كانت فترة السبعينيات والثمانينيات هي أزهى فترات الجماعات الدينية، وبالذات في مصر والسودان واليمن وبلدان البترو/دولار وعلى رأسها مملكة قرن الشيطان.
مات عبدالناصر في أواخر العام ١٩٧٠م فأخرج السادات الإخوان من السجون، وقيد أعداءهم من الناصريين واليسار والشيوعيين، وجعل الدولة في خدمتهم، وأباح كل شيء في مصر للإخوان بما في ذلك التربية والتعليم والجامعات، ودور العبادة والمساجد، فساحوا وباحوا، وأسسوا الصحف والمجلات ونشروا الكتيبات والفكر المغالي، وارتفعت الأصوات مكفرة ومشنعة بالعهد الناصري ورجاله وبكل من يعترض الإخوان، أو يقف في وجه الجماعات الدينية.
واطلقت بعض الجماعات الإسلاموية على الرئيس السادات لقب ( الرئيس المؤمن ) فانتفخ وزاد فشرة فسمى نفسه ( برب العيلة ) وباني دولة العلم والإيمان، ولم يكن هناك لا علم ولا إيمان، بل تسليم وعمالة لأمريكا والصهيونية، وانفتاح وبيع مكتسبات المصريين.
من عادة الإخوان التملق للحاكم على طريقة مؤسس الجماعة حسن البنا، الذي تملق المخابرات البريطانية وإسماعيل صدقي، ثم الملك فاروق، وهكذا تملق الإخوان السادات وأجزلوا عليه الألقاب، لكن الجماعات المتطرفة التي خرجت من كم الإخوان كان لها رأي آخر في السادات.
وبعد حرب أكتوبر ١٩٧٣م باع السادات كل تضحيات مصر، وذهب ليخطب في الكنيست الإسرائيلي، ويتودد لمناحيم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي، ويرتمي في أحضان الإمبريالية الأمريكية، وطعن القضية الفلسطينية في الخاصرة.
ودعمه الإخوان بفتوى ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله..)
كان السادات يقضي بالإخوان حاجة ويستخدمهم ضد التيارات المعارضة له، لكن الجماعات كانت تبيت له أمرا.
لم تقدر الجماعات كل ما أعطاها السادات من مكانة وخدمات وحريات حركة.
في عيد العبور كان السادات قد لبس كل دروعه والنياشين والميداليات وجلس التي خلعها على نفسه؛ متبخترا في المنصة.
أوقف خالد الاسلامبولي عربة مدفع وسط العرض العسكري، ومضى نحو المنصة التي كان يجلس فيها الفرعون ( السادات ) وسدد من بندقية رشاش عدة طلقات إلى صدر الرئيس المؤمن وانتهت المهمة بقتل السادات أمام العالم حيث كانت الفضائيات تنقل وقائع الاحتفالات.
كان قتل السادات بناء على فتوى دينية من تيار خالد الاسلامبولي باتهامه بالخيانة والتعامل مع اليهود.
كان الأمريكان يقشطون الأنظمة التي برزت بعد ثورة يوليو الناصرية بواسطة الجماعات التي ارخوا لها العنان، ويعدون هذه الجماعات لمهام منتظرة.
بعد حرب أكتوبر ٧٣ ارتفعت أسعار النفط فأغدق النظام السعودي الأموال على الجماعات المتطرفة، وكان هذا المال طريقه لغزو المجتمع المسلم وتغيير الكثير من معتقداته الدينية بالخرافات، وتطويعه للقبول بالوهابية والإخوانية الشيطانية، وخاصة في المجتمعات الفقيرة.
سوقوا للناس الأوهام بحياة جديدة؛ قالوا : إنهم سيحولون الصحاري إلى جنان، وسيوزعون المن على كل بيت، بس على الناس أن يجددوا دينهم على أيديهم، وأن يبايعوهم في المنشط والمكره، رفعوا شعار الإسلام هو الحل، فضيعوا الإسلام وأمة الإسلام.
والعجيب أن العوام صدقوهم، ووضعوا أنفسهم وأموالهم في يد هذه الجماعة، ولم ينتبهوا للكارثة إلا عندما وقع الفأس بالرأس!!
بنوا لأنفسهم القصور والشركات، وركبوا أحدث أنواع السيارات، وراكموا الحسنوات في بيوتهم، وعاشوا حياة الملوك والأمراء.
وبالمقابل زاد الناس فقرا وحاجة.
غدروا بالسادات الذي انتشلهم من السجون والمعتقلات وأغرقهم بالنعم، وهذا ليس جديدا على جماعة تأسست على الغدر والخيانة والتآمر والعمالة للأجنبي.