نفذته الإدارة العامة لوقاية النبات بـوزارة الزراعة والري في مديرية بني حشيش..
يوم حقلي لإرشاد وتوعية مزارعي العنب بأساليب الوقاية من مرض البياض الزغبي
مديرية بني حشيش إحدى مديريات محافظة صنعاء، تقع شرقي العاصمة صنعاء، قال عنها القاضي الحجري في كتابه مجموعة بلدان اليمن وقبائلها المجلد الأول: (بنو حشيش بن خولان العالية من نواحي صنعاء في الشرق من صنعاء متصلة بجبل نقم وبراش المطلين على صنعاء من شرقيها وتتصل بنو حشيش من شماليها ببلاد نهم وبني الحارث ومن جنوبيها وشرقيها ببلاد خولان العالية وهي في الأصل منها ومن غربيها بني الحارث وصنعاء).
الثورة/ يحيى الربيعي
يوجد في مديرية بني حشيش وادي السر الذي ذكره الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب بقوله: (سر بن الروية فيه العيون والآبار وهو من عيون اليمن، وبه قرى كثيرة ومنازل لآل الروية للضيافة ولمن سبل الطريق، وفيها من جبال مراد جبل برجام (رجام)، ومن السر منازل الروية بأعفاف وحذان، ومن جبال السر المعروفه ذَباب وصرع وسامك والفلكة وأذي، ويوجد في وادي السر حصن ذي مرمر، وهو حصن تاريخي قديم يوجد في شبام الغراس وهي مدينة قديمة نسبة إلى شبام- سخيم يعود تاريخها إلى (القرون الثلاثة الميلادية الأولى)، وهي المدينة التي وجدت فيها الموميات في عام ١٩٨٣م.
ومديرية بني حشيش هي التي وصلها الإمام الهادي بن الحسين بن القاسم الرسي عام ٢٨٣ هجرية، وبنى فيها مسجده الموجود في قرية السرار الشرفة، وفيها وادي السر الذي يصب مجراه المائي في وادي الخارد بالجوف.
مديرية بني حشيش تمتد على مساحة جغرافية تقدر بـ 376 كيلومتر مربع= 37600 هكتار، سكانها 73957 نسمة حسب تعداد عام 2004م، وتشتهر بنو حشيش بزراعة أجود أنواع العنب بشتى أنواعه وأصنافه (الأبيض، الأسود، الأحمر) ومن أشهر الأصناف المزروعة في المديرية: الرازقي، العاصمي، البياض، الحاتمي، والعرقي.. تبلغ المساحة الصالحة للزراعة في بني حشيش حوالي 10000هكتار، يزرع منها حوالي 4000 هكتار بأشجار العنب، وبقية المساحة تزرع بالقمح والحبوب وخاصة في عزلة الشرفة، والفرسك في سعوان والرونة، والخضار.
وتعتبر بنو حشيش أشهر مناطق اليمن بزراعة العنب بل وأكثرها إنتاجا، إذ بلغت كمية الإنتاج في عام ٢٠١٨م حوالي ١٠٠٠٠٠ طن من أجود أنواع الأعناب والذي يسوَّق إلى جميع محافظات الجمهورية اليمنية، وجزء كبير منه يجفف ليكون زبيباً وتصدر كميات كبيرة للأسواق الخارجية.
ومؤخراً تواجه زراعة العنب في بني حشيش عدة تحديات حيث بدأت زراعة العنب تقل تدريجيا بسبب زحف التوسع في زراعة القات على حساب أشجار العنب، وتفشي وانتشار الأمراض والآفات الزراعية التي أصابت أشجار العنب ومنها مرض البياض الزغبي والدقيقي والتي أثرت على نسبة الإنتاج من محصول العنب خلال العامين الماضيين، حيث تكبد المزارعون خسائر بمئات الملايين، ولا ننسى الإشارة إلى الآفة الأكبر والأخطر الزحف العمراني على مزارع العنب في سعوان وصرف والمناطق القريبة من العاصمة صنعاء والذي يقضي على مزارع العنب والزراعة بشكل عام ناهيك عن صعوبات وعوائق غياب استراتيجية تسويق وطنية والتي تقف في وجه المنتج الزراعي سواء في بني حشيش أو غيرها والتي منها:
1 – ارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية.. كمبيدات، الأنابيب والأخشاب والعمدان التي تحمل أغصان وفروع شجرة العنب والتي تعرف (بالشرعة).
2 – ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
3 – غياب السياسة التسويقية لمحصول العنب الذي يتكدس بكثرة في الأسواق ويتلف معظمه لعدم وجود ثلاجات تبريد.
4 – غياب الصناعات التحويلية لمخرجات زراعة العنب، كعامل يحافظ على هذه الشجرة بوصفها موروثاً زراعياً ارتبط بالهوية اليمنية.
5- عدم الاهتمام بالعمليات الزراعية المتوارثة عن الآباء والأجداد وأهمها التذييل بدلا عن التسميد، و(التتريب) كبديل عن المبيدات والتي تقضي على بعض الحشرات التي تصيب العنب، وكذا تقوم بتصفية العنب وحمايته.
6 – عدم وجود جمعية خاصة بمنتجي العنب والتي تعتبر ذات أهمية كبيرة ستعمل على حماية أشجار العنب وتقدم الدعم للمزارعين.
7 – الحفر العشوائي للآبار الارتوازية، والاستنزاف الكبير للمياه في ري وسقي أشجار القات يهدد بنفاد المياه في بني حشيش، وهو ما يستوجب إصدار قرار بمنع الحفر العشوائي للآبار واستبدالها ببناء السدود والحواجز المائية والكرفانات في بني حشيش لحفظ مياه الأمطار والسيول وتغذية الآبار الموجودة في الوادي، وإدخال أنظمة الري الحديثة كالتقطير.
بنو حشيش هي سلة العنب اليمني الواعدة، لهذا فإن الجهات المعنية في وزارة الزراعة والسلطة المحلية بالمحافظة والمديرية تسعى جاهدة لحماية هذه الشجرة ودعم وتشجيع زراعتها.
وفي سياق ما سبق نفذت الإدارة العامة لوقاية النبات في وزارة الزراعة والري والسلطات المحلية في محافظة صنعاء أمس الثلاثاء، نزولا ميدانيا إلى مديرية بني حشيش للاطلاع على أحوال مزارع العنب ومتابعة خطوات مكافحة مرض البياض الزغبي.
وفي النزول الميداني أوضح مدير عام الإدارة العامة لوقاية النبات المهندس هلال الجشاري أن البياض الزغبي مرض شائع يصيب العنب في أنحاء العالم بسبب فطريات لا ترى بالعين المجردة، ويسمى هذا الفطر “بلازموبار افايتوكول”، ويسبب لمحاصيل العنب خسائر مباشرة عندما يحدث تعفن للنورات والعناقيد والفروع، كما يسبب خسائر غير مباشرة عندما يحدث السقوط المبكر للأوراق معرضا الفروع للبرد الذي قد يستمر أثره للعام التالي، منوه بأن جراثيم هذا المرض تحمل بواسطة الماء والرياح.
كما أوضح أن المرض أنهى محصول العنب في اليمن في العام 1996م، وتسبب في خسائر فادحة لمزارعي العنب في مديرية بني حشيش لعامين متتالين بلغت مليارات الريالات، لافتا إلى أن المرض يكون أكثر انتشارا عند بلوغ درجة الرطوبة ما فوق 90% وتنخفض درجات الحرارة ويستمر هطول الأمطار وحيث تتواجد المياه الراكدة، وتستمر الغيوم والسحب في السماء لمدة تتراوح بين 7-12يوما.
وقال الجشاري: في هذا العام كان التدخل مبكرا، فقد تدخلت الإدارة العامة لوقاية النبات من خلال تنفيذ العديد من البرامج الإرشادية ومنها تدريب فرسان التنمية، وإقامة الاجتماعات الإرشادية الموسعة بالمزارعين في كل عزل المديرية، مشيرا إلى أن نزول اليوم وتنفيذ اليوم الحقلي وعقد الاجتماع الإرشادي هو استمرار لحملة التوعية والتدخل المبكر والتدريب، لافتا إلى أن تأخر التدخل في العام الماضي كان له أثره البالغ فيما حدث من كارثة وخسائر للمزارعين.
وأشاد الجشاري بالدور البارز لفرسان التنمية في توعية وإرشاد المواطنين إلى العمليات الزراعية المتكاملة، ونشر الوعي بأساليب الوقاية، شاكرا لمزارعي المنطقة حسن تجاوبهم والتزامهم بالتعليمات والإرشاديات الزراعية، مؤكدا أن المواطن هو الفاعل الحقيقي لأي نجاح يتحقق على طريق مكافحة الوباء وإزالة أي معوقات أخرى قد تقف أمام نجاح الموسم هذا العام.
وشدد على ضرورة التركيز في هذا التدخل على أن يكون استخدام المبيدات هو الوسيلة والحل الأخير، على أن يكون التركيز في المقابل على اتباع العمليات الزراعية المتكاملة وبطرقها وأساليبها الصحيحة خاصة في مسألة تنظيف الحقل والمحصول وتنظيم عمليات الري.
من جانبه أكد مدير مكتب الزراعة في مديرية بني حشيش محمد صالح الحاج، التزام أبناء مديرية بني حشيش بكافة التعليمات الإرشادية التي يوصي بها المختصون في الإدارة العامة لوقاية النبات، منوها بأن الحديث عن زراعة العنب في مديرية بني حشيش هو حديث عن زراعة استراتيجية في مساحة واسعة تقدر بـ 4000 هكتار من مزارع العنب بمختلف أنواعه، مؤكدا أن زراعة العنب تحتاج إلى اهتمام كبير ورعاية دقيقة ومتابعة متواصلة من قبل وزارة الزراعة لاسيما في الظرف الحالي وذلك تفاديا لعدم تكرار كارثة العام الماضي ووقوع ذات الخسائر التي كلفت المواطنين مليارات الريالات بسبب انتشار مرض البياض الزغبي الذي قضى على معظم المحاصيل، وتضرر الكثير من المزارعين رغم ما بذله الجميع من جهود وأموال إلا أن الظروف المناخية طغت بسبب ما منَّ الله به من غزارة الأمطار في العام الماضي.
المهندس علي المحرز بدوره أوضح أن التدخل المباشر بدأ مع موسم البقيس منتصف شهر فبراير الماضي، وقبل سقية اللقاح، وأن البداية كانت بالتوعية بكيفية جمع مخلفات المحصول السابق على أساس أن الإصابة موجودة فيه، وكذلك كيفية عمل تسميدة متوازنة ورش نجاس على الحطب ثم بدء السقي والتسميد، مشيرا أن قلة الأمطار هذا العام ساعدت على التقليل من احتمالية الإصابة بالمرض، منوها بأن المحاصيل التي جادت في العام الماضي ضعفت هذا العام على العكس من ذلك حدث مع المحاصيل التي ضعفت في الموسم الماضي.
وأوضح المحرز أن العنب في بني حشيش تجاوز مرحلة الخطر ووصل إلى بر الأمان، مستدركا وجود مخاوف من احتمال اشتداد موسم الأمطار في شهر أغسطس وسبتمبر المقبلين وتجاوز الرطوبة نسبة 90%، لأن كثرة الأمطار ترفع نسبة الرطوبة.
ونصح المحرز المزارعين بالتركيز على التسميد بالعناصر المحسنة للجودة كالبوتاسيوم والفوسفور وغيرهما من العناصر كونها المسؤولة عن صناعة السكر في الثمار، وبالتالي يجب على المزارعين إضافتها من الآن من أجل ألا يصل الحال إلى مرحلة الكاوية، كما نصح بتنويع عملية المكافحة كرش البياض الدقيقي، والبياض الزغبي، والتربس، والعسلة، حشرة المن الأسود، مؤكدا أن المزارع في حالة حرب لا متناهية مع الآفات، لذلك لا بد أن يرش في مواعيد دقيقة وبكميات معلومة وإلا فإن الفائدة لن تتحقق.
أما المزارع علي عاطف الجرادي فقد سألناه عن الأسمدة والمبيدات، وكمزارعين ما قبل ظهور هذه التقنيات، ماذا كنتم تستخدمون؟ فأجاب: كنا نسمد بذبل من مخلفات الغنم، وكانت النتائج عال العال، وثمرة خير الله وبركة، وأحسن بكثير من نتائج هذه الأسمدة المصنعة خاصة تلك التي جلبت إلينا باسم سماد يوريا سعودي، هذا السماد عبارة عن مادة بلاستيكية ضررها أقرب من نفعها، أغلبها ملح قارح، والعنب أخلف في ثمره هذا العام بسبب هذه الأسمدة الخالية من النتروجين.
وأكد المزارع أن التوسع في زراعة العنب جعل الناس يتجهون إلى هذه التقنيات تقليدا لما يسمونه بالتطور ومتابعة التقنيات الحديثة في أساليب وعمليات الزراعة، مستدركا أن الجهد في سفخ العنب بالتراب كبير، ويتطلب وقتاً، وإذا جاء المطر تختفي فائدة التراب لأن المطر يغسله من الشجرة، وبالتالي تأتي الحاجة الملحة لاستخدام المبيدات الكيماوية.
وطالب المزارع المختصين في وزارة الزراعة والري والإدارة العامة لوقاية النبات على وجه التحديد بضرورة الاهتمام بمسألة فحص ومعاينة المبيد المفيد للمزارع وتعميم الفائدة على المزارعين، وإن لم يكن بالمساعدة فبالقيمة النقدية، المهم أن المزارع يحتاج إلى إرشاد مسؤول بنوعية المبيدات والأسمدة الصالحة.
من جهته لفت مدير إدارة المبيدات الدكتور/ محمد المطري إلى أن هناك فكرة عند بعض المزارعين مبنية على ثقافة خاطئة مفادها أن المبيد المنتهية فاعليته أقوى من المبيد في مدة الصلاحية، فيما تؤكد الحقائق العلمية أن المبيد المتخصص هو المطلوب، مضيفا: سهل أن تتم صناعة مبيد يقضي على جميع الحشرات الضارة منها والمفيدة، ويقتل حتى النحل لو شئنا.
وأوضح الدكتور المطري أن المبيد المتخصص هو ذاك الذي يقضي على حشرة ما، ولا يضر غيرها من الحشرات، لأن في ذلك حفاظ على التوازن البيئي، منوها بأن اليمن أكثر البلدان إصابة بأنواع السرطانات، والفشل الكلوي، وتلوث الكبد وغيرها من الأمراض الفتاكة، مشددا على أن يحرص المزارعون على استخدام المبيدات وفق تعليمات إرشادية من متخصصين معتمدين من الجهات الرسمية المخولة بذلك، لاسيما أن المسألة تتعلق بحياة الناس وصحتهم، إذ ليس من المنطق والشرع أن يعطى المزارع مبيدا يصلح ثمرته وهو في المقابل سيعمل على إصابة المستهلك بعلة.
أما مانع علي مانع أحد فرسان التنمية – فقد قدم شرحا تفصيليا عن دور فرسان التنمية في توعية وإرشاد المزارعين بالطرق الوقائية والإجراءات الاحترازية للحد من انتشار مرض البياض الزغبي، وتجاوب المزارعين اللا محدود مع الحملة، والذي اتسم بفاعلية منقطعة النظير.