الصيام علاج فعال للأمراض النفسية

 

مثل ما للصيام فوائد روحية وجسدية أيضا له فوائد نفسية تتمثل في المناعة النفسية ضد القلق والخوف والاضطرابات بسبب الجو الإيماني والروحاني المصاحب لشهر رمضان، فالصوم يساعد المسلم على إنماء شخصيته بمحاولته الوصول إلى الصورة المثالية للشخصية الصحيحة نفسيا.
وعن علاقة الصيام بالأمراض النفسية تقول الدكتورة هبة إبراهيم عيسوي- أستاذ الطب النفسي- جامعة عين شمس- «الصيام يدرب الصائم وينمي قدراته على التحكم في الذات فهو يخضع كل ميول الدنيا تحت سيطرة الإرادة بقوة الإيمان كما أن الصوم يزيد من قوة الإنسان وقدرته على التغلب على الشهوات وميول الشر.
فالصيام يعطي صاحبه صحة نفسية جيدة والمعروف أن الامتناع عن الطعام في الصيام يؤدي إلى إحداث نقص في السكر بالدم وهذا يسبب نوعا من الكسل الذي يؤدي إلى الضعف والقابلية للإيمان تجعل الإنسان في حالة من عدم الاختيال بالذات والضعف الدنيوي ومن هنا يأتي الخشوع لله عز وجل، وهكذا نجد أن الصيام هو الذي يعمق الخشوع والإحساس بالسكينة».
وعن الأمراض التي يمكن لأصحابها الصيام والأخرى التي يباح لأصحابها الإفطار تقول الدكتورة هبة عيسوي: «المعروف أن المخ يتغذى على السكر الجلوكوز» والمواد الغذائية التي يتناولها الإنسان يجب أولا أن تتحول إلى سكر جلوكوز كي تحمله الدورة الدموية إلى المخ ومن هنا يتضح السر في هذا الارتباط بين نسبة السكر في الدم وبين الحالة النفسية (الفكرية، العاطفية، السلوكية)، ونقص إمداد المخ بسكر الجلوكوز يصيب الفرد بالكسل والصداع والدوخة وقد تظهر عند البعض في صورة ارتعاش في الأطراف مع ظهور العرق، كما يؤدي نقص السكر أيضا إلى الشعور بالعصبية مع سرعة الهياج لأي من المثيرات، كما أن نقص السكر قد يصيب بعض المرضى النفسيين بنوبات صرعية أو هستيرية فهؤلاء يباح إفطارهم نظرا للحالة النفسية التي يؤثر فيها بشدة انخفاض السكر في الدم.
كما أن امتناع هؤلاء عن تناول الدواء بانتظام يمكن أن يسبب حدوث نوبة الصرع ويصبح وقتها الصيام خطرا على هؤلاء المرضى، أما الصوم فهو علاج لمرضى الاكتئاب الذين يشعرون قبل اكتشاف المرض بآلام بالرأس والظهر والبطن والقلب ويمكن للصيام أن يحسن من هذه الأعراض قبل اكتشاف المرض.
كما أن الصورة المرضية لمرضى الاكتئاب قد تختلف من مرض لآخر، حيث ثبت أن 58% من مرضى الاكتئاب يشكون من أعراض القلق والتوتر النفسي الذي يعالجه الصيام بالسكينة والهدوء الذي يوفرها الصيام للمسلم، وبما أن مريض الاكتئاب يعاني من صعوبة النوم في الأحوال العادية فإن جو الصيام يتيح لهذا المريض النوم المريح في جزء من النهار وآخر في الليل.
وتشير د. هبة عيسوي إلى أن الصوم خطر على مريض الفصام الذي يتعرض إلى الهلاوس والاضطرابات في السلوك وأعراض أخرى مثل السلبية وغياب الطموح وإهمال الذات وذلك بسبب اضطراب في مادة الدوبامين بالمخ ولا يقدر المريض أن يتعامل مع المجتمع ولا بد لهذا المريض أن يتناول الدواء الذي يقوم بالتأثير على مادة الدوبامين والسيرتونين في آن واحد كي يحدث شيئا من التوازن في نظام الموصلات العصبية داخل المخ كي تتحسن أعراض المرض.
وإذا ما توقف هذا المريض عن تناول الدواء أثناء فترة الصيام سوف يصاب بنوبات من العنف والهلاوس وبالتالي فإن الصيام غير مفيد لهؤلاء، لأن جهازهم العصبي حساس لحدوث أي نقص في السكر بالدم والذي يؤدي إلى حدوث توترات عنيفة يمكن أن تنتهي بالاعتداء على الآخرين، وتشير إلى أن هؤلاء المرضى يحتاجون لعلاج تأهيلي وأسري ينمي روح المحبة والتعاون بينهم، وأسرهم والمحيطين بهم.

قد يعجبك ايضا