بظهور جنودها في الشوارع وجهت أمريكا رسالة مفادها "حضرموت تحت سيطرتنا"
الأطماع الأمريكية في حضرموت من “بان أمريكان” في ثمود إلى كلاب واشنطن في غيل باوزير
جنود وكلاب ومدرعات.. استفزازات تكشف قبح السياسة التوسعية في اليمن
كشف الانتشار العسكري للقوات الأمريكية وظهور جنود أمريكيين ترافقهم كلاب بوليسية ومدرعات في شوارع غيل باوزير بمحافظة حضرموت المحتلة، عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء زيارات السفير الأمريكي المتكررة للمحافظة منذ أكثر من عامين.
وقالت مصادر مطلعة، إن الظهور المستفز للجنود الأمريكيين وعرباتهم العسكرية وإقدامهم على إقامة نقاط تفتيش في الشوارع، يشير إلى أن زيارات السفير الأمريكي المتكررة ولقاءاته بمسؤولي الفار هادي، استهدفت مناقشة ترتيبات انتشار القوات الأمريكية وتسليمها ملف حضرموت العسكري والأمني، كخطوة أولى للسيطرة على المحافظة الغنية بالنفط.
الثورة / عادل عبدالإله
وأكدوا أن واشنطن من خلال ظهور وانتشار جنودها وتجولهم في شوارع غيل باوزير بحرية ولامبالاة، أرادت توجيه رسالة لليمنيين وخصومها الدوليين، مفادها أن حضرموت أصبحت تحت سيطرتها.
وتزامنا مع ظهور جنود أمريكيين في شوارع غيل باوزير ومطار الريان ومؤسسات حكومية أخرى، وفي الوقت الذي تحاول حكومة المرتزقة تبرير تواجدهم بحماية فريق تابع للأمم المتحدة، وصلت إلى مقر لواء الدفاع الساحلي في حضرموت قوات أمريكية مكونة من عشرات الجنود والمدرعات والعتاد والأسلحة المتنوعة والمتطورة، ما يؤكد أن وصول هذه القوات يأتي استكمالا لمخطط احتلال أمريكي لمحافظة حضرموت، وليس لحماية الفريق الأممي كما يدعي المرتزقة.
الأطماع الأمريكية
الأطماع الأمريكية في محافظة حضرموت ليست وليدة اليوم، بل ظهرت منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، والتي بدأت ترجمتها من خلال إرسال شركات للتنقيب عن النفط بالتعاون مع المستعمر البريطاني في جنوب اليمن، وفي مقدمة تلك الشركات شركة “بان أمريكان” والتي أعلنت في العام 1961م وجود كميات كبيرة من النفط في صحراء ثمود.
إعلان الشركة النفطية أثار الأطماع الأمريكية، فوجهت السعودية، التابع الأكثر ولاءً لها، للعمل على ضم وإلحاق منطقة ثمود النفطية بأراضيها، وهو الأمر الذي عزز رغبة السعودية في ضم المديرية إليها ودفعها لاختلاق خلافات بين أبناء تلك المناطق اليمنية.
ووفقاً للمصادر التاريخية، فقد أوعزت الرياض لتجار حضرموت الحاملين للجنسية السعودية، القيام بعملية شراء أراضٍ واسعة في ثمود، وبعد ذلك حاولت الرياض فصل منطقة ثمود عن حضرموت وضمها إليها، إلا أن تلك المحاولات أفشلتها الجبهة القومية عام 1967م، ولكن على مدى العقود الماضية وقفت السعودية عبر أياديها المختلفة أمام عدم استخراج الثروة النفطية في ثمود، كما سبق لها وأن أوقفت كافة أعمال التنقيب عن النفط في الشريط الحدودي بين شرورة وحضرموت طيلة العقود الماضية، وها هي اليوم تعود إلى المحافظة وتعيد معها أمريكا وأطماعهما في السيطرة على حضرموت.
الأطماع الأمريكية جعلت محافظة حضرموت تحتل واجهة اهتمام الإدارة الأمريكية المتعاقبة، والتي أظهرت اهتماماً استثنائياً بمحافظة حضرموت ليس منذ بدء العدوان على اليمن في العام 2015 بل منذ العام 2011 وهو ما بدا جليا من خلال الزيارات المتكررة للسفير الأمريكي لحضرموت وتدخلاته في أمورها.
وترجمة لتوجهات واشنطن وسيناريوهاتها التوسعية، تحولت مدينة المكلا خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى محطة رئيسية للأمريكيين، ووجهة لتحركاتهم المكثفة والمتلاحقة قام بها أمريكيون خلال الفترات الماضية إلى حضرموت التي استقبلت وفودا أمنية وعسكرية أمريكية، أظهر الأمريكيون خلالها أنهم ليسوا في حاجة لأخذ الإذن أو حتى إبلاغ حكومة الفار هادي بها.
زيارات مشبوهة
خلال النصف الثاني من العام 2019م، قام السفير الأمريكي لدى اليمن كريستوفر هنزل والمقيم في الرياض بزيارتين للمكلا يرافقه وفد أمني واستخباراتي رفيع المستوى، على متن طائرة سعودية هبطت في مطار الريان، وفور وصوله إلى المطار، توجّه هنزل إلى مقرّ قيادة «المنطقة العسكرية الثانية» وترأس اجتماعاً للمحافظ المعين قائدا للمنطقة من قبل الفار هادي، وضم مختلف القيادات العسكرية والأمنية.
ووفقا للمعلومات، فقد تم كرس الاجتماع الأمريكي لبحث الملف الأمني في صحراء حضرموت وواديها، أو ما تسميه أمريكا جهود مكافحة الإرهاب في حضرموت، علما بأن أول حادث إرهابي سجلته حضرموت كانت في العام 2011م عقب زيارة قام بها السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين حينها إلى المحافظة ، لتضرب محافظة حضرموت موجة اغتيالات عارمة لم تتوقف حتى اليوم طالت العسكريين والأمنيين.
وتم في الاجتماع مناقشة الترتيبات الأمريكية لإقامة قاعدة عسكرية دائمة قرب مقرّ قيادة المنطقة العسكرية الثانية في المكلا ، وفيما اقتصر بيان السلطة المحلية في المدينة حول الزيارة على أنها ناقشت احتياجات المحافظة التنموية، حيث اعتبر الناطق باسم المنطقة الثانية أن زيارة هنزل أكدت حجم الثقة التي حظيت بها حضرموت بعد دحر قوى الإرهاب في مناطق الساحل ، ناقلاً عن السفير الأمريكي وصفه التجربة هناك بـالفريدة والنموذجية.
كما شهدت المكلا وفودا أمريكية عدة قبل ذلك ، وقام مسؤولون أمريكيون بزيارات بعضها سرية ، مثل وصول السفير الأمريكي السابق ماثيو تولر إليها أواخر عام 2017م، في زيارة جاءت عقب وصول أولي لقوات أمريكية إلى مطار الريان الذي تستخدمه كقاعدة عسكرية إماراتية – أمريكية مشتركة أنشأتها أواخر العام 2016م.
محطات في طريق الاحتلال
• قام السفير الأمريكي السابق ماثيو تولر نفسه ورفقة محمد آل جابر سفير السعودية ، في حضور احتفال لمشاركة تسليم الإماراتيين «قوات إماراتية» مهامّ حماية سواحل حضرموت إلى قوات دربها أمريكيون بتمويل إماراتي وأسميت «قوات خفر السواحل» إذ تلقّى قرابة 1000 عنصر منها تدريباً عسكرياً مكثّفاً من قِبَل مدرّبين أمريكيين.
• أواخر العام 2018، وصل وفد أمريكي أمني برئاسة القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى اليمن، جنيد منير، بعد انتهاء فترة السفير تولر ، وصل الوفد إلى مدينة المكلا مطلع فبراير من ذلك العام ويحمل حزمة من الأجندة التي طرحها في حينه.
• في يونيو من العام الحالي وصل وفد أمريكي رفيع المستوى رأسته مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الصراعات ودعم الاستقرار، دينيس ناتالي إلى المكلا في 25 يونيو ، لتكرر ما طرحه القائم بالأعمال وتظهر حزمة الأجندة نفسها التي تتمحور حول القاعدة والإرهاب المزعوم في حضرموت.
•السفارة الأمريكية تقوم بالتواصل مع شباب من حضرموت وتنشط في حركة استقطاب واسعة النطاق منذ أواخر العام الماضي ، وتستخدم السفارة منصات التواصل الاجتماعي وتقوم من خلالها بتجنيد واستقطاب عملاء في وادي حضرموت حسب المعلومات.
تمركز وانتشار عسكري
يتمركز عدد كبير من الجنود الأمريكيين وينتشرون في حضرموت مع قوات كبيرة من المدرعات والأسلحة والمعدات العسكرية والاستخبارية، وتكشف معلومات عن وجود طائرات متعددة ، وتسجل المصادر رحلات عسكرية أمريكية شبه يومية من مطار الريان ذهابا وإيابا، بعدما حولته القوات الأمريكية إلى قاعدة عسكرية محتلة.
• انتشرت قوات من البحرية الأمريكية في مدينة غيل باوزير مدججة بالكلاب والمدرعات والأسلحة والكاتمات ، ونصبت يوم 13 أكتوبر نقاط تفتيش وحواجز مسلحة في شوارع وطرقات المدينة وقامت بتفتيش السيارات والمارة من المواطنين.
• قامت وحدة من البحرية الأمريكية المتواجدة في مطار الريان الثلاثاء 13 أكتوبر 2021م، بعملية انتشار مسلح واسع النطاق في شوارع مدينة غيل باوزير ، وتم إنزال كلاب بوليسية ومدرعات وسيارات إسعاف، حيث قامت القوات الأمريكية بتمشيط شوارع مدينة غيل باوزير ، قبل ذلك بيوم كان قد أعلن عن حدوث انفجار بإحدى مدن حضرموت استهدف سيارة عليها قائد أمن.
وقد أظهر انتشار القوات الأمريكية المدججة بالكلاب البوليسية عن حجم كبير من التواجد العسكري الأمريكي في مديريات ساحل حضرموت، تواجد مر عليه زمن حولت فيه القوات الأمريكية مطار الريان إلى ثكنة عسكرية مغلقة لحاكم أمريكي يحتل مع قواته محافظة يمنية.
ووفقا لمراقبين فإن التحركات الأمريكية الأخيرة، تأتي بالتزامن مع إكمال الجيش واللجان الشعبية السيطرة على مارب، والذي يحتمل أن تكون أمريكا تعمل من خلال تحركاتها الأخيرة لإيجاد المبررات لإظهار تواجدها العسكري في حضرموت وأماكن النفط، وتجعل من هذه التحركات مبرراً لتواجدها العسكري هناك، أو أنها تريد إيصال رسائل لصنعاء بأن أي تقدم بعد مارب، ستكون المواجهة فيه القوات الأمريكية مباشرة.