عشرات الأطفال يختطفون من المدن والعام 2013م يتصدر القائمة والمجرمون خارج السجون
إدارة حماية الأسرة: الخطف اتجار بالبشر والنيابة العامة لا يوجد قانون يجرم الظاهرة
تحقيق/ عبدالناصر الهلالي
كعادته ذهب الطفل براء وحيد الشريحي «سبع سنوات» إلى المدرسة قبل أن يباغته رجل بالاختطاف من بين أخويه وهما في طريق العودة إلى المنزل.. «براء» كان مرتديا زيا مدرسيا كحلي اللون لم يعد إلى المنزل حتى اللحظة لا يعرف البحث الجنائي ولا والده إلى أي وجهة اقتاده الخاطف.
العقيد محمد الصباري أنهى للتو مكالمة تلفونية مع قريب الطفل كنت إلى جانب الصباري الخبير بمكافحة الاتجار بالبشر ومدير التوجيه والعلاقات العامة في البحث الجنائي وهو يضرب كفاٍ بكف قائلا هذا الطفل الرابع الذي تم الإبلاغ عن اختطافه في الأسبوع الأخير من العام 2013م.
ويضيف الصباري «براء» اقتيد بسيارة في حارة عمر المختار في شعوب عندما كان عائدا من المدرسة والوالد ليس لديه أي خصومات مع أحد.
مقعد «براء» ظل فارغاٍ في اليوم الثاني من الدراسة في فصل الصف الثاني الأساسي خاليا من «براء» كما هو حاله في المنزل أيضا.
بين الأربعة الأطفال الذين اختطفوا ماجد صالح «13» عاما.. ماجد اختطف من مركز الطفولة الآمنة في ذات الأسبوع أمه لم تعد تجد له أثرا هناك بحسب الصباري مصدر أمني في إدارة أمن أمانة العاصمة أكد أن الأسبوع الأخير من العام 2013م وصلتهم ثمانية بلاغات عن أطفال اختطفوا وتم التعميم إلى كل أقسام الشرطة والنقاط الأمنية للبحث عنهم وتعقب الجناة حد قوله.
مطلع شهر ديسمبر من العام الماضي كانت صورة أحد الأطفال التي يرتدي فيها زيا مدرسيا ملصقة في الكثير من جدران منازل الجراف الغربي وسور المدينة الرياضية وبعض صفحات الفيس بوك.. الصورة تضمنت إعلاناٍ عن فقدان الطفل في الشهر ذاته وصل إلى قسم شرطة 26 سبتمبر بشعوب بلاغ يفيد بتعرض طفل للاختطاف.
إدارة التوجيه والعلاقات العامة في البحث الجنائي لا يوجد لديها إحصائية عن الأطفال الذين اختطفوا حتى اللحظة بيد أن منظمة «سياج» لحماية الطفولة التي تعتزم إصدار التقرير السنوي لها هذا الأسبوع رصدت بحسب البلاغات التي تصل إليها اختطاف «مائة» طفل في العام 2013م «25%» إناث.
سجلات الإدارة العامة لحماية الأسرة في وزارة الداخلية تفيد أن العام 2012م شهد اختطاف «27» طفلا منهم «11» إناثاٍ ولا توجد إحصائية دقيقة لدى الإدارة عن الأطفال المختطفين في العام 2013م حتى اللحظة.
وزارة الداخلية تصدر تقريرا سنويا لكنه لم يعلن عنه وبحسب مصدر أمني فإن العلاقات العامة في وزارة الداخلية قد تصدر التقرير السنوي في نهاية يناير من هذا العام.
ويشير المصدر عينه في الإدارة العامة لحماية الأسرة بوزارة الداخلية إلى أن الإحصائيات التي تعلن عنها المنظمات المعنية بالطفولة ليست دقيقة في الوقت الذي تؤكد فيه تلك المنظمات أنها تبني إحصائيتها عن طريق البلاغات المقدمة إليها خلال العام وتجزم بصحتها.
الاختطاف إتجار بالبشر
المدير العام لحماية الأسرة في وزارة الداخلية العميد سعاد قعطبي تصنف اختطاف الأطفال ضمن الاتجار بالبشر.
وتقول قعطبي: الاتجار هي عملية توظيف أو تجنيد شخص وإيوائه ونقله أو الحصول عليه عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو الاحتيال أو الإكراه وإخضاع الضحايا للعبودية رغما عنهم لغرض استخدامهم أو تسخيرهم أو إجبارهم على العمل القسري أو العبودية أو استغلالهم لأغراض جنسية.
الصباري ونبيل فاضل رئيس منظمة «الاتجار بالبشر» يصنفان اختطاف الأطفال «اتجار بالبشر» أيضا لأن الأطفال المختطفون يهربون إلى دول الجوار والبعض منهم يستغلون جنسيا ويتعرض البعض الآخر إلى سرقة أعضاء من أجسادهم.
الطفلة «شم» اختطفت وعمرها «أربعة» أعوام وتم إعادتها وهي في سن عشرة أعوام .. خالة الطفلة تعمل طبيبة وأجرت فحصاٍ للطفلة فور إعادتها وتبين من الفحص أن الطفلة تعرضت لسرقة إحدى «كليتيها» غير أن الأب صمتاٍ نهائياٍ بعد عودتها ورفض التحدث للخبير بمكافحة الاتجار بالبشر في البحث الجنائي.
ويقول الصباري حاولنا التواصل مع الأب لمعرفة تفاصيل عودة الطفلة على الأقل لمعرفة الخيوط الأولى عن الخاطفين لكن الأب رفض.
ويرجح الصباري أن الآباء الذين يتم إعادة أولادهم المختطفين يتعرضون للتهديد من قبل الخاطفين في حالة التحدث عن ملابسات عودة أبنائهم.
قبل عامين من الآن وجد أربعة أطفال اثنان في شارع تعز واثنان في المطار ويرجح البحث الجنائي أن يكون الخاطفون القوا بهم في تلك الأماكن بعد مدة من الخطف.
ويقول نبيل فاضل رئيس منظمة الإتجار بالبشر أن المعلومات أفادت أن الأطفال تعرضوا لسرقة «الكلى» لكن بحسب فاضل لم يتم التأكد من صحة المعلومات بسبب رفض أولياء الأمور الإدلاء بأي معلومات بعد إعادة أطفالهم.
وفي شهر نوفمبر من العام الماضي اختطفت طفلة في بني الحارث محافظة صنعاء وأعيدت بعد شهر إلى نفس الحي بعد أن نزعت منها «كليتها» حسب إفادة سكان الحي كاتب التحقيق حاول التواصل مع أسرة الطفلة لكنهم رفضوا تحت مبرر «العيب» حسب قول أحد جيران الأسرة المنكوبة بطفلتها وفي نفس المكان اختطفت طفلة أخرى ولم تعد حتى الآن القائمون على مركز شرطة «30 نوفمبر» رفضوا التحدث إلى كاتب التحقيق عن الحادثة أو أية حوادث أخرى بذريعة أن وزارة الداخلية لم تعطهم الإذن في التحدث للصحافة.
بدأت ظاهرة اختطاف الأطفال تأخذ حيزا إعلاميا في العام 2007م عندما اختطف الطفلان الشقيقان «أنور وأمير الغرباني» في مناخة عندما تركهما والدهما بالسيارة ونزل لقضاء حاجة ما وعندما عاد لم يجدهما ولم يعودا حتى هذه اللحظة حسب إدارة البحث الجنائي.
عصابات خارج القضبان
قبل عامين تم القبض على عصابة متهمة بخطف الأطفال وعند البحث عن حال هذه العصابة بعد أن ألقت الجهات الأمنية القبض عليها لم يعرف مصير تلك العصابة بحسب تأكيدات أمنية.
وفي العام 2004م تم القبض على امرأة متهمة باستدراج الفتيات والأطفال لكن الأجهزة الأمنية أفرجت عنها حينها بعد وساطات يقول المصدر الأمني الذي كان يعمل حينها في مركز شرطة معين بأمانة العاصمة إنها كانت من كبار المسؤولين!! وشخصيات معروفة.
وتم القبض مؤخراٍ على عصابة تتاجر بالأعضاء البشرية في مطار صنعاء الدولي لكن النيابة أفجرت عنها تحت مبرر أن المشرع اليمني أغفل مواداٍ قانونية عن الاتجار بالبشر الأمر الذي أعطى العصابة التي تتزعمها امرأة – الصحيفة تحتفظ باسمها» الغطاء القانوني لممارسة عملها مجدداٍ.
الصباري يقول إن بوسع النيابة العامة أن تعتمد في هذه الحالة على التشريعات الدولية التي وقعت اليمن عليها ومن هذه التشريعات «قانون حقوق الطفل» وخلاصة هذا القانون أن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية ترى أنه وفق المبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة يشكل الاعتراف بالكرامة المتأصلة لجميع أعضاء الأسرة البشرية.
وصنفت الاتجار بالبشر بموجب «البروتوكولات» الدولية بـ«الخطر الثالث عالميا ضمن الجرائم الدولية المنظمة.
القاضي أبوبكر راجح وكيل نيابة غرب الأمانة يؤكد أن التشريعات البديلة موجودة في قضايا الاتجار بالبشر.
ويعيد أحمد القرشي رئيس منظمة «سياج» لحماية الطفولة سبب عدم تعاطي النيابة مع هذه القضايا إلى عدم تأهيل بعض القضاة في هذا المجال.
القانون المنتظر
في الأسبوع الماضي أحال مجلس الوزراء في اجتماعه الدوري قانون الاتجار بالبشر إلى مجلس النواب لإقراره ويرى حقوقيون أن القانون بصيغته الحالية سيعطي العصابات الإجرامية غطاءٍ قانونياٍ في ممارسة المتاجرة بالأعضاء البشرية.
ويقول فاضل في لقاء أجرته معه «يومية الجمهورية» أن رئاسة الوزراء أصدرت العام قبل الماضي قراراٍ بتشكيل اللجنة الوطنية الفنية لمكافحة الاتجار بالبشر وكانت مهمتها عمل استراتيجية وطنية وإعداد القانون.
ويضيف فاضل أننا بحاجة ماسة لقانون يجرم هذه الظاهرة الخطيرة.
في نيابة غرب الأمانة لا تزال قضية أحد الأطفال منظورة بعد أن أقر المختطف بجرمه في الخطف بحسب القاضي الذي بيده ملف القضية في الحين الذي ينتظر الأب نيل المتهم جزاءه العادل ويرفض أي حل عرفي لتسوية القضية مع المتهم كما جرت العادة مع قضايا مماثلة.
وتشير الإحصائيات إلى إن «51%» من عدد السكان أطفال وأن عدد محاكم الأحداث في اليمن «خمس» محاكم فقط تتواجد في المدن الرئيسية.
ويقول القرشي: نحن بحاجة لمحكمة أحداث في كل محافظة للنظر في قضايا من هذا النوع.
ظاهرة اختطاف الأطفال ستظل قائمة وربما تتزايد في الأسابيع والأشهر القادمة إذا لم تعمل الجهات الأمنية على إنهاء هذه الظاهرة المخيفة والمقلقة للمجتمع والتي تؤرق أولياء الأمور وتأخذ منهم جل وقتهم في متابعة أبنائهم أثناء الذهاب والعودة من المدارس.