ثوابـــة: الدار وحديقته الواسعة محمية تاريخية لايجوز المساس بها
تحقيق \عبدالباسط النوعة
قبل عامين من الآن عمدت أمانة العاصمة عبر المجلس المحلي بمديرية التحرير على البدء بإنشاء مدرسة ولكنها عمت أبصارها عن إيجاد المكان المناسب لبناء هذه المدرسة ولم تر سوى حرم دار الحمد التاريخي ليكون موقعا اعتقدت انه مناسبا لبناء المدرسة غير مدركة فداحة هذا التصرف وعواقبه على هذا الدار التاريخي الذي تمثل ملحقاته وحديقته الواسعة وسوره الطيني القديم أبرز مقوماته ولهذا جاء القرار الصائب لمجلس الوزراء قبل سنوات مضت باعتبار دار الحمد وملحقاته وحدائقه محمية تاريخية تتبع صنعاء القديمة ولا يجوز المساس بها أو تغيرها واستحداث ما يشوه طابعها القديم , وبرغم هذا القرار لم تر أمانة العاصمة مكانا أنسب من حديقة دار الحمد وعلى بعد أمتار قليلة منه لبناء هذه المدرسة .
واهتمت الثورة حينها بهذا البناء ونشرت العديد من الموضوعات الأمر الذي أدى إلى توقف البناء واتفاق وزارة الثقافة الجهة المعنية بحماية التراث والمالكة للدار وأمانة العاصمة صاحبة المشروع على الجلوس والتفاوض والرفع إلى مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات المناسبة وشكل مجلس الوزراء لجنة لحل الخلاف بين الجانبين .
دار الحمد ” المركز الوطني للحرف اليدوية حاليا” لم تعد أساسات المدرسة المتوقفة محل اختلاف بين الجانبين بل أصبح الخلاف أكبر , وبحسب مصدر مطلع في رئاسة الوزراء أن الخلاف الآن بات على ملكية الدار نفسه .
فأمانة العاصمة لم تعد تطالب بمواصلة بناء المدرسة وإنما بأحقيتها في امتلاك الدار وكافة المساحة التابعة له وأصبح التباحث والنقاش بين أعضاء اللجنة في رئاسة الوزراء والمكونة من عدة أطراف إضافة طبعا إلى الطرفين المعنيين حول من أحق بالملكية وبات مطلوبا من وزارة الثقافة أن تثبت أحقيتها في الملكية بعد أن كانت تحاول إقناع الأمانة بأنه لايجوز أبدا البناء في محمية دار الحمد التاريخية . فلماذا تم تجاوز هذه المسألة وبات الاختلاف على الملكية ¿ ولماذا تسعى أمانة العاصمة إلى امتلاك الدار هل لديها تصور أو مشروعا تراه أفضل من كون المبنى مركزا للحرف اليدوية أم أن المسألة وكما يقول المثل ” خوفه بالموت يرضى بالحمى ” وبالتالي على الوزارة أن تقبل بإكمال بناء المدرسة ¿
الثقافة لن تفرط بشبر واحد من الدار
الدكتور عبدالله عوبل وزير الثقافة أكد أن الدار يعد من أملاك وزارة الثقافة وهو المساحة داخل سوره تعد من المحميات الطبيعية والتاريخية في العاصمة صنعاء .
وأضاف : دار الحمد ملكية خاصة بوزارة الثقافة ولا أحد يمتلك الحق سواء الوزير أو غيره أن يفرط بشبر واحد من مساحة الدار أو أن يسلم شيئا من أملاك وزارة الثقافة سواء للأمانة أو غيرها , كما أن وزارة الثقافة وأمانة العاصمة وقعا محضر اجتماع في عهد الوزير السابق الدكتور محمد المفلحي ينص هذا الاتفاق على أن الدار والمساحة التابعة له تخص وزارة الثقافة ولا يحق للأمانة أن تقترب منها , كذلك اصدر مجلس الوزراء قراراٍ في عهد عبدالقادر باجمال قضى هذا القرار بأن تسلم المدرسة التي بنتها أمانة العاصمة في أرضية دار الحمد لكي يتم تحويلها إلى مدرسة للحرف والصناعات التقليدية .
وبعد استفسار الأخ الوزير عن هذه المدرسة اتضح أن الأمانة سبق وأخذت جزءاٍ من مساحة دار الحمد وبنت عليها مدرسة من دورين في نفس الاتجاه الذي أسست فيه للمدرسة الجديدة ” المتوقفة ” وتعمل حاليا على بناء دور إضافي ثالث في المدرسة المبنية من سابق .
وأشار الأخ الوزير إلى أن وزارته ستعمل على المطالبة بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي لم ينفذ ليتم تحويل مبنى المدرسة إلى مدرسة تعليم وتدريب للحرف والصناعات التقليدية .
وقال : لدينا مشاريع نسعى إلى تنفيذها في الدار تتناسب مع مكانته التاريخية ولكن لازلنا نبحث عن تمويل حتى أن الوزارة عاجزة عن ترميم الدار الذي تعرضت بعض أجزائه للتساقط ولكن الدولة ليست عاجزة وليس مبررا أبدا أن يسلم الدار إلى الأمانة لأن الوزارة ميزانيتها ضئيلة والأحرى توفير الإمكانيات لترميم الدار ,.
ونوه إلى أن الأمانة تود استغلال الدار في مشاريع غير تاريخية فما هو أفضل من أن يكون هذا الدار مكانا لتنمية وتطوير الحرف اليدوية التي تميز صنعاء القديمة عن غيرها من المدن هل كثير على صنعاء أن يكون لها مركز للحرف التقليدية ومدرسة لتعليم الأجيال المهن الأصيلة قبل أن تنقرض .
وكشف الوزير عن توجيهات سابقة استصدرتها أمانة العاصمة تنص على تسليم المساحة التابعة لدار الحمد للأمانة لبناء مساكن فيها وهو الأمر الذي رفضته الوزارة ولازالت ترفضه وبشدة . موضحا أن الأمانة تريد أن تضع يدها على أرضية دار الحمد والأرضية هي ما تسعى إليه .
حديقة الدار من متنفسات صنعاء
والتقينا رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية الأخ ناجي ثوابه الذي أوضح أن دار الحمد وأسواره وحديقته بكاملها وفقا لقرار مجلس الوزراء باعتباره محمية تاريخية تتبع صنعاء القديمة وهذا يعني أن نفس المعايير والشروط التي تنطبق على المدينة تنطبق على الدار سواء من حيث المعمار أو المتنفسات والحدائق التي يجب حمايتها والاهتمام بها والعمل على إعادة تأهيلها بالصورة التي كانت عليها سابقا .
وقال : لا يجوز أبدا بناء المدرسة في حرم دار الحمد لا ن مثل هذه المدرسة ستعمل على تشويه الدار ولا يجوز استغلال المساحة التابعة للدار لأنها تعد من المتنفسات وحكمها في ذلك حكم مقاسم وبساتين صنعاء القديمة ولا ينبغي في أي حال من الأحوال استغلال أي شبر منها مهما كان الظرف وتلك الأساسات التي بنيت للمدرسة يجب إزالتها , وفي المقابل لا مانع من توظيف الدار ومساحته بأي مشروع طالما وهو مطابق للشروط والمعايير اللازمة للحفاظ على الدار ويراعي الخصوصية التاريخية والحضارية للدار .
وعبر عن أسفه في عدم مشاركة الهيئة في اللجنة المشكلة من رئاسة الوزراء فما دام الدار محمية تاريخية تابعة لصنعاء القديمة فالحفاظ عليه من اختصاص الهيئة , مؤكدا انه من رئاسة الوزراء إحالة الموضوع إلى الهيئة ليكون للهيئة الرأي التاريخي والحفاظ على الدار وان يكون لها رأيا في مصير وما سيكون عليه مستقبلا .
مؤكدا أن الهيئة ترفض رفضا قاطعا المساس بالدار أو حدائقه تحت أي مسمى ,داعيا إلى الاهتمام بالدار بدلا من النزاع على ملكيته فالدار في وضع إنشائي صعب وتهدمت بعض أسطحه وبحاجة إلى الترميم العاجل وبعد الترميم يتم النقاش على كيفية استغلال الدار المهم الآن المحافظة عليه وتداركه.
القضية في رئاسة الوزراء
ويؤكد محمد راشد مدير عام المركز الوطني للحرف اليدوية أن اللجنة التي شكلت من رئاسة الوزراء وعدد من الجهات ذات العلاقة جاءت من اجل فصل النزاع بين الأمانة ووزارة الثقافة حول الأرضية التي تم الاعتداء عليها في من قبل الأمانة وبنت فيها أساسات مدرسة ولكن الأمانة حولت الموضوع من خلاف حول أرضية تلك المدرسة إلى مطالبتها بالحصول على الدار وكافة مرفقاته مع أن الدار ملك لوزارة الثقافة وتوجد وثائق تثبت ذلك .
وأشار إلى أن الأمانة غرضها من كل ذلك السطو على أرضية دار الحمد ” حديقته” واستغلالها في مشاريع كما يشاءون .
ويقول نائب مدير عام المركز الوطني للحرف عبدالحميد المصباحي أن الأمانة بنت مدرسة منذ فترة طويلة أرضيتها تابعة للدار وبعدها بنت مدرسة اخرى مجاورة وهي الآن تحاول السطو على قطعة أخرى من أرضية الدار لبناء مدرسة أو التوسع في المدرستين القائمتين ولكن تم التدخل وإيقاف هذا الاستحداث الأخير والقضية لدى رئاسة الوزراء .
وذكر المصباحي أن إحدى الشخصيات جاءت بتوجيه من القيادة السابقة باقتطاع عشر لبن من مساحة دار الحمد لاستغلال هذه المساحة بصورة شخصية ولكن لم يتم ذلك بفضل تعاون القائمين على الدار ووزارة الثقافة .
ولا زلنا مستمرين في مناقشة هذه القضية والباب مفتوح للجهات ذات العلاقة ومنها الأمانة وأيضا وزارة السياحة التي دخلت طرفا من خلال مطالبتها بتسليم الدار إليها باعتبار أنه كان فيما مضى فندقاٍ سياحياٍ.
تصوير فؤاد الحرازي