تفسيرات علمية لتهافت الصائمين على اقتناء المأكولات في الأيام الأولى من الشهر الكريم : مختصون: شراء ما يفوق الاحتياج من الغذاء يرتبط بجوانب سيكلوجية للصائمين
سلوكيات غريبة أصبحت ملازمة لكثير من الناس خاصة في الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك وباتت تتكرر كل عام دون أن يستفيد أصحابها من التجارب العديدة على مر السنين.
حالة من الهلع غير المبرر تنتاب الصائمين في الأيام الأولى من الشهر الكريم على مستوى اقتناء السلع الغذائية تحديداً، وهو الأمر الذي يتسبب في حدوث ازدحام وإرباك هام في الشوارع والأسواق ابتداء من بعد صلاة العصر وحتى قبيل أذان المغرب ..
هذه الممارسات الملحوظة في مجتمعنا اليمني لاتزال حاضرة عند الكثيرين على الرغم من الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها في ظل العدوان والحصار المتواصلين منذ أكثر من ست سنوات والتي باتت جزءاً من العادات المألوفة كل عام تبدأ بالتلاشي التدريجي مع مرور أيام الشهر المبارك.
ازدحام شامل
في اليوم الأول من الصيام يجد الكثير من الناس صعوبات جمة في الوصول إلى بعض أصحاب محلات بيع اللحوم مثلاً ويقف المتسوقون في طوابير مزدحمة على تلك المحلات بل أن الازدحام يكون سائداً أمام كل محل لبيع المأكولات بمختلف أنواعها
ويقول عرفان الزبيدي وهو موظف ومقيم في العاصمة: يصبح من الصعوبة الوصول إلى بعض أماكن بيع اللحوم وخاصة تلك الشهيرة بجودة ما تقدمه وتحديداً في اليوم الأول من الصوم وعليك أن تقف مدة طويلة في الطابور قبل شراء اللحم..
ويضيف: هذا المشهد أصبح يتكرر سنويا مع بدء شهر رمضان ولكن يبدأ في التلاشي التدريجي.. كما أن الظروف الحياتية الناجمة عن العدوان والحصار وانقطاع المرتبات ساهمت في تراجع هذه الظواهر إلى حدٍ ما إلا إنها لاتزال موجودة ويلمسها المواطن في كل مكان
ونجد بان الأمر لا يتوقف عند اللحوم والأسماك بل يمتد ليشمل كل أنواع المأكولات ويوضح سليمان يحي محمد – مهندس زراعي- بأن ازدحام اليوم الأول من رمضان يشمل حتى أماكن بيع الخضروات والسلطة وبعض السلع الثانوية التي لا تستدعي مثل ذلك التهافت..
أخطاء متكررة
ويعمد الكثيرون إلى شراء كميات من الأغذية تفوق احتياجاتهم الفعلية وعلى الرغم من أن هؤلاء يكتشفون ذلك بسرعة وبمجرد إفطارهم ألا أن الأخطاء تستمر بنفس الصورة في اليوم التالي وهكذا يتواصل مسلسل العبث ورمي الكثير من النعم إلى أماكن المخلفات..
ويوضح أحمد الحطامي وهو طالب جامعي بصنعاء بأن الكثير من الصائمين يعتقدون خطأ بانهم في حاجة لكميات كبيرة من الأغذية قبيل أذان المغرب وسرعان ما يكتشفون عكس ذلك بعد الإفطار غير أن الأخطاء تتكرر الأمر الذي يؤدي إلى وقوع الكثيرين في اقتراف خطأ الإسراف والتبذير في نعمة يحتاجها كثير من الناس الفقراء والمعدمين.. كما تعكس مثل تلك الممارسات الطبيعة الاستهلاكية التي يتسم بها مجتمعنا اليمني.
جشع متزايد
ويتزايد جشع بعض الصائمين في الأيام الأولى من رمضان حيث يظن الصائم انه لا بد أن يستحوذ على أكبر قدر ممكن من الطعام ويزداد الجشع قبيل ساعات الإفطار فتراهم يتعاركون على أتفه الأشياء المباعة متناسين بأن الهدف من الصيام ترويض النفس على الصبر والقناعة غير آبهين بالسلوكيات الإيمانية التي يجب أن يتبعوها خلال الشهر الكريم فعندما تمر في احد أسواق العاصمة فانك ترى ألواناً من العجب عن بعض الصائمين وكيف يتشاجرون ويصلون إلى حد العراك على اقل الأشياء قيمة فتتعالى الصيحات وتمتلئ أفواههم بشتى أنواع السب واللعن والكلام البذيئ كل ذلك بين البائع والمشتري أو بين المبتاعين فيما بينهم فالكل يحاول أن يشتري كل ما يجد إمامه من شتى أنواع المأكولات.
أقبال على الشراء
ورغم ارتفاع الأسعار والعديد من الصعوبات الناجمة عن العدوان وتداعياته الكبيرة على المجتمع اليمني ألا أن الناس يقبلون على الشراء بشكل غير طبيعي فلا يبقون على شيئ ويقول حسن مجاهد وهو صاحب دكان خضار وفواكه أن الناس يتوافدون اليه بشكل كبير وخلال ساعات قليلة يتم شراء كل ما في الدكان وبالذات في الثلاثة الأيام الأولى من الصيام.
ويضيف مجاهد : إن أقبال الناس على شراء الخضروات والفواكه يكون بشكل كبير خلال الأيام الأولى من رمضان ثم يخف الشراء تدريجيا بعد مرور الأسبوع الأول وطبعا فهم لا يمانعون في الشراء مهما كانت الأسعار مرتفعة.
أصناف المأكولات
أم الخير- ربة بيت تقول : أظل طوال نهار رمضان في المطبخ حيث يطلب مني أبنائي ووالدهم أن اطهو العديد من الأطعمة والمأكولات المتنوعة فأظل طوال الوقت اطهو ولا أخرج من المطبخ ألا وقت أذان المغرب لألتقط بضع تمرات وأعاود الدخول إلى المطبخ لاستكمل عملي وعند الإفطار لا يأكلون منه ألا القليل.
ومن جهتها تقول ام محمد، بأنها تعاني في رمضان من طول الوقت الذي تقضيه في المطبخ ولا تتاح لها الفرصة حتى لقراءة القرآن في النهار حيث تقضي الوقت في صناعة العديد من الأطعمة المتنوعة.
وتضيف أم محمد : أتحمل نوبات الغضب من جميع من في المنزل اذا قصرت في أي نوع من الأطعمة المتنوعة التي تقدم في رمضان حيث يريدون مني ان اطبخ المزيد من المأكولات وبحسب قولهم ” لا يهم ان نأكل بل الأهم ان نرى بأعيينا أنواعاً كثيرة لمختلف الأطعمة مقدمة على مائدة الإفطار”
التمر يحد من الجشع
يؤكد المختصون بأن تناول الصائم بضع تمرات يحد من جشع الصائم وقد جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وآلة وسلم ” صوموا تصحوا “. ويقول مستشارو التغذية بأن إفطار الصائم بالتمر يحد من جشع الصائم ويغني الدم ويزيل الإحساس بالتعب والجوع ويتيح للمعدة بدء العمل تدريجيا بعد توقف لساعات عدة وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نفطر بالتمر لما له من فوائد عديدة ومتنوعة فهي غذاء متكامل للجسم وتتميز التمور على كثير من الأغذية باحتوائها على العناصر الغذائية المفيدة لجسم الأنسان ويتغذى على ثمارها كثير من الناس حول العالم، فالتمور غنية بالمواد السكرية 65- 75% كما إنها غنية بالأملاح المعدنية والعديد من الفيتامينات.
جوانب سيكلوجية
ويؤكد مختصون اجتماعيون بان هذا السلوك الذي يطغى عليه الهلع وعدم التوازن في شراء المأكولات ومختلف الأغذية من قبل الصائمين وخاصة في الأيام الأولى من رمضان يرتبط بالجوانب السيكلوجية والنفسية للصائم.
ويوضح مختصون اجتماعيون بأن هذا السلوك الذي يطغى عليه عدم التوازن في شراء المأكولات ومختلف الأغذية من قبل الصائمين وخاصة في الأيام الأولى من رمضان يرتبط بالجوانب السيكلوجية والنفسية للصائم.
ويقول محمد عبدالله وهو أخصائي علم نفس اجتماعي بأن الصائم ينتابه شعور تحت تأثير الجوع والعطش الناجم عن الصوم بحاجته إلى كميات كبيرة من المواد الغذائية وبعد أن يقوم باقتنائها يكتشف لاحقاً وعقب الإفطار بأنه لم يكن في حاجة إلى كل تلك الأصناف من المأكولات بل يجد نفسه على غير رغبة في تناول العديد منها.