اللعب بالمصطلحات ومحاولة ضرب النفسيات والتأليب ضد المقاومة أمر صار مكشوفا
خبراء ومحللون لـ” الثورة “: «طوفان الأقصى» يفرز الإعلام بين عربي حر وعربي متصهين
إن الحرب النفسية التي يلعبها الإعلام لها دور كبير في الإدارة العسكرية والثقافية والسياسة باعتبار أن الرسالة الإعلامية تحمل أبعادا نفسية تعكس ضوءا خطيرا على الواقع العربي وتحرك مساره وتغير مبادئه بما يتوافق مع الرسالة المحددة والمطلوبة والتي عادة ما تكون خدمة لقضايا الشعوب المصيرية وتلبي تطلعاتهم، لكنها قد تأتي أحيانا أو تتحرك وفق اجندات خفية تطمس الحقائق وتتلاعب بالأحداث بما يخدم توجهاتها الاستعمارية وأطماعها في المنطقة..
الثورة / اسماء البزاز
يقول المحلل والكاتب حمزة أبو طالب: عندما تقدح زناد أفكارك للكتابة عن موضوع الحرب النفسية التي تتخذها الوسائل الإعلامية في التعامل مع القضايا فان السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو، ما هو الإعلام هل فعلا مجرد وسائط لنقل الخبر والحقيقة إلى القارئ كما هي وترك الخبر يُعرّف عن نفسه ويترك أثره كما يجب؟ أم أن الإعلام هو هكذا يُراد لنا أن ننظر اليه بينما هو في الواقع سلاح مؤثر كان له الدور الأبرز في الكثير من المأسي في واقعنا المعاصر وماضينا القريب.
وقال أبو طالب: هنا ندرك الدور الكبير للإعلام المقاوم والمجاهد والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق من يحملون سلاح القلم والرأي ويجعلنا نحدد الوجهة للعمل الإعلامي والصحفي لحماية مجتمعاتنا من الخطوات المدروسة لخلق بيئة حاضنة للكراهية ضد حركات أو دول بعينها، حيث أن الكراهية هي مرحلة مهمة لتمرير الكثير من الأعمال العدائية والعمليات الأمنية ومقدمة للعمل العسكري وتوفر المناخ الملائم لخلق بؤر توتر مجتمعي وتقسيم البلد الواحد إلى طوائف وفرق تتربص ببعضها وتتحالف مع العدو لتحقيق حلمها في الانتقام والحاق الأذى بالأخرين، وذلك ما كان ليحدث لولا العمل الدعائي وشيطنة الأخر وتحميله مسؤولية كل الأخطاء ونسب كل الشرور اليه.
موضحا أنه وبالرغم من كل ما تواجهه الأمة إلا أن هناك نماذج ناجحة في الميدان تبعث على الأمل وهناك قدوات يحتذى بها لصناعة إعلام عربي مناهض للسردية الغربية الرامية إلى السيطرة على الوعى وتزييفه، وصناعة تنوير حقيقي مستند إلى ثقافتنا الإسلامية وهويتنا العربية، وخلق جيل ينظر بالريبة والشك والنقد والتحليل السليم لكل ما تضخه الماكينة الإعلامية الصهيونية المستترة خلف مسميات عدة ودعوات مزيفة؛ وعلى القيادات وأصحاب القرار دعم هذا التوجه وإبراز جيل من الإعلاميين المؤمنين بقضايا الأمة الإسلامية ويمثلون ثقافة القرآن واتباع المنهجية التي تقول ((الصدق أحسن سياسة)) لأن المتلقي بطبعه يبحث عن الحقيقة ويعرف في من يضع ثقته وعلينا أن نكون نحن من يقدم الحقيقة ويوضح الزيف ويفند الشبهات وذلك يتطلب عملاً دؤوباً ومستمر لصناعة، إعلام موثوق يلجأ اليه المتابع العربي ويعتمد على روايته ويخلق توجها عاما لرفض المواد المسمومة التي يقدمها الغربيون وأبواقهم المحلية عبر كشف الحقائق وتعرية باطلهم وهذا من اهم ركائز تعزيز الصمود والمواجهة في الميدان مع القوى الاستعمارية في ثوبها الجديد والذي يتخذ من شيطنة القوى الثورية والحركات التحررية وتشويهها وتحميلها مسؤولية الخراب والدمار وتجريدها من القبول في مجتمعاتها التي لا تدرك أنها خط الدفاع الوحيد لديهم ضد الفتن والنزاعات الداخلية التي يتم صناعتها وسط حالة من الذهول والغفلة وسيل المعلومات المضللة والهادفة إلى قلب الحقائق.
وختم أبوطالب حديثه بقوله ((وانه لنصر كبير إذا ما خضنا معركة المصطلحات نحن الآن في معركة مصطلحات إذا سمحنا لهم أن ينتصروا فيها فإننا سنكون من نُضرب ليس في معركة المصطلحات بل في معركة النار إذا ما سمحنا لهم أن تنتصر مفاهيمهم وتنتصر معانيهم لتترسخ في أوساط الناس)) الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي.
عوامل النصر:
من جهتها تقول الثقافية الطاف الحميري – ثقافية في الهيئة النسائية الثقافية محافظة إب: لطالما كانت الحرب النفسية للإعلام سلاحا ذا حدين، حيث أن الإعلام هو وسيلة الشعوب للتعبير عن قضاياها وإبراز مكانتها ومناقشة همومها وإيصال رسائلها المختلفة إلى شتى بقاع العالم، إما كتابة أو صوتاً ومؤخراً بالصوت والصورة، ويعتبر الإعلام من أهم عوامل النصر أو الهزيمة؛ فهو إما أن يبث روح الحماس أو أن يضعف العزيمة! وبما أننا نتحدث عن طوفان الأقصى والذي فاض عنفوانه من غلاف غزة المحتل والمحاصر، فإن من الأهمية بمكان أن يكون للإعلام دور إيجابي في إعطاء هذا الحدث الأهمية التي يستحقها نشراً وتحليلاً ومواكبةً، كي يعلم العالم أجمع مدى وهن إسرائيل التي سعى الأعداء إلى تضخيمها عبر الإعلام المضلل، مقابل صلابة كتائب القسام والمجاهدين الأحرار.
وبينت الحميري أنه وبالفعل هناك العديد من القنوات التي جعلت الصدق مساراً لها والتي انتهجت درب الحق ونحت منحى الأمانة في النقل وفي حملها للقضية بمسؤولية واهتمام وعلى رأسها «المسيرة، والميادين» والكثير والتي تُظهر للعالم أجمع هشاشة الكيان الصهيوني ووحشيته من خلال المشاهد الحية والمباشرة التي تبثّها من قلب الحدث وساعة القصف وما بعد الدمار، ومن خلال التغطية المستمرة للأحداث هناك، فهي صوت من لا صوت له. نذرت أوقاتها وجهدها للحقيقة ونشرها وإيصالها إلى كل المخدوعين الذين يرون إسرائيل بمنظر براق دون أن يعلموا مدى حقد العدو الصهيوني ودمويته.
وقالت: إن هناك إعلاًما من نوع آخر يجعل الكذب له دليلاً والتزييف طريقا، إعلامٌ يقلب الحقائق، يجعل من الضحية جلاداً، ومن الجلاد حملاً وديعاً «كالجزيرة والحدث» وهذا المنهج له أهدافه المُغرضة في كسر إرادة الشعب الفلسطيني_ التي لن تنكسر_ وتضليل الرأي العام عما يحدث في غزة من مجازر يفزع لذكرها قلبُ الحليم، وإلهاء الشعوب عن قضايا أمتها المهمة والمصيرية، إنه إعلامٌ له أعلامٌ من الباطل يرمزهم على حساب الدين والإنسانية والشرف، يحرف بوصلة العداء الحقيقي إلى أعداء وهميين. وهم كُثر ممن يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، وإنما مثلهم كمثل فاسق جاءنا بنبأ، فيجب علينا أن نتبيّن ونتبيّن حتى لا نصيب أنفسنا بجهالة ستودي بنا _والعياذ بالله_ إلى نار جهنم، فنحن في مرحلة فاصلة يتغربل فيها الناس وينقسمون إلى فريقين إما مؤمن صريح، أو منافق صريح وأدنى موقف في هذه المرحلة الحساسة إلى صالح العدو الإسرائيلي حتى ولو تأييد بكلمة، أو رضا عن مشهد يبثُه إعلام عبّري عربي قد يجُرنا والعياذ بالله إلى سخط الله.
تحرك كبير :
فاطمة المستكاء، كاتبة وثقافية في الهيئة النسائية الثقافية العامة محافظة البيضاء تقول من جهتها : إن الحرب النفسية التي يلعبها الإعلام لها دور كبير في الإدارة العسكرية والثقافية والسياسة، وله دوره الكبير في التقدم والرقي والانتصار والوعي إو دوره السلبي في الدمار والتدهور والخسران.
وتابعت: لذلك لو نتكلم في هذا الموضوع باختصار لابد من أن نفند الإعلام في المرحلة الحاضرة ونفرزه إلى ثلاثة أقسام .القسم الأول: هو القسم الأغلب وهو قسم الصامتين الذين لا يعنيهم ما يحدث من حولهم ولا يُعَرِّفون جمهورهم بأحداث اليوم ويتيهون في الفساد والمسلسلات الهابطة والأغاني المنحطة وأخبارهم أخبار عامة ولا يعطون من الحقيقة شيئا ولو هي واضحة جلية، فانسلخوا عن وطنهم لكن بسبب خيارهم التزام الصمت لم يستطيعوا أن يقفوا حتى مع أوطانهم {{مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا}} وهؤلاء يلعبون دوراً في تشتيت العقل العربي وعدم الفهم الكامل للأحداث على حقيقتها، فإذا جاءت أحداث طبيعية فلا تجدهم إلا منتقدين ومصدومين .وعندما تأتي أحداث عظيمة وانتصارات كبرى للأمه يصبحون متفاجئين لا يستطيعون أن يؤيدوا هذا الانتصار ولا يستطيعوا أن يفرحوا له من شدة التضليل الإعلامي أو المتشتت أو المتذبذب
وعن القسم الثاني أوضحت المستكاء هو الإعلام الموالي للأعداء توليا كاملا ومتوليا توليا واضحا للعيان وهؤلاء بدأت الأمة تعرفهم وبدأت تتكشف يوماً بعد يوم عمالتهم وسوئها ويزداد ادراك الأمة لمدى خطورة هؤلاء على وعي المشاهد والمستمع العربي ولكن هذا القسم من الإعلام يجد له جمهور وهم المنسلخون عن دينهم وثقافتهم وقوميتهم العربية .ولذلك فإن الإعلام من هذا النوع يهوّل ويعظّم قوة العدو ويُضعف قوة المجاهدين المؤمنين قال تعالى {{وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} وكذلك قامت تلك القنوات بالترويج للتطبيع والترويج لمن أسموها بدولة إسرائيل المستقلة وحرف المفاهيم عن مواضعها كتسمية المحتل الإسرائيلي بالجيش وتسمية المقاومين أو المجاهدين بالإرهابيين ,وأهل الحق بأنهم باطل وأهل الباطل حق،
وعن القسم الثالث بينت المستكاء انه يتمثل بالإعلام المقاوم والإعلام الحر . وقالت إن هذا القسم بالرغم من أنه الحلقة الأقل في بادئ الأمر لكنه يزداد يوما بعد يوم، وهو القسم الذي يفند أكاذيب تلك القنوات، وهذا القسم كشف الأحداث على حقيقتها واستطاع أن يقف مع الحق وبقوة وكان قريبا من مشاعر وقلوب المتابع العربي فكانوا سنداً للمقاومة في إظهار الإعداد للقوة التي ترهب أعداء الله وساعدها بشكل كبير في هذا.
الواقع العربي والدولي:
المحلل السياسي راي الله الأشول يقول من جانبه: إن للإعلام العربي دور محوري ومهم في تبني قضايا الأمة العربية والإسلامية وتعزيز تضامنها ونصرة قضاياها الأساسية وتحصينها عقائدياً وثقافياً وفكرياً وسياسياً وتعزيز هويتها ومنعتها وصمودها أمام مختلف التحديات وإشهار مواقفها الدولية وحضورها الأممي لتتبوأ مكانة مرموقة في العالم تجعلها قادرة على النهوض بواقعها ومواجهة أعدائها والمتربصين بها.
وبين الاشول إن هذا الدور يصطدم بالواقع المرير، حيث إن الإعلام العربي يعاني الانقسام والتبعية والتطبيع لأعداء الأمة وبدلاً من تصويب السهام نحو هؤلاء العداء أصبح أداة لتمزيق الشعوب العربية والإسلامية وبث سموم الطائفية والفرقة والشحناء بما يخدم أولئك الأعداء ويحقق أهدافهم، فأصبحنا نعيش نوعين من الإعلام العربي، الأول يتبع أعداء الأمة ويعمل في خدمة مشاريعهم ودعم الاحتلال والترويج له وتجاهل قضايا الأمة والتشكيك بها، فأصبحنا نشاهد مؤسسات إعلامية عربية ضخمة مسخرة لخدمة المشروع الاستعماري الصهيوني الأمريكي وتلميع جرائمه ومحاربة كل من يقف في مواجهته وتشويه حركات المقاومة والتقليل منها بهدف إفراغ الساحة العربية لأسيادهم.. -وهذا ما أكدته معركة طوفان الأقصى-.
وقال الأشول : إن النوع الثاني، هو الإعلام الحر والمقاوم وهو الذي يقف بصف المقاومة ويدعم سلوكها الإيماني ونهجها التحرري رافضاً الخضوع والخنوع والاستسلام أو المساومة بقضايا الأمة الأساسية، ورغم شحة الإمكانيات مقارنة بإعلام المطبعين والعملاء، يقف الإعلام الحر بكل ثبات ضد الحملات الإعلامية الشرسة التي تستهدف الأمة وشعوبها وأرضها ودينها وهويتها ومظلوميتها وحقها في البقاء.
ويرى الأشول أن هذا النوع من الإعلام الحر هو من يستحق تسميته بالإعلام العربي، كونه يتبنى قضايا الأمة العربية والإسلامية ويقاتل من أجل رسالتها، ويجب العمل على تعزيز دوره وتأثيره في الواقع العربي والدولي، أما إعلام المطبعين والعملاء فهو جزء لا يتجزأ من المشروع الصهيوني الأمريكي ويجب التصدي له وتوعية الشعوب بخطره ومحاربته بكل الوسائل.