رفض الشعوب العربية القاطع للتطبيع موقف أكدته الحشود المليونية في صنعاء والمحافظات

انصهار أكذوبة التطبيع أمام غليان الطوفان المستعر

ردود الأفعال الدولية على مجزرة المستشفى المعمداني وعلى التطبيع عموما تؤكد استحالة عودة اتفاقية إبراهام إلى ما كانت عليه قبل الطوفان

في عشية وضحاها قضت عملية(طوفان الأقصى ) على سنين من الجهد الأمريكي الإسرائيلي الكثيف للتوغل الإسرائيلي الآمن في الوطن العربي تحت مسمى التطبيع أو ما يسمى (اتفاقية ابراهام2020م) التي لطالما كان تحقيقها هو الشغل الشاغل للولايات المتحدة الأمريكية كواحد من أهم مشاريعها الاستراتيجية تجاه مستقبل الكيان الإسرائيلي وأمنه القومي.
إن الآمال والطموحات الفارغة التي بنتها أمريكا وإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني المقاوم وقضيته المحقة والمشروعة، أريد لها أن تنمو و تتجذر في شريان الشعوب العربية الكادحة والمغلوبة على أمرها بعد أن أغرقتها تلك القوى الاستخبارية في حالة من الضياع والحروب العبثية، وصرفتها عن أبرز قضايا الأمة وجوهر وجودها وهي القضية الفلسطينية ليتسلل العدو على حين غفلة وتحت إدارة أمريكية محترفة في تمرير ما سمي حينها بصفقة القرن على بعض أنظمة تلك الدول العربية العميلة، ليباشروا في غدر الأمة في خاصرتها، ويعلن العرب المطبعون وأد قضيتها المركزية وإحلال الكيان الصهيوني محل الشعب الفلسطيني المقاوم والذي لطالما حلم بتحقيق أي إنجاز يذكر حول تحقيق أحلامه وأهدافه المشروعة بالتحرر والخلاص من الاحتلال البغيض .
تقرير / مصطفى المنتصر

وفي الوقت الذي ظنت أمريكا ان جذور التطبيع قد ارتوت بدماء المطبعين الخونة وتناست أن أوردتها فارغة من دم الشعوب العربية الأصيلة المتجذرة بتراب فلسطين و المتشبعة بدماء مجاهديها الشجعان ،ضاربة عرض الحائط بموقف أنظمتها العميلة ومتمسكة بمحور قوميتها العربي وموقفها الواحد تجاه عملية التطبيع المسمومة التي تنخر في جسد الأمة وتنهش لحوم أبنائها ، في صورة عكست حجم الالتفاف الشعبي العربي -حول قضية الأمة- والمناهض لسياسة المحتل وأذنابه المطبعين الرخاص.
في صبيحة الـ7 من أكتوبر وفي غضون ساعات انهارت الآمال الأمريكية و محاولاتها البائسة لعزل الفلسطينيين وجعلهم كطرف منبوذ ومهمش لكن تهشمت الأحلام الوليدة على رؤوس قادة البيت الأبيض ودولة الكيان الهش ومن خلفهم من الطابور الهزيل من جيش المطبعين الرخاص وعتاولة الجبن العربي، في واحدة من أبرز صور النصر الإلهي الذي أيد الله به المقاومين في فلسطين، لتنهار على آثاره طموحات العم سام والقارة العجوز في تأمين مستقبل مرشديهم ولقطائهم الدخلاء .

طوفان عربي داعم للمقاومة
طوفان عسكري في السابع من أكتوبر أعقبه طوفان شعبي عربي عالمي في الثالث عشر من أكتوبر تحت مسمى جمعة طوفان الأقصى،
إذ اتسعت رقعة التضامن مع “غزة العزّة” خاصة والشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة عامة، لتشمل غالبية العواصم العربية وأقطار عالمية متعددة أثبتت وبجدارة أحقية هذه القضية الوجدانية ولما اكتسبه هذه التضامن من أهمية بالغة إلا أنه لم يخل كعادته من رسائله المدوية التي أرسلت من خلال الحشود المليونية الكبيرة في مختلف عواصم وبلدان العالم وابرزها تلك العواصم العربية التي لطالما تبجح المحتل ومن خلفه أمريكا بخروجها عن الحضن العربي وانسياقها خلف أكذوبة التطبيع ليجد المحتل نفسه في مأزق لا يكاد يستطيع الخروج منه حين أدرك أن تلك الإمضاءات التي قامت بها حكومات تلك البلدان لم تكن سوى حبر على ورق، ولذر الرماد على عيون العدو الصهيوني الذي وجد نفسه أمام طوفان آخر مضاد للتطبيع .
لقد شهدت مدن وعواصم اغلب الدول العربية والعالمية المطبعة أو المساندة للكيان الصهيوني تظاهرات شعبية غاضبة ومنددة بسياسة القتل والإرهاب الأمريكي الصهيوني الذي يمارسه الكيان ضد الشعب الفلسطيني بصورة جبانة وغير مسبوقة مؤكدين واحدية الموقف العربي المساند للقضية الفلسطينية غير آبهين بإمضاءات المطبعين وتوقيعاتهم المبتذلة والخائنة تجاه القضية الفلسطينية .
و أكدت المسيرات والتظاهرات الحاشدة وما تلتها من وقفات متتالية في عدة عواصم ومدن عربية أبرزها اليمن المغرب والأردن والبحرين وقطر وعمان ومصر وتركيا والعراق وباكستان وموريتانيا والجزائر ولبنان وايران وغيرها من المدن العربية التي اجتاحها الطوفان الشعبي العارم تمسكها بقضيتها المركزية ومواصلة السير في درب المقاومة والجهاد لتحرير كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة واستعادة ما نهبه المحتل دون شرط او قيد في صورة عكست مستوى الوعي العربي المتنامي حول قضاياه المركزية وقطع الطريق أمام المتآمرين المتربصين بالأمة ومقدساتها.
ولم تسلم العواصم العالمية والأمريكية من حدة الطوفان الجارف و المندد بالسياسة الأمريكية الصهيوني، تجاه الشعب الفلسطيني المقاوم، لتشمل التظاهرات عدداً من المدن والولايات الأمريكية والبريطانية، حيث شهدت مدينة دالاس بولاية تكساس ولوس أنجلوس و شيكاغو الأميركية، وغيرها من المدن الأمريكية والدنمارك وإسبانيا وإيطاليا والنمسا وألمانيا وفرنسا والنرويج وكندا وغيرها من المدن والعواصم الأوروبية تظاهرات لمئات الآلاف احتجاجا على الحرب الإسرائيلية على غزة واستنكارا لقتل المدنيين هناك، منددين بالهجمات الإسرائيلية التي ترقى لجرائم حرب حسب مواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان.
لقد عززت عملية طوفان الأقصى حجم التكاتف العربي والعالمي ووحدت موقف الشعوب العربية الرافضة للتطبيع وألقت بثقلها الاستراتيجي والعسكري على فشل هواة التطبيع والراكبين موجته و الذي ما لبث أن اصطدم بطوفان عربي هائج وأخر عالمي مماثل اغرق مشاريع المطبعين وطموحاتهم المنبوذة، ليعلن بدء مرحلة جديدة من الوحدة والتلاحم العربي ورسم تاريخ ميلاد جديد لقضية أمة أريد لها الفناء قبل أن تجد النور.

جيوش المطبعين ووقع الصدمة
يقف الكيان الصهيوني الغاصب ومن خلفه الراعي الرئيسي له أمريكا في حالة ذهول وشرود من هول ما يجري من تطورات دراماتيكية متسارعة على الساحة الفلسطينية والمنطقة برمتها إذ لم يكن يخطر على بال العدو أن تشهد الأوضاع تحولات سريعة ومنعطفات بهذا المستوى من الانحدار الخطير الذي قلب الطاولة على رؤوس المطبعين وأوقف عجلة التطبيع إلى الأبد واستعاد كيان هذه الأمة ووجدانها المغيب نتيجة السياسات الأمريكية في المنطقة والعالم التي اجتهدت في عزل الشعب الفلسطيني وتغييب حضوره وتواجده السياسي والإقليمي ، بصورة متعمدة ومدروسة ليتمكن أبطال المقاومة الأشاوس من خلق واقع جديد واحدث عربدة نوعية استعادت من خلالها دورها المحوري والرئيسي في صميم هذه القضية، وإعادتها إلى الواجهة كأبرز قضايا العالم الرئيسي، حتى أنها طغت في أهميتها على القضية الروسية الأوكرانية التي يبدو أنها كانت وسيلة لصرف الأنظار قليلا عما يجري في فلسطين، وإشغال العالم بساحة حرب أخرى أو بمظلومية أخرى كما يحب الغرب والأمريكان أن يطلق عليها.

إصداء التطبيع دوليا عقب طوفان الأقصى
عرقلة التطبيع المحتمل للعلاقات بين إسرائيل والسعودية ربما يكون من دوافع الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل”، هذا ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأحد، في إشارة واضحة للضربة التي وجهتها عملية “طوفان الأقصى” لمساعي التطبيع بين الرياض والدولة العبرية.
من جانبه قال نائب رئيس قطاع السياسات في معهد الشرق الأوسط في واشنطن براين كاتوليس إن اتفاقا كهذا “كان دائما قمة يصعب تسلقها، والآن ازداد ذلك صعوبة».
وأكد أن أعمال العنف الأخيرة تعيد تسليط الضوء على النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل “وتجعل من الصعوبة بمكان إخفاء هذه المسائل المعقدة كما فعلت اتفاقات أبراهام المبرمة عام 2020”، في إشارة إلى التطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.
عن ذلك اعتبر مدير الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية يوست هلتيرمان أن أحد دوافع حماس لشن عملية السبت قد يكون الخشية من “تهميش إضافي مقبل للقضية الفلسطينية في نظر الفلسطينيين” في حال طبعت السعودية مع إسرائيل.
وأشار إلى أنه في حال مضت إسرائيل في التصعيد ردا على العملية، ستكون الدول العربية ملزمة باتخاذ مواقف أكثر تصلبا تماهيا مع الرأي العام خصوصا بعد مجزرة المستشفى المعمداني التي خلفت 500 شهيد و600 إصابة اغلبهم نساء وأطفال.
وقال “إذا حصل كل ذلك، أتوقع سيناريو مشابها للسلام البارد بين إسرائيل والأردن وإسرائيل ومصر وأن نشهد فتورا في العلاقة بين الإمارات وإسرائيل، وربما إرجاء على أقل تقدير، لأي صفقة بين إسرائيل والسعودية».
وتحدث مذيع CNN، مع الكاتب في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان، فيما يتعلق بالأثر الذي قد يُحدثه الهجوم على عملية التطبيع بين إسرائيل والسعودية، فقال فريدمان إن “مصلحتهم (السعودية) على المدى الطويل تتمثل في التطبيع مع إسرائيل، وهذه المصالح سوف تسود على المدى الطويل. ولكن على المدى القصير، فإن هذه الحرب بين حماس وإسرائيل تجعل هذا الأمر مستحيلًا».
إلى ذلك اعتبر السناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن هجوم حماس المدعومة بدورها من طهران، يبدو مصمما “لوقف مساعي السلام بين السعودية وإسرائيل».
وأضاف “اتفاق سلام بين هذين البلدين سيكون كابوسا بالنسبة لإيران وحماس».

قد يعجبك ايضا