يعد شهر رمضان المبارك فرصة عظيمة لغرس حب الصلاة والصوم في نفوس أطفالنا، فمن الواجب تدريبهم على أداء فريضته العظيمة مع مراعاة أعمارهم وحالاتهم الصحية، وهذه المهمة ليست سهلة، وإنما تحتاج إلى جهد كبير ويقظة تربوية وتشجيع ومسؤولية ومن أهم الإرشادات والنصائح للأمهات الراغبات في تدريب أطفالهن على الصلاة والصوم في هذا الشهر الفضيل اتباع عدد من المراحل التي تحتاج إلى صبر وحكمة من أجل غرسها وبلورتها في ذهن أطفالنا:
إعداد وتعويد
الطفولة ليست مرحلة تكليف، بل هي مرحلة إعداد وتدريب وتعويد، وصولا إلى مرحلة التكليف عند البلوغ، فيسهل على الطفل أداء الواجبات والفرائض وشهر رمضان فرصة مناسبة جدًّا للبدء بتدريب الطفل على الصلاة والصوم لما يحمله من أجواء روحانية مناسبة، سواء في المنزل أو أماكن العبادة.
تدريب تدريجي
ويجب أن يكون تدريب الأطفال على الصيام تدريجيا ووفق الظروف الصحية للطفل، ففي شهر رمضان من كل عام، يرى الطفل والديه والكبار من الأقارب والجيران والمدرسين يصومون، فيشعر بالغيرة والرغبة في تقليدهم، لذا يجب أن نعينه على ذلك ونغتنم هذه الفرصة بأن نشجعه ونتركه يصوم لمدة ساعتين مثلا ثم نزيد عدد الساعات حسب قدرة الطفل، وإذا رغب في الطعام تركناه حتى يشعر بأن هذا أمر يخصه، وأنه شيء بينه وبين ربه كما يجب الابتعاد عن أسلوب التأنيب والعقاب إذا ما تناول الطعام وهو صائم ويمكن أن يصوم الطفل لعدة أيام من الشهر حتى أذان الظهر، ثم إلى العصر، وهكذا إلى أن يصل إلى المغرب، وهذا تدريب تدريجي جيد للأطفال بحيث يتناسب مع أعمارهم وقدرتهم على التحمل كما ينصح بتعويد الطفل على السحور حتى يكون لديه طاقة مختزنة تمكنه من إتمام الصيام، وهنا يكون من واجب الأم الاهتمام بوجبة الإفطار الرمضاني الخاصة بطفلها، ليظل بصحة جيدة.
توجيه وتحفيز
وهناك تحذير من استخدام أساليب الإكراه أو العنف ضد الصغار، فالطرق المفيدة والمجدية في تعويد الأطفال على الصيام والإقبال عليه تكون بالتوجيه والإرشاد اللطيف، وتعليمهم أن الصوم أحد أركان الإسلام، وأن الله سبحانه وتعالى شرعه لفوائد دينية ودنيوية، ومن ثم تشجيعهم على المبادرة بصيام هذا الشهر الكريم.
ومن المناسب أن نقدم لصغارنا حوافز تشجعهم على ذلك حسب تطلعات كل طفل، مع الأخذ في الاعتبار أن الطفل عادة يحب المكافأة السريعة، وهو ما يدفعه ويجعله يستمر فيما يقوم به من عبادات، إلى أن تصبح العبادة مطلوبة منه شرعا بعد سن البلوغ.
فرصة المشاركة
يجب أيضا إعطاء الفرصة للأطفال للمشاركة في اختيار نوع الطعام الذي سيتم تجهيزه لوجبة الإفطار، فذلك يشعرهم بحب المشاركة في المائدة الرمضانية، وبالتالي حب الصوم للقيام بهذه المشاركة، كنوع من المكافأة لهم.
ومن ذلك أيضا مساهمتهم في تزيين المنزل بأشياء منزلية بسيطة تبرز جمال أجواء رمضان، سواء على سفرة الطعام أو أركان البيت المختلفة.
كما ينبغي على الأمهات الإكثار من رواية القصص الخاصة برمضان وبالصيام للأطفال قبل النوم، مما يساعد الطفل على الاستيعاب بطريقة أفضل وترسيخ مفهوم الصيام بداخله.
الصبر وعدم الإسراف
تعليم الطفل أن الصيام يعلم الصبر، ويقلل من الغضب، بجانب عدم التلفظ بألفاظ سيئة، وتعليمه أن الصوم يجعلنا نشعر بألم الجوع الذي يشعر به الفقراء الذين لا يملكون المال ولا الطعام، وعدم وضع أصناف كثيرة على المائدة، وتعليم الطفل عدم الإسراف في الطعام وتوزيع الباقي منه على المحتاجين.
ويمكن جعل الطفل يشعر بقيمة وأهمية رمضان من خلال حثه على التبرع ببعض ملابسه أو جزء من مصروفه للفقراء، ليشعر بأهمية أن يكون رحيما على الفقراء وتعليمه أن هذا واجب على كل فرد يمكنه مساعدة المحتاجين.
مراحل تعلم الصلاة
أهمية أداء الأم والأب لصلاة الجماعة والتراويح في المنزل، إضافة إلى تعليم الطفل الإنصات عند سماع صوت الأذان، وأن يبدأ بالبسملة والدعاء وعلى الوالدين أن يكونا قدوة صالحة لأبنائهما، فكيف يُطلب منه مثلا تأدية الصلاة وهو يرى والديه أو أحدهما يتخلف عنها لمشاهدة التلفاز أو الاستلقاء للراحة كما يجب أن نحدثهم عن سير الأنبياء والأولياء الصالحين وكيف كانت عبادتهم وأخلاقهم، بينما على الوالدين الحذر من تهديد الطفل أو عقابه دون سماع السبب الذي دفعه للابتعاد أو التخلف عن أداء فرض الصلاة ففي بداية وعي الطفل يطلب منه الوالدان الوقوف بجوارهما في الصلاة، فحينما يرى الطفل والده ووالدته يصلّيان فسيقلّدهما ومن بعدها تأتي مرحلة ما قبل السابعة وهي مرحلة الإعداد للصلاة ويتعلم فيها الطفل أحكام الطهارة البسيطة وحفظ بعض السور القصيرة، إضافة إلى عدم مطالبته بالفرائض الخمس قبل سن السابعة.
أما المرحلة الأخيرة وتكون ما بين السابعة والعاشرة، وفي هذه الفترة يتعلم الطفل أحكام الطهارة، وبعض الأدعية الخاصة بالصلاة، ويتعلم الخشوع وحضور القلب، وقلة الحركة في الصلاة، على أن نتدرّج معه في ذلك دون إكراه لصغر سنة.