ضمن مسارات تنفيذ توجيهات قائد الثورة بالحفاظ على الثروة الحيوانية:
دورات وورش توعوية وإرشادية عن فوائد الحفاظ على إناث وصغار المواشي في ريمة
الثورة / يحيى الربيعي
تواجه الثروة الحيوانية في اليمن تحديات كبيرة منها الأمراض الوبائية، تليها ظاهرة ذبح إناث المواشي وصغارها وتهريب المواشي، وهي التحديات التي يفرضها وجود قصور واسع الناطق في التوعية والإرشاد البيطري والزراعي.
وقد ضاعف العدوان الأمريكي السعو-إماراتي على اليمن حجم هذه التحديات حيث فاقت الخسائر المباشرة وغير المباشرة- بحسب الإدارة العامة لتنمية الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة- 75 مليار ريال منها حوالي 39 مليار ريال خسائر مباشرة على مستوى الجمهورية المسؤول فيها هو القصف اللاإنساني لطيران عدوان دول التحالف.
هذا بالإضافة إلى ما تفشى في العقود الثلاثة الماضية من ظاهرة ذبح وتهريب إناث وصغار المواشي هي الأخرى كان لها أثر بارز على نمو الثروة الحيوانية حيث أشارت تقارير لمصادر مسؤولة إلى أن ذبح إناث وصغار الماشية له مردود سلبي على الاقتصاد الوطني، فالظاهرة تؤثر سلباً على الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي والاحتياجات المعيشية لكثير من الأسر اليمنية خاصة في الريف.
إلى ذلك تحدث في محاضرته الرمضانية الخامسة والعشرين قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن الثروة الحيوانية وأهميتها، مؤكّـداً على ضرورة الاهتمام بها، وحمايتها لما لها من أهميّة في دعم الاقتصاد الأسري والوطني بشكل عام، وهو تأكيد نابع عن معرفة بما يمثله الإنتاج الحيواني من حراك اقتصادي، فهو يحتل المرتبة الثانية بعد الإنتاج النباتي من حيث مساهمته في إجمالي الإنتاج الزراعي حيث يصل في المتوسط إلى 23.5%.
كما تُعتبر الثروة الحيوانية إحدى دعائم اقتصاد الأسرة اليمنية، والاقتصاد الوطني بشكل عام، حَيثُ تساهم بما نسبته 3 % من الناتج المحلي الاقتصادي، فمعظم الأسر الريفية تعتمد على الثروة الحيوانية في توفير السيولة المادية، إلى جانب كونها مصدراً غذائياً للأسرة.
ويقدر متوسط كمية إنتاج اليمن بحوالي 20 مليون رأس من الماشية، التي تشمل الماعز والضأن والأبقار والإبل، وتستورد اليمن ما قيمته مليار دولار سنوياً من لحوم وأعلاف الدواجن فقط لتغطية الفجوة بين كميتي الإنتاج والاستهلاك.
دورات وحملات
“الثورة” بدورها تواصلت مع منسق برامج مؤسسة بينان التنموية في محافظتي الحديدة وريمة أ. أحمد هيج، والذي بدوره أشار- في رد له على تساؤلات الصحيفة- إلى أن الدورات التدريبية لفرسان التنمية والباحثين وفرسان الصحة الحيوانية تأتي في إطار تنفيذ مشروع توسيع دائرة التوعية بالمشاركة المجتمعية في التنمية وتحويل التحديات إلى فرص نجاح من أجل تفعيل القدرات والإمكانات المتاحة في المجتمعات المحلية وفي مسارات التمكين المجتمعي من خلال التوعية بالطرق والتدخلات المبكرة للحد من تفشي الأوبئة.
ولفت إلى أن مؤسسة بنيان التنموية بالتعاون مع الزراعية العليا والسلطات المحلية- وفي إطار استكمال مبادرة توفير الخدمات الصحية لـ10 ملايين رأس ماشية عبر تدريب عمال صحة حيوانية وتفعيل مبادرات مدعومة محليا عبر المجتمعات المحلية والتي اطلقتها المؤسسة في بداية العام الحالي على مستوى الجمهورية- دشنت عدد من الدورات والورش التدريبية في نطاق محافظتي الحديدة وريمة بحسبهما من المناطق الأكثر تضررا بانتشار الأمراض الوبائية وخاصة الحمى القلاعية والطفليات.
ونوه بأنه يتم تدريب حاليا حوالي 120 فارسا تنموية في مديريات السلفية ومزهر وبلاد الطعام، والجبين بمحافظة ريمة، منهم 60 فارسا صحيا، و28 بيطرياً من طاقم مكتب الزراعة العامل في المديريات المستهدفة.
وأكد هيج سعى برامج العمل التشاركي القائم بين مؤسسة بنيان التنموية وشركاء التنمية في الزراعية العليا والحكومة ومؤسسات وهيئات القطاع العام والخاص والسلطات المحلية وبتعاون وتجاوب المجتمعات المحلية إلى إيقاف ذبح إناث المواشي وصغارها للحفاظ على الثروة الحيوانية وللتخفيف من فواتير الاستيراد من اللحوم والألبان ومشتقاتها، من خلال خلق وعي مجتمعي يستهدف المربي والتاجر والمستهلك في مسار واحد.
ولفت هيج إلى البرنامج التوعوي يعمل على تحقيق أهدافه الاستراتيجية والمرحلية من خلال توسيع دائرة عقد دورات وورش العمل التوعوية والإرشادية والتثقيف الصحي في نطاق واسع داخل مديريات محافظتي الحديدة وريمة، ومن خلال تبني مشاريع الإقراض الحسن للأسر الأشد فقرا من خلالها إقراضها مجموعة من المواشي بعد تمكينها عبر ورش ودورات التدريب على أفضل وأيسر طرق العناية بالثروة الحيوانية وتسمينها وإكثارها تحقيقا لهدف حمايتها من الاستنزاف.
مشيرا، في ذلك، إلى أن البرنامج- وعبر الجمعيات في مديريات اللحية والمراوعة، وفي القناوص بصورة مباشرة- استهدف حوالى 100 أسرة بقروض عينية من المواشي، كما يجري الترتيب لعقد ورش تدريبية لفرق تتكون من 90 فارسا في مجال الإسعافات الأولية والصحة الحيوانية، موزعين على قرى وعزل المديريات أنفة الذكر بغرض التدخل المبكر في التوعية بطرق وأساليب الوقاية من انتشار الأوبئة.
وفيما يتعلق بالتوعية بفوائد التوقف عن ذبح وتهريب الثروة الحيوانية في زيادة منسوب الثروة في اليمن وبالتالي خفض فاتورة الاستيراد وعكس قيمتها نحو المربي اليمني، أكد هيج أهميّة الثروة الحيوانية في دعم الاقتصاد الأسري والوطني، وبما أن حمايتها وتنميتها مسؤولية مشتركة، وحرص المؤسسة وشركاء التنمية في الحكومة والقطاعين العام والخاص على التوسع في برامج عقد دورات وورش التوعية للتوعية خطورة ما يقوم به البعض من ممارسات تهدّد الثروة بالانقراض، ومنها ذبح إناث وصغار المواشي والذي يعد من الأخطار الكبيرة التي ستقضي على هذا الكنز الكبير والثمين.
وعلى مسار الحلول للحد من هذه الظاهرة التي تهدد الثروة الحيوانية والأمن الغذائي والأمان المعيشي والنمو الاقتصادي، أكد المهندس هيج سعي مؤسسة بنيان التنموية بالتعاون مع شركائها في كافة المؤسسات الإعلامية إلى تعزيز الوعي المجتمعي من خلال حملات إعلامية عن طريق (التلفزيون، الإذاعة، الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي) تعمل على توجيه أفراده بالتوسع والاهتمام بالثروة الحيوانية إلى جانب تثقيف الناس ورفع مستوى وعيهم بفوائد الحفاظ على إناث المواشي وصغارها على الأمن الغذائي وآثارها الإيجابية على الاقتصاد الوطني، وبمخاطر ما دون الحفاظ من ذبح وتهريب وإهمال.
وأهاب: “علينا جميعا أن نعلم أننا بذبح الإناث ندمّـر المصنع الذي ينتج ويلد، وكذا ذبح الصغار نقضي على المنتج الذي به تنمو وتتكاثر هذه الثروة الهامة، ولا ننسى أن نهتم بتربية الثروة الحيوانية في منازلنا سواءً في الريف أَو المدينة (أغنام، وماعز ودجاج) لتوفير الحليب والسمن والبيض واللحوم”.
الموقف العلمي
ولإثراء الموضوع بنظرة علمية أجرت “الثورة” اتصالا هاتفيا برئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد، الدكتور عبدالله العلفي، الذي بدوره أكد أن الثروة الحيوانية لعبت في الماضي دوراً حيوياً في دعم الاقتصاد الأسري والوطني، من خلال توفير الغذاء للأسر اليمنية، ومصدر دخل، كما يعتبرها الكثير من المزارعين اليمنيين صندوق ادخار يتم استخدامه عند الحاجة لتغطية الكثير من متطلبات الحياة.
وأشار العلفي إلى أن الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي تلعب دوراً هاماً في تنمية الثروة الحيوانية بكافة جوانبها، من خلال تنفيذ عدد من الأنشطة البحثية؛ بهَدفِ تحسين إنتاجية الثروة الحيوانية بالانتخاب وإنتاج كباش محسَّنة وراثياً ونشر هذه الكباش على العديد من المزارعين.
وأضاف العلفي أنه تم تنفيذ عدد من التجارب البحثية في مجال التغذية للوصول إلى علاقة ذات كلفة أقل وقيمة غذائية أفضل، من خلال استخدام مخلفات المحاصيل الزراعية، ورفع قيمتها الغذائية، إضافةً إلى استخدام موارد علفية غير مستغلة، مؤكّـداً أن الهيئة تقوم بدور أَسَاسي في المحافظة على السلالات المحلية، من خلال دراسة خصائصها الإنتاجية والتناسلية وتحسين هذه الصفات للوصول إلى أُمهات نقية ذات مواصفات جيدة في مخرجاتها، كباش محسنة وراثياً، مُشيراً إلى أنه تم تنفيذ دراسات مختلفة في جانب المراعي الرعوية وإدخَال عدد من الأعلاف ذات المردود الاقتصادي الجيد والقيمة الغذائية الجيدة مثل علف (الفيل، والكلاتوريا، والرغل).
واستعرض الدكتور العلفي نبذة عن سلالة الأغنام التهامية التي تمتاز بكفاءتها في إنتاج توائم وكذا في كفاءتها في عملية التحول الغذائي لإنتاج اللحوم والتي تتميز بمذاق يشهد له كثير من المستهلكين اليمنيين والخليجيين، داعياً إلى ضرورة الاهتمام بالثروة الحيوانية، من خلال إحياء الأعراف والتقاليد المحلية القديمة الهادفة إلى حماية هذه الثروة وتنميتها، وبشكل خاص نظام الحجر الذي ينظم عملية الرعي لضمان توفير المراعي على مدار السنة، وكذلك الأعراف التي تعيب ذبح إناث وصغار المواشي، وكذلك نظام الشراكة أَو التكافل المجتمعي القائم على التشارك بين من يملكون المال ومن يملكون الخبرة.
وقال العلفي: إن الحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها مسؤولية جماعية (الدولة، والمجتمع، ورجال المال والأعمال)، مُشيراً إلى أن على الدولة أن تحدّ من استيراد الحيوانات الحية، ومنع تهريب الحيوانات المحلية وضبط تسويق الحيوانات ومنتجاتها، بما يحقّق أفضل عائد على مربي الثروة الحيوانية، كما يجب التركيز على تحسين الإنتاج الأسري لمربي الثروة الحيوانية (الاقتصاد المقاوم)، من خلال تحسين مدخلات ووسائل التربية وعملية التحسين الوراثي للسلالات المحلية عن طريق انتخاب الذكور والإناث الجيدة للتربية ومنع التزاوج بين القطيع ذي القرابة الوراثية.