غارات وقرارات مجلس الأمن شريك في العدوان على اليمن( الحلقة الخامسة)
مجلس الأمن منصة دولية لتبرير العدوان والحصار على اليمن
القرار (2140) اليمن تحت الفصل السابع (الفصل الأول من العدوان)
الثورة /
عاد مجلس الأمن في القرار رقم (2140) الذي اتخذه في جلسته (7119) المنعقدة في 26 فبراير 2014 ، إلى التأكيد على “التزامه الشديد بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية”، كما أشار إلى هدفه العملي بتأكيد آخر “أن أفضل حل للوضع في اليمن هو عن طريق عملية انتقال سياسية سلمية وشاملة للجميع ومنظمة يتولى اليمن زمامها لتلبي مطالب الشعب اليمني وتطلعاته المشروعة لتغيير سلمي وإصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي ذي مغزى”، لقد اتضح جلياً من خلال هذا القرار أن المجلس يعلن أن هدفه دعم عملية انتقال سياسي سلمي تلبي مطالب الشعب مع الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية.
توصيفه للتحديات والأحداث في اليمن ومبررات استمرار تدخله:
كما هو الحال في قراراته السابقة أكد مجلس الأمن في قراره (2140) أن الأحداث في اليمن لا تتعدى الشأن والجغرافيا اليمنية، وأنها أحداث يغلب عليها الطابع السياسي في ما يتعلق بانتقال السلطة وتشكيلها، مع إعرابه عن قلقه مما وصفها “المصاعب السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية المستمرة في اليمن، بما في ذلك أعمال العنف المستمرة”، مع الاستدلال بحادثتين أمنيتين فقط قام بهما تنظيم القاعدة بالاعتداء الإجرامي على مستشفى وزارة الدفاع اليمنية(1) والسجن المركزي(2)، وهما الحادثتان اللتان استند عليهما في قراره ليعلن قلقه وإدانته للأنشطة التي أسماها “جميع الأنشطة الإرهابية، والهجمات التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية للنفط والغاز والكهرباء والسلطات الشرعية، بما فيها تلك التي تهدف إلى تقويض العملية السياسية في اليمن، وإذ يدين كذلك الهجمات التي تستهدف المنشآت العسكرية والأمنية، ولا سيما الهجوم الذي شُن على وزارة الدفاع يوم 5 ديسمبر 2013 والهجوم الذي شُن على سجن وزارة الداخلية يوم 13 فبراير، وإذ يشدد على ضرورة أن تواصل الحكومة اليمنية إصلاحاتها للقوات المسلحة وفي قطاع الأمن بكفاءة”، في إشارة لضعف حكومة هادي. كما جاء في القرار إعراب المجلس عن قلقه البالغ “للتهديدات التي تطال السلم والأمن في اليمن نتيجة لنقل الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة غير المشروع وتكديسها وإساءة استعمالها على نحو يزعزع الاستقرار”، رغم أن تلك العمليات لم تتعدَ الإقليم اليمني ولم تؤثر حقيقة في واقع العمل والانتقال السياسي للسلطة كون جميع المكونات السياسية والاجتماعية اليمنية تتعامل مع العملية السياسية ومؤتمر الحوار الوطني بحكمة وإيجابية وتعاون حسب تأكيده في أكثر من موضع.
مجلس الأمن يؤكد نجاح اليمنيين في العملية السياسية:
رحب مجلس الأمن بشكل غير مسبوق بالمتغيرات السياسية الإيجابية وتعاون جميع الجهات المعنية في اليمن في العملية الانتقالية، فقد بدأ مقدمة قراره بالثناء على “مجلس التعاون الخليجي لمشاركته في مساعدة عملية الانتقال السياسي في اليمن”، ومن ثم رحب بنتائج الحوار الوطني الشامل معترفاً بمشاركة جميع المكونات السياسية فيها بإيجابية و “التي وقعتها الأحزاب السياسية كافة”، بل اعتبر قرارات المؤتمر “بمثابة خارطة طريق من أجل عملية انتقال ديمقراطي مستمرة بقيادة يمنية تقوم على الالتزام بالديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون والمصالحة الوطنية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لأفراد الشعب اليمني قاطبة”، كما أشاد المجلس بعد ذلك “بمن يسَّروا سبل التوصل إلى نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل من خلال مشاركتهم البناءة، ولا سيما قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي”، ولو أن إشادته بقيادة هادي قد ناقضها عند انتقاده لفشله وحكومته في مواجهة تحديات المرحلة كما سنوضحه في فقرة مستقلة.
ورحب القرار بتعامل اليمنيين مع حقوق المرأة وبما وصفه «جهود اليمن لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامة، من خلال اتخاذ تدابير لضمان ترشُّح نسبة لا تقل عن 30 في المائة من النساء للانتخابات التشريعية الوطنية والمجالس المنتخبة”، كما رحب بإيجابية بمشاركة وتعاون المكونات اليمنية الأخرى فأورد في قراره “وإذ يرحب بمشاركة وتعاون جميع الجهات المعنية في اليمن، بما فيها الجماعات التي لم تكن طرفاً في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها”، موضحاً “بأن عملية الانتقال تتطلب طي صفحة رئاسة علي عبد الله صالح”،
واصل المجلس تأكيده على نجاح العملية السياسية في اليمن بتنويهه إلى أهمية الانتقال إلى خطوات جديدة في العملية السياسية فقال “وإذ يسلم بأهمية إصلاحات الحكم بالنسبة لعملية الانتقال السياسي في اليمن، وإذ يشير في هذا الصدد إلى المقترحات الواردة في تقرير الفريق العامل المعني بالحكم الرشيد التابع لمؤتمر الحوار الوطني، والتي تشمل ضمن أمور أخرى الشروط الأساسية الواجب على المرشحين استيفاؤها لتولي مناصب القيادة اليمنية والكشف عن أصولهم المالية”.
وختم قائمة ترحيباته بما يؤكد التعامل الإيجابي لليمنيين حكومة وشعباً مع الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن حيث جاء في نهاية ديباجة ومقدمة القرار «وإذ يرحب بالجهود التي بذلتها الأمانة العامة من أجل توسيع قائمة الخبراء العاملين لصالح فرع الأجهزة الفرعية التابعة لمجلس الأمن وتحسينها، مع مراعاة التوجيهات الواردة في مذكرة الرئيس (S/2006/997)”.
مجلس الأمن من حامٍ للأمن والسلم الدوليين إلى منتهك لهما وللقانون الدولي: (الصدمة)
كانت الديباجة ـ باستثناء المحاولات غير المنطقية لتكبير شأن القاعدة ـ تثبت كلها بما لا يدع مجالاً للشك بأن مجلس الأمن كان مرحباً بسير العملية السياسية في اليمن بل وراضٍ عنها، كما تجلى ذلك في توضيحه أن الوضع السياسي والأمني ما يزال في إطار الإقليم اليمني ولم يشر لأي حادثة تثير قلقاً من تأثيره على جيرانه عوضاً عن تأثيره على العالم.
ولكنه فجأة – وبدون سابق إنذار وبعد ختام قائمة ترحيباته بترحيبه بأداء الأمانة العامة- قفز ليعلن عن قراره “وإذ يقرر أن الحالة في اليمن تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين في المنطقة”، بالرغم انه فشل في ديباجته وفي قراريه السابقين في إثبات ذلك ولو بحادثة واحدة كما اوضحنا في مدخل الدراسة، وبدون أي مراعاة لميثاق وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة واستمراراً لتدخله غير المشروع في الشأن اليمني الداخلي استند لذلك الإقرار الباطل بأن الحالة في اليمن تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين “في المنطقة”، بإعلانه “وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة”! في مخالفة قانونية وإجرائية أبشع من سابقاتها كشفت النية المبيتة لنزع حق اليمن في سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ومصادرة حق شعبه في تقرير مصيره، وذلك بإعطاء القرار مجلس الأمن صلاحية التصرف بموجب الفصل السابع بدون أي مسوغ أو مبرر قانوني أو حتى نشوء نزاع دولي رغم أنه حتى في حالة نشوء نزاع دولي ما يزال أمام مجلس الأمن كافة الإجراءات الواردة في الفصل السادس لتنفيذها.
ومن جهة أخرى لا يوجد تفسير منطقي لما قام به المجلس خصوصاً في ظل سير العملية السياسية في اليمن برضى وإشراف مبعوث الأمم المتحدة ومندوبي ولجان المجلس، وكون الشعب اليمني ومكوناته مازالوا مسيطرين على زمام الأمور ويمنعون تفاقم أي نزاع داخلي.
أمام هذا كله لم يعد أمامنا سوى تفسير واحد بأن الدول الكبرى سال لعابها على اليمن بسبب لوضع الحكومي الضعيف وقررت بدء إجراءات فرض الوصاية عليه وتقاسم ثرواته قبل نجاح الثوار والمكونات السياسية والاجتماعية في استكمال عملية الانتقال السلمي واستلامها الحكومة لفرض سلطة قوية تضمن قيام دولة قوية ذات سيادة قادرة على الاستفادة من ثرواتها وحماية أراضيها.
(1) القاعدة تتبنى الهجوم على وزارة الدفاع اليمنية الذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصا RT Arabic-
(2) وثائق: سلطات اليمن تلقت تحذيرا من اقتحام سجن صنعاء قبل وقوعه Reuters|