صنعاء ../ مرزاح العسل
في مثل هذا اليوم وتحديدا منتصف ليلة الـ26 من مارس عام 2015م، أعلن السفير السعودي في واشنطن حينها عادل الجبير، عن بدء العدوان على اليمن أرضا وانسانا بقيادة السعودية وتحالف الإمارات وثلة من الدول التي باعات ضميرها للشيطان الأكبر وللمال الخليجي المدنس، وبدعم أمريكي صهيوني وضوء أخضر دولي ونفاق عالمي لم يشهد له التاريخ مثيل.
وفي هذا التاريخ من كل عام يخرج الشعب اليمني في مسيرات كبري في مراكز المحافظات وأمانة العاصمة صنعاء، لكيلا ينسى ما فعله به جيران السوء ومن يسمون أنفسهم عرباً ومسلمين وهم بعيدين كل البعد عن ذلك، ويُسمع العالم بأنه لا زال حياً رغم الحرب والحصار التي أكلت الأخضر واليابس.
ففي العام 2015، بدأت السعودية عدوانها على اليمن، ووعدت نفسها بحسم المعركة خلال 14 يوم، ولكن بعد 7 سنوات من هذا العدوان، وجدت المملكة نفسها غارقة في مستنقع اليمن، مع تكبدها خسائر عسكرية واقتصادية هائلة قُدِّرت بمليارات الدولارات، إلا أنها تعمل على التكتم عليها.
وهذا العام تتجلى لنا بوضوح ازدواجية المعايير الدولية.. ففي عشية 26 مارس من العام 2015م مع بدء العدوان سارع مجلس الأمن إلى وضع اليمن تحت “الفصل السابع في 14 أبريل من نفس العام، وهذا القرار أجاز العمل العسكري لتحالف العدوان على اليمن والسيطرة على التحركات داخل اليمن وخارجه.
أما في أوكرانيا فطالب المجتمع الدولي روسيا باحترام السيادة الأوكرانية، مع أنه في الوقت نفسه يتغاضى منذ 7 سنوات عن العدوان الغاشم على اليمن، ولأجل ذلك سن قوانين تشرع سيادة انتهاك اليمن.. وهذا القرار أعطى صبغة قانونية للتدخل الأجنبي والحصار والمساهمة في فرض عقوبات تجرم أي تيار وطني العمل على مقاومة ذلك.
ورغم مخالفة قرار مجلس الأمن الدولي قراراً للجمعية العامة للأمم المتحدة بمنع الاعتداء على دولة بإخضاعها لاحتلال عسكري إلا أن الأخيرة تذرعت بأن الرئيس الفار عبدربه منصور هادي هو من طلب التدخل الأجنبي (مع أنه اعترف لإحدى القنوات بأنه لا يعلم شيء).
ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا ارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين ما جعل اليمن أكبر كارثة إنسانية منذ قرن، مع العلم أن تقارير الأمم المتحدة الأخيرة كشفت أن العدوان تسبب في استشهاد أكثر من 260 ألف يمني.
وبهذه الأرقام كشف العدوان على اليمن أن القانون الدولي يتم تطويعه حسب مقتضيات هيمنة النظام الغربي والسياسة الأمريكية وهذا يثبت أن العدوان جاء بضوء أخضر دولي ونفاق عالمي لم يشهد له التاريخ مثيل.
وفي هذا السياق فقد توعد وزير الدّفاع اليمني اللّواء الرّكن محمد ناصر العاطفي أنّ العام الثّامن من الصمود سيكون “عام أعاصير اليمن” والإنجازات التسليحية الإستراتيجية الأكثر تطوّراً والأقوى ردعاً للعدوان وأذنابه، الذي لا يزال مستمراً في غيّه وعنجهيته وغطرسته ضدّ شعب الحضارة والتاريخ الشعب اليمني.
وقال اللّواء العاطفي: “نحن اليوم نتقدّم بخطوات واثقة في بناء معطيّات عسكرية استراتيجية جديدة ستحقّق مفاجآت غير مسبوقة وستقلب موازين القوى رأساً على عقب، وتكون الكلمة الفصل لأصحاب الحقّ والموقف والجغرافيا والإرادة اليمنية والقرار الوطني غير المنقوص”.
وأشار إلى أنّ على قوى العدوان أن تستوعب جيدًا أنّها لن تجني سوى الويل إذا ما استمرّت في عدوانها وإجرامها.. مؤكّدًا أنّ القادم سيختلف شكلاً ومضمونًا ويكون مرعبًا لدول العدوان بكلّ المقاييس العسكرية التي تتضمنها إستراتيجية معركة التحرر والاستقلال التّام والشّامل.
ولفت إلى أنّ القوّة الصاروخية اليمنية تحتل اليوم مرتبة متقدمة من التطور والتحديث وتمضي نحو مراتب أكثر تقدمًا من حيث المدى والدقّة وأشد تأثيرًا، ومزوّدة بأنظمة ذكيّة يصعب على الدّفاعات الجوية المختلفة اعتراضها.. مشيرًا إلى أنّ الطيران المسير يشهد تحديثًا بخبرات وكفاءات يمنية وسيكون عند مستوى المهام “الجيو استراتيجية” المسندة إليه.
وأضاف: “استطاعت هذه الخبرات والكفاءات اليمنية من تحقيق إنجازات متسارعة وتحوّلات كبيرة في صناعة وتطوير منظومات الدّفاع الجوي التي ستفاجئ الجميع”.
وأشاد وزير الدفاع اليمني بالتضحيات والملاحم البطولية التي يسطّرها الجيش واللّجان الشعبية وأبناء القبائل الأحرار في كلّ واد وسهل ورابية وجبل دفاعًا عن اليمن وعزّته ضدّ أعتى عدوان عرفته المنطقة.
ولفت إلى ما تحقّق من انتصارات وإنجازات عسكرية وسياسية واقتصادية للجمهورية اليمنية خلال سنوات الصمود الوطني رغم ما حشده العدوان وأذنابه من إمكانيّات حربية متطوّرة وتقنيات عسكرية أمريكية وغربية حديثة.
واعتبر أنّه “بفضل الله تعالى وحكمة قيادتنا الثورية ممثلة بالسيد عبد الملك بدرالدين الحوثي وبتلاحم وصمود شعبنا مع الأبطال في القوّات المسلّحة، تحطّمت أحلام قوى الوصاية والتبعيّة والهيمنة وتمرّغت أنوفهم في وحل الهزائم وسقطت مخطّطاتهم التآمرية”.
وختم وزير الدّفاع اليمني بالقول: “مهما كانت وحشية العدوان والدّمار والحصار فإنّ ذلك لن يزيد شعبنا وجيشنا إلّا مزيدًا من الثّبات والصّمود، فالجهاد والاستشهاد هو طريقنا الوحيد لنيل الحرية والاستقلال والكرامة واستعادة كلّ شبر من أرض الوطن وهو أيضًا طريقنا إلى تحرير مقدّسات الأمّة”.
وفي سياق إحياء ذكرى مرور 7 أعوام من الحرب على اليمن، أطلق ناشطون حملة تضامنية في مواقع التواصل الاجتماعي.. ودعا المنظمون الإعلاميين والناشطين للمشاركة الواسعة في حملة تغريدات باستخدام وسمين: #اليوم_الوطني_للصمود، 7YearsOfWarOnYemen#
وبحسب إحصائية لمنظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل، فقد بلغ عدد ضحايا العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي من الأطفال والنساء في اليمن بلغ 13 ألفًا و343 ضحيةً وجريحًا خلال 7 سنوات.
وأوضحت المنظمة أن عدد الضحايا من النساء والأطفال بلغ 6 آلاف و274 منهم ألفان و428 امرأة و3 آلاف و848 طفلًا، فيما بلغ عدد الجرحى 7 آلاف و69 جريحًا منهم ألفان و852 امرأة و4 آلاف و217 طفلًا خلال 7 سنوات من العدوان.
وفيما يتعلق بمعاناة النازحين من النساء والأطفال، أشارت الاحصائية إلى ارتفاع عدد النازحين إلى 4 ملايين و495 ألفًا و558 نازحًا، ووصل عدد الأسر النازحة إلى 670 ألفًا و343 أسرة في 15 محافظة.
وحمّلت رئيسة منظمة انتصاف سمية الطائفي، تحالف العدوان بقيادة أمريكا والسعودية المسؤولية عن كل الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين، وطالبت المجتمع الدولي والمنظمات الأممية والهيئات الحقوقية والإنسانية بتحمّل المسؤولية القانونية والإنسانية تجاه الانتهاكات والمجازر البشعة التي تحدث بحق المدنيين من أبناء الشعب اليمني.
وعُقدت في العاصمة السورية دمشق، الأربعاء، ندوة فكرية وسياسية بعنوان (اليمن 7 أعوام من الصمود)، نظمها اتحاد كتّاب العرب في سوريا بالتعاون مع قناة المسيرة.
وفي الندوة، التي حضرها رئيس اتحاد الكتّاب العرب الدكتور محمد الحوراني، دعا الدكتور الحوراني الأدباء والنّخب الثقافية إلى تضافر الجهود لرفع الظلم والإرهاب عن الشعب اليمني، ووضع حد لهمجية الحرب الدموية والوقوف صفاً واحداً إلى جانب اليمن.
وقال: “بعد 7 سنوات من العدوان والإرهاب والعنف والحرب العبثية، التي تفوح منها رائحة النفط والممزوجة برائحة دماء اليمنيين، يزداد الشعب اليمني إصراراً على مبادئه وتمسكاً بدفاعه عن أرضه وثوابته ومبادئه وقيمه في رد الظلم عن نفسه ورفض الخنوع والخضوع للسياسات العدوانية”.
وكان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع، قد استعرض في مؤتمر صحفي له حصاد عمليات القوات المسلحة خلال 7 أعوام من الصمود في مواجهة العدوان، وذكر أن القوات المسلحة بصدد إجراء عمليات تجريبية لأسلحة نوعية جديدة ستدخل على خط المعركة خلال المرحلة المقبلة.. مؤكدا أن العام الثامن من الصمود سيشهد عمليات عسكرية نوعية ستؤدي إلى التنكيل بالعدو وتحرير المزيد من أراضي اليمن المحتلة.
وقال: إن القوات المسلحة قد أعدت العدة لعمليات عسكرية نوعية ضمن ما يتعلق بمسار كسر الحصار وهي بانتظار صدور التوجيهات بشأن تنفيذها.. مبينا أن عمليات كسر الحصار تأتي ضمن المهام الدفاعية المشروعة لأي شعب يتعرض لهذا العدوان والاجرام وسيتفاجأ العدو بالتحرك الشعبي المساند للقوات المسلحة لكسر الحصار الظالم.
واعتبر اليوم الوطني للصمود، محطة من محطات مسيرة الشعب اليمني الجهادية ورسالة للعالم بأنه قادر على الدفاع عن بلده وعزته والمضي نحو تحقيق الحرية والكرامة والاستقلال.. لافتا إلى أن المنزعجين من صمود الشعب اليمني هم من أرادوا قهره وإذلاله واستعباده عندما شنوا عدوانهم الغاشم عليه وأرادوا احتلال أرضه خلال ثلاثة أشهر، لكنه صمد وسيواصل الصمود حتى تحقيق النصر.
في المقابل يسجّل تحالف العدوان على اليمن عاماً بعد عام، خسائر كبيرة في الأسلحة والعتاد، وانتكاسات تلو الانتكاسات تُظهر فشل أهدافه المرسومة.. فقد أنفقت السعودية مليارات الدولارات منذ بدء عدوانها على اليمن، في محاولة لقلب المعادلة لمصلحتها، من خلال شراء الأسلحة، من صواريخ وطائرات وعتاد، وتمويل الضربات الجوية، ودفع البدائل المالية وغيرها، ناهيك بتكاليف التشغيل العالية والدعم اللوجستي والأموال التي تعطى لقوات تقدّم الدعم، كالقوات السودانية لكن كل ذلك ارتد وبالاً عليها.. وكل ذلك يُضاف إلى الخسائر البشرية والاقتصادية الناتجة من الاستهداف اليمني للداخل السعودي والإماراتي.
ووسط سياسة التكتم الإعلامي السعودي على الخسائر التي تتكبَّدها المملكة السعودية في مختلف الجبهات اليمنية، كشف العميد يحيى سريع في بيان له الاثنين خسائر العدوان السعودي، قائلا: “نفذنا خلال 7 سنوات أكثر من 13 ألف عملية عسكرية بين هجومية وتصدي وكسر زحوف، وثقتنا بالله عالية لا تتزعزع وكما تصدينا للمؤامرات السابقة سنتصدى بإيمان وعزيمة وقوة لأي تصعيد جديد”.
واستطرد قائلا: “نفذنا عشرات العمليات الميدانية النوعية منها عمليات نصر من الله، البنيان المرصوص، فأمكن منهم، البأس الشديد، ربيع النصر، ومن أهم العمليات العسكرية التي نفذناها في عمق دول العدوان عمليات توازن الردع، إعصار اليمن، كسر الحصار”.
وكشف: “رصدنا مقتل وإصابة أكثر من 10 آلاف جندي من جيش العدو السعودي، وأكثر من 1200 جندي إماراتي، وخسائر الخونة والمنافقين تجاوزت 253 ألفا بين قتيل ومصاب خلال 7 سنوات”.
وأضاف: “نجحنا في تدمير وإعطاب وإحراق أكثر من 17 ألف آلية ومدرعة وناقلة جند ودبابة وجرافة وسلاح متنوع، أغلبها موثقة بالصوت والصورة، واغتنمت قواتنا خلال 7 سنوات المئات من المدرعات والآليات وكميات مختلفة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة”.
واعتبر سريع أن “نتائج العمليات العسكرية تمثل أحد أبرز مصادر التسليح لقواتنا المسلحة إضافة إلى الصناعات العسكرية، واعتمدت القوة الصاروخية على تراكم الخبرة في المؤسسة العسكرية وكذلك الاستفادة من التجارب في التطوير، وباتت القوة الصاروخية تعتمد بنسبة 100 في المائة على خبرات يمنية”.
وتابع المتحدث العسكري بالقول: “نفذت القوة الصاروخية 1826 عملية، منها 1237 استهدفت تجمعات العدو داخل اليمن، و589 استهدفت العمقين السعودي والإماراتي”.
هذا وتُقدّر المشتريات العسكرية للسعودية بأكثر من 63 مليار دولار منذ بدء عدوانها على اليمن.. من بينها 28.4 مليار دولار أُنفقت على صفقات لشراء الأسلحة الأمريكية منذ شهر مارس 2015، منها 20 عقداً صادقت عليها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.. بلغت قيمتها 1.2 مليار دولار.
وشكَّلت صفقات السلاح السعودية مع أمريكا 74 في المائة من الإنفاق التسليحي لها، إضافةً إلى بريطانيا وفرنسا اللتين شكلتا 16 في المائة من المشتريات، وفق ما كشفه تحقيق استقصائي أمريكي.
ووفق تقرير لمجلة “فورين بوليسي”، فإنَّ تكاليف بارجتين حربيتين، تتبعهما 6 فرقاطات مرافقة، استأجرتهما السعودية لاستخدامهما في الحرب على اليمن، تبلغ 300 مليون دولار يومياً.. وتحمل البارجة على متنها 6000 جندي بعدتهم وعتادهم، و450 طائرة بطياريها، وعليها أيضاً مدافع وصواريخ بعيدة المدى.. وبهذا، يكون إجمالي تكاليف البارجتين مع توابعهما 54 مليار دولار خلال 6 شهور.
كذلك إضافةً إلى نفقات قمرين صناعيين للأغراض العسكرية، تبلغ تكلفة الساعة الواحدة مليون دولار، أي في اليوم الواحد 48 مليون دولار، وهو ما يعادل ملياراً و440 مليون دولار خلال الشهر الواحد. ما يكلف 8 مليارات و640 مليون دولار خلال 6 شهور.
وتبلغ كلفة تحليل المعلومات وعرضها واستخراجها من الصور والبيانات التابعة للأقمار الصناعية العسكرية 10 ملايين دولار يومياً، أي 300 مليون دولار شهرياً، ليصل المبلغ إلى مليار و800 مليون دولار خلال 6 أشهر.
كما تبلغ كلفة طائرة “الأواكس” 250 ألف دولار في الساعة، أي 6 ملايين دولار يومياً، ما يعادل 180 مليون دولار شهرياً، أي ما يعادل ملياراً و80 مليون دولار خلال 6 أشهر.
أما كلفة الصاروخ الصغير، فتبلغ 150 ألف دولار، وكلفة الصاروخ المتوسط الحجم تبلغ 300 ألف دولار، وكلفة الصاروخ الكبير الحجم 500 ألف دولار. وتبلغ كلفة الصيانة وقطع الغيار لكل طائرة في الغارة الواحدة 150 ألف دولار.
وفيما يتعلق بالميزانية الجديدة للسعودية في العام 2022 فقد شهدت خفضاً للإنفاق العسكري بأكثر من 10 في المائة مقارنة مع ما كان عليه في العام 2021، إذ تعتزم السعودية تخصيص 171 مليار ريال للإنفاق العسكري في العام 2022، مقارنة بـ190 مليار ريال في 2021.
وهذا الأمر، بحسب مراقبين، يأتي في المقام الأول بسبب الخسائر الكبيرة التي يتكبّدها الاقتصاد السعودي جراء الحرب على اليمن، وعدم قدرة الرياض على الاستمرار في الرفع التدريجي لميزانيتها العسكرية والتكتّم على خسائرها، رغم أنَّ عائدات النفط الكبيرة كان من المفترض أن تغطي هذه الخسائر.
سبأ