الزواج هو اللبنة الأساسية لتكوين المجتمع والركيزة في بناء العلاقات العاطفية والصحية والأسرية وإذا كان الزواج صحيًا فإنه يحمي أفراد الأسرة من الأمراض الوراثية أو المعدية وذلك يساهم في بناء أسرة سعيدة ومستقرة. والزواج الصحي بطبيعته عبارة عن حالة التوافق والانسجام بين الزوجين من النواحي الصحية والنفسية والبدنية والاجتماعية والشرعية بهدف تكوين أسرة سليمة وإنجاب أبناء أصحاء بعيدين كل البعد عن الإصابة بالأمراض الوراثية الخطيرة مثل الأنيميا المنجلية والثلاسيميا وفقر الدم وغيرها من الأمراض الوراثية الخطرة التي يرجع سببها الرئيسي إلى عدم إجراء الفحص الطبي قبل الزواج.
الأسرة / خاص
أمة السلام الرداعي تؤكد بأن الفحص الطبي قبل الزواج أصبح أمراً محتوماً خاصة وأن كل أسرة مقبلة على الزواج تريد أن تنجب أطفال أصحاء أجسامهم خالية من الأمراض الوراثية .
وتضيف: نحن في ظل العدوان الغاشم على بلادنا نجد صعوبة كبيرة في إيجاد لقمة العيش ناهيك عن استمرار البحث لأولادنا عن علاج ولا أجد أيّ حرج بأن أخبر أيّ شخص يتقدم لي من الأقارب بأن نقوم بإجراء فحص ما قبل الزواج للتأكد من سلامتي وسلامته لنتمكن من انجاب أطفالاً طبيعيين وأصحاء.
تزوجت سلمى من ابن عمها وانتقلت لتعيش معه في صنعاء وبعد فترة زمنية قصيرة أخبرتها الطبيبة بانها حامل وبدورها أخبرت زوجها وأسرتها وفرحوا كثيرا بالخبر وما إن مرّت أشهر الحمل حتى أنجبت طفلة جميلة .
ولكن فرحتهم بالطفلة لم تكتمل حين عرفوا بأنها مصابة بالثلاسيميا المنجلية.
كان الخبر كالصاعقة على والديها وعلق الأب الأمل بالمولود الآخر وهكذا أنجبت زوجته طفلاً آخر ولكن الإصابة بالمرض لم ترحمه وأنجب الطفل الثالث وبعد الفحوصات ظهرت النتيجة بإصابته بالمرض كإخوته.. حينها أدرك الزوجان بأن المرض سيلاحق أطفالهم جمعيا. وقرروا أن يتوقفوا عن الإنجاب والاكتفاء بثلاثة أطفال مصابين بمرض وراثي وهكذا كرسوا حياتهم لعلاجهم والاعتناء بهم .وتمنيا لو أنهما أجريا فحصاً طبياً قبل الزواج .
الحد من الانتشار
تؤكد الطبيبة /هدى الجماعي /بدورها على ضرورة إجراء الفحص الطبي قبل الزواج وتقول : إجراء الفحص للمقبلين على الزواج لمعرفة وجود الإصابة لصفة بعض أمراض الدم الوراثية (فقر الدم المنجلي والثلاسيميا) وبعض الأمراض المعدية (الإلتهاب الكبدي الفيروسي بـ, الإلتهاب الكبد الفيروسي ج، نقص المناعة المكتسب (الإيدز) وذلك بغرض إعطاء المشورة الطبية حول احتمالية انتقال تلك الأمراض للطرف الآخر أو للأبناء في المستقبل وتقديم الخيارات والبدائل أمام الخطيبين من أجل مساعدتهما على التخطيط لأسرة سليمة صحيًّا.
وتوضح الدكتورة الجماعي بأن الهدف من إجراء الفحص الطبي قبل الزواج يحد من انتشار بعض أمراض الدم الوراثية ونشر الوعي بمفهوم الزواج الصحي الشامل. وتجنب المشاكل الاجتماعية والنفسية للأسر التي يعاني أطفالها
والتقليل من الأعباء المالية الناتجة عن علاج المصابين على الأسرة والمجتمع.
وتنصح المقبلين على الزواج بإجراء الفحص الطبي قبل موعد الزواج بمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ليتسنى للزوجين التخطيط لحياتهما بشكل أفضل.
استشعار المسؤولية
وتعرف الثلاسيميا بأنها اضطراب دم وراثي يؤدي إلى انخفاض نسب الهيموغلوبين في الجسم عن المعدل الطبيعي والهيموغلوبين هو الذي يمكن خلايا الدم الحمراء من حمل الأكسجين ونقصه يتسبب بالثلاسيميَّا الأمر الذي يقلل من وصول الأكسجين إلى أجزاء الجسم المختلفة أمّا أجسام المصابين بفقر الدم المنجلي فتعجز عن تصنيع هيملوجيين.
رئيس الجمعية اليمنية للثلاسيميا وأمراض الدم الوراثي الدكتور / أحمد شمسان المقرمي حث على استشعار الأجر الكبير، وبذل المزيد من الجهود لما فيه حصول المرضى على الخدمات المطلوبة داعياً جميع فئات المجتمع إلى التوجه للمركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه الكائن بجوار مستشفى السبعين للتبرع بالدم لصالح مرضى التلاسيميا وتكسرات الدم الوراثية والأمراض الأخرى كونهم يعيشون على دم المتبرعين لهم
وشدّد الدكتور شمسان -بأن على الجميع أن يفهم كيفية التعامل مع هذه الأمراض المزمنة وطرق تجنبها لنقي أبناء مجتمعنا من خطورتها ويشكل رافد وعي لتحصين المجتمع من كل الأضرار الصحية .
وأضاف قائلاً: “الفحص الطبي قبل الزواج ضرورة فردية ومجتمعية، ويجب على كل منا أن يتحمل مسؤوليته تجاه المجتمع، ويسهم في توعية من حوله بخطورة هذا الداء الذي يفتك بأرواح الكثير من أفراد المجتمع .
وتابع : فحص ما قبل الزواج السبيل الوحيد لحماية الأجيال من مرض الثلاسيميا وتكسرات الدم الوراثي و يجب المسارعة لإجراء فحص ما قبل الزواج لتجنب الإصابة بالأمراض الوراثية التي تؤدي إلى المعاناة الدائمة والمستمرة مدى الحياة .
وإن عدم توفير الأدوية الأساسية والدم المنقول عرض مرضى الثلاسيميا لمضاعفات خطيرة وفقد الحياة .
وأشار رئيس جمعية الثلاسيميا الى أن خارطة انتشار مرضى الثلاسيميا تغطي جميع المحافظات اليمنية ماعدا جزيرة سقطرى التي عجزنا عن الوصول إليها وأن الجمعية تسجل مرضى جدديوميا في كل المحافظات وهذا مؤشر خطير ومقلق كما يصفه الدكتور شمسان .
فيما تقول الدكتورة أروى الربيع استشاري أمراض النساء والتوليد: يجب أن نستشعر معاناة المرضى وأسرهم في ظل الظروف التي تمر بها البلاد وضرورة إجراء فحص ما قبل الزواج للوقاية من الإصابة بمرض الثلاسيميا وأمراض تكسرات الدم وأي نوع من الأمراض الوراثية حيث يُعد الفحص الطبي المبكر قبل الزواج أنسب الطرق وأولها للوقاية من الإصابة بهذه الأمراض الوراثية والمزمنة .
تخفيف المعاناة
وأكد وزير الصحة الدكتور طه المتوكل أن العدوان والحصار زاد من معاناة مرضى الثلاسيميا نتيجة فرض قيود على دخول الأدوية ونجد ممانعة أمام إدخالها، مبينا أن المنظمات لا توفر المساعدة المطلوبة بالنسبة للأدوية وفحوصات الدم لمرضى الثلاسيميا، فيما تبذل الدولة في ظل الحصار ما في وسعها.
ونوه بأن 40 ألف مريض بتكسرات الدم في اليمن يفرضون معاناة كبيرة على أسرهم والحكومة، لافتا إلى أن فرض فحوصات ما قبل الزواج كفيل بمحاصرة المرض وتخفيف المعاناة ودول نجحت باستئصاله.
بدوره قال وزير العدل القاضي نبيل العزاني: وجهنا الأمناء وأقلام التوثيق بتشجيع إجراء فحوصات ما قبل الزواج لدى المجتمع ونسعى ليكون إلزاميا بين أطراف الزواج مستقبلا، مؤكدا أنه رغم الحصار والعدوان إلا أن الدولة تولي أهمية لتحصين الأسرة وحمايتها والجانب الصحي ذو أولوية.