حتى أنت يا عبد البقر..!!

يكتبها اليوم / حمدي دوبلة


في زماننا الأرعن، وفي ظل ما تعيشه أمتنا من شتات وفرقة وانهزام وتجرّد من هويتها ومبادئها وتراثها، وانحياز الكثير من حكّامها إلى صف العدو في مواجهة أبناء ملّتهم وسفك دماء المسلمين، ليس بغريب ولا بخارج عن المألوف، أن يتجرأ حثالة البشر – ممن لايزالون يعبدون الأبقار والقطط ويتبركون بمخلفاتها – على الإساءة لسيد الخلق أجمعين وأكرم وأعظم من مشى على الثرى، عليه وآله أفضل الصلاة والسلام.
-هل كان بإمكان نكرة ومسخ وتافه مثل المدعوّة ” نوبورا شارما” المتحدثة باسم حزب بهاراتيا جاناتا، الحاكم في بلاد الهند أن تفكّر مجرد التفكير في التطاول على إمام المرسلين والرحمة المهداة للعالمين بذلك الأسلوب الوضيع، لو كانت الأمة في حالها الطبيعي ” خير أمة أُخرجت للناس” تمارس دورها ومسؤولياتها كما ينبغي، في نقل قيم الخير ونشر ضياء الرحمن إلى أصقاع الأرض، وتتصدى للطغاة المستكبرين وترسي دعائم العدل والخير والهدى في أرجاء المعمورة؟!!
-الواقع الهابط وحالنا البائس وما وصلت إليه الأمة من انفصام كامل بينها وبين الدين الإسلامي كعقيدة ونهج حياة، بات يتجلى بوضوح في ردود الفعل الضعيفة والخجولة من قبل بعض البلدان والهيئات الشعبية غير الرسمية، إزاء الإساءات ونباح الكلاب التي نسمعها من وقت لآخر من هنا وهناك، تطال رموزنا وثوابتنا ومقدساتنا، بينما يكتفي السواد الأعظم من بلاد الإسلام بالصمت والتعامي.
-بعد مرور أسبوعين تقريبا من جريمة (عبدة البقر) شارما، وما تقيأت به من تفاهات وبذاءات تثير الغثيان، لم نعد نسمع شيئا من الاحتجاجات في الشارع العربي والإسلامي، باستثناء بعض الفعاليات الاحتجاجية في الهند نفسها للمسلمين الغيارى في تلك البلاد متعددة الديانات والعقائد، وإذا بهم عرضة لبطش وقهر السلطات الهندية التي تُصرّ على عدم الاعتذار عن الجريمة، ولكنها مضت بكل بجاحة في قتل بعض المحتجين واقتياد المئات منهم إلى غياهب السجون والمعتقلات بتهم ممارسة العنف، وأعمال الشغب، حيث وصل عدد المعتقلين حتى يوم أمس الأول أكثر من 230شخصا..فيما الأعراب ممن يدّعون زورا وبهتانا تجسيدهم للإسلام، منشغلين بالأكل والشرب مثل الأنعام بل هم أضل سبيلا، وأما حكّامهم فمنهمكون في نسج المؤامرات والدسائس والمؤامرات لقتل المسلمين في اليمن والعراق وسوريا وإيران وغيرها من بلاد الإسلام، وفي إرساء دعائم التعاون والشراكة مع الكيان الصهيوني.
حقا نعيش زمن المفارقات والعجائب.. وصدق الشاعر أبو العلاء المعرّي بقوله قديما:
إذا وصف الطائيَ بالبخل مادر
ٌ وعيّر قسّاً بالفهاهة باقلُ
وقال السهى للشمس أنتِ خفيةٌ
وقال الدجى للصبح لونك حائلُ
وطاولت الأرض السماء سفاهةً
وفاخرت الشهبَ الحصى والجنادلُ
فيا موت زرْ إن الحياة ذميمةٌ
ويا نفسُ جدّي إن دهرك هازلُ

قد يعجبك ايضا