كوستا..إلى أبعد مدى

 - كوستاريكا بلد مجهول الهوية وغير معروف إلا للبعض ويقع في أمريكا الشمالية أو منطقة ما يسمى البحر الكاريبي ..وفجأة ودون مقدمات صار هذا البلد علما من الأ

كوستاريكا بلد مجهول الهوية وغير معروف إلا للبعض ويقع في أمريكا الشمالية أو منطقة ما يسمى البحر الكاريبي ..وفجأة ودون مقدمات صار هذا البلد علما من الأعلام وأصبح البحث عنه وعن كل ما يتعلق به أمرا واجبا.. لأنه ببساطة تفوق وتقدم على دول كبيرة وعالمية وجعلها خلفه .
وأصل الحكاية أن كرة القدم تفعل العجب العجاب ومنتخب كوستاريكا دخل المونديال وهو نفسه معترف أنها ستكون مهمة انتحارية وطريق مونديالي مسدود ومعبد بالأخطار والأمطار والأحجار ..ولكن لابد من العبور والمرور وتقديم مايمكن ..ففاز على الاورجواي ثم إيطاليا وفجأة ها هو يتصدر المجموعة ليتعادل مع الإنجليز ..
انظروا ما الذي تفعله الكرة بالبلدان والدول .. بلد كاريبي لانعرف عنه شيئا فجأة صار حديث العالم وأوقف عقارب الزمن من أجل أن يتحدث الجميع عن هذا البلد القادم من المجهول إلى المعلوم والمفهوم وإلى دور الثمانية ولولا ضربات الحظ الترجيحية لكانت الأوضاع أكثر إثارة وحيوية لهذا البلد ولهذا المنتخب الذي أذهل الجميع بما فيهم نفسه ومواطنيه .. وهو من أعاد صياغة الفرق الكبيرة والتي لاتقهر ولاتهزم ..والحقيقة التي تجعل الكثيرين غافلين عنها أن الكرة لم تعد تلك الهواية أو اللعبة التي تنتهي بانتهاء الوقت المحتسب بدل الضائع فيها ..صارت الكرة ثقافة وعلم وتخصص وحركة قيادية يجيدها ويتقنها المختصون للوصول إلى الفوائد والثمار والحصاد الذي لاتحده حدود ولاتوقفه إمكانيات ..يل صبر وإصرار وتحدي كبير للذات ورسم خطة أو هدف يبقى أمام العين والفؤاد للبحث عنه أو الاقتراب منه .. أو حتى الوصول إليه ..ها هم نجوم المنتخب الكوستاريكي ولاعبيه هاهم يعودون إلى بلادهم ليس كما غادروها ولا كما كانوا فيها قبل المونديال فخلال الأيام العشرين الأولى من المونديال تغيرت الأحوال والأوضاع والشخصيات وصار كل لاعب فيهم مركز اهتمام ورعاية ومثار إعجاب وشخصية وطنية واجتماعية بل وبطلا قوميا في بلاده وربما تكتب أسماء الشوارع بأسمائهم تخليدا للجيل الكوستاريكي الذي صنع المعجزات في زمن لايعترف بها ولكنها وجدت وهاهي حقيقة ثابتة.. ولكن الاحتفاء بهم لم يكن مقصورا على النجاح والفوز الكروي ..فقط ..ولكن لأنهم جعلوا العالم كله والصحافة العالمية وأهل الكرة قاطبة تتساءل لأكثر من نصف شهر عن هذا الفريق والبلد وأصبح العالم كله يتمنى معرفة المزيد والكثيرعن سكان السواحل والشاليهات الذين هجروا رمال الشواطىء ليحتلوا الملاعب الخضراء باقتدار وجدارة ..ويطردوا منها أهل الكرة ومدارسها وروادها وأبطال كؤوس عالمها لسبع مرات .. وهذا يجعلنا نعترف أن الكرة ليست مكانها المستطيل الأخضر فحسب بل مداها يتوسع ويطول إلى أبعد مدى …وكفى.

قد يعجبك ايضا