احتفال الجنوب بـ30 نوفمبر زائف وتجديد للاحتلال

ناصر جرادة

يكتسب يوم الـ 30 من نوفمبر من 1967م أهمية سياسية وتاريخية لدى اليمنيين كونه يوم جلاء آخر جندي بريطاني عن الأرض اليمنية بعد احتلالٍ دام نحو 128 سنة، غير أن المناسبة تعود في ذكراها الـ 55 وقد بدت مجرد ذكرى مفرغة من معناها بالنظر إلى الواقع الذي أفرزه العدوان الخارجي المستمر على بلادنا للعام الـ 8 على التوالي.
55عاماً على جلاء آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، في الـ 30 من نوفمبر 1967م، والذي كان نتاجاً لمسيرة كفاح طويلة قادها الأحرار حتى الاستقلال، ليغدو ذلك اليوم يوماً خالدا في مسيرة التاريخ اليمني، يوماً طوى 128 عاماً من الهيمنة والاحتلال الغاشم.
اليوم، وبعد مرور 55 عاماً، حلت ذكرى عيد الجلاء مع محتل جديد وقح يريد عبر أدواته أن يسرق تاريخ وتضحيات الأحرار، ويعيد إلى المشهد إمارات غابرة اقتداء بسيده البريطاني، جاعلاً من أدواته الرخيصة من تتصدر المظاهرات والفعاليات الاحتفائية بعيد الجلاء في عدن وشبوة وحضرموت وغيرها من محافظات الجنوب، فيما صوت المواطن الذي له حق الاحتفال غائب تماماً بفعل القمع و»الإرهاب» الذي يمارسه ضده تحالف الاحتلال السعودي الإماراتي ومرتزقته، ليأتي مستعمر آخر بعد عقود من التحرر محاولاً إحياءها من جديد.
فقبل 55عاماً من الآن، وتحديداً في الـ30 من نوفمبر/ 1967م، توِّجت ثورة الرابع عشر من / أكتوبر 1963م، باستقلال الجزء الجنوبي المحتل من أرض اليمن ورحيل آخر جندي بريطاني منه، مسقطة معه إمارات ومشيخات؛ وتبعات سياسات التجزئة والكيانات الاجتماعية التي زرعها الاستعمار تحت مسميات مختلفة منحت كل كيان جغرافيا محددة.
ومثلما فعل المستعمر البريطاني الذي صنع المشيخات عام 1900م، تحاول قوى الاحتلال السعودي الإماراتي اليوم إعادة تلك المشيخات إلى الواجهة، وإعادة كل من سيوفر لها غطاءً للمضي في احتلال المحافظات الجنوبية وفرض سيطرة كاملة على موانئها وشواطئها ونهب ثرواتها النفطية، وإنشاء قواعد عسكرية بالتعاون الوثيق مع العدو الصهيوني والأمريكي.
احتلال بنسخة جديدة
فبعد أن وجدت تلك القوات أن كل أدواتها التي عملت على تشكيلها منذ البداية، بدءاً بحكومة الفنادق مروراً بقوات العميل طارق عفاش في الساحل الغربي، وليس انتهاء بـ«الانتقالي» وتفرعاته من «نخب وأحزمة» وغيرها، ها هي تحذو حذو المستعمر البريطاني في السابق، باحثة لها في «استعادة وجوه وعملاء» من تاريخ غابر لتعيدها إلى السطح مجدداً.
التوجه الجديد، الذي تكشَّف خلال الأعوام الأخيرة ، يصب في إطار مساعي الرياض وأبوظبي لاستمرار احتلالهما وسيطرتهما الكاملة على المحافظات الجنوبية تحت غطاء أدوات محلية كالكيانات الاجتماعية والسياسية التابعة لها، يبدو المشهد أكثر وضوحاً، حينما يتجوَّل المندوب الإماراتي والسفير الأمريكي بأريحية كاملة في المحافظات الجنوبية المحتلة، فيما رئيس المرتزقة أو أحد أعضاء حكومته لا يملكون حق العودة وطائرات اليمنية تبيت في المطارات الأجنبية بعد طردها من مطار عدن، كل هذا سيدفع اليمنيين للبحث عن سبل لإعادة الاعتبار للسيادة وتحقيق الاستقلال الثاني وتحرير القرار اليمني من الهيمنة الأجنبية.

قد يعجبك ايضا