قبل عدة سنوات أصدرت وزارة الشباب والرياضة قراراً بتشكيل فريق فني يتكون من عدد من المدربين الوطنيين المتميزين يقوم هذا الفريق بنزول ميداني إلى مدارس أمانة العاصمة لاكتشاف المواهب الكروية وتوسيع قاعدة لعبة كرة القدم وخاصة في فئتي البراعم والناشئين كما جاء في القرار وقد كان هذا القرار ظاهرياً، تعتبر هذه الخطوة جيدة ومبهرة للجميع لكن لو تمعنا فيها لن يكون مصيرهاً إلا كسابقاتها التي تلاشت وانتهت دون أي فائدة تذكر على اعتبار أن هذا مشروع يحتاج إلى دراسة متكاملة يبدأ من اكتشاف المواهب وتدريبهم ورعايتهم والاهتمام بهم من البداية وحتى النهاية ما لم فسيكون مصيرهم إما الاعتزال المبكر والهروب من جحيم الرياضة كما فعل الكثير من الذين لم يجدوا في الرياضة ما يسد رمقهم ويجعلهم يعيشون حياة كريمة ففضلوا البحث عن لقمة العيش بعيداً عن الرياضة أو بيع جنسيتهم كما فعل البعض.
طبعاً بعد سنوات من القرار اتضح أنه قرار متسرع ولم يحقق الأثر المطلوب بل أن البعض ترك المهمة وانخرط في تأسيس أكاديمية لنفسه بعيداً عن المشروع وهذا يؤكد أن ما ذهبنا اليه صحيح لأنه لم ينطلق من دراسة واقعية واستراتيجية متكاملة فموضوع تكليف فريق بالنزول إلى المدارس غير ذي جدوى فهؤلاء النجوم أنفسهم وغيرهم من المدربين والكشافين يتابعون بطولات المدارس والأحياء لكن الوضع يظل كما هو لأن المشكلة ليست في الموهبة بقدر ما هي في المنظومة الرياضية في البلد التي تفتقر إلى الاستراتيجية والمشروع الرياضي فنحن مازلنا نعمل بلوائح وأنظمة ربما تعود إلى القرن الماضي ولا بد من تغييرها أو على الأقل تطويرها لمواكبة ما يشهده عالم الرياضة من تطورات متسارعة مذهلة والأهم من ذلك كله لا بد من قانون للرياضة ينظم العمل الرياضي ويحمي الجميع ويشجع كافة الأطراف على الانخراط في الرياضة إما ممارسة أو استثماراً أو حتى دعماً ورعاية وتشجيعاً.
طبعاً هناك موضوع مهم وهو أن هذا العمل ليس من اختصاص الوزارة بل من اختصاص الاتحادات والأندية الرياضية التي يفترض أن تقوم هي بهذا الدور من خلال إنشاء الأكاديميات الرياضية سواء الكروية أو الألعاب الأخرى بالتعاون مع القطاع الخاص كأحد أهم الشركاء لكن دوره كما نعرف قاصر على أمور معينة وبسيطة ولم يصل إلى الدور المناط به وهذا الأمر كما قلنا ناتج عن عدم وجود قانون للرياضة ولوائح تحدد الأدوار بين مختلف أطراف المنظومة الرياضية وتحمي الاستثمارات الرياضية الحقيقية بل وتقدم التشجيع اللازم لكل من يستثمر في هذا القطاع وبالتالي فلابد من دراسة هذا الموضوع دراسة وافية وكافية لتكون الخطوة ناجحة وليست مجرد تخديرة قات مثل كل مشاريعنا وقراراتنا التي تفشل لأنها كذلك، والتساؤلات الأهم.. أين ذلك الفريق الفني؟ واين المواهب التي اكتشفها الفريق؟ وهل يمكن أن نقوم بدراسة الفكرة وتطويرها بالاستفادة من التجارب والخبرات في البلدان المتقدمة للانطلاق بشبابنا ورياضيينا المبدعين صوب آفاق ارحب؟ وبالتأكيد أن البداية كما قلنا يجب أن تنطلق من تطوير قوانين ولوائح الرياضة لتتواكب مع التطورات الهائلة التي يشهدها العالم في مجال الرياضة.. فهل وصلت الرسالة أم أن الأمر سيبقى كما هو نظرة ضيقة وهروباً إلى الخلف؟.