لم يكن مجموع اللقاءات السورية – التركية مؤخراً ،والحديث التركي عن دعم تركيا لمصالحة وطنية شاملة في سوريا ،بالحدث والملف العابر ،فالتحركات التي رعتها روسيا والإيران بين تركيا والدولة السورية ،وبدعم إماراتي – مصري – أردني – جزائري ،ومن خلف الكواليس ،ومحاولة تعزيز فرص التقارب من جديد بين أنقرة ودمشق بعد حالة انقطاع في العلاقات استمرت لعدة أعوام مضت ، والتي انتهت أخيراً بإعلان تركيا عن دعمها لمصالحة شاملة في سوريا ،والتي تبعها رسائل سياسية إيجابية عدة بين الجانبين، حدثاً سياسياً عابراً ،فتزامناً مع هذه التحركات ،يبدو واضحاً أن دوائر صنع واتخاذ القرار الروسي – الإيراني قد نجحت «إلى حد ما ومرحلياً « بتفادي مجموعة سيناريوهات بما يخص ملف العلاقات السورية – التركية ،فما قامت به موسكو – طهران مؤخراً من اتصالات متزامنة مع أنقرة ودمشق وتصريحات تصدر أولوياتها ملف التسوية في سوريا ، يظهر أن تركيا بكيانها الرسمي قد انخرطت فعلياً وباتت معنية بإنجاز تفاهمات مستدامة مع دمشق ،وفق رؤية الحل الروسية – السورية- الإيرانية .
ومن ينظر لأبعاد وخلفيات الحديث التركي والانفتاح على دمشق ،بعد تعثر عودة هذا التقارب بين دمشق وأنقرة ، بسبب تعقيدات كان يفرضها النظام التركي وحليفه الأمريكي ،سيدرك حقيقة أن الأتراك ودوائر صنع القرار التركي، وكما تتحدث الكثير من التقارير والتحليلات، باتت تقرأ بعناية تفاصيل وتداعيات ونتائج متغيرات ما يجري بعموم الساحة السورية عسكرياً وسياسياً ،فهذه المتغيرات بدأت تأخذ المساحة الكبرى من المناقشات والتحليلات لنتائجها على الصعيدين السياسي والعسكري الداخلي التركي.
والواضح اكثر اليوم أن دوائر صنع القرار التركي نجحت اليوم بالعمل مع الروس والإيرانيين، ونجحت بالتواصل مع السوريين عبر خطوط اتصالات عسكرية وسياسية ، للعمل على إنجاز تسوية شاملة لملف العلاقات التركية – السورية وعلى كافة صعدها ، فدوائر صنع القرار التركي تسعى لاستباق أي متغيرات عربية وإقليمية ودولية إيجابية تجاه سوريا ، ولهذا تسعى لإنجاز مسار من التسوية مع الدولة السورية وتفعيل شامل للعلاقات، فاليوم يعتبر مسار انخراط النظام التركي الرسمي بمسار التسوية مع سوريا، خطوة في الطريق الصحيح في توقيتها ونتائجها المستقبلية وعنواناً لمرحلة جديدة من العلاقات التركية – السورية ،بعد الحرب على سوريا.
ختاماً ، اليوم ومع عودة تفعيل خطوط الاتصالات السياسية بين أنقرة ودمشق بشكل مباشر ، فمن الطبيعي أن يكون لعودة هذه الاتصالات أثر إيجابي كبير بمسار عودة وتطبيع العلاقات بشكل كامل ،وبما يخص تحديداً ملف السوريين الموجوديين في تركيا ، فهذه الاتصالات « والتي ستتحول قريباً لزيارات رسمية متبادلة»( اقتصادية وسياسية وعسكرية ) «لن تتوقف عند حدود الملف السياسي ،بل ستتطور باتجاهات إيجابية عدة تخدم مصالح كلا الجانبين ،مع مؤشرات على تغير ما برؤية لتركيا لطبيعة تحالفاتها المستقبلية الدولية والاصقليمية.
*كاتب وناشط سياسي –الأردن.