في خطوة خطيرة ترفع من وتيرة تصعيد الحرب الاقتصادية على اليمنيين
حكومة المرتزقة تدشن العام الميلادي الجديد برفع تعرفة الدولار الجمركي إلى 750 ريالاً
المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني يبذلان جهوداً لتخفيف معاناة المواطنين
الثورة / عبدالجليل الموشكي
بينما يسعى المجلسُ السياسيُ الأعلى وحكومةُ الإنقاذُ الوطني للتخفيف من المعاناة التي أثقلت كاهل المواطنين، لا تألُ حكومة المرتزقة جهدًا في مفاقمة المعاناة والمساس بحياة اليمنيين، دونما اكتراث للمضاعفات التي يتكبدها البسطاء، فلا معيار لقيادات الارتزاق سوى مضاعفة أرصدتهم، ومؤخرًا أقدمت حكومة المرتزقة على اتخاذ قرارات قاتلة، نحن في صدد الحديث عنها من منظور التداعيات والآثار التي يتكبدها اليمنيون في توقيتٍ حرج وصلت فيه المعاناة ذروتها، بسبب العدوان والحصار وسياسات الجبايات التي ينتهجها المرتزقة والعملاء.
جرعة 200 %
لا يخفى على أحد ما أقدمت عليه حكومة المرتزقة مؤخرًا من استهداف لقمة عيش المواطن اليمني، تفصيلها أن يدشّن ما يسمى بـ “المجلس الاقتصادي الأعلى للمرتزقة” العام الجديد بتوسيع دائرة الحرب على المواطنين، باتخاذ قرار رفع سعر الدولار الجمركي في المناطق المحتلة من 500 إلى 750 ريال للدولار الواحد، بنسبة تعادل 100 % للمرة الثانية على التوالي، في خطوة خطيرة ترفع من وتيرة تصعيد الحرب الاقتصادية على اليمنيين.
250 ريالاً كانت تعرفة الدولار الجمركي من قبل حكومة المرتزقة حتى يوليو 2021م، حينما أقدمت على رفعه إلى 500 ريال، في إطار حربها على البسطاء، بما يعود بالفائدة على أرصدتها من دم قلوب اليمنيين، الذين يعيشون في بؤس وفقر مدقع في تلك المناطق التي ينعتها المرتزقة بالمحررة، وهذه المرة هي الثانية، لتصبح تعرفة الدولار الجمركي بما نسبته 200 %، فما هو الدولار الجمركي؟.
ما يدفعه المستوردون من مبالغ جمركية لقاء استلام البضائع التي يستوردونها، هو ما يُعرف بالدولار الجمركي، الذي يتحكم بتحديد أسعار السلع المستوردة، لكن المستورد ليس هو من يدفع، حيث يتكبد المواطن أي تكاليف زائدة ويدفعها، لكونه المستهلك للسلع المتعلقة بحياته اليومية بشكل ضروري وحتمي لا يمكنه الفرار منه.
يرتفع الدولار الجمركي في المرة الأولى للضعف فتتضاعف بذلك معاناة اليمنيين، ويحتج المواطنون في المناطق المحتلة ويرفض التجار وتندد النقابات والغرفة الصناعية والتجارية، لكن لا يأبه المرتزقة للأمر، ليستمر المواطن البسيط في تكبد ارتفاع أسعار السلع، وتمر الأيام ليعود اللصوص بمضاعفة المأساة ومفاقمتها، ويصف الخبراء الاقتصاديون والمعنيون الخطوة بالكارثية والجنونية، خصوصًا أن قيادات المرتزقة لا يولون أي اهتمام لما يمر به اليمنيون، حيث يقطنون في فنادق الرياض وأبو ظبي ودول العالم.
جرعةُ مشتقات
تصل البضائع وفي طريقها من لا يرحم اليمنيين، فجماركها باتت مقاربة لسعر السلع نفسها، لكن ما يؤلم أكثر هو أن ذلك لا يكفي بالنسبة للمرتزقة، حيث يصدرون قرارًا برفع رسوم نقل البضائع من الموانئ بمعدل 40 %، ما من شأنه زيادة أسعار السلع بمعدل يقارب النصف، تحت يافطات لا تنطلي، لكنها حتمًا في خضّم حرب الإفقار والتجويع التي تقودها أمريكا وبجانبها تحالف العدوان.
لم تكتفِ حكومة المرتزقة بفرض الزيادات الجمركية في جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية ورفع رسوم نقل البضائع، فمجلسها الاقتصادي بالتزامن مع رفع الدولار الجمركي، يصدر أيضاً قرارات برفع أسعار المشتقات النفطية وتعرفة الكهرباء والمياه، وفي التفاصيل يقدم المجلس على إقرار رفع باهظ لأسعار بيع المشتقات النفطية والغاز المنزلي في مارب، وبحسب المجلس المرتزق ، فإنه سيتم الاستمرار في رفعها بعد ذلك بشكل تدريجي بحسب ارتفاع الأسعار عالمياً.
فيما يؤكد المرتزق العليمي في مقابلته مع “العربية” أنهم سيواجهون مشكلة في صرف المرتبات، بسبب إيقاف المجلس السياسي الأعلى لنهب النفط، يؤكد المجلس الاقتصادي للمرتزقة مبررًا قراراته أنها تأتي لمواجهة الأزمة التي يعيشونها، وأنها مبنية على تطورات الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية.
لا مبرر لقيام حكومة المرتزقة برفع الدولار الجمركي وإثقال المواطن بالمعاناة، ومع عدم قبول المبررات، ما هو مبرر المرتزقة للرفع الأول للدولار الجمركي في 2021، ما يكشف قطعًا حرصهم على مضاعفة أرصدتهم من جيوب المواطنين، وتنفيذ أجندة حرب الإفقار والتجويع التي تقودها أمريكا.
رفضٌ واسع
فور صدور قرارات حكومة مرتزقة العدوان، جرعة جديدة تضرب أسعار المواد الغذائية محافظة عدن، بما يضاعف من المعاناة ويضعف القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصاً أن الجرعة شملت أسعار الدواجن والقمح والزيت وباقي السلع الضرورية بزيادة يصفها المواطنون بالجنونية والقاتلة.
وبحسب شكاوى نقلتها وسائل إعلامية، تجار التجزئة في عدن يؤكدون أن الجرعة وصلت إلى أكثر من 25 % في تعاملاتهم الشرائية منذ سريان قرار المجلس الاقتصادي التابع للمرتزقة، في إشارة إلى الرفض المطلق لقرارات حكومة الارتزاق حتى من التجار.
وعلى خلفية قرارات المرتزقة الأخيرة، اتحاد الغرف التجارية والصناعية، يصدر بياناً استنكر فيه إصدار قرار كهذه وسط الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اليمن “من فقر وغلاء وانقطاع المرتبات”، بل ويصف رفع تعرفة الدولار الجمركي بالـ “خطوة جنونية” والـ “قرار غير المدروس”.
اتحاد الغرف في بيانه، يشير أيضًا إلى أن حكومة المرتزقة رفعت خلال شهر من تاريخ البيان ما يسمى “ضرائب تحت الحساب” على السلع والبضائع المستوردة بنسبة تتراوح بين 300 و500 % من إجمالي قيمة البيان والرسوم الجمركية، ويطالبها بالتراجع عن القرار “الذي سوف يزيد من معاناة الملايين من الأسر اليمنية جراء ارتفاع أسعار السلع والبضائع المستوردة ومنها المواد الغذائية”.
تحالف مفضوح
تمهيدًا للجرعة الجديدة بشأن المشتقات النفطية شهدت عدد من مديريات محافظة عدن، خلال الأيام الماضية أزمة خانقة في المشتقات النفطية وفي مقدمتها مادة الديزل، حيث لم تتورع حكومة المرتزقة عن الإمعان في مفاقمة معاناة المواطنين، بل وتقدم على ذلك في قرارات معلنة.
وبالرغم من زعمهما تقديم ما يقارب 30 مليار دولار كمساعدات إنسانية في اليمن، يفضح السعودية والإمارات وضع المناطق المحتلة بما فيه من تردٍ للخدمات وغلاء للمعيشة، ويضاف ذلك إلى سجل انتهاكاتهما بحق اليمنيين والعدوان والحصار الذي تقوده أمريكا بمساعدة وغطاء من قوى الاستكبار العالمي.
عدن خلال الأيام الماضية وتحديداً بعد إعلان سريان قرارات حكومة المرتزقة، شهدت أزمة غاز منزلي شديدة بالإَضافة إلى ارتفاعات جنونية في أسعار المواد الغذائية وانهيار للوضع المعيشي، وبحسب تصريحات لسكان عدن تداولتها وسائل إعلامية، وصل سعر أسطوانة الغاز فئة 20 لتراً إلى أكثر من 21 ألف ريال في السوق السوداء.
أزمات مركبة يعيشها سكان المناطق المحتلة وعلى رأسها عدن، فليس الدولار الجمركي فقط هو من ارتفع سعره، فالريال اليمني هو الآخر يتهاوى ويكسر حاجز 1250 أمام الدولار الواحد، وسط توقعات خبراء باستمرار تهاويه حد الوصول إلى 2000 ريال.
وبالمقابل تعيش المناطق المحررة فعلًا حالة من استقرار الأسعار، ومؤخرًا جرى ضبط وإغلاق عدد من الشركات المخالفة للتسعيرة القانونية، كما يشهد الريال اليمني ثباتًا لافتًا أمام الدولار رغم الحرب الاقتصادية والحصار من قبل تحالف العدوان الذي يستخدم الاقتصاد كورقة للضغط، والوضع المتردي اقتصاديًا في مناطق الاحتلال يكشف حقيقة الحرب العدوانية التي تستهدف الاقتصاد اليمني والعملة واليمنيين في معيشتهم على حدٍ سواء.
سياسةُ إلهاء
الارتفاع الجنوني في الأسعار، وانعدام المشتقات النفطية، نتيجةً للسياسات العدوانية التي تنتهجها حكومة المرتزقة بغطاء من تحالف العدوان، هو ما يؤرق المواطنين هناك ويقلب حياتهم جحيمًا، ففي سياق تداعيات رفع سعر الدولار الجمركي، يتوقع تجار في عدن أن تصل أسعار كيس القمح إلى 55 ألف ريال يمني.
مجلس الشورى بدوره يصف قرار حكومة المرتزقة برفع الدولار الجمركي، بـ ”الكارثي”، ويؤكد أنه سيسهم بشكل مباشر في تزايد حجم المعاناة وتردي الأوضاع الخدمية والمعيشية لأبناء الشعب اليمني في المحافظات الجنوبية، وعموم اليمن، ويعتبر القرار عقابًا جماعيًا بحق اليمنيين، حيث سيفاقم تردي الأوضاع المعيشية للمواطن، في ظل فساد حكومة العمالة والارتزاق.
وعن غاية حكومة المرتزقة وهدفها من هكذا قرارات، يؤكد الشورى في بيانٍ له، أنها “تهدف من وراء هذا القرار المجحف إلى تنفيذ سياسة العدوان لإلهاء المواطنين بلقمة العيش وحرف انظاره عما يقوم به من نهب للثروات واحتلال المناطق الاستراتيجية”، كما يدعو الشورى اليمنيين إلى رفض هذه السياسة والخروج ضد المرتزقة وتحالف العدوان.
كما يكشف الإقدام المتكرر من قبل مرتزقة العدوان على اتخاذ المزيد من القرارات، استغلال أمريكا للوضع الاقتصادي المتردي وعدم خروج المواطنين لرفض سياسة التجويع والإفقار بحقهم، بالسيطرة على المناطق النفطية والتحكم بالقرار السياسي والسياسي بما يخدم بقائها على الأرض، وذلك بالإضافة إلى دورها الخبيث والمشؤوم فيما يتعلق بالمفاوضات.
الحل ميناء الحديدة
ومقابل تصعيد حكومة المرتزقة للحرب الاقتصادية عل اليمنيين، وتحديدًا بعد إقدامها على رفع سعر الدولار الجمركي إلى 500 ريال، يصدر الرئيس المشاط توجيهات بتثبيت سعر الدولار الجمركي في ميناء الحديدة بـ 250 ريالا، وتعليق نسبة 49 % من الجمارك عن كل حاوية تدخل محملة ببضائع التجار من ميناء الحديدة.
نقابة تجار المواد الغذائية والمنزلية في صنعاء بدورها تطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإلغاء قرار رفع سعر الصرف الجمركي في المناطق المحتلة، كما تطالب الأمم المتحدة بفتح ميناء الحديدة بشكل عاجل لتخفيف معاناة اليمنيين بخفض تكاليف الأجور ومصروفات النقل وتلافي اختلالات سلاسل الإمدادات، وتوجه جميع التجار إلى الرفض وعدم التعامل مع رفع تسعيرة الدولار الجمركي من قبل حكومة المرتزقة.
ميناء الحديدة تحت وطأة حصار تحالف العدوان، ورفع الحصار عنه يشكل أهمية بالغة واستحقاقاً لكل اليمنيين، للخلاص من الجمارك الباهظة التي يجنيها المرتزقة من اليمنيين، وهنا يرى اقتصاديون عدم أحقيتهم في فرض أي رسوم جمركية أو ضريبية كونهم لا يقومون بأي من واجبات الدولة من صرف الرواتب وتوفير الخدمات وتنفيذ المشاريع التنموية والاقتصادية وتثبيت الأمن وغيرها.
عامُ المجاعة
حكومة المرتزقة إبّان أقدامها على الرفع الجمركي الأول إلى 500 ريال تقول “إن قرارها تحريك سعر صرف الدولار الجمركي سيرفع الرسوم الجمركية من نحو 350 مليار ريال سنويا إلى 700 مليار ريال، ما يعني وصول جباياتها بعد الرفع الثاني إلى ترليون وخمسين مليون ريال، يدفعها المواطن في مناطق سيطرتها دون أن يحصل حتى على أدنى متطلبات الحياة.
ذلك في بلد يستورد 90 % من احتياجاته من الخارج، وبمعزل عن المصطلح المستخدم “تحريك” يقول خبراء اقتصاديون إن قرار “تحريك سعر صرف الدولار الخاص بالجمارك في عدن المحتلة الى سعر 750 ريال للدولار الواحد سيؤدي بشكل مباشر إلى مجاعة بين المواطنين، وسيضر بشدة بحركة التجارة.
كذلك غرفة التجارة والصناعة في محافظة عدن المحتلة، في بيان لها تؤكد أيضًا أن القرار سيخل بآلية توفر المواد الغذائية وسيؤدي إلى زعزعة الاستقرار المجتمعي الأمني في ظل توسع نطاق الجوع بين المواطنين، والتجويع والإفقار إحدى الأسلحة التي تستخدمها أمريكا لإذلال الشعوب واحتلالها، وتاريخها القبيح يشهد بذلك.
ثم يحذّر اتحاد الغرف التجارية والصناعية من وقوع مجاعة في البلاد خلال 2023م، ويتهم حكومة المرتزقة بالفشل، ويُضرب العشرات من التجار عن العمل احتجاجًا على رفع سعر الدولار الجمركي، ويمتنعون عن تخليص معاملاتهم في حرم جمرك المنطقة الحرة، ومع ذلك تواجه حكومة المرتزقة الرفض الشعبي بصلف وتصرّ على تنفيذ جرعة الموت.
يسقط المرتزقة في وحل الخيانة والعمالة، وبقدر ما يحضرون بقوة في مفاقمة معاناة اليمنيين في المناطق المحتلة واليمن بشكلً عام، يغيبون تمامًا عن المفاوضات التي تحضرها صنعاء بقوة وعلى كاهلها الشعب، من أجل التخفيف من وطأة المعاناة بصرف المرتبات لكل الموظفين ورفع الحصار، وترفض المساومة وتقف لمواجهة حرب الإفقار والتجويع التي تقودها أمريكا، التي أيضًا تقف حجر عثرة أمام أي تقدم في المفاوضات، فهي تريد استمرار حالة العوز والفوضى في المناطق المحتلة، ليستمر وجودها وتنفيذ أجندتها الاستعمارية ومؤامراتها الخبيثة.