رفض مملكة العدوان السعودية للسلام وصرف المرتبات وإنهاء الحصار يُنذر بتصعيد واسع
قائد الثورة: معاناة الشعب اليمني لن تستمر دون حساب والطموحات السعودية لن تتحقق إلا بالسلام لليمن
خفض التصعيد الفرصة التي وضعتها صنعاء لنجاح الوساطة العمانية انتهت برهانات سعودية خاطئة
الثورة / عبدالرحمن عبدالله
في الأشهر الأخيرة اندفعت السعودية نحو إعادة ترميم علاقاتها مع أطراف إقليمية ، منها سوريا وإيران ، اندفاعة لم تكن تحولا في الموقف السعودي تجاه قضايا المنطقة والإقليم ، بقدر ما كانت خطوات تكتيكية محدودة في مساحة اتاحتها أمريكا أمام السعودية ، وبالقدر الذي لا يجعل شعوب المنطقة تستفيد من وراء هذه الخطوات ، ولا تضر بالمصالح الأمريكية التي تتجند لها السعودية منذ زمن.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية قد منحت السعودية هامشا تتحرك فيه إزاء الملفين الإيراني والسوري ، وسجل مستوى دبلوماسياً وسياسياً في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران ، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية وتبادل السفراء ، فلم يكن هناك أي هامش في الملف اليمني ، وحتى إرسال السعودية وفدا ممثلا لها إلى صنعاء لم يكن إلا مناورة متذاكية هدفها إطالة أمد المراوحة والتهرب عن حل القضايا الإنسانية كالمرتبات ورفع الحصار والأسرى ، والحفاظ على مستوى خفض التصعيد العسكري القائم منذ انتهاء الهدنة الأممية.
وفي تفاصيل النقاشات التي جرت في صنعاء نهاية شهر رمضان بحضور الوسيط العماني ، فإن التركيز السعودي كان على مظهرة دور السعودية كوسيط ، وقد رافق تواجد وفدها في صنعاء تصريحات إعلامية مكثفة صدرت على ألسنة مسؤولين سعوديين عدة بأن السعودية تقوم بالوساطة ، بما في ذلك محمد آل جابر الذي كان يرأس الوفد السعودي نفسه ، علاوة على أن السعودية لم تظهر أي جدية لا لحل الملفات الإنسانية ، ولا لخطوات حقيقية نحو السلام ، وأظهرت نوايا مغايرة تماما لمقتضيات ذلك.
خطوة إلى الأمام ، وخطوات إلى الخلف ، هكذا تتعامل مملكة العدوان السعودية مع الحرب التي تشنها على اليمن بمشاركة تحالف إقليمي ودولي ، فمن جهة تحاول الحفاظ على خفض التصعيد بمستواه القائم ، من خلال إرسال وفودها وتصريحات مسؤوليها ، ومن جهة أخرى تصر على رفضها المطلق صرف رواتب الموظفين ، ورفع الحصار عن موانئ الحديدة ومطار صنعاء ، بل وحتى في ملف الأسرى تضع العوائق إزاء استكمال التبادل.
تسعى مملكة العدوان السعودية من وراء هذا التكتيك الارتدادي ، إلى تعقيد المشهد في اليمن من خلال وضع العربة قبل الحصان، كما يقال ، فما إن وصلت الجهود العمانية إلى مؤشرات إيجابية حتى قدمت السعودية نفسها كوسيط لا طرف في الحرب التي أعلنتها السعودية ومولتها وشنتها على اليمن ، ومن جهة أخرى تسعى إلى إبقاء المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني جراء الحصار والعدوان وانقطاع المرتبات ، في ظل ترتيبات تجريها مملكة العدوان السعودية ومعها بقية أطراف تحالف العدوان في المشهد الميداني خصوصا في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة.
في المقابل فإن موقف صنعاء متمسك بضرورة حل الملف الإنساني أولا ، بدءاً بصرف المرتبات ورفع الحصار وتبادل الأسرى ، ثم الانتقال إلى الملف العسكري، ومنه إلى الجانب السياسي ، وفي النقطة الأولى ترفض الإدارة الأمريكية بشكل معلن وواضح صرف المرتبات وتعتبرها مطالب مستحيلة ومتطرفة ، والموقف نفسه تتبناه مملكة العدوان السعودية التي لا تظهر الموقف بشكل معلن لكنها لا تخرج عن سياقاته ، وفي ملف الحصار تريد دول تحالف العدوان أن يكون في إطار المسموح به عدد من السفن والرحلات المعدودة في كل شهر ، بل وتريد أن تقفز على الملف الإنساني إلى الملفات العسكرية والسياسية ، ليس بهدف حلها بل بهدف تعقيد مسار السلام وتلغيمه حتى لا يصل إلى مخارج واضحة.
ارتدادات سعودية مكثفة
ومثلما أرادت مملكة العدوان السعودية أن تسوق لوصول وفدها إلى صنعاء بأنها تقوم بالوساطة وقدمت نفسها وسيطا منذ اللحظة الأولى للنقاشات ، فقد أظهرت ارتدادها حتى عن النقاط التي جرى مناقشتها في صنعاء ، وجاء ذلك على لسان السفير محمد آل جابر الذي قال في لقاء صحفي لدى وجوده في عدن بأن النقاشات مع صنعاء لم تفض إلى نتائج ، علاوة على أن البيان الصادر عن قمة جدة قد ذهب إلى أبعد من ذلك معيدا إشهار قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يصفه المراقبون بالقرار الأرعن ، وبالمبادرة الخليجية التي ماتت قبل أعوام عديدة ، وذلك كله يكشف أن السعودية ما زالت غارقة في الرهانات الخاطئة.
المعاناة الإنسانية للشعب اليمني تصاعدت بشكل مأساوي، ومملكة العدوان السعودية ومعها بقية أقطاب التحالف، تريد أن تستثمر في تلك المعاناة بل والحفاظ على أسبابها، لصياغة مشهد جديد لصالحها ، من خلال الوضع الملتبس والقائم حاليا.
رهانات خاطئة
في خطابه الذي ألقاه بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين ، أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ، أن استمرار معاناة الشعب اليمني لن تستمر دون حساب ، مشيرا إلى أن السعودي لن يجلب السلام والاستقرار لنفسه ما لم يذهب إلى تحقيق السلام في اليمن وصرف المرتبات وتعويض الأضرار وجبرها وإعادة الإعمار وإنهاء الحصار والاحتلال ، مؤكدا أن الطموحات الاقتصادية للسعودية لن تتحقق إلا بوقف الحرب على اليمن.
وأوضح قائد الثورة أن الرهانات التي تراهن عليها السعودية خاطئة ، محذرا من إبقاء الوضع على ما هو عليه ، والموقف الذي أعلنه قائد الثورة واضحا في أن بقاء خفض التصعيد مرهون بملفين أساسيين هما صرف رواتب الموظفين ، ورفع الحصار وتبادل الأسرى ، أما تحقيق السلام فمرهون برفع الحصار ووقف العدوان ومعالجة الأضرار وإنهاء الاحتلال.
مقابل التهرب والمماطلة السعودية أبدت صنعاء مرونة عالية في التعاطي مع المفاوضات ، وإذا كانت السعودية جادة في الانعتاق من التوجيهات الأمريكية فاليمن هو محك الاختبار ، وكان يفترض أن تترجم ذلك في إنهاء العدوان والحصار والاحتلال وجبر الأضرار التي خلفتها حربها الإجرامية على اليمن.
لا سلام يظهر في الأفق القريب تريده مملكة العدوان السعودية ، ولا هدنة طويلة الأمد- كما روجت- تسعى لتحقيقها ، ذلك أن سلوكها إزاء الملف الإنساني الذي يمكن من خلاله التوصل إلى هدنة مؤقتة سلوك دعائي كاذب لا تريد أن تتخذ أي خطوات حقيقية ، صرف المرتبات ورفع الحصار ، وهي فقط تريد أن تصبح وسيطا وتقحم نفسها في موضع ليس موضعها، وهي التي شنت الحرب العدوانية والحصار وقتلت ودمرت وفعلت المذابح كلها.
الفرصة المتاحة أمام الجهود العمانية ربما ستنتهي قريبا ، وقد ألمح لذلك قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بأن التهدئة القائمة لن تستمر إلى ما لا نهاية ، لكن صنعاء متمسكة بشروط الحل العادل والسلام المشرف ، وعلى قاعدة حل الملف الإنساني أولا ، صرف مرتبات ، ورفع الحصار ، وتبادل الأسرى ، ثم الملف العسكري ، ثم السياسي ، يتحقق من خلاله ، إنهاء العدوان والحصار والاحتلال ، وتعويض الأضرار ومعالجتها ، وبهذا سيحقق السعودي لنفسه السلام وللمنطقة كلها.