
> تجار: الأوضاع الصعبة للمواطنين حالت دون إقبالهم على محلاتنا
يأتي عيد الأضحى المبارك واليمنيون يرزحون تحت ظروف قاسية ألقت بظلالها على وضعهم المادي .. وبات العديد منهم يرى أن الاحتفاء الحقيقي بالعيد يكمن في الشعور النفسي بالفرحة فقط .. فالأسواق والتي تكتظ بحاجيات العيد تخلوا من المتسوقين الذين خلت جيوبهم من السيولة .. ناهيك عن الغلاء الذي طال تلك الحاجيات من ملابس العيد والحلويات والأضحية..
يرى الكثير من المواطنين بأن عيد الأضحى المبارك وبالرغم من انه العيد الكبير إلا أنه لا يعكس نفس الزخم والانتعاش الذي يسود عيد الفطر المبارك الذي يأتي في ظل أجواء من التكافل والتراحم بين المجتمع ويسعى العديد من الميسورين – رغبة منهم في إدخال الفرحة على الفقراء – بإعطائهم من المال صدقة أو زكاة الأمر الذي يؤدي إلى الإسهام في تحريك الحركة الاقتصادية في الأسواق .. أما عيد الأضحى المبارك فإنه لا يحظى بذاك التراحم والتكافل وكل شخص معني بالتكيف مع العيد في ظل الإمكانات المالية المحدودة لغالبية الناس والتي بالكاد في الغالب تغطي الاحتياجات الأساسية ..
وإضافة إلى ذلك فإن كثير من المواطنين ما زالوا يرزحون تحت معاناة غلبة الدين الذي تحملوه أثناء وبعد عيد الفطر المبارك وما لحق ذلك من صرفيات تكبدها الآباء وأولياء الأمور بسبب بداية العام الدراسي الجديد والذين أثرت عليهم سلبا فمن رسوم التسجيل لأبنائهم ومرورا بتكاليف الدفاتر والملابس المدرسية وانتهاء بالصرفيات اليومية الأمر الذي ضاعف من معاناة هؤلاء الآباء والذين باتوا يعانون الديون وقلة الحال … وهم بالكاد يجاهدون ويكابدون لأجل توفير احتياجاتهم الأساسية والمهمة .. والعيد في وجهة نظرهم يعد فرحة روحية وشعور نفسي أكثر منه شراء للملابس والحلويات وثانويات العيد ..
ركود عجيب
تعد أسواق مدينة الحديدة من الأسواق الكبيرة في البلاد.. ولهذا فهي تعد قبلة للمتسوقين من محافظات أخرى كـ( ريمة – والمحويت – ذمار – وأجزاء من محافظتي صنعاء وتعز ) ولهذا يبذل أصحاب المحال التجارية في مدينة الحديدة وخاصة في أسواق باب مشرف والمطراق وبعض المحلات التجارية الكبيرة على توفير الموديلات من ملابس الرجال والأطفال والنساء رغبة في إقناع هؤلاء المتسوقين بجودة هذه الملابس ومن ثم شرائها من قبلهم – المتسوقين – بيد أن الوضع في هذا العيد لا يبدو كما هو المعتاد دائما فالمحلات التجارية لا تمتلئ إلا من العاملين فيها .. حتى أؤلئك المتفرجين والذين يدخلون تلك الأسواق كل عام بهدف حب الإطلاع فقد عزفوا أيضا عن ممارسة هواياتهم هذا العام – هواية حب الإطلاع – وبالرغم من أساليب العرض التي ابتكرها أصحاب المحال التجارية للملابس امام محلاتهم وداخلها فإن ذلك لم يؤثر في إقناع الشراة والمتسوقين الذين لم يكلفوا أنفسهم زيارة تلك الأسواق ..
أمنية ومعجزة
أحمد علي – مالك أحد محلات الملابس قال: تكون الحركة التجارية في عيد الفطر المبارك أكثر من عيد الأضحى والذي يحظى بحركة أقل نظرا للسيولة المالية التي تسود رمضان .. لكن في الغالب يبدأ الموسم عندنا في منتصف شهر ذي القعدة ويتدفق علينا – كما هو الحال في السنوات الماضية – المتسوقين من مختلف مديريات محافظات الحديدة والمحافظات المجاورة.
وأضاف: أصبح الناس غير قادرين على شراء ملابس العيد وبالكاد هم يوفرون لقمة العيش نحن دائما نستفيد من المواسم مثل عيد الفطر وعيد الأضحى لتوفير إيجارات المحلات أو شراء الملابس وكذا صرفيات أسرنا لكن يبدو أن الوضع قاسُ علينا جميعا هذا العام نحن الآن على مقربة من العيد والموسم يكاد ينتهي ولا جديد بالنسبة لنا.. محلاتنا منذ الصباح وحتى المساء وهي كما هي .. دخول زبون إلينا هذه الأيام شيء يدخل علينا فرحة كبيرة وشرائه يعد أمنية ومعجزة ..
حال أحمد علي هو حال غالبية أصحاب المحلات التجارية في أهم سوقين في مدينة الحديدة ( باب مشرف والمطراق ) والذين يشكون من قلة الإقبال للمتسوقين والشراة خلال هذه العام وفي هذه الموسم..
ملابس للعيدين
المواطنون في غالبيتهم يرون أن وضعهم المالي لا يتحمل شراء ملابس جديد لهذا العيد ( الأضحى ) ولهذا فإن أغلبهم حرص على أن يستفيد من ملابس عيد الفطر المبارك والتي تم الاحتفاظ بها بعد الاستفادة منها لأيام قلائل في العيد الماضي ..
ويؤكد الكثير من المواطنين الذين التقينا بهم على انهم لا يستطيعون شراء ملابس لأبنائهم في هذا العيد نظرا للمبالغ المالية الكبيرة التي يحتاجونها لتوفر تلك الملابس ..
إبراهيم الزبيدي – موظف وأب لـ6 أبناء قال: إن شراء ملابس لأبنائنا في عيد الأضحي المبارك يعد من الأمور الصعبة التي لا يستطيع على توفيرها الكثير هذه الأيام.. فأنا موظف حكومي وراتبي يتجاوز الـ80 ألف ريال يذهب منه 30 ألفاٍ للإيجار وتسديد فواتير الماء والكهرباء والتلفون والمتبقي (50.000) ألف ريال.. بصعوبة كبيرة أستطيع أن أغطي بها توفير احتياجات الأسرة ومصاريف أبنائي أثناء ذهابهم للمدرسة.. وشراء ملابس لهم – للأبناء – يحتاج الى ميزانية كبيرة.
وأضاف: حرصت على الاحتفاظ بملابس عيد الفطر المبارك حتى نستفيد منها في عيد الأضحى وقد اقنعت أبنائي بذلك والحمد الله.. العيد يعني الفرحة والعافية.
الأضاحي غلاء وعزوف
ارتبط هذا العيد بالأضاحي حتى أصبحت جزءاٍ منه .. فالعديد من الناس يسعون لشراء الأضاحي اتباعا للسنة النبوية المطهرة .. فيقومون بالاستفادة من الثلث والتصدق بالثلث وإعطاء الثالث هدية كما نصت على ذلك السنة .. ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك تتدفق المواشي والأغنام على الأسواق الخاصة بهم استفادة من تجارها من هذا الموسم .. ويكون في الغالب أن ترتفع أسعار تلك المواشي بنسب بسيطة استفادت من هذا الموسم .. لكن الوضع هذا العام اختلف فرعاة تلك المواشي لم يزودوا الأسواق بالكميات المعتاد عليها واحتفظوا بأغنامهم ومواشيهم في هذا الموسم نظرا كما يقول داود – مسئول في مسلخ الحديدة لعدم وجود سوق يتنافسون فيه ويبيعون فيه مواشيهم وأغنامهم والتي حرصوا على تربيتها خلال الفترات الماضية أملا منهم في الحصول على مكاسب مالية ..
ويقول داود عن شراء الأضاحي خلال السنوات الماضية كانت الجمعيات الخيرية المختلفة تعمل على شراء إعداد كبيرة من تلك الأغنام والمواشي من أصحابها ومن ثم تقوم بتوزيعها على الفقراء.. وقد تعود أصحاب تلك المواشي على ذلك لكن يبدو أن الجمعيات الخيرية قد عزفت هي ايضاٍ عن شراء أسعار الأضاحي التي شهدت هذا العام ارتفاعاٍ كبيراٍ في الأسعار ملحوظا حيث وصل سعر الكبش الواحد من 40 – 50 ألف ريال وهو مبلغ كبير مقارنة بأسعار المواشي من الكباش والأغنام في السنة الماضية هذا الأمر دفع الكثير من المواطنين للتأكيد من أنهم سيعملون على شراء اللحم من الملاحم (الجزارين) ونظام الكيلو نظراٍ لعدم قدرتهم على دفع تلك المبالغ المالية الكبيرة ..
الحلويات شيء ثانوي
بالرغم من كونها أي الحديدة من المحافظات الكبيرة في البلاد إلا أنه وبسبب الفقر المنتشر بشكل كبير بين ابنائها فإن ثمة عزوفاٍ عن شراء الكماليات أو الاحتياجات غير الأساسية .. فالحلويات أو ما يعرف بجعالة العيد تعد في نظر الكثير من أبناء المحافظة ضمن قائمة غير المهم .. بيد أن هناك عدداٍ بسيطاٍ من أبناء هذه المحافظة يحرص في هذه المناسبة على شراء الحلويات كونها تعد هدية العيد للأطفال المهنئين بهذه المناسبة والذين يعملون على زيارات البيوت والأقارب رغبة في الحصول على حلويات العيد أو مصروف العيد حيث قام العديد ممن قاموا بشراء حلويات العيد يشكون من ارتفاع أسعارها بشكل كبير خاصة تلك الحلويات متوسطة الجودة..
وفي الأخير يظل الاحتفاء الحقيقي بالعيد هو الشعور بعظمة هذا اليوم لنا كمسلمين وانعكاس الفرحة النفسية والروحية لتتجسد معاني وقيم العيد وللتوحد النفوس كما هو الحال مع حجاج بيت الله الحرام الذين جمعتهم العبادة على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ودولهم ..