مركز الأطراف الصناعية بالحديدة..إعادة الابتسامة على وجوهٍ أرهقها الألم

 

الثورة نت/ يحيى كرد

في قلب مدينة الحديدة، وفي ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي تمر بها محافظة الحديدة والوطن، جراء سنوات العدوان وتداعياته، يبرز مركز الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية بهيئة مستشفى الثورة العام كصرح إنساني وطبي يحمل على عاتقه مهمة إعادة الأمل والحركة لأولئك الذين فقدوا أطرافهم، كما يمثل المركز استجابة حيوية للاحتياجات المتزايدة لضحايا الألغام الأرضية، ومخلفات العدوات، والحوادث المختلفة، وإبراز قدرة الإرادة البشرية على تجاوز المحن.

نقطة تحول في تقديم خدمات

تم افتتاح المركز رسمياً في التاسع من ينايرمن العام الجاري 2025م، وهو تاريخ يمثل نقطة تحول في تقديم خدمات إعادة التأهيل المتخصصة في محافظة الحديدة والمناطق المجاورة. يأتي تأسيس المركز في وقت حرج، حيث تشير التقارير رغم صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة وحديثة ، حول أعداد مبتوري الأطراف نتيجة العدوان المستمر وانتشار الألغام، مما يجعل وجود مثل هذا المركز ضرورة ملحة وليس مجرد إضافة للخدمات الصحية.

تتمثل رؤية المركز في أن يكون منارة رائدة في تقديم خدمات الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية وإعادة التأهيل الشامل في المنطقة، مستنداً إلى أعلى معايير الجودة والرعاية الإنسانية. أما رسالته، فتتركز حول تمكين الأفراد الذين فقدوا أطرافهم من استعادة قدراتهم الوظيفية، وتعزيز استقلاليتهم، وتحسين جودة حياتهم، وإعادة دمجهم بفعالية في المجتمع.

حزمة متكاملة من الخدمات

ويقدم المركز حزمة متكاملة من الخدمات التي تغطي كافة مراحل عملية تركيب الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل، وتشمل، تقييم طبي واجتماعي دقيق لكل حالة لتحديد الاحتياجات الفردية ونوع الطرف الصناعي أو الجهاز التعويضي المناسب، وأخذ القياسات الدقيقة للجزء المبتور وتشكيل القوالب الأولية، الجبس الحراري.

بالإضافة الى تخصيص قسم لتصنيع وصب الأطراف الصناعية (العلوية والسفلية) والأجهزة التعويضية باستخدام مواد وتقنيات تضمن المتانة والراحة. و تركيب الطرف الصناعي وتعديله بدقة لضمان ملاءمته للمستخدم وراحته أثناء الحركة. وتنفيذ برامج تدريبية مكثفة للمرضى على كيفية استخدام الطرف الصناعي بفعالية وأمان في أنشطة الحياة اليومية، وجلسات علاج طبيعي متخصصة لتقوية العضلات، ومراعاة تحسين التوازن، وزيادة مدى الحركة، وتخفيف الآلام المصاحبة (مثل ألم الطرف الشبحي). بالاضافة الى تقديم أدوات مساعدة أخرى كالعكازات والمشايات عند الحاجة. و خدمة متابعة وصيانة دورية للأطراف الصناعية وإصلاحها لضمان استمرارية فعاليتها، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي. معرفة مدى تكيف المريض مع الوضع الجديد.

إنجازات ملموسة

في السياق أوضح رئيس هيئة مستشفى الثورة العام بالحديدة، الدكتور، خالد أحمد سهيل، أنه ومنذ افتتاح المركز مطلع العام الجاري ، وحتى مايو الحالي 2025، حقق المركز إنجازات ملموسة تعكس حجم الحاجة والأثر الإيجابي لخدماته، منها تركيب أكثر من 150 طرفاً صناعياً جديداً، وإعادة القدرة على الحركة والاستقلالية لعدد كبير من الأفراد، وصيانة وإصلاح 40 طرفاً صناعياً: ضمان استمرارية استخدام الأطراف الموجودة وتمديد عمرها الافتراضي.

مشيرا الى إن الأثر الحقيقي للمركز يتجاوز هذه الأرقام؛ فهو يترجم في استعادة الكرامة، وتجديد الأمل، ورسم الابتسامات على وجوه كانت مثقلة بالألم. كل خطوة يخطوها مريض بطرفه الجديد هي شهادة على نجاح المركز في مهمته الإنسانية.

ولفت الى أن المركز يعتمد على كادر طبي وفني متخصص يتمتع بالكفاءة العالية والخبرة اللازمة في مجال الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي. الأهم من ذلك، يتميز هذا الكادر بالتعامل الإنساني والرحمة، وهو عنصر أساسي في رحلة التعافي للمرضى.

وأشاد رئيس الهيئة بالشراكة مع المنظمات الدولية، مثل منظمة هانديكاب التي تشكل عاملاً حيوياً في نجاح المركز واستدامته. و تشمل هذه الشراكات الدعم الفني، وتوفير المواد والمعدات، وتدريب الكوادر، وضمان تطبيق أفضل الممارسات والمعايير الدولية.

تحديات في ظل الظروف الراهنة

وأشار سهيل أن المركز، يواجه كغيره من المؤسسات العاملة في ظل الظروف الراهنة بالمحافظة واليمن ، مجموعة من التحديات، من أبرزها عدم ضمان استمرارية التمويل، لتغطية تكاليف التشغيل والمواد الخام والصيانة وتأمين سلاسل الإمداد، للحصول على المواد والمكونات اللازمة لتصنيع الأطراف،وصعوبة وصول بعض المرضى من المناطق النائية أو المتأثرة بالعدوان إلى المركز والطلب المتزايد، و الحاجة المستمرة لمواكبة الأعداد الكبيرة للمحتاجين للخدمة، والحاجة لمواكبة التطورات في تكنولوجيا الأطراف الصناعية.

مشيرا الى أن لدى الهيئة رؤية مستقبلية في حال توفير الإمكانيات، التوسع في خدمات المركز كماً ونوعاً، وزيادة القدرة الاستيعابية، ومنها إنشاء وحدات فرعية أو فرق متنقلة للوصول إلى المناطق البعيدة، بالإضافة إلى تعزيز برامج الدعم النفسي والاجتماعي والتأهيل المهني للمستفيدين.

ويعد مركز الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية بهيئة مستشفى الثورة العام بالحديدة نموذجاً مشرقاً للعطاء والإنسانية في مواجهة الشدائد. كونه ليس مجرد مكان لصناعة الأطراف، بل هو مصنع للأمل، حيث يعيد بناء الحياة ويصوغ قصصاً جديدة للنجاح والتغلب على الإعاقة. و يمثل المركز شهادة حية على أن الإرادة والعزيمة قادرتان على تحويل الألم إلى دافع للنهوض والمضي قدماً، مؤكداً على الحق الأصيل لكل إنسان في الحركة والحياة الكريمة.

قد يعجبك ايضا