وقف العالم مصدوماً مذهولاً من حجم الكارثة الإنسانية التي خلّفها زلزال الاثنين الأسود في الشقيقتين تركيا وسوريا، وآلمت مشاهد البحث عن ناجين وسط الركام وأنقاض المباني طيلة الأيام الماضية مشاعر كل إنسان على وجه الأرض، إلّا الرئيس جو بايدن وإدارته المتوحّشة، فقد ظلت تتلكأ تارة وتتبجح أخرى، أن سياط عقوباتها الإجرامية المفروضة على الشعب السوري، لن تؤثّر على وصول المساعدات الإنقاذية العاجلة لعشرات الآلاف من بني البشر صاروا تحت الركام بفعل فاجعة الكارثة المُدمّرة.
-تعالت الأصوات من كل بقاع الدنيا تنادي وتناشد البيت الأبيض وتستصرخ ضميره الحجري برفع الحصار عن سوريا فورا وإبطال مفعول قانون قيصر الجائر، انطلاقا من المقولة التي تشدّق بها طويلا وهي أن القاعدة الإنسانية تبقى أعلى وأسمى من كل القوانين والإجراءات السياسية والمصالح المادية، لكن دون جدوى.
-كل ثانية وكل دقيقة وساعة تمضي على الضحايا تحت الأنقاض منذ فجر الاثنين الماضي وحتى اللحظة وخصوصا في مناطق الشمال السوري الواقع تحت سيطرة الحكومة السورية، كانت نذيرا بإزهاق أرواح المزيد من الضحايا وتضاؤل فرص العثور على ناجين، ومع ذلك احتاجت الولايات المتحدة لخمسة أيام بلياليها لتعلن عبر وزارة الخزانة عن إجراء شكلي قضى بإعادة المعاملات المالية المتعلقة بالإغاثة من الزلازل إلى سوريا لمدة 180 يوماً، في استثناء صوري للإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها على الشعب السوري منذ أكثر من عقد من الزمن.. وبحيث يوفر التفويض اللازم لدعم جهود الإغاثة الفورية في حالات الكوارث في سوريا، ويتضمن السماح بمعالجة أو تحويل الأموال نيابة عن أشخاص من دول أخرى إلى سوريا أو منها.
-قرار الخزانة الأمريكية المتأخّر وغير المجدي جاء تحت ضغوطات هائلة عبّرت عنها عديد البلدان وهي تنتفض تحت تأثير المشاهد المؤلمة لآثار ومخلفات الزلزال، كاسرة قيود العقوبات الأمريكية وإجراءاتها القسرية التي استهدفت كل مناحي الحياة والقطاعات الحيوية والخدمية في سوريا وفاقمت لسنوات طويلة معاناة السوريين.
-سارعت مختلف بلدان العالم إلى القيام بواجبها الإنساني وتقديم ما أمكن في إغاثة المنكوبين والمساعدة في أعمال الإنقاذ وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض والبحث عن أثر أو صوت أو أنين لبعض الأحياء وقد انبثقت معجزات عديدة من وسط وأعماق الأنقاض لأطفال وشباب وشيوخ طُمروا تحت الركام لأيام لكن إرادة الحياة لديهم غلبت جبروت الموت وأحكامه القاسية، وخرجوا أحياء بعد مرور سبعة أيام من الزلزال.
-أمام هذا السباق المميت مع الزمن بين فرق الإنقاذ وأنفاس الضحايا لم تكتف واشنطن بالصمت والتلذّذ بسماع صرخات الثكالى وأنين المصابين ورؤية جثامين عشرات الآلاف من القتلى الذين تجاوزت أعدادهم الثلاثين ألفا في البلدين حتى يوم أمس الأحد، ومثلهم لا زالوا تحت الأنقاض، بل عملت بكل جدّ على تنفيذ حملات دعائية شرسة عبر وسائل الإعلام المختلفة في منطقتنا العربية وغيرها بهدف تجميل الوجه الأمريكي البشع من خلال المزاعم والتخرّصات أن عقوباتها المفروضة على سوريا لم ولن تعرقل وصول المساعدات الإنسانية لسوريا، وجاءت هذه الأكاذيب بصورة رسمية وبقرار أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية جدّدت فيه التمسّك بالعقوبات الجائرة تحت ذريعة منع أي شكل من التعامل الرسمي مع السلطة الشرعية القائمة في دمشق ليمثل القرار اعترافا صريحا بالجريمة، ودليلا آخر دامغا بأن إنسانية النظام الأمريكي قد ماتت في وضح النهار!