نقف على أعتاب العام التاسع للعدوان الأمريكي الغربي الصهيوني المنفَّذِ بأياد إقليمية على اليمن، في ظل تغيرات وتحولاتٍ كبيرة لا تخطئها عين المراقب والمهتم.. تحولاتٍ وتغيراتٍ تتبدل بفعلها وعلى أساسها التموضعات لمراكز القوى بكيفية تنتج معادلاتٍ جديدةً للردع والرعب..
وفي قلب هذا المشهد المتحرك المتحول يقف الشعب اليمني شامخا على بوابة نصر تاريخي ليس بوسع قوى العدوان متعدد الجنسيات ورأسه الأمريكي الغربي الصهيوني الحيلولة دون إنتاج مفاعيله الكبرى في تحرر الشعب اليمني وقطف ثمار صموده التاريخي على مدى السنوات الثمان..
وهذا الملمح أو الأمر، تحديدا، ينبئ عن عبثية وعقم لعبة المكر والخداع والتضليل التي تلجأ إليها قوى العدوان محاولةً الالتفاف على الاستحقاقات والتبعات المترتبة على عدوانها الغاشم المركب، وغسلَ يدها من جرائمه ومجازره البشعة وكل بصمات ونتائج هذا العدوان الشامل الإنسانية والمعيشية والحقوقية.. ويستحيل على المعتدين الهروب عبر بوابة الهدنة، كما يأمُلون، أو عبر غيرها من التوظيفات والمخارج الالتفافية التي تراود تفكيرهم الشيطاني الماكر..
والواقع بكل مآلاته وتحولاته الراهنة، إقليميا ودوليا، يطرح معطياته الواضحة أمام الأعداء وأدواتهم بصورة تقطع عليهم كل سبيل إلى مآربهم الخبيثة..
وهنا يجدي التأمل في ما يتلقاه المشروع الأمريكي الأطلسي الصهيوني من ضربات قاصمة في منطقتنا على مستوى كل نقطة تماس صراعية، سواءٌ في اليمن أو عبر مجريات الحدث اليومي في سوريا، وما تحكيه مآلات عبث الإصبع الأمريكي في لبنان والعراق وإيران وأفغانستان، وحتى في المناطق الأخرى على المستوى الدولي التي لا تقتصر شواهدها على الحدث الأوكراني وما يشهده عدد من الساحات في أواسط وشرق آسيا وفي أفريقيا وحتى أمريكا اللاتينية.. فكل المقروء عبر هذه الامتدادات الموضوعية والجيو سياسية يتصدره عنوان واضح لا لبس فيه هو المأزق الكبير والتاريخي لأمريكا وقوى الغرب الأطلسي المتصهين.. مأزق يجد بعض تراجمه في تآكل الكيان الصهيوني المتسارع بفعل الصمود الفلسطيني وتفاقم مسار التشرذم والاهتراء الذاتي لهذا الكيان المؤقت المصطنع اللقيط، وفي الأزمات العميقة التي تعصف بصميم مفهوم الدولة ووجودها وتترجمها الانتفاضات العمالية والإضرابات والاحتجاجات المليونية غير المسبوقة في دول كفرنسا وبريطانيا وألمانيا، والحبل على الجرار، كما يقال..!
وهذا ما يجد محاولات للتغطية عليه كواقع متَحَدٍ لتلك القوى الطاغية المهيمنة.. ولا بأس في التوقف اللامح أمام شيء من المصاديق المقاربة لبعض الأبعاد ذات الصلة..
إذ ذكرت أقلام ومراكز بحثية قبل حين أو في وقت سابق من عامنا هذا..، وبمناسبة حفلة العويل والنحيب والهجمة الدعائية الهستيرية للإعلام البريطاني والغربي والصهيوني والمتصهين، على إيران بسبب إعدامها جاسوسا بريطانيا.. ذكرت أن هناك مئات الآلاف من الجواسيس المشغلين من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية وتوابعها في منطقتنا العربية، في مختلف المجالات حتى تلك التي لا تخطر على بال..!
وتشير، على سبيل المثال، إلى ما ذكره عبد السلام عارف أثناء حكمه للعراق أن عدد العراقيين التابعين لجهاز المخابرات البريطانية في العراق يبلغ 33 ألفا، وقد عُثر على هذا أثناء احتراق السفارة البريطانية في بغداد، ونقَلَ بعضُ متتبعي هذه الشؤون أن قريبا من هذا الرقم يشتغل في منطقة (الشرق الأوسط) تابعين للمخابرات الأمريكية..
هذا قبل نحو 60 عاما، فكيف الآن؟.