الثورة نت/
انتهى مؤتمر المانحين الخامس لسوريا برعاية أممية كسابقيه من المؤتمرات مخيبا لآمال وتطلعات السوريين بوقف الحرب على البلاد، بينما وصف دبلوماسيون تجاهل دمشق وعدم دعوتها للحضور بأنه “تعدياً إضافياً” على سيادتها.
وفي هذا السياق،قال سيرغي فيرشينين، نائب وزير الخارجية الروسي، أن رفض الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة دعوة دمشق إلى مؤتمر دولي لمانحي سوريا يثير شكوكا حول جدواه.
وفي كلمة ألقاها في بروكسل اليوم الثلاثاء، خلال الجزء الوزاري من اللقاء الذي افتتح للسنة الخامسة على التوالي، قال الدبلوماسي الروسي: “إن مؤتمر اليوم يراد منه، وفقا لخطة منظميه، مناقشة القضايا المتعلقة بضمان الدعم الإنساني ودفع عملية التسوية السياسية وفقا لقرار الأمم المتحدة… لكن هذه القضايا المهمة بالنسبة للسوريين، من المقترح مناقشتها – اليوم كما في السابق – بدون مشاركتهم المباشرة، بما في ذلك عدم دعوة حكومة سوريا وهو دولة عضو بالأمم المتحدة”.
وأشار فيرشينين إلى أن “هذا الموقف لا يمكنه سوى أن يثير الأسف والأسئلة حول مدى فعالية اللقاء”.
وكان فيرشينين انتقد بشدّة خلال المؤتمر المرئي في مجلس الأمن، عدم دعوة سوريا الى مؤتمر المانحين في بروكسل معتبرا ذلك أنه “تعدياً إضافياً” على سيادتها.
ورأى فيرشينين “ثمة تسييس متزايد للمساعدة الإنسانية”، معتبراً أنّ المساعدة العابرة للحدود “تنتهك مبادئ القانون الدولي، وهذا لأن الحكومة القائمة لا تناسب” الغربيين.
وتعهّد المانحون الدوليون بتقديم 6,4 مليارات دولار مساعدات للشعب واللاجئين السوريين بتراجع واضح عن النسخة السابقة لمؤتمرهم، وأقل من الهدف الذي حددته الأمم المتحدة بـ 10 مليارات. وتعهد ألمانيا لوحدها بثلث هذا المبلغ.
وفي مؤتمر بروكسل الخامس حول دعم سوريا والمنطقة تعهد المانحون بـ 4,4 مليارات دولار للعام 2021 ومليارين للعام 2022 والسنوات التالية، على ما أوضح المفوّض الأوروبي يانيش ليناركيتش في ختام المؤتمر الذين نظمته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في بروكسل.
ولم يعطِ المفوّض على الفور توضيحاً حول سبب هذا التراجع.
وشارك في المؤتمر أكثر من 50 دولة و30 منظمة دولية، في أكبر حملة سنوية لمساعدة المتضرّرين من الحرب.
وتعهّدت ألمانيا على لسان وزير خارجيتها هايكو ماس المساهمة ب1,74 مليار يورو (2 مليار دولار) أي ثلث المبلغ الإجمالي الموعود، قبل أن تتبعها الولايات المتحدة التي تعهّدت ب600 مليون دولار.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس “المأساة السورية يجب ألا تستمر عشرة أعوام أخرى…ووضع حدّ لها يبدأ بإعادة الأمل، وبالتزاماتنا (…) هنا اليوم”.
وتحذّر الأمم المتحدة من أنّ الحاجة إلى المساعدات تزداد بسبب فيروس كورونا وتدهور قيمة العملة السورية، على الرغم من تراجع حدّة القتال داخل سوريا بعد استعادة قوات الرئيس بشار الأسد المدعومة من روسيا سيطرتها على غالبية أراضي البلاد.
وكانت الأمم المتحدة قالت إنّ ثمة حاجة لأكثر من 10 مليارات دولار في العام 2021، منها 4,2 مليارات دولار للإغاثة الإنسانية داخل سوريا والباقي للاجئين المنتشرين في دول المنطقة .
ويفترض أن تساهم هذه المساعدات خصوصا في تسهيل حصول الأطفال اللاجئين على التعليم.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة عبر الفيديو “على مدى 10 سنوات، عانى السوريون الموت والدمار والتهجير والحرمان”.
وأضاف أنّ “الأمور تتطور إلى الأسوأ وليس الأفضل. أكثر من 13 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة هذا العام. وهذا يزيد بنسبة 20 بالمئة عن العام الماضي، وغالبية السكان يواجهون الآن خطر الجوع”.
ويكافح جيران سوريا بما في ذلك تركيا ولبنان والأردن والعراق لمواجهة عبء إيواء ملايين اللاجئين الذين فرّوا من النزاع.
وتقول الأمم المتحدة إنّ 24 مليون شخص بحاجة إلى الدعم في سوريا وفي جميع أنحاء المنطقة، بزيادة أربعة ملايين عن العام الماضي.
ويحتاج حوالي 24 مليونا إلى مساعدات أساسية، بزيادة أربعة ملايين خلال العام المنصرم وهو أعلى رقم حتى الآن منذ بدء الحرب على سوريا عام 2011.
وقال مارك لوكوك منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة”مرت عشر سنوات من اليأس والكارثة على السوريين”، على حد قوله.
وأضاف في بيان “يؤدي الآن تدهور الظروف المعيشية والتراجع الاقتصادي وكوفيد-19 إلى مزيد من الجوع وسوء التغذية والمرض…وثمة قتال أقل ولكن لم تتحقق عوائد للسلام”.
من جهتها طالبت الولايات المتحدة بإعادة فتح معابر لإيصال المساعدات الإنسانية عند الحدود السورية المغلقة منذ 2020 بضغط من روسيا على خلفية مؤتمر المانحين في بروكسل.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي ترأّس جلسة شهرية لمجلس الأمن الدولي حول الشقّ الإنساني في الملف السوري “كيف يعقل ألا نجد في قلوبنا، حسّاً إنسانياً مشتركاً لاتّخاذ إجراءات مهمة؟”.
وتوجّه وزير الخارجية الأميركي الى أعضاء مجلس الأمن بالقول “أنظروا في قلوبكم”، داعيا الى “العمل للتوصل إلى تحسين الوضع الإنساني في سوريا لتحسين الوضع الإنساني في سوريا”.
وأضاف بلينكن “علينا أن نجد طريقة لفعل شيء ما – أن نتحرّك لمساعدة الناس. إنّها مسؤوليتنا. وعار علينا اذا لم نقم بذلك”.
وطالب وزير الخارجية الأميركي بإعادة فتح نقاط عبور أغلقت في 2020 في باب السلامة عند الحدود التركية أيضاً واليعربية عند الحدود العراقية.
وقال إنّ هذه المعابر تتيح على التوالي مساعدة 4 ملايين و1,3 مليون سوري.وقال بلينكن “دعونا نمنح أنفسنا عدداً أكبر من المعابر وليس أقلّ لتوفير الغذاء والدواء للشعب السوري”.
وقال الاتحاد الأوروبي، الذي يستضيف المؤتمر، إن إعادة بناء المدن المدمرة تحتاج مليارات الدولارات ولا يمكن أن تبدأ حتى تساعد القوى المشاركة في الصراع، بما في ذلك روسيا وإيران، في الاتفاق على تسوية سلمية.
وحث رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير القوى العالمية على التوصل إلى اتفاق سلام أو مواجهة العديد من المؤتمرات السنوية الأخرى للمانحين لسوريا.
وقال “العاملون في المجال الإنساني هنا لتقديم المساعدة لكن المسؤولية النهائية تقع على عاتق أطراف الصراع”.
وفي السياق، أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ أن بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن تتعمد تجاهل الآثار الكارثية للإجراءات القسرية غير الشرعية التي فرضتها على الشعب السوري ما يوضح أنها لا تتطلع إلى عمل إنساني في سوريا بل إلى تحقيق أهداف سياسية من خلال توظيف واستغلال الوضع الإنساني فيها.
وأشار صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن أمس الاثنين عبر الفيديو إلى أن هذه الدول تواصل استغلال منصة مجلس الأمن لتسييس العمل الإنساني في سوريا والنقاشات المتصلة به والترويج لنظرة انتقائية للوضع الإنساني فيها حيث تركزت بياناتها على ما يخدم أهدافها بما في ذلك سعيها المحموم لتمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود وتعزيزها موضحا أنه كان من الأجدى أن تغتنم وفود تلك الدول هذا الاجتماع الرفيع المستوى للتبرؤ من سياساتها الفاشلة خلال الأعوام العشرة الماضية وتغليب الاعتبارات الإنسانية على مصالحها الضيقة.
وقال صباغ: كان الأجدى بمجلس الأمن التحدث بصوت واحد ضد كل من يقوم بحرمان السوريين من الحصول على مقدراتهم الاقتصادية التي هم بحاجة ماسة لها ومطالبة الولايات المتحدة بإنهاء احتلالها الأراضي السورية ووقف دعمها الميليشيات الانفصالية ووقف عمليات نهبها الثروات السورية ومطالبة النظام التركي بسحب قواته من الأراضي السورية ووقف دعمه التنظيمات الإرهابية والكيانات المرتبطة بها.
وشدد صباغ على أن العالم بات يدرك اليوم أن هذه البيانات ما هي إلا جزء من حملة لتضليل الرأي العام لإقناعه بأن تلك الدول لا علاقة لها بما وصلت إليه سوريا بعد عشر سنوات من الحرب عليها، لافتا إلى أنه على الرغم من هذا الحجم الهائل من التضليل الذي تضمنته تلك البيانات فإنها لا يمكنها إقناع أحد بأن تلك الدول غير مسؤولة عن جلب آلاف الإرهابيين الأجانب إلى سوريا والأنكى أنها ترفض الآن إعادتهم وذويهم إلى دولهم الأصلية لمقاضاتهم عن الجرائم التي ارتكبوها وإعادة تأهيل وإدماج النساء والأطفال.
وجدد التأكيد على أن مركز العمل الإنساني في سوريا هو دمشق وليس أي مدينة أخرى في دول الجوار أو ما وراءها وهذا أبسط ما يعنيه احترام مبدأ سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها الذي تؤكده جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة كما يعني ضرورة الانخراط في تعاون بناء وتنسيق فاعل مع الحكومة السورية لتعزيز العمل الإنساني ودعم جهودها وشركائها في تقديم المساعدات الإنسانية وإيصالها لمستحقيها بما يحقق تحسنا نوعياً ملموساً.
من جانب آخر، ناقش مؤتمر المانحين في بروكسل أيضًا سبل إيصال المعدات الطبية والأدوية إلى الشعب السوري.
وسبق أن فرض مجلس الاتحاد الأوروبي عقوبات على الحكومة السورية تمدد سنويًا.
وقال رئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيف بوريل، في منتصف مارس الجاري، إن الاتحاد الأوروبي لن يرفع العقوبات المفروضة على سوريا ولن يساعد في إعادة بناء ذلك البلد حتى تبدأ عملية انتقال السلطة هناك.