عباس إسماعيل إسحاق
• ليس يُحصي الثناءُ قدرَ شهيدٍ باعَ للهِ فاستحقَّ الخلودَ، ونفيتْ عنه صفةُ الموات.. ها هو أسبوع الشهيد يُطِلُ برسائله الجهادية، وإنجازاته الاستثنائية، وقد أثمر غرسُهُ، وعلا طِرسُهُ، وارتفعَ رأسُهُ، وهو يُطِلُ علينا من أفُقِهِ في حياتهِ الأخرى، يَستبشرُ بنتاجهِ، ويُبَشِّرُ بأفواجِهِ الذين لم يفتهم الدرب، يجِدُّون السُّرى للّحاقِ بالرَّكب، وقد بَدّدوا شملَ الأعداء، فتنادتْ بصولاتهم الأصداء، وعرف ببسالتهم الخلقُ في جميع الأرجاء ..
فما هو قدرُ الشهيد، وما هو دوره؟!!
إن كثيراً من الناسِ مُقِرٌّ بجهله، مُنصَرِفٌ إلى تدبيرِ أمرِه، غيرَ عابئٍ بما يصوغُ الرجال في ميادينِ القتال، غير أنّ الجميعَ مُقَصِّرٌ في أداءِ رسالته، للتعريفِ بمنزلة الجهادِ ودرجته، والشهيدِ وشهادته ..
ولعلّي في هذا المقال أشاركُ في أداء هذا الواجب العظيم الأقدس، ولا أدعي الإضافة إلى ما سطره سيد شهداء عصره، السيد حسين بن بدرالدين رضوان الله عليه، وما بينه ووضحه قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدرالدين نَصَرهُ اللَّهُ وأيَّدَه.
معنى الشهادة في كتاب الله
الشهادة مرتبة إلهية، يمنحها ويهبها الله سبحانه وتعالى لمن يشاء ممن هو أهل لها، فمن سارع إلى تحقيق قول الحق سبحانه: ( إن الله اشترى … ) . فإنه يسابق الموت ويتجاوزه لينتقل إلى الحياة الحقة … ( أحياء عند ربهم …..) وليس هذا فحسب بل ( يرزقون ) . وهذا لا يعني أنهم بحياتهم هذه ينقطعون عن حياتنا حياة الأشباح، ولكنهم يستمرون في مناصرة الحق والمنهج الذي استشهدوا من أجله. فهم يتواجدون مع أهل الأرواح التي تستجيب لله ولرسوله في الدعوة للحياة ويمدونهم بما يحقق لهم الفلاح وينتصرون لقضيتهم …
سلام الله على أرواح أئمة الشهداء، وسلام على روح كل شهيد ممن تبعهم.
بين (حياة الممات) و(حياة الحياة)
حقاً إنه يوم عيد؛ لأنه يوم فرحة عظيمة بالفوز الحقيقي بالسعادة الدائمة الحقيقية، السعادة التي ليس بعدها شقاء ولا حسرة ولا عناء، فالشهيد عند استشهاده يفوز بالحياة، حيث يحييه الله في حياة الممات (الدنيا)، وينقله حيا إلى حياة الحياة (الآخرة)، ليسعد في رفيع الدرجات عند من يهب لمن يشاء الحياة.
إنها حياة البقاء. التي أرسل الله الرسل، وبعث الأنبياء، يدعون إليها .. وأنزل عليهم الكتب من السماء.
فهنيئاً هنيئاً للشهداء هذه الدار وطاب لهم الإختيار، لدار الخلود التي يتنافس عليها الأطهار، والأتقياءُ السابقون المقربون الأخيار، من الصديقين والشهداء والصالحين والأولياء .
(فَرِحِینَ بِمَا ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضلِهِ وَیَستَبشِرُونَ بِٱلَّذِینَ لَم یَلحَقُوا بِهِم مِّن خَلفِهِم أَلَّا خَوفٌ عَلَیهِم وَلَا هُم یَحزَنُونَ).. الآية.
(أبو الفداء) و(قائد الثوار)
• في يوم الشهيد، قال لي (أبو الفداء) :
الشين : شهامة وبذل وعطاء.
والهاء : همة عالية وحكمة ودهاء.
والياء : يحيي الله من يشاء.
والدال : دوام الحال في حياة السعداء.
فيوم الشهيد هو:
يومُ ميلادي ..
وسرُ إسعادي ..
وفيه إيفادي ..
لخيرِ ميعاد ..
في دار إخلادي ..
وللعلم أن :
مقامنا أوثَقْ ..
حَيٌّ أنا أُرزَقْ ..
نعيمُنا أغدقْ ..
ونورُنا أشرقْ ..
سُندُسْ وإستبرقْ ..
(فَرِحِینَ بِمَا ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضلِهِ وَیَستَبشِرُونَ بِٱلَّذِینَ لَم یَلحَقُوا بِهِم مِّن خَلفِهِم أَلَّا خَوفٌ عَلَیهِم وَلَا هُم یَحزَنُونَ)..
كانت لنا البُشرى ..
بالحمدِ في الأولى ..
والفوزِ بالأخرى ..
والختمِ بالحُسنى ..
وعليه :
سَلْ عننا الكرارْ ..
وحمزةَ المغوارْ ..
وجعفرَ الطيارْ ..
وقائدَ الثوارْ (1)..
في يَمَنِ الأحرارْ ..
ثم توقف عن الكلام .. ولم أبرحْ أو أبادره بالسلام .. لِمَا رأيت ما عنده من الخيرِ والإكرام ..
– فعقلي كان متعلقاً بما أعد الله لهم من نعيم مقيم ..
– وروحي هائمٌة في مراتبِ المقربين، وما هم عليه من نعيمٍ وملك كبير، يعلوهم ثياب سندس خُضْرٍ وإستبرق …
جعلنا الله منهم، وسلام الله عليهم وعلى أرواحهم الطاهرة .
(١) قائد الثوار هو السيد حسين بن بدرالدين الحوثي. رضوان الله عليه.
كل معاني التقدير
لكم أيها المجاهدون – في يوم الشهيد وفي كل يوم – من شغاف القلب معاني التقدير والاحترام وخالص الدعاء، فأنتم القادة، وأنتم الساسة، وأنتم نهر الحياة الدافق، وانتم الخُلَّص من الرجال، وإليكم يُنسب الشرف، وتُنسب الرجولة والمروءة والشهامة والإقدام والبذل والعطاء والسخاء والإيثار والفداء ..
كيف لا وأنتم في سبيل الله تجاهدون دفاعاً عن الأرض والعرض والمال، وتنكلون بالأعداء، وتصونون الأسرى، وتحافظون على ممتلكات الناس ..
تنكلون بالأعداء ولا تولوهم الأدبار، وتحققون المكاسب والانتصار، مستعينين بالله الواحد القهار ..
سلامٌ عليكم في الليل وفي النهار، سلام عليكم أيها الأحرار، سلام عليكم وإنتم تقهرون الأخطار ..
سلامٌ على أرواحكم الطاهرة أيها الأبرار.
الحالة الإستثنائية
• في يوم الشهيد إليكم أقول :
أيها المجاهدون، يا خلاصة الأمة وذخرها، وعزها وكرامتها:
تعلمون أنكم الحالة الإستثنائية في هذا العالم الملعون، الموبوء بكل أحقاده وحقارته وغطرسته وكراهيته ودناءته ..
وأن أقدامكم تعلو جباه ووجوه الساسة والقادة المرتزقة الأنذال .
تعلمون أن الحياة بغير جهاد تعتبر حياة لهو ولعب وترف وعبث لا قيمة لها في ميزان الحق والعدل ..
وأن الحياة بغير جهاد “بمفهومه الشامل” عبارة عن حياة مسخ وخروج عن الفطرة السوية .. وقد قال تعالى: (الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) ..
وما أحوجنا أن نرسخ هذا المفهوم الجهادي ونحن نؤدي رسالتنا الحياتية بروح جهادية ومبدعة في أي مرفق أو جانب من جوانب الحياة ..
وكونوا على يقين أنه سيتحقق النصر، وتتحصل الثمار اليانعة، فالجهاد هو روح حركة الحياة ..
سلام على كل المجاهدين وألف سلام على أرواح الشهداء.
المجاهدون يسطرون المعجزات
• التحايا والتقدير وخالص الدعاء لكم معشر المجاهدين، يا من تسطرون أعظم وأروع الملاحم البطولية، في يمن الإيمان والحكمة، في سهولها وجبالها وتلالها ورمالها ووهادها وشعابها وسواحلها وهضابها، تبذلون أنفسكم دفاعاً عن هذ البلد الطاهر، وتقزمون الأعداء بحلفهم الشيطاني وعتادهم وآلاتهم الحربية المقدمة من ولايات الشيطان الأكبر أمريكا والصهاينية ومن يسير في فلكها..
إن الأعداء، رغم صلفهم وحقدهم وكبرهم وعتوهم وغيهم، ينظرون اليكم نظرة تعظيم وإجلال، قبل الأصدقاء، لأنكم بما تملكون من عزيمة وشجاعة وهمة وإقدام وإباء وقيادة حكيمة، استطعتم أن تواجهوا العالم بأسره، نصفه بحلفه الشيطاني، والنصف الآخر بصمته الحيواني ..
وليس هذا فحسب، ولكنكم فضحتم الآلة العسكرية، وما رافقها من هالة إعلامية، وتضخيم وترهيب وقدرة قتالية خارقة، لتصبح هذه الآلة من دبابات ودروع عند المقاتل اليمني لا أثر لها، وأن قيمتها لا تساوي عنده سوى (عود كبريت أو ولاعة) يتم بهما إحراقها.
– وفضحتم العرب في حكامهم وساستهم وإعلاميين وعلماء السلطة بأنهم أعراب ومسوقين وبلا أخلاق، والعروبة والإسلام منهم براء، وأنهم في حزب الشيطان، ولن ينتصروا للعروبة والأوطان.
– فضحتم أدوات الشيطان الأكبر، من (قاعدة، وداعش، ونُصره، وإخوان)، فظهر للعالم أنهم جند إبليس، يستخدمونهم في تشويه الإسلام وتدمير الأوطان، وبهم يتم السيطرة على البلدان.
– فضحتم الجامعة العربية، بأنها لا صلة لها بالعرب، وأنها (عبرية)، تعمل مع الماسونية العالمية بشيطانها الأكبر أمريكا، كما تعمل مع بريطانيا والصهيونية العالمية، ولقد كانت الأداة في ضرب (العراق وسوريا واليمن وليبيا)، فتبين للعامة أنها جامعة صهيونية بامتياز.
– فضحتم المشيخات والإمارات الخليجية والممالك الثلاث .. هؤلاء الذين فُرِضُوا على الشعوب العربية كأدوات، يتم من خلالهم ضرب الأمة ومقدساتها ووحدتها ومقدراتها وثرواتها، وسلب خيراتها، وتشتيتها، وتسليمها لأسيادهم في الغرب، ويعملون مع الإسرائيليين الصهاينة في تصفية القضية الفلسطينية في صفقة القرن، والهرولة للتطبيع معهم، بتنطع وكبر وغي وضلال، محاربين لله ورسوله وكتابه وعباده.. فعليهم لعنة الله من فوقهم ومن تحتهم ومن الجهات الأربع المحيطة بهم.
والرَّوح والريحان وغيث من الرحمات يُطَيِّبُ ثرى وجثامين الشهداء في جميع الأوقات .. وسلام الله على أرواحهم الطاهرة.
*عضو رابطة علماء اليمن