الخدعة بالتهدئة والحوار

عباس الديلمي

 

بما أن الحرب خدعة، فإن المتتبع للنزاعات والصراعات بين قوتين أو طرفين .. يجد الكثير من الشواهد الدالة على أن هناك من يلجأ إلى الخدعة، أو خديعة خصمه باللجوء إلى الحوار معه عبر الوسطاء أو التخاطب المباشر لتحقيق مآرب لا يفطن خصمه أو عدوه إلى أبعادها ومراميها .
هناك من يلجأ إلى الحيلة والخديعة ليس في ساحات القتال ولكن بالاعتماد على تكتيكات مغلفة بالرغبة في السِلم ومنها تجزئة موضوع عوامل الصراع أو الخلاف باتباع أسلوب الحوار والتفاهم حول نقاط بعينها وترك البقية لمناسبات لاحقة أو ما يسمى بناء الثقة وحُسن النوايا ، بدافع المكر والخديعة لالحاق الاضرار بالطرف الآخر ومنها :
– الهدنة المؤقتة أو التهدئات المتجددة بدعوى فتح منافذ للتفاهم حول أمور جزئية لا تمس جوهر المُشكل بين الطرفين .
– الهدنة أو التهدئة لكسب الوقت لمراجعة وترتيب أمور تحتاج الى تهدئات ..
– الهدنة أو التهدئة لانتظار ما قد تستجد من أمور يمكن استغلالها ..
– السعي إلى عدم التواصل إلى الحل الشامل والعادل للصراع .. وترك الأمور والأسباب الجوهرية بهدف إثارة الصراع مع الخصم والإجهاز عليه اذا ما استجد ما يسمح بذلك .
– القيام ببعض الخروقات التي تخدم أي جولة أو مواجهة قادمة.
– إحداث الشرخ المطلوب بين صفوف الطرف الآخر واستغلاله بالصورة المناسبة، كون الاتفاقات الجزئية لا ترضي كل الأطراف والمكونات داخل المجتمع الخصم .. ومن الشواهد على ذلك ما أحدثته اتفاقية ( أُسْلو ) من شرخ داخل الصف الفلسطيني ترك آثاره السلبية الى يومنا ..
بالمناسبة تجدر الإشارة الى ما فطن اليه داهية العرب في القرن العشرين الرئيس حافظ الأسد ، عندما أقدمت الولايات المتحدة على إرسال ساستها ومبعوثيها اليه بغرض القيام بدور الوساطة للحوار بين سوريا والكيان الإسرائيلي على غرار ما حدث في اتفاق ( كامب ديفيد ) مع مصر وإسرائيل ، وما نجم عن ذلك من شرخ عربي خطير ، ولكن الأسد الذي لم ينخدع قال لهم : لا مانع لدينا من حوار يضع حداً لمعاناة الشعب الفلسطيني ، وصراعنا مع الكيان الصهيوني ولكن ” لا شيء يتم الاتفاق عليه ما لم يكن الاتفاق على كل شيء” ولأنهم يعرفون ما يقصده الأسد بقول ( كل شيء ) فقد تراجع الأمريكيون والصهاينة ، حين رأوا أن خدعة الحوار المُجزأ لن تنطلي على سوريا وأسدها .. وهذا ما نلاحظه اليوم في مساعي أمريكا للحوار المجزأ مع إيران بخصوص الملف النووي الإيراني.
اكتفي بهذا ، وما ارمي اليه هو الإشارة إلى خدع الحرب وما أكثرها ومنها تجزئة عوامل الصراع والهُدن والتهدئات المؤقتة والاعتماد على المفردات اللغوية القابلة للتأويل والتفسير بأكثر من معنى ..

قد يعجبك ايضا