خلاصة البيان في موقف الصوفية من العدوان

 

عدنان أحمد الجنيد

برز في الآونة الأخيرة أناس تحدثوا عن الصوفيين وموقفهم من العدوان وصموهم من خلال ذلك بالتولي والانسجام مع العدوان ..وهذا ظلم وإجحاف خالٍ حتى من ذرة إنصاف !..
فليس من الإنصاف بمكان أن نصدر حكماً ثم نعممه عليهم جميعاً ، إذ لا بد من تصنيف ظروفهم وأحوالهم أولاً لمعرفة الحيثيات والأسباب التي جعلتهم يقفون موقف الحياد ، كي نتجنب إصدار حكم أو إعلان موقف يعتريه ظلم أو إجحاف أو قسوة .
فأقول : إن الذين لزموا الحياد من الصوفية أو من غيرهم : إن كانوا ممن يقطنون في المناطق التي يسيطر عليها مرتزقة العدوان ، ولم يكن أمامهم سوى إيثار الصمت واللجوء إلى الحياد خوفاً على أنفسهم وأولادهم وذويهم -إن جهروا بالحق- أن يمسسهم الأذى ، فآثروا الصمت والحياد تقيةً وقلوبهم تستنكر ما يقوم به هؤلاء المرتزقة ، وتدعو الله بأن ينصر الجيش واللجان الشعبية .. فهؤلاء نلتمس لهم العذر في صمتهم وحيادهم..
• أما إن كانوا يقطنون في المحافظات التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية وقد آثروا الصمت والحياد، فلا عذر لهم بعد أن تكشفت لهم الأمور واتضحت الحقائق لتثبت أن هذا العدوان على بلادنا (صهيوأمريكي) بامتياز .. وما السعودية والإمارات إلا أدوات للصهاينة والأمريكان.. لكننا وجدنا الكثير من الصوفية الذين كانوا محايدين ، وحين عرفوا الحق خرجوا عن صمتهم وحيادهم وأصبحوا الآن يرفدون الجبهات بأبنائهم وأموالهم، ناهيك عن أن الكثير منهم الآن في ميدان التوعية والتثقيف ، حيث يقومون بواجبهم الرسالي ..
• أما من وجدناهم -في النادر- من بعض مشائخ الصوفية الذين يتهربون من القيام بواجبهم عبر كل الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة ، بل ويرفضون أي تصريح بالقول أو بالفعل يمس العدوان بسوء ، رغم أن الأمور متاحة لهم ولا خوف عليهم من أي سوء فهؤلاء – وأقولها بكل أسف – إما أنهم مستفيدون من جهات خارجية جعلتهم يفضلون الصمت والحياد ، وهؤلاء يبرأ التصوف منهم براءة الذئب من دم يوسف -عليه السلام- فهم لا يختلفون عن المرتزقة أخلاقاً بل هم أشد لؤماً وخبثاً .. وإما لكونهم جاهلين جعلوا القرآن عضين ، فأخذوا منه ما يسرهم وتركوا منه ما يشق عليهم..
هذا ولتعلم أن الإمارات تدعم بعض الصوفية مكافأةً لصمتهم وحيادهم لاسيما الذين مازالوا يعتقدون أن ما يحدث في اليمن إنما هو فتنة (مسلم يقتل مسلماً) حيث لا يوجد في قاموسهم أن الحرب على اليمن اعتداء خارجي من قوى الاستكبار وأحذيتهم من العربان ، وأن الشعب اليمني مع جيشه ولجانه الشعبية إنما يدافعون عن أرضهم وعرضهم ودينهم.. ثم إن الحياد لا يقبل ، بل يعد خذلاناً للحق وتدعيماً للباطل وتثبيطاً عن الجهاد في سبيل الله سيما إذا كان أصحاب الحياد من أهل العلم، فلا حياد بين الحق والباطل ولا بين الخير والشر ، فإما أن تكون مع الحق أو أن تكون مع الباطل..
ويعلمنا القرآن الكريم أن الوقوف على الحياد بين الحق والباطل والإمساك بمنتصف العصا في الصراع بينهم صفة المنافقين كما جاء في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا)[النساء : 141] وقوله تعالى 🙁 مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَلاَ إِلَى هَؤُلاَءِ)[النساء : 143] فالحياد في الصراع بين الحق والباطل أو بين الظالم والمظلوم يعتبر ضمن الوقوف مع الباطل لأنه يخذل الآخرين عن الوقوف مع الحق وتأييده..
كذلك المحايد أمام هذا العدوان قد يتعرض لسخط الله ولعنته، لأنه يرى المنكر ولا ينكره والله تعالى ما لعن بني إسرائيل إلا لأنهم كانوا يرون المنكر ولا ينكرونه ولا ينهون عنه قال تعالى :(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[المائدة: 78-79].
فالله تعالى ما أخبرنا عن بني إسرائيل إلا لكي لا نقع فيما وقعوا فيه فيحل علينا ما حل بهم من السخط واللعن الإلهي، ومن الأدلة -أيضاً- على وجوب التصدي للعدوان وعدم المحايده قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ)[ الشورى : 39]
ولم يقل هم يسكتون ويحايدون بل لا بد أن ينتصروا لأنفسهم ولشعبهم ولوطنهم.. والله إن مجزرة واحدة فقط من المجازر التي ارتكبها العدوان في حق شعبنا تجعل أي مسلم يتحرك وينشط ضد هذا العدوان ولو حتى بالكلمة فكيف لو كان هذا المسلم يمنياً ويرى هذه المجازر بأم عينيه، فكيف لا يصحى ضميره ويقوم بالواجب وبالمهمة التي أنيطت به بالجهاد في سبيل الله سواء بالفعل أو القول أو بما يقدر عليه لأن الجهاد وسيع بسعة ساحة الصراع..
وهناك أدلة كثيرة من القرآن الكريم وكذلك من السنة توجب على كل مكلف أن يتصدى للعدوان.. إن المحايدة والسكوت عن العدوان يعد تفريطاً وخزياً وعاراً ..
إلى هنا نكتفي بما ذكرناه.

قد يعجبك ايضا