لك الله يا سوريا ..

طه العامري

 

سوريا عاصمة العروبة وقلبها وعقلها وإيقونة الهوية القومية، تواجه أخطر واقذر مؤامرة كونية منذ عقد وبضع سنوات، مؤامرة شارك فيها الأخ والشقيق ومولها بسخاء وخطط لها العدو والمستعمر، مؤامرة يمكن اختزال حقيقة بشاعتها فيما واجهته هذه الدولة العربية قبل أيام وهي تواجه جراحات زلزال مدمر، زلزال حصد ألآف الأرواح من أبناء سوريا، ودمر آلاف المنازل على رؤوس سكانها، وشرد مئات الآلاف من أبنائها مخلفا ألآف الأطفال اليتامى والأمهات الثكالي والنساء الأرامل، وفي ذروة المآساة التي صنعتها الطبيعة، تحركت (خلايا الإرهاب) وارتكبت المجازر في بعض نطاقها الجغرافي وبدم بارد، في خطوة لا يقدم عليها إلا محترفي الإجرام وممتهني العمالة والخيانة والأرتزاق ممن تجردوا من كل القيم والأخلاقيات والمشاعر الإنسانية والدينية، جريمة إرهابية تدينها كل الشرائع والديانات والقوانين والأخلاقيات الإنسانية، جريمة لا تضاهيها إلا جرائم (الكيان الصهيوني) الذي بدوره استغل كارثة الزلزال وأقدم على استهداف أحياء سكنية لمدنين ابرياء، عاكسا ومجسدا في جريمته البشعة حقيقة سلوكه العدواني وثقافته الإجرامية، سلوكيات تتماهي مع العدوان الإمبريالي الأكبر والأكثر شمولية والمتمثل بالحصار المفروض على الجمهورية العربية السوريا وشعبها العربي الاصيل الذي لا يستحق كل هذا العدوان الذي يتعرض له حتى يخيل للمراقب أن سوريا تعيد اجترار مآساة (النبي يوسف) مع إخوته..؟!
نعم فالعرب تعاملوا مع سوريا العروبة والإسلام على طريقة تعامل ( إخوة يوسف) مع أخيهم (نبي الله يوسف) حين تآمروا على قتله ثم أجمعوا على بيعه بثمن بخس..؟!
أن ما شهدته سوريا الأرض والإنسان والقدرات خلال الأيام والاسابيع المنصرمة، من الأفعال الإجرامية والأعمال العدائية من قبل (الإرهابيين والعدو الصهيوني) وما خلفته سنوات المؤامرة وما أحدثه قانون (قيصر الإجرامي) الذي فرضته الإمبريالية الأمريكية _الغربية، بالتواطؤ مع بعض (أنظمة العهر العربية)، كل هذه الأفعال الإجرامية التي لا يقرها دين ولا قانون ولا شرائع ولا قيم، أفعال تندرج في سياق الأفعال الإجرامية غير المسبوقة خاصة في ظل كارثة طبيعية تستوجب أن تخجل من هولها الإنسانية، غير أن الحقد أعمى بصر وبصيرة أعداء سوريا وتوهموا أن الفرصة سانحة للنيل من هذا البلد الصامد والشامخ الذي رغم كل ما تعرض له لم ينخ ولم يستسلم ولم يرفع الراية البيضاء..!!
شاهدنا البعض من (الأخوة) المفترضين يسارعون لتسجيل مواقف تضامنية مدفوعين بقدر من الخجل من أنفسهم ومن شعوبهم، ورغبة منهم في التغطية على مؤامراتهم وخيانتهم لهذا الشعب، فيما بعضهم ظل متمسكا بخيارهم التآمري أملا في كسب ود اسياده من أعداء الأمة في (تل آبيب، وواشنطن، وبقية العواصم العربية)..!
ومع ذلك وتفاعلا مع كل هذه المواقف رحبت (دمشق) بكل تضامن بدا من أشقائها العرب بغض النظر عن حجم هذا التضامن، مقدرة مواقف الأصدقاء والحلفاء الذين وقفوا إلى جانبها منذ بدء المؤامرة، أولئك الذين لم ينسوا دور ومواقف سوريا الأصيلة وقيمها الإنسانية التي طالت خارطة الكون وحيث كان أصدقاؤها ويكونون..
إن التاريخ وحده من سينصف سوريا وسيدون مواقفها في انصع صفحاته، كما سيدون مواقف المتآمرين والخونة والمتؤاطئين معهم سواء من أولئك الذين ينتسبون لها ممن يمكن وصفهم بأنهم (عمل غير صالح) أو من أولئك الذين باعوا أنفسهم للشيطان ممن يحسبون زورا على هذه الأمة وفي مقدمتهم (جامعة العهر العربية) _مع الاعتذار للقارئي _ولكن هذا اقل وصف تستحقه هذه الجامعة ورئيسها الذين تجردوا من كل قيم الهوية والانتماء، وقد آن الأوان لإلغاء هذا الوكر التآمري الذي أجاز وشرعن التآمر على العراق وليبيا وسوريا واليمن وقبلهم فلسطين التي لا تزل تدفع ثمن خيانة وموامرة هذا الوكر الذي يؤدي دور (سمسار النخاسة)..؟!
أن سوريا الأرض والإنسان والدولة والشعب والقدرات، كل هؤلاء سيظلون كما عهدناهم في مربع الصمود والشموخ ولن ترهبهم الأحداث والمؤامرات سواء جاءت من الطبيعة والأقدار، أو جاءت بفعل مؤامرة الأخوة والأعداء وتحالفهم (الشيطاني) بهدف زعزعة سوريا وإبعادها عن دورها القومي وإجبارها قهرا على التخلي عن قيمها ومبادئها وثوابتها الوطنية والقومية والإنسانية بكل أبعادها الحضارية، ويكفي هذه الصورة الاجتماعية التكافلية التي ظهر بها الشعب العربي السوري من خلال تعامله مع كارثة الطبيعة وبذات الصورة التي ظهر بها هذا الشعب طيلة سنوات المؤامرة الكونية التي فشلت في تطويع سوريا أو تركيعها، الأمر الذي أثار حقد أعدائها من الأقرباء والأعداء والجماعات الإرهابية ومن يمولهم ويشجعهم ويخطط لهم، فحاولوا مجتمعين التعبير عن أحقادهم مستغلين كارثة الزلزال، فظهروا بمواقفهم أكثر قبحا وبشاعة مما كنا نتصورهم قبل الكارثة..؟!
لتواصل سوريا كشف بشاعة الوجوه القبيحة وإسقاط الأقنعة تباعا عن أصحابها حتى من خلال مآسيها وجراحاتها النازفة.. إنها سوريا أيها (الأوغاد).. سوريا قلب العروبة النابض وقبلة أحرار الأمة والعالم.. سوريا التي سيحرسها الله ويحميها من كل الخونة والعملاء والمرتزقة المأجورين ولن تهزها مؤامراتهم، ولن تربكها تداعيات الأحداث مهما كانت قاسية ومؤلمة.

قد يعجبك ايضا