مقتل وإصابة جنود بالمهرة، اغتيالات في شبوة، تهجير قسري لأبناء سقطرى، زيارات مشبوهة إلى حضرموت، أوضاع متردية في عدن
المحافظات المحتلة تحت جحيم الفوضى والأطماع الأمريكية والبريطانية والصهيونية
لا زالت المحافظات الجنوبية تعيش جحيم الاحتلال الذي تتزعمه قوى الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وأدواتها دولتا العدوان السعودية والإمارات، اللتان تقودان التآمر وتنفّذان الأجندة الغربيةَ التي تسعى لامتصاص ثروات أبناء شعبنا اليمني والتحكم بمصيرهم، وتدمير كُـلّ مقدرات البلاد وإفراغ المجتمع الجنوبي من قوته البشرية واستنزاف أبنائه في جبهات حرب عبثية لخدمة الاحتلال من خلال تشكيل مليشيات عسكرية، واستهداف اللحمة الاجتماعية وإثارة العنصرية والمناطقية في أوساط المجتمع وتحويل عدن والمحافظات الجنوبية المحتلّة إلى ساحةٍ للصراعات، يتمكّن من خلالها الاحتلال الجديد من تقاسم النفوذ فيها ونهب ثرواتها النفطية والغازية وتجريف الثروة السمكية من المياه الإقليمية اليمنية، والتحكم والسيطرة على الموانئ والمطارات، وتحويلها إلى قواعدَ عسكرية للقوات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية…
الثورة /احمد السعيدي
البداية من محافظة المهرة التي شهدت في الأيام القليلة الماضية انتهاكاً للسيادة اليمنية بعد أن قامت بحرية بريطانية بإطلاق النار على جنود من خفر السواحل اليمنية، ما أدى إلى استشهاد جندي وإصابة اثنين آخرين، حيث أعلنت قوات خفر السواحل التابعة لمرتزقة العدوان، مساء الجمعة، مقتل جندي وجرح آخرين بهجوم مسلح نفذه “يخت” تابع للقوات البحرية البريطانية، على زوارق دورياتها البحرية قبالة السواحل الشرقية للبلاد وتحديداً أمام رأس فرتك بالمحافظة، وأن الدوريات اقتربت من اليخت لجذب انتباه طاقمه بعدما تجاهلوا الرد على الاتصالات المتكررة، لكن مسلحين على متن اليخت أطلقوا وابلاً من الرصاص من آليات مختلفة، ما نتج عن ذلك مقتل الجندي عبدالسلام الجعدني وإصابة آخرين وتعرض الزوارق لأضرار وهروب اليخت للمياه الدولية.
وكانت وكالة الأمن البحري البريطانية (UKMTO) قد نشرت خبراً يزعم أن السفينة تعرضت لهجوم ثم تراجعت وقالت إنه اشتباك مع قوات حكومية -حسب قولها- دون أن تشير إلى هوية السفينة، وهو ما اعتبرته قوات خفر السواحل التابعة لحكومة المرتزقة رواية من جانب واحد (اليخت المجهول)، الحادثة أثارت موجة ردود فعل شعبية غاضبة ومستنكرة، تجاه ما يحدث من انتهاك للسيادة اليمنية، في حين تتفرغ قوات الاحتلال الأجنبية في اتخاذ شماعة التهريب وسيلة للترويج لتواجدها في احتلال سواحل المهرة وتحويلها إلى مناطق مستباحه لا تخضع للسيادة الوطنية، هذا وتؤكد مصادر محلية أن بريطانيا لديها قاعدة عسكرية غير شرعية في المهرة، كما تقوم بدوريات غير شرعية في السواحل اليمنية، وكان أهالي المهرة قد اشتكوا في وقت سابق من تصرفات أفراد القوات الأجنبية المتواجدين في مطار الغيضة وكذلك في مناطق أخرى.
شبوة وصراع الاغتيالات
في صورة من صور الصراع بين السعودية والإمارات، تشتعل المواجهة بين ما تسمى قوات دفاع شبوة، وحزب الإصلاح، كان آخرها اغتيال خطيب مسجد صبيحة يوم عيد الفطر في بيحان أمام المئات من المصلين، وفي خطوة كشفت حجم الاستياء الإماراتي من ازدياد وتيرة الحضور الإصلاحي المحسوب على السعودية في المحافظات الجنوبية، بعدما كانت أبو ظبي قد فرضت سيطرتها في الآونة الأخيرة.
وتأتي هذه الجريمة، بعيد القرار الذي كان قد اتخذه المحافظ الموالي للإمارات عوض الوزير، بمنع الشخصيات التابعة لحزب الإصلاح من إلقاء خطبة العيد وإمامة المصلين، إذ اعتبر ما قام به الباني تجاوزاً للخطوط الحمر التي وضعتها أبو ظبي، وبالتالي “قد دفع الثمن”، اغتيال عبدالله الباني في بيحان برأي محللين يمكن أن يؤجج الصراع مجدداً بين الإصلاح والمكونات التابعة لأبو ظبي، في ظل امتعاض سعودي من سيطرة تلك الميليشيات على شبوة وهو الأمر الذي سيعزز من موقف الإصلاح هذه المرة، خلافاً لجولات الصراع السابقة التي وقفت خلالها الرياض على الحياد، حيث اعتمدت أبو ظبي في الفترة الممتدة بين عامي 2016 و2018م، سياسة الاغتيالات ونفذت منها المئات ضد من يعدّون من أعلام حزب الإصلاح ومنهم خطباء مساجد، خاصة في عدن.
ويقول متابعون للشأن اليمني إن الإمارات تتجه مجدداً لارتكاب مزيد من الجرائم بحق خصومها والشخصيات التي ترفض مشروعها وخاصة الشخصيات البارزة في حزب الإصلاح، عن طريق الدفع بأدواتها العسكرية التي عززت سطوتهم خلال الفترة الماضية.
أطماع إماراتية بريطانية
وتعد محافظة شبوة محط مطامع إماراتية تقف خلفها بريطانيا، حيث أنها من أهم المناطق النفطية في اليمن، ويوجد فيها العديد من حقول النفط وأيضًا منشأة بلحاف الأكبر في اليمن، والتي توقفت عن التصدير وباتت مقرًّا للقوات الإماراتية وقد نجح حزب الإصلاح ، بحكم دوره السابق في الحكم، من الوجود في المؤسسات العسكرية والأمنية والخدمية في محافظة شبوة، على حساب حزب المؤتمر (الحاكم سابقا)، وما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وحاول الأخير السيطرة على المحافظة خلال السنوات الماضية، لكنه فشل بذلك في ظل المحافظ السابق صالح بن عديو الرافض للتواجد الإماراتي، والذي وقف حجر عثرة أمام مشاريعها في المحافظة، لذا كانت إزاحة المحافظ هي الخطوة الأولى لتسليم المحافظة للإمارات، وكانت نتيجة ذلك مواجهات جرت في المحافظة خلال أغسطس 2018م، وأهمية محافظة شبوة العقبة للإمارات أنها تمثل إتماماً لمشروعها “الانفصالي” في جنوب اليمن، وتمثل أهمية لـ “المجلس الانتقالي الجنوبي” لفرض سيطرته على المحافظات الجنوبية الشرقية مثل المهرة وحضرموت، لذا تثير الإمارات المشكلات هناك وتحرض قوات مرتزقة تابعة لها كـ “ألوية العمالقة الجنوبية” و”قوات دفاع شبوة”، على محاربة نفوذ حزب الإصلاح هناك، وسبق لها أن قامت بعمليات قصف لقوات يشارك فيها الحزب، ويتهم البعض محافظ شبوة الحالي الذي جلبته ودعمته الإمارات (عوض الوزير العولقي) بأنه تابع لأبو ظبي وينفذ أجندتها، حيث كان يقيم هناك قبل استقدامه لتولي المحافظة وترفض الإمارات إخلاء قواتها من المدينة وخاصة ميناء “بلحاف” الاستراتيجي ومنشآته الغازية وتسليم المنشأة إلى حكومة المرتزقة، حتى تتمكن من استئناف العمل فيها.
تهجير قسري
واصلت قوى العدوان السعودي الإماراتي تهجير سكان أرخبيل جزيرة سقطرى في اليمن، في ظل استمرارها في عسكرة الجزيرة بالتنسيق مع كيان العدو الإسرائيلي، حيث قامت قوات إماراتية بطرد العشرات من أهالي جزيرة عبد الكوري من منازلهم إلى مخيمات للنازحين غرب مدينة حديبو”، وسبق للإمارات تهجير الأسر من منازلها في مناطق مختلفة في أرخبيل سقطرى، خلال الآونة الأخيرة، بهدف إنشاء قواعد عسكرية واستخباراتية”، ولعل عملية التهجير الجديدة تتزامن مع وصول قوات إماراتية إلى مطار سقطرى الدولي، تمهيداً لنقلهم إلى قاعدة عسكرية إماراتية صهيونية مشتركة في جزيرة عبد الكوري”، وهذا ما يؤكده وصول شحنة تحمل معدات عسكرية للإمارات بالتزامن مع استحداث إنشاءات لمدرج عسكري في منطقة جنوبي الجزيرة وبحسب مصادر محلية فإن مهندسين وطيارين أجانب بينهم إسرائيليون تابعون لمؤسسة خليفة الإماراتية، وصلوا إلى الجزيرة لتدشين مدرج طيران للمروحيات الاستطلاعية والمقاتلة، وفي وقت سابق كشفت تقارير أجنبية عن نقاشات بين كيان العدو الإسرائيلي ودول التحالف، لإنشاء شبكة دفاعات جوية مشتركة في المنطقة، ضمن تحالف سبق وأن أعلن عنه وزير الدفاع الصهيوني بيني غانتس في 20 يونيو، حيث أعلن الوزير الصهيوني أن شبكة الدفاع الجوي الإقليمية المشتركة ما تُعرف باسم تحالف الدفاع الجوي للشرق الأوسط (MEAD) ، كانت هناك تفاصيل قليلة متاحة، بما في ذلك الدول التي ستشارك والعمق من الاتفاقية ووفقا للتقارير فإن من بين المناطق التي يجري النقاش لنشر هذه الأنظمة فيها، جزيرة سقطرى اليمنية، وتؤكد التقارير أن القيادة المركزية الأمريكية كانت القوة الدافعة في المساعدة على تطوير الاتفاقية، التي من شأنها أن تربط كيان العدو الإسرائيلي بالمملكة العربية السعودية وقطر ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن.
وقال موقع بريكنج ديفنس: “تركزت إحدى المناقشات المحددة حول الاستخدام المحتمل لجزيرة سقطرى ، وهي جزء من اليمن ولكن تحت السيطرة الفعلية للإمارات العربية المتحدة، كموقع محتمل لأجهزة الاستشعار ، ولكن لم يتم تحديد أي شيء على هذا الصعيد ، حسبما أفادت مصادر موقع Breaking «Defense” وفي وقت سابق ذكرت صحيفة “ ميدل إيست مونيتور “ أن الإمارات و”إسرائيل” تعملان على وضع خطة لإنشاء قاعدة تجسس هناك، وأكدت مصادر منذ ذلك الحين أن لـ “إسرائيل”، “بعض الوجود” في الجزيرة ، دون الكشف عن تفاصيل.
وقال موقع «responsiblestatecraft» إن الجزيرة اليمنية الفريدة باتت اليوم مهددة بسبب الاحتلال الإماراتي لها.
حضرموت وزيارات مشبوهة
للمرة الثالثة خلال ستة شهور زار السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاغن محافظة حضرموت والتقى المحافظ المعين من حكومة المرتزقة، واللقاء الثالث كان الأربعاء الماضي، وتم الإعلان عنه فقط في صفحة السفارة الأمريكية في اليمن على «تويتر»، فيما لم تعلن حكومة العدوان عن تلك الزيارة فمنذ تعيينه سفيرا في اليمن في يونيو، زار السفير حضرموت عدة مرات، الأولى كانت عقب تعيينه، والثانية في الثامن من نوفمبر، وها هو بتاريخ 14 ديسمبر يلتقي محافظ المحافظة التابع للتحالف. إلا أن المنشور لم يوضح أين تم اللقاء؟ هل كان في حضرموت ضمن زيارة قام بها السفير للمحافظة، أم أن المحافظ التقى السفير في عدن؟، من غير المنطقي أن يتحرك سفير داخل البلد المضيف بكل هذه الحرية إلا في ظل ضعف كبير تعانيه الحكومة، ويستغل فيه السفير واقعًا متشظيًا تتصارع فيه عدد من المشاريع الصغيرة، الأمر الذي يجعله يزور محافظة ويلتقي محافظها بمعزل عن مسؤولين من خارجية حكومة المدعو معين عبدالملك، علاوة على تكرار الزيارة لمحافظة بعينها بما فيها زيارات ولقاءات غير معلنة، حيث يعرف الأمريكيون بعناية ماذا يريدون، وكيف يستغلون واقع البلدان، وبالذات البلد الذي يشهد حالة تنازع مسلح، ما يجعلها حريصة على استمرار ضعف ذلك الواقع ما دام لن يضر بمصالحها، وفي ذات الوقت تحرص على استغلال ذلك الواقع بما يخدم مصالحها، وهو دأب أمريكا وشهدناه في عدة بلدان، وما زال واقع العراق شاهد عيان على سياستها، ولعل هذه الزيارات تأتي انطلاقاً من ادراك الولايات المتحدة الأهمية الاقتصادية القصوى لمحافظة حضرموت الغنية نفطيا، وبقدر ما يتوفر فيها من استقرار سياسي تنتعش في المحافظة نزعة ثقافية انفصالية مختلفة عن تلك النزعة التي تزدهر في محافظات عدن ولجج وأبين والضالع، كما أن تكرار هذه الزيارات واللقاءات يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ثمة مشروعا أمريكيا في حضرموت تريد من خلاله تعزيز حضورها هناك من خلال دعم السلطة المحلية التي تلتقي بقيادتها وكأنها سلطات مستقلة سياسيًا مخولة بمقابلة سفراء بدون حضور ممثلين عن خارجية حكومة المرتزقة.
ويقول مراقبون إن استهداف صنعاء لموانئ نفطية في حضرموت خلال شهري أكتوبر نوفمبر بهدف إيقاف نهب النفط اليمني، مثل عنوانا لهذه اللقاءات الأخيرة، ولا يستبعد أن الولايات المتحدة تعمل أيضًا من أجل الوصول إلى اتفاقية تتولى بموجبها حماية المنشآت النفطية هناك، لكن هذه الاتفاقية لا يوقعها محافظ محافظة بل السلطة المركزية، ولا بد من اعتماد الاتفاقية من برلمان العليمي، لكن هناك قوات أمريكية موجودة في مطار الريان بجانب قوات إماراتية حوّلت المطار إلى قاعدة عسكرية، مما يجعل من توالي زيارات ولقاءات السفير الأمريكي بمحافظ حضرموت تأتي في سياق تعزيز الحضور بما يكفل للولايات المتحدة السبق في واقع تخطط له ليكون لها فيه حضور في المستقبل.
انهيار الأوضاع في عدن
أما محافظة عدن الواقعة تحت سيطرة العدوان ومرتزقته فتشهد احتجاجات غاضبة وعصياناً مدنياً، تنديداً بانهيار الأوضاع الأمنية والمعيشية في ظل تواجد مليشيات العدوان، حيث تظاهر المئات من المواطنين في مديرية الشيخ عثمان، احتجاجا على مقتل التاجر أحمد العديني، الذي تم اغتياله الأسبوع الماضي برصاص مليشيات الانتقالي المدعومة إماراتياً.. وندد المواطنون المحتجون، بعدم إلقاء القبض على قتلة التاجر العديني، متهمين مليشيات الانتقالي بالتسبب بالانفلات الأمني، كما خرج المواطنون في عدد من المناطق بالمحافظة، منددين بتردي الوضع المعيشي وغياب الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء وارتفاع أسعار المشتقات النفطية والسلع الغذائية، مما ينذر بكارثة اقتصادية تشهدها المحافظة، إذا ما استمر الوضع بهذا التردي في ظل مخطط لتحالف العدوان لإغراق المدينة في الفوضى وانعدام الأمن والخدمات الأساسية.