريكا، وبالتالي فالمتغير العالمي والواقع والأحداث في هذا العالم هي من يقدم الاصطفاف المواجه لأمريكا وبدون إعلام إمبراطوري وبدون إمبراطورية إعلامية..

الواقع والوقائع والأحداث باتت هي التي تقدم تراجع وضعف بل وهشاشة أمريكا فوق تأثير إعلامها وإمبراطوريتها الإعلامية وحضورها الواسع في منطقتنا بحكم متراكم عمالة أغلبية الأنظمة لأمريكا..

يكفي العالم أن يتابع ما يمارس يمنياً في مواجهة أمريكا في البحرين الأحمر والعربي ليستنتج ويقرأ مدى ضعف أمريكا وكسر هيبتها بل وكرامتها فوق هذا الضخ الإعلامي العربي العبري قبل الأمريكي والغربي..

أمريكا كاستعمار غربي رأسمالي إمبريالي بكل قدراته الإعلامية يستطيع إقناع العالم بأي شيء لكنه بات يستحيل عليه إقناع العالم بأن أمريكا تتراجع ولم تضعف وقد وصلت واقعياً إلى مستوى من التهاوي وبما لايصدق..

إن هذا هو موقفي من قبل ومن بعد تفتت السوفييت، وبالتالي إن كانت أمريكا لا تزال الأقوى فإنني أعرف ببساطة أنه لا قيمة ولا تأثير لما أطرحه مثلما ظل بعد تفتت السوفييت ولكنني والأغلبية من شعوب العالم باتوا يحسون ضعف أمريكا بل ويحسبون بكل القياسات والمقاسات لهذا الضعف فوق ما كان يتصور..

العالم غير المتأمرك وغير المتصهين بات يعيش واقع أرضية قوية وصلبة و متينة تعارض وترفض الاستعمار الغربي الأمريكي الذي هيمن على العالم لأكثر من ٥٠٠ سنة..

وإذا أمريكا كما بريطانيا العظمى هي الوحيدة التي لا تحس ضعفها ولا تقيسه وتظل في رهان خاسر على غير ذلك فذلك قد يكون أفضل للعالم و يهيئ أفضلية في مواجهتها والتعامل معها..

باستعادة شعار بوش الابن «من لم يكن معنا فهو ضدنا»، فالمشكلة باتت في عجز أمريكا عن فرض وتطبيق هذا الشعار عالمياً وإلا فلماذا انقلبت على ذاتها ومعاييرها وأدواتها وتنسحب من منظمات أرستها وأخرى أسستها، وهل انقلاب أمريكا على منظمة التجارة العالمية أو حتى انسحابها من الأمم المتحدة سيحل مشاكل أمريكا أو يعيد لها عظمة افتقدتها؟..

الحروب على اليمن هي حروب أمريكية إسرائيلية حتى لو قدمت واجهة لها كتحالف عربي أو جامعة عربية، واستئناف هذا العدوان على اليمن أكد حقيقة أنها حروب أمريكية إسرائيلية بأي واجهات و بأي وجوه ويلغي انفضاح ذلك غير الفضيحة الأمريكية القائمة، وهكذا كأنما ما بات يقاس هو عظام أمريكا فيما لا زال المعتوه ترامب يتحدث عن العظمة، فهل يعرف ترامب الفرق بين العظام والعظمة؟!!.

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا