تعدد استخدامات الذهب الأصفر يزيد من فرص الاستثمار في صناعة العديد من المنتجات الأساسية والوسيطة

على طريق خفض فاتورة استيراده:محصول الذرة الشامية في تهامة يحقق متوسط إنتاج 3 أطنان للهكتار الواحد

 

تحتل الذرة الشامية المركز الثالث في قائمة أهم المحاصيل الزراعية في العالم بعد القمح والأرز، ويمثل محصول الذرة الشامية ركيزة أساسية في الأمن الغذائي على مستوى السوق العالمي.
وعلى المستوى المحلي تشير آخر بيانات الجمارك والإدارة العامة للتسويق الزراعي إلى أن فاتورة استيراد اليمن من محصول الذرة الشامية بلغت 634,812 طن، بقيمة حوالي 254,131,070 دولار، فيما بلغت فاتورة استيراد أعلاف الذرة الشامية حوالي 608,883 طناً بقيمة 243,553,200 دولار سنوياً.
الثورة /يحيى الربيعي

وبناء على ذلك، يحتل محصول الذرة الشامية أولوية عالية في الاستراتيجية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، لاسيما وأن المحصول يزرع في مختلف مناطق المرتفعات الوسطى، مثل مدينة الشرق والأودية المجاورة، مروراً بأودية المنحدرات الغربية والقيعان الرئيسية مثل قاع جهران وقاع بكيل وقاع الحقل، وصولاً إلى مناطق رداع والبيضاء، كما تُزرع في المنطقة الشمالية مثل عمران وصعدة وحجة، وفي المنطقة الشرقية مثل مارب والجوف، وأيضاً في سهل تهامة.
ويقدم تقرير نتائج تحليل سلسلة القيمة لمحصول الذرة الشامية في اليمن لعام 2023م، الذي ينفذه برنامج سلاسل القيمة لدعم إنتاج وتسويق الحبوب، رؤى مهمة للوصول إلى الهدف الاستراتيجي المتمثل في تحسين سبل المعيشة للأسر والفئات الأشد فقراً من خلال زيادة الأمن الغذائي وإتاحة فرص أفضل لتوليد الدخل عبر زيادة وتنوع الإنتاج الزراعي.
التقرير يشير إلى نتائج ورشة تقييم وتطوير سلاسل القيمة لمحاصيل الذرة الشامية، والتي عقدتها هيئة تطوير تهامة والهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي، بتمويل وحدة تمويل المشاريع والمبادرات الزراعية والسمكية في محافظة الحديدة، وبالتعاون مع وزارة الزراعة والري ووزارة الصناعة والتجارة والاتحاد التعاوني الزراعي ومؤسسة بنيان التنموية.
وقال التقرير إن الورشة، والتي أتت استجابة لتوجيهات القيادة الثورية والسياسية وبرعاية اللجنة الزراعية والسمكية العليا، شارك فيها أكثر من 164 قياديًا وخبيرًا وباحثًا من 23 جهة رسمية وغير رسمية ذات صلة بالقطاع الزراعي.
مشيرا إلى أن الورشة هدفت، ومن خلال مناقشة مجموعة من أوراق العمل حول سلسلة القيمة للذرة الشامية تناولت آلية عمل الجمعيات التعاونية الزراعية، وفرص وفجوات العمل التعاوني، ودور السلطة المحلية والاتحاد التعاوني الزراعي في تطوير أصناف الذرة الشامية بالاستفادة من التجارب المحلية والعالمية، بالإضافة إلى مراجعة معوقات سلسلة القيمة للذرة الشامية، إلى إعداد آلية لتنفيذ خطط وزارة الزراعة وتطوير سلسلة القيمة للذرة الشامية خلال العام 1445هـ.
كما وقفت الورشة، التي شارك فيها مجموعة من المنتجين والمستهلكين، التجار، والشركات، والجهات الداعمة والميسرة العاملين في قطاع الذرة الشامية، على أربعة محاور نقاشية أساسية تمثلت في: خلفية ولمحة عامة عن منهجية الدراسة، ومدخل وملخص عن القطاع المستهدف، ونتائج تحليل مراحل سلسلة القيمة لمحصول الذرة الشامية واستراتيجية تطويرها، ونتائج تحليل مراحل سلسلة القيمة لمحصول الذرة الشامية، واستراتيجية تطوير سلسلة القيمة لمحصول الذرة الشامية.
الورشة رسمت في مخرجاتها خارطة سلسلة القيمة لمحصول الذرة الشامية، حددت فيها الفجوات في جميع مراحل سلسلة القيمة من مدخلات الإنتاج، ومعاملات ما بعد الحصاد، والتسويق، وحتى المستهلك، واقتراح الحلول لمعالجة تلك الفجوات.
من جهة أخرى، استعرضت الورشة نتائج دراسة قام بها الباحث المهندس شمسان المنيري، ضابط سلسلة الذرة الشامية بمؤسسة بنيان التنموية، تناولت تحليل سلسلة القيمة لمحصول الذرة الشامية اعتمادًا على أنشطة متعددة، منها الدراسة المكتبية، الإحصائيات السابقة، وجمع البيانات الأولية من الميدان عبر المشاهدة والمقابلات مع اللاعبين الرئيسيين في جميع حلقات السلسلة.
ويقول الباحث المنيري إن الدراسة، التي نفذت في سهل تهامة لعام 1445هـ باستخدام منهجية البحث السريع بالمشاركة (PRA)، رصدت مديرية الجراحي من أكثر المناطق التي تزرع محصول الذرة الشامية بكثرة، وأن زراعة المحصول شهدت توسعاً ملحوظاً في مديريات اللحية وعبس عبر الزراعة التعاقدية منذ سنتين.
وأوضح الباحث أن صنف سيتي لاجوس من أشهر الأصناف المزروعة، مع تفاوت مواعيد الزراعة حسب المناطق؛ ويُزرع مبكراً في سبتمبر في الجراحي واللحية، بينما تبدأ الزراعة في المراوعة وباجل والزهرة وعبس في منتصف نوفمبر.
وتناول المنيري في الدراسة المشكلات التي تعيق التوسع في زراعة الذرة الشامية بسبب ضعف دور الجمعيات التعاونية في التسويق، وانخفاض الأسعار خلال مواسم الحصاد وارتفاعها خلال مواسم البذر، بالإضافة إلى تأخير توزيع البذور حتى ينتهي موسم الزراعة. مشيرا إلى أن المحصول يعاني من انتشار دودة الحشد الخريفية والأضرار الناجمة عن طيور الغراب في منطقة الكدن، التي تتسبب بخسائر تصل لحوالي 50% بنزع بادرات الذرة بعد الإنبات. ناهيك عن ضعف خبرة المزارعين في تطبيق المكافحة المتكاملة يؤثر على الإنتاجية.
ولفتت الدراسة إلى أن بعض المزارعين يعانون من نقص الخبرة في زراعة المحصول، خاصة في مسائل مسافات الزراعة المثلى، وتطبيق عمليتي الترقيع والخف، وتخمير السماد البلدي وأهمية هذه الطريقة في تحلل السماد والقضاء على بذور الحشائش. كما أن كفاءة منظومات الطاقة الشمسية لا تغطي سوى 12 – 13 معادّ من المساحة المزروعة، مما يسبب فجوات في عملية الري.
وتطرقت الدراسة إلى أن بيع الذرة خضراء يُعد تحدياً كبيراً، حيث يُشترى الكيس الذي يحتوي على 100 كوز بسعر 5000 ريال من المزارعين أو تجار الذرة، وأن الباعة في الأسواق يشوون الكوز على الفحم ويبيعونه بسعر 100 ريال بحجميه الصغير والكبير، مما يؤدي إلى نقص محصول الحبوب من الذرة الشامية في سهل تهامة.
أما فيما يتعلق بالميكنة الزراعية، فتشير الدراسة إلى أن تصنيع آلات دراس الذرة الشامية محلياً من قبل مؤسسة بنيان التنموية ومؤسسة الحبوب ومؤسسة الخدمات الزراعية عبر فريق فرسان الإبداع والابتكار، يعد من الإيجابيات. ومع ذلك، تبقى الكمية المنتجة محلياً قليلة وجودتها أقل مقارنة بتلك المصنعة في الخارج. لذا، يجب تدريب فرسان الإبداع والابتكار من خلال دورات تأهيلية وربطهم بالخبراء الخارجيين، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية من معدات وأدوات وخطوط إنتاج لتحسين آلات الدرس المصنعة محلياً.
وأشادت الدراسة بأهمية ما يقدمه شركاء التنمية من خدمات التوعية والإرشاد والدراسات، بالإشارة إلى دور هيئة تطوير تهامة ومحطة البحوث في الكدن في تقديم خدمات الإرشاد الزراعي عبر مراكز الإرشاد في مختلف مديريات سهل تهامة، وإلى ما تقدمه مؤسسة بنيان التنموية بالشراكة مع الإدارة العامة للإرشاد والإعلام بوزارة الزراعة والري من إرشادات وتوعية خلال الجلسات الإرشادية في المدارس الحقلية المنتشرة في مديريات سهل تهامة، مؤكدة وجود حوالي 50 مدرسة حقلية متعددة الأغراض في محافظة الحديدة، و48 مدرسة في محافظة حجة.
الدراسة، وفي السياق ذاته بشرت أنه، رغم التحديات التي تواجه زراعة الذرة الشامية في سهل تهامة، مثل نقص الآلات والمعدات الزراعية ووسائل الوقاية من الآفات، إلا أن متوسط إنتاج الهكتار بلغ حوالي 3,000 كجم (60 كيساً) بسعر 18,000 ريال للكيس من خلال تسويق الجمعيات التعاونية الزراعية العام الماضي. كما بلغ متوسط الإيرادات للهكتار الواحد 1,080,000 ريال، مع تكاليف إنتاج تصل إلى 825,300 ريال، مما يحقق للمزارع صافي ربح بقدر 200,700 ريال لكل هكتار.
ورصدت الدراسة أن فرص الاستثمار في الذرة الشامية، والتي تُعرف بـ “الذهب الأصفر” تعدد بتعدد استخداماتها في صناعة العديد من المنتجات الأساسية والوسيطة في مختلف القطاعات، فهي تدخل في صناعة منتجات غذائية مثل: دقيق الذرة، زيت الذرة، نشأ الذرة، الكورن فليكس، الأطعمة الخفيفة، الفشار، صلصات السلطة، محليات المشروبات الغازية والعصائر، العلكة، زبدة الفول السوداني، تحضيرات الذرة المطحونة، التاكو، ومنتجات الدقيق الأخرى.
وأضافت: تدخل الذرة- أيضًا- في منتجات الأعلاف الحيوانية مثل: الحبوب المجففة، علف ووجبات الغلوتين، وعلف الذرة الغني بالزيوت لتغذية الماشية والدواجن والأسماك. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم الذرة في المنتجات الصناعية مثل: الصابون، الدهانات، الفلين، المشمع، الملمع، المواد اللاصقة، بدائل المطاط، الحيطان الجاهزة، البطاريات الجافة، المنتجات النسيجية، مساحيق التجميل، الشموع، الأصباغ، المستحضرات الصيدلانية، مواد التشحيم، العزل وورق الجدران.
كما تشمل منتجات التخمير والمنتجات الثانوية: الكحول الصناعي، إيثانول الوقود، البلاستيك القابل لإعادة التدوير، الإنزيمات الصناعية، معززات أوكتان الوقود، الأكسجين المستخدم في الوقود والمذيبات. ومن أهم الصناعات المرتبطة بمحصول الذرة الشامية في اليمن هي صناعة الأعلاف المركزة للدواجن والمواشي، حيث يوجد العديد من مصانع الأعلاف المركزة، وأربعة منها تتمركز في مدينة الحُديدة.
إضافة إلى ذلك، تعد مصانع إنتاج الأعلاف المركزة للماشية من المرافق الهامة، كما ذكرت الدراسة وجود العديد من مصانع المواد الغذائية الخفيفة (البفك) التي تعتمد على الذرة المستوردة.
وإلى ذلك، تناولت الدراسة تصريحات مالكي مصانع الأعلاف، الذين أشار معظمهم إلى استخدام الذرة الشامية المستوردة من الأرجنتين في إنتاج الأعلاف المركزة، حيث يتراوح سعر الطن من 360 إلى 400 دولار، بينما يصل سعر الكيس بوزن 50 كجم إلى 10,000 ريال يمني، مع قدرة إنتاجية لبعض المصانع تصل إلى 200 طن يومياً، لكن البعض أشار إلى تقلبات سعر الذرة خلال الموسم، حيث يتراوح سعر 50 كجم بين 20,000 و35,000 ريال. ونتيجة لذلك، يلجأ مالكو المصانع لاستيراد الذرة الشامية من الخارج.
وتعود الدراسة للتأكيد بأن هناك فرص للتوسع في زراعة الذرة الشامية وخفض فاتورة الاستيراد عبر الزراعة التعاقدية بين الجمعيات التعاونية لمنتجي الحبوب وأصحاب مصانع المواد الغذائية الخفيفة. مبينة أن التحديات الرئيسية التي تعيق التوسع في زراعة الذرة الشامية في تهامة تشمل قلة وعي المزارعين بالأهمية الاقتصادية لهذا المحصول، وضعف الخبرات الزراعية، وصعوبة درس الحبوب بالطريقة التقليدية وبيعها كعلف، بالإضافة إلى دور الجمعيات التعاونية الضعيف في التسويق.
وأوصت الدراسة للتغلب على ذلك بالتركيز على التوسع الرأسي والأفقي في زراعة الذرة الشامية، يتم التوسع الأفقي بزيادة المساحة المزروعة بهذا المحصول، في حين يتحقق التوسع الرأسي بزيادة كفاءة إنتاجية وحدة المساحة. يمكن تحقيق ذلك عبر إنتاج وزراعة أصناف محسنة ذات إنتاجية عالية تستجيب لزيادة التسميد، وتطوير الأساليب الزراعية مثل تقنيات الري والحصاد الآلي الحديثة.
وتناولت الدراسة متطلبات تطوير إنتاجية المحصول، وأهمها: وضع آلية تمكن الجمعيات من تصنيع الذرة الشامية سواءً للعلف أو للبفك، وتقديم القروض لشراء معدات الحصاد والغربلة والتجفيف وتقشير وفرط الحبوب بأسعار منخفضة للمزارعين. كما يشمل ذلك تقديم قروض لتوريد آلات حديثة لجرش الذرة الشامية وبيعها لمصانع البفك، بالإضافة إلى خدمات تعليمية للمزارعين حول محاصيل الذرة الشامية بأسعار معقولة، وإنشاء نظام يسهل الوصول إليه من قبل جميع المستفيدين في السلسلة الإنتاجية.
كما دعت إلى التوسع في برنامج الزراعة التعاقدية ليشمل جميع التجار وأصحاب مصانع العلف والمصانع الغذائية الخفيفة (البفك). ونجاح هذه التدخلات يتطلب تفعيل دور الجمعيات التعاونية الزراعية في توسيع برنامج الزراعة التعاقدية، وإشراف الجمعيات على توزيع آلات الدراس بين المزارعين في حال نقصها في المنطقة، ووضع خطط تدريبية في تكنولوجيا تصنيع منتجات الذرة الشامية للجمعيات التعاونية الزراعية، وتكثيف برامج القروض لتزويد المزارعين بمعدات الحصاد الغربلة التجفيف وآلات فرط الحبوب التي ستساعد في تقليل تكاليف ما بعد الحصاد.
وأكدت الدراسة على أهمية تفعيل دور الجمعيات والشركاء في تقديم خدمات البناء المعرفي لمزارعي الذرة الشامية بأسعار مخفضة، وإنشاء نظام يسهل الوصول إليه لجميع المستفيدين واللاعبين في السلسلة.
وتوقعت الدراسة أن يحقق نجاح تلك التدخلات زيادة في الإنتاج، وخفض تكاليفه، وتقليل فاتورة الاستيراد، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي. كما سيسهم في خفض تكاليف الحصاد وتقشير الكيزان وفرط الحبوب، وتقليل تكاليف النقل، وتحسين فرص التسويق، والوصول للأسواق ذات الطلب المرتفع مما يزيد من الطلب على المنتج المحلي وزيادة دخل المزارعين.

قد يعجبك ايضا