في كلمته بمناسبة الذكرى السادسة ليوم الصمود الوطني السيد عبدالملك الحوثي: قادمون في العام السابع بصمود وثبات وانتصار ولا تراجع
أكد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن الصمود هو خيار الشعب اليمني المبدئي والإنساني والأخلاقي والإيماني وأنه خيار مشروع لا نقاش فيه.. داعيا للمشاركة الفاعلة في مسيرات اليوم الوطني للصمود اليوم الجمعة.
وقال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمة بمناسبة اليوم الوطني للصمود،” قادمون في العام السابع من موقع متقدم على مستوى التصنيع العسكري والتقدم الميداني والوعي الشعبي والزخم العسكري والإنجاز الأمني والصمود الاقتصادي والثبات السياسي والالتزام بالموقف الإيماني”.
وأشار إلى أن الصمود عنوان عظيم وحالة متجسدة بفضل الله في واقع الشعب اليمني منذ بداية العدوان إلى اليوم.. مؤكدا أن اليوم الوطني للصمود مناسبة جديرة بالاهتمام والاستفادة منها كمحطة سنوية معطاءة ومفيدة.الثورة /
في ما يلي نص الكلمة :
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيُّها الإخوة والأخوات
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
اليوم هو ختام العام السادس منذ بداية العدوان، وغداً هو اليوم الوطني للصمود، الصمود- كعنوانٍ عظيمٍ وجذَّاب، له قيمته الكبيرة، واعتباره المهم على المستوى الإنساني والأخلاقي- هو بفضل الله «سبحانه وتعالى» حالة قائمة ومتجسدة ويومية في واقع شعبنا اليمني، منذ بداية العدوان وإلى اليوم، إلَّا أنَّ اعتماد يومٍ سنويٍ توالى منذ العام الأول، منذ مرور عام على العدوان، ثم منذ مرور عامين، ثم ثلاثة أعوام، ثم أربعة أعوام، ثم خمسة أعوام، والآن اكتمال ستة أعوام؛ إنما يهدف هذا اليوم وهذه المناسبة إلى تحقيق جملةٍ من الأهداف المهمة، والتذكير بقضايا أساسية ومهمة، فهو مناسبة جديرة بالاهتمام، جديرة بالاستفادة منها كمحطةٍ سنويةٍ معطاءةٍ ومفيدة.
أول ما نركز عليه في هذه المناسبة: هو التوجه إلى الله «سبحانه وتعالى» بالشكر، الذي لولا نعمته، وتأييده، وتوفيقه، وتسديده، لما تمكَّن شعبنا من الصمود كل هذه الأعوام الستة، في مقابل العدوان، بإمكاناته الهائلة، وجبروته، وبطشه، وجرائمه المروعة.
ثم في إطار هذه الكلمة سنؤكد- إن شاء الله- على مشروعية وصوابية خيار شعبنا في صموده في التصدي للعدوان.
كما نركز أيضاً على التذكير بجرائم تحالف العدوان، وإبراز مظلومية شعبنا، ونلحظ أيضاً التذكير والاستحضار مع الشهادة والتقدير بصمود شعبنا، كحقيقةٍ فعليةٍ جسدها بعطائه، وتضحياته، ومواقفه البطولية، وصبره العظيم، وإنجازاته الكبيرة.
كما نذكِّر أيضاً بهوية هذا العدوان، وممارساته، وأهدافه، وتفنيد كل محاولات التبرير له، والتلبيس بشأنه.
كما نستفيد من هذه المناسبة كمحطة سنوية لشحذ الهمم، وأيضاً لتقييم الأداء على المستوى العملي.
ما نبدأ به في هذه المحاور: هو الحديث عن هوية هذا العدوان، وتقديم البطاقة التعريفية الصحيحة له: العدوان هذا منذ بدايته كيف بدأ؟ ومن هو المهندس، والمخطط، والمقرر، والمستفيد؟ ومن هو المنفذ؟ كلنا يعلم أنَّ هذا العدوان بدأ في منتصف الليل، قبل ستة أعوام، وبدأ بطريقةٍ غادرة، فالعنوان لبدايته هو الغدر، وبصمته منذ الغارة الأولى هي الجريمة.
الغدر هو السمة التي اتسم بها هذا العدوان من أول بدايته، ومن أول غاراته، كانت تلك الغارات، وكان بداية هذا العدوان بهذه الطريقة الغادرة، من أطراف لم يفعل بها الشعب اليمني شيئاً، لم يعتدي عليها، لم يلحق بها الأذى، لم يستهدفها، ليس لها ما يبرر عدوانها عليه.
الحالة القائمة ما بين اليمن وجاره (جار السوء) النظام السعودي، هي كانت وفق اتفاقات سابقة حالة سلام، منذ اتفاقية الطائف، إلى اتفاقيات فيما بعد، اتفاقيات أخرى، ولم يصدر أيضاً من هذا البلد تجاه الإمارات، والسلطة في الإمارات، ما يبرر أن تأتي من هناك، لتعتدي وتشارك في هذا العدوان، ليس هناك ما يبرر لمن وقفوا خلف هذا العدوان ما فعلوه بحق هذا الشعب، لا الأمريكي، ولا غيره، فالحالة كانت حالة اعتداء غادر بكل ما تعنيه الكلمة، من دون أن يكون هناك أي ملابسات، أو مشاكل، أو سوابق، ينتج عنها اصطدام، أو اشتباك، أو معركة، أو حرب، غدراً، تفاجأ به أكثر أبناء هذا الشعب، ومثَّل صدمة للكثير من أبناء هذا البلد عندما استيقظوا في اليوم الثاني، والبعض في نفس تلك الليلة، نتيجةً لهذا العدوان.
على مستوى شعوب وبلدان أمتنا العربية والإسلامية، لربما الكثير، أو الأغلب، أو الكل، كان متفاجئاً بما حدث؛ لأنه- كما قلنا- لم يكن هناك أبداً ما يبرر هذا العدوان، الغدر والمفاجأة تمثِّل شهادة واضحة على أنه عدوان بكل ما تعنيه الكلمة، وعلى أنه لا يمتلك أبداً أي مبررٍ مشروع.
ثم الإجرام، الإجرام الذي هو طابع لهذا العدوان منذ بدايته وإلى اليوم، أول غارة من غارات هذا العدوان كان ضحاياها من المدنيين، واستهدفت الأحياء السكنية في صنعاء، بدأ بجريمة كبيرة، جريمة مروعة، واستهدفت الأهالي، المدنيين في مساكنهم، وهم نائمون، ولربما لولا الإعلان في تلك الليلة عن هذا العدوان ومن يتبناه، لبقي السؤال في تلك الليلة قائماً دون جواب: من هو الطرف الذي ينفِّذ هذا العدوان؟ هذا يشهد- بحد ذاته- على أنَّ شعبنا بريء، وعلى أنه هو المظلوم، وليس الظالم، وعلى أنه المعتدى عليه، وليس هو بالمعتدي.
تلك الليلة، بعد تلك الغارات وبداية العدوان، لولا أنَّ طرفاً معيناً تبنى هذا العدوان وأعلن عنه؛ لبقي الناس يتساءلون، في اليمن، وفي بقية بلدان وشعوب أمتنا: من هو الذي نفَّذ هذه الغارات؟ لأنه ليس هناك مشكلة كانت قائمة ينتج عنها حرب، أو يتوقع عنها هجوم على بلدنا، ولذلك حتى في حسابات السياسيين والإعلاميين، الكثير منهم لم يكن يتوقع شيئاً كهذا، والكثير تفاجأوا بذلك، هذا من الشواهد الواضحة التي- كما قلنا- تبين من هو المعتدي والمعتدى عليه، والظالم والمظلوم.
عندما أتى الإعلان، أتى الإعلان من واشنطن، وكان المعلن سعودياً: (عادل الجبير)، عادل الجبير، معبِّراً عن النظام السعودي، أعلن من واشنطن، قبل أن يكون الإعلان من الرياض، أعلن من واشنطن التبني لهذا العدوان، وهذا الإعلان بهذه الطريقة: معلن سعودي من واشنطن، يكشف ويبين هوية هذا العدوان ومن وراءه، وهذه حادثة غريبة، لربما كان هناك تدخل إلهي لفضح من ينفِّذ، ومن يقف خلفه، ومن خطط لهذا العدوان.
السعودي تبنى هذا العدوان، وأعلن أنه يقود التحالف في هذا العدوان، ولكنه أعلن من واشنطن؛ ليتجلى أنه منفِّذ لهذا العدوان تحت إشرافٍ أمريكي، وليتضح، عندما كان الإعلان من واشنطن، قبل أي منطقة أخرى، بما فيها قبل أن يكون من الرياض، أو من أبو ظبي… أو من أي عاصمة أخرى، هذا يوضح بشكلٍ كافٍ أنَّ الأمريكي هو يتبنى في الواقع هذا العدوان، وأنه يشرف عليه بشكلٍ كامل، وأنه يقف وراءه بكل ما تعنيه الكلمة، وليس وحده، هناك إلى جانب الأمريكي الإسرائيلي والبريطاني، إلَّا أنَّ الأمريكي عادةً ما يكون هو كبيرهم، الذي علمهم المكر، وعلمهم الكفر، وعلمهم الشر، ويدير عملية الاستكبار والظلم والاستهداف لأمتنا بشكلٍ عام.
فنحن نعرف ما قبل هذا العدوان، كان هناك تحريض من قبل العدو الإسرائيلي على الاستهداف لليمن، وحديث عدائي جداً عن اليمن، وكان معلناً، وكان يتحدث بعضٌ من المسؤولين في كيان العدو الإسرائيلي، وعلى رأسهم (بنيامين نتنياهو) نفسه، كان يتحدث بعدائية، وبتحريض كبير ضد الشعب اليمني، وضد ثورته الشعبية المنتصرة المظفرة، التي أعادت له الاستقلال والحرية، فكان العدو الإسرائيلي يتحدث بانزعاج شديد من تلك التطورات التي كانت لصالح شعبنا، وكان يتحدث بانزعاج شديد، وعادةً الإسرائيلي عندما يكون منزعجاً جداً من شيء، هو يتجه للمؤامرة، وللمكر، وللاحتيال، وللتدابير العدائية، هو يعمل بشكل عدائي، وليس فقط يعبَّر عن انزعاجه، ويعبِّر عن قلقه، ثم يهدأ في مكانه، لا.
ولذلك لا شك أنَّ هناك دورا إسرائيليا ودورا بريطانيا ودورا أمريكيا مُشتَركا في هندسة هذا العدوان، وفي التخطيط لهذا العدوان، وفي إعداد هذه المؤامرة، لكن لكي يتفادى ثلاثتهم (الأمريكي، والإسرائيلي، والبريطاني) الكلفة المتوقعة لهذا العدوان، والتبعات السلبية له، اختاروا أن يكون المنفذ طرفاً آخر، طرفاً يتحمل كل الكلفة، ويقدم لهم هم الأرباح في ذلك؛ لكي يكونوا طرفاً يستفيد، ولا يخسر، يكسب، ولا يقدِّم شيئاً بالمجان، فهم اختاروا أن يكون هذا الطرف طرفاً يمتلك الإمكانات اللازمة على المستوى المادي، ويمتلك أيضاً بعض الإمكانات والظروف والعوامل التي تساعد على تنفيذ هذه الجريمة الكبيرة بحق شعبٍ عظيم، هو الشعب اليمني المسلم العزيز.
اختاروا السعودي، ليكون هو من يتبنى عملية التنفيذ، ومن يباشر التنفيذ، من يدفع الكلفة، من يتحمل التبعات، واختاروا معه إلى جانبه الإماراتي ليكون كذلك، وتقبَّل السلطة السعودية والنظام السعودية تقبَّل هذا الدور، وهم يعرفون كيف يجعلونه يتقبل، وسنأتي أيضاً إلى المزيد من الحديث عن هذه النقطة.
فهذه هي البطاقة التعريفية الحقيقية لهذا العدوان: أنَّ المصمم والمخطط والمهندس لهذا العدوان، هو الأمريكي، والإسرائيلي، والبريطاني، وأنَّ الذي يشرف عليه هو الأمريكي، وأنه بقي دور للإسرائيلي وللبريطاني، في المساهمة في هذا العدوان، والاشتراك فيه، بأشكال ووسائل يمكن أن نتحدث عن البعض منها أيضاً في سياق هذه الكلمة.
أضف إلى ذلك: أنَّ المنفذ هو السعودي بشكلٍ رئيسي، معه الإماراتي؛ أمَّا الباقون فهم مستأجرون، البقية مستأجرون، سواءً من كانوا بشكل أنظمة، جيوش، جماعات، وبمن فيهم أيضاً داعش والقاعدة، والمتورطين في الخيانة من أبناء بلدنا، هم من تم استئجارهم، دفعت لهم مبالغ مالية، طُلِب منهم أن يشتركوا في إطار هذا الدور.
مسار العدوان منذ بدايته وإلى اليوم، هو مستمر ومتحرك وفق هذه التشكيلة، ووفق هذه الأدوار: الأمريكي يواصل دوره كمشرف، ويقدم الغطاء اللازم لهذا العدوان، على المستوى الدولي، وفي مجلس الأمن، وفي الأمم المتحدة، وبمستويات متعددة، الإسرائيلي يستمر في إسهامه ومشاركاته بطريقة أو بأخرى، البريطاني كذلك يواصل دوراً سيئاً وإجرامياً ونشطاً في هذا العدوان، والاستهداف لشعبنا، السعودي يواصل دوره ويقود عملية التنفيذ، ويباشر هذه العملية، معه الإماراتي إلى جانبه، ويواصل الآخرون، من هم مرتزقة، ومن هم مستأجرون، عملهم في إطار هذا الدور نفسه، في إطار هذا الدور نفسه.
النظام السعودي كيف تورَّط وتقبَّل هذا الدور، وهو دور خطير جداً، نتج عنه تكاليف هائلة جداً، ونتج عنه أيضاً تبعات سيئة جداً عليه، باتت الآن واضحة بشكل كبير؟ هناك عدة عوامل دفعت بالسعودي، ودفعت بالإماراتي معه، إلى تقبل هذا الدور، بالرغم أنهم لم يكونوا بحاجة إلى أن يتورطوا في هذه الورطة الكبيرة، والجريمة الشنيعة بحق شعبٍ عربيٍ مسلم، لم يأت من جانبه وليس في واقعه ما يبرر عدوانهم عليه.
من أبرز العوامل التي دفعت بهم إلى تقبل هذا الدور، وارتكاب هذه الجريمة: ارتباطهم بالقرار الأمريكي، والسياسات الأمريكية، وتبعيتهم لأمريكا، الكل يعرف عن النظام السعودي، وعن النظام الإماراتي، التبعية للأمريكي، والارتباط به، على مستوى القرار، على مستوى السياسات، على مستوى التوجهات، لربما في كل الملفات المتعلقة بمنطقتنا وبشعوب أمتنا، يتجهون على هذا الأساس، هم رتبوا وضعهم ودورهم الإقليمي على هذا الأساس.
ثانياً: اعتمادهم بشكلٍ كبير، وبثقةٍ عمياء، على المعلومات، والتقديرات، والتحليلات، التي تأتيهم من جانب الأمريكي، وفي داخل الجانب الأمريكي مؤسسات ذات علاقة أساسية بالعدو الإسرائيلي، مثلاً: هم يعتمدون على ما يأتيهم من المخابرات الأجنبية- وفي مقدمتها المخابرات الأمريكية- من معلومات تقدِّم لهم تصورات خاطئة عمَّن هو العدو، عن منابع الخطورة، عن مصادر تشكل خطورة عليهم، أو عن أحداث وتطورات تشكل خطورة قد تكون وهمية عليهم؛ وبالتالي يرسخون لدى النظام السعودي، ولدى النظام الإماراتي، أنَّ الذي يشكل خطورة عليهم هو هذا الطرف وهذا الطرف، وأنه سيستهدفهم، وأنه يجب الخلاص منه، يجب الاستهداف له، فيعتمدون بشكل رئيسي، فهذا يبعدهم عن الحقائق، ويبعدهم عن الواقع، ويجعلهم متقبلين للأكاذيب والأوهام، وعملية التلبيس والخداع التي تدفعهم أكثر وأكثر، ليعتمدوا على تصورات خاطئة، ويبنوا عليها مواقف خاطئة، مواقف خاطئة لا داعي لها، لا مبرر لها، لا حاجة لها، ولا يستفيدون منها، لا تحقق لهم لا أمناً، ولا استقراراً، وليست في مصلحتهم بأي حالٍ من الأحوال، فهم يبنون مواقفهم، ويحددون سياساتهم، ويبنون تصوراتهم عن المخاطر والتحديات، وجهات الخطورة، بناءً على تلك المعطيات التي تقدَّم لهم من تلك الجهات، وينظرون إليها بإكبار وغرور، [هذه دراسة من مركز كذا للدراسات]! مركز أمريكي، العاملون فيه من الصهاينة اليهود، فيعتمدون عليه كجهة استشارية، يعتمدون عليه في معلومات، وفي استشارات، وفي تقارير، وفي استنتاجات، وفي تحليلات؛ فيصبحون ضالين وتائهين بناءً على ما يقدمه لهم العدو، الذي لا يريد لهم أي خير؛ وإنما يريد أن يستغلهم.
من الدوافع التي دفعت بكلٍ من النظام السعودي، والنظام الإماراتي، إلى التورط في هذه الورطة الكبيرة والشنيعة: هي الطموحات المراهقة، كلاهما راهن ولديه طموح كبير على دور وفي دور إقليمي واسع بالوكالة، كلٌّ منهما يسعى أن يكون وكيل أمريكا في المنطقة، كلٌّ منهما يريد أن يكون حتى الوكيل الحصري لأمريكا في بلدان وشعوب أمتنا العربية والإسلامية، وأن يكون شرطيها، الذي تعتمد عليه في بلداننا، لتنفيذ المؤامرات والمخططات، ليس لكلٍ منهما أي مشروع ذاتي حقيقي وصالح؛ إنما كلٌّ منهما صمم وضعه ودوره في إطار الدور الأمريكي والإسرائيلي والغربي، كلٌّ منهما لا يؤمن بحرية أمتنا واستقلالها، وأنَّ بإمكانها أن تكون أمةً حرةً، عزيزةً، مستقلةً، وهذا كان له أثر سلبي جداً، فأتت هذه الطموحات المراهقة لأدوار إقليمية لمصلحة أمريكا، مع استبساط لهذه المهمة، النظام السعودي، والنظام الإماراتي، كلٌّ منهما استبسط هذه المهمة، وتوقع نجاحها، بالنظر إلى الظروف التي كان يعاني منها شعبنا في بداية هذا العدوان، على مستوى وضعه السياسي والاقتصادي، ووضعه الداخلي، ومشاكله الكبيرة في وضعه الداخلي، ومن جانب ما يمتلكانه من إمكانات مادية ضخمة، ومن أيضاً ما يتوفر من مساندة غربية ومن إشراف أمريكي، فهذا جعل كلاً منهما يتصور أنه سيحقق انجازاً كبيراً يعزز نفوذه ودوره الإقليمي، وأنه سيحقق مكاسب كبيرة يخرج بها من هذه الحرب ومن هذا العدوان، وأنه سيخرج بإنجاز كبير وسريع، وستكون نتائجه الإيجابية الكبيرة لكلٍ منهما بما يعوِّض عن التكاليف، ويغطي على التبعات، اتضح- في نهاية المطاف- أن كل هذه التصورات كانت خاطئة، خاطئة، وإلى الآن لم يعتبر كلٌّ منهما، بعدما تجلى كل شيء.
طبعاً استمر العدوان على هذا الأساس، يعني: هذه هي البطاقة التعريفية الصحيحة المعروفة عنه: عدوان تشرف عليه أمريكا، لإسرائيل وبريطانيا فيه دور معين، تنفذه السلطة السعودية، ومعها السلطة الإماراتية، وتستأجر في عملية التنفيذ هذه أنظمة، وجيوش، وجماعات، منها داعش والقاعدة، ومنها المتورطون في الخيانة من أبناء بلدنا، هذا هو الواقع، ويتعامل العالم على هذا الأساس، يعني: سياسياً، في الغرب، في أمريكا، السياسيون، الإعلاميون، مراكز الدراسات والأبحاث، النظرة في الغرب، النظرة في الشرق… الكل يعتبر هذه- بالدرجة الأولى- حربا سعودية، حربا سعودية على اليمن، وعلى مستوى المسار التنفيذي، الذي يقود هذه العمليات من موقع القيادة التنفيذية، هو السعودي بشكلٍ واضح، غرف العمليات في كثيرٍ من المحاور، حتى في المحافظات المحتلة، من يسمونه بقائد القوات المشتركة البرية، من- كذلك- يباشرون أدوار معينة على المستوى السياسي، الكثير من الترتيبات، حتى من يطلب منهم ويستقطبون للمشاركة وللخيانة لبلدهم من أبناء بلدنا يتم استدعاؤهم إلى السعودية للدخول إلى هناك، واللقاء بمسؤولين سعوديين، وضباط سعوديين، وتتم الاتفاقيات، والمقاولات، والإغراءات المادية، وتقديم الصفقات من الجانب السعودي.
أضف إلى ذلك: على المستوى الإعلامي، الناطق الإعلامي لتحالف العدوان هو سعودي، هو الآن المالكي، يتغير بين آونةٍ وأخرى، وهكذا في بقية المسارات والمجالات، واضح من يدفع الأموال، من يتجه بدور تنفيذي أساسي لهذا العدوان، الحركة في الميدان، التمويل، السلاح، الآلة العسكرية التي تباشر هذا العدوان، حتى الحركة الميدانية، وحتى الأعلام في العمليات البرية، عندما وصلوا إلى مارب، ووصلوا إلى سد مارب، رفعت ثلاثة أعلام: العلم السعودي، والعلم الإماراتي، والعلم البحريني، وغاب العلم اليمني! عندما تحركوا نحو الساحل الغربي كان العلم الإماراتي هو أكثر توفراً وتواجداً من أي أعلام أخرى، فهكذا المسألة واضحة.
مع كل هذا الوضوح، مع كل هذا الوضوح، في بعض الأوقات وفي بعض المحطات تأتي محاولات لتقديم بطاقة مزيفة عن هذا العدوان، لها صورة مختلفة وعناوين مختلفة، فيأتي الحديث عن أنَّ هذه الحرب هي حرب يمنية يمنية، الذي يجري في اليمن هو مشاكل داخلية، واحتراب داخلي بين أطراف يمنية، توجَّه إليها الدعوات أن تتوقف عن هذا الاقتتال، الذي تسبب بمآسي كبيرة، ومعاناة كبيرة للشعب اليمني، ويتوجه اللوم إليها: لماذا لا تراعي وضع شعبها، ويتوجه النصح إليها: بأن تكف عن ذلك، وأن تتعقل.
طبعاً هذه تأتي في حالات معينة، وأبرز شيء: عندما يكون هناك مأزق أخلاقي، مثلاً: عندما يصبح الرصيد الإجرامي المتراكم قد أصبح إلى درجة شنيعة جداً، ووصل صداه إلى كل الدنيا، وإلى مختلف البلدان، حينها تتحرك الأمم المتحدة وتوجِّه النداء لأهل اليمن: [أن يكفوا عن اقتتالهم الداخلي]، بعد أن تصل الجرائم إلى مستوى شنيع، وجرائم ارتكبها من؟ تحالف العدوان بآلاته، بإمكانياته، بعملياته المباشرة، يأتي اللوم لليمنيين، والحث لهم عن التوقف عن هذا الاقتتال.
عندما يشتد الحصار الخارجي على هذا البلد، وتعظم المعاناة، ويصل صدى هذه المعاناة وتصل مشاهدها المأساوية جداً إلى مختلف البلدان، وإلى الشعوب الأخرى، كذلك يأتي كلام من الأمم المتحدة، وأحياناً من الطرف الأمريكي، وأحياناً من الأطراف الأوروبية، وأحياناً حتى من السعودي نفسه، يقدم النصح واللوم لأهل اليمن: [لماذا تفعلون بأنفسكم هكذا؟ لماذا وصلتم إلى هذه المأساة الكبيرة بمشاكلكم؟ كفوا عن ذلك]! مغالطة عجيبة جداً يعني، وتجاهل للوقائع والأحداث الواضحة جداً.
عند المأزق الميداني والسياسي، عندما يكون هناك مأزق ميداني وتفشل عمليات أساسية لتحالف العدوان، ويصبح لديه مشكلة في أدائه العسكري، كذلك يتوجه من جديد بالنصح لأهل اليمن، ويعرض استعداده لأن يقوم برعاية المصالحة فيما بينهم، وأن يحل مشاكلهم هذه، التي لم تتوقف، وأصبحت مصدر إزعاج للجيران وبقية العالم.
عند السعي أيضاً لفرض أجندة الاستسلام، يعني: مع طول فترة الحرب أحياناً يحاول الأعداء أن يجرِّبوا ما إذا كان الأسلوب السياسي سيحقق لهم ما عجزوا عنه بالحرب، أو أن تكون ضغوط الحرب، وآثارها، وأضرارها، وأوجاعها، وآلامها، ومتاعبها، قد أرهقت أبناء هذا الشعب، وهيأتهم لقبول فرض أجندة لصالح المعتدي الخارجي، وسيطرته على هذا البلد بغطاء سياسي، والغطاء السياسي لا بدَّ أن يكون فيه طرف بعنوان يمني، في مثل هذا الظرف يأتون بالمرتزقة والخونة من أبناء البلد ويقدمونهم، ويأتون بعنوان ما يسمونه بالشرعية ويقدمونه، ثم ينادون بالحوار، والأخذ والرد، والنقاش، واللقاءات، والجلسات.
في هذه الحالات الثلاث: عند المأزق الأخلاقي والإنساني، عند المأزق الميداني والسياسي، عند السعي لاقتطاف ثمرة العدوان وفرض أجندة سياسية، يتم إخراج بطاقة أخرى غير البطاقة الأصلية تقدِّم تعريفاً مختلفاً غير واقعي نهائياً لهذه المشكلة، لهذا العدوان، ولهذه الأحداث.
طبعاً مع وضوح الحقيقة، لا بأس أن نشير يعني إلى بعض ما يفنِّد تلك البطاقة المزيفة:
أولاً: عندما نأتي إلى الإعلان: من الذي أعلن هذا العدوان؟ هل هو عبدربه؟ هل هو علي محسن؟ هل سلطة معينة في اليمن أعلنت هذه الحرب؟ هل طرف معين أعلن هذه الحرب، أم أنه السعودي الذي أعلن هذه الحرب؟ ومن أين؟ هل من صنعاء؟ هل من عدن؟ هل من مارب؟ هل من محافظة يمنية، أم من واشنطن؟ ثم بعد أن أُعلن هذا العدوان، وبعد أن بدأ هذا العدوان، وبعد أن ارتكب الكثير من الجرائم، ألم يعلن عبد ربه نفسه- من تجعلون منه قفازاً لهذا العدوان ولجرائمكم- من أعلن هو بنفسه في مقابلة مع قناة من قنواتكم: أنه تفاجأ بما حدث، ولم يكن على علمٍ به، يعني: ليس هو من طلب، ليس هو من أمر، ليس هو من أعلن، يعني: أنَّ طرفاً خارجياً أتى، وأعلن، وبدأ، وحارب، وفعل الجرائم، وارتكب الجرائم، ثم أتى ليقول: [لا، صاحب الحرب وصاحب المشكلة هو ذلك الطرف الآخر]! ويأتي إلى مرتزق وخائن لبلده ليجعله يعلن ويتبنى هذه الجريمة، لكن في وقتٍ متأخر، يعني: لم يحسنوا حتى الترتيبات لهذا العدوان، لم يجعلوا لها حتى الإطار الشكلي، الذي يمكن أن يمثل غطاءً أكثر، فبدأوا يفعلون كل شيء، ثم في نهاية المطاف يقولون: [لا، هذا الطرف]! ويغيبونه في أوقات كثيرة، ويبرزونه في أحيانٍ أخرى.
أيضاً الإدارة: من يدير هذا العدوان؟ كلنا يعرف، على مستوى التنفيذ، السعودي هو الذي يدير هذا العدوان، والكل من المتورطين في الخيانة من أبناء هذا البلد هم تحت إمرته، لا يمتلكون أي صلاحيات، ولا أي قرار، هم في موقع المستأجر، المرتزق، الخائن، العميل، المأمور، العبد، الذليل، الخانع، والذي ينفِّذ من هذا الموقع: من موقع الخيانة، والذلة، والاستعباد، ينفذ ما يُطلب منه، وما يُؤمر به، وأحياناً يهان، توجه إليهم الإهانات، والصفعات، والتوقيفات، والاحتجازات، وما إلى ذلك.
الغارات: منذ أول غارة وإلى اليوم، وهي بالآلاف، أكثر من ربع مليون غارة جوية، هل هي بطائرات يمنية، نفذها طيارون يمنيون، أم أنها بكلها غارات أجنبية، طيارون أجنبيون، طائرات أجنبية، وتقلع وتأتي من مناطق ومواقع ومطارات تحت السيطرة المباشرة لتحالف العدوان؟
العمليات: كل العمليات التي أطلقت بشكل رئيسي، كانت أيضاً بإدارة ومتابعة خارجية، وليست محلية.
الاعترافات: المرتزقة في كثيرٍ من الأحيان يعترفون، يعترفون أنَّ الذي يحصل هو احتلال، وأنهم في حالة لا قرار لهم فيها، وواقع لا سيطرة لهم عليه، وإنما ينفِّذون ما يُؤمرون، وحصلت هذه الاعترافات من شخصيات كثيرة منهم، ممن هم باسم وزراء، وممن هم باسم قادة عسكريين… وممن هم بأسماء وعناوين كثيرة.
وضع المناطق المحتلة، والمحافظات المحتلة: وضع شاهد على أنَّ الحالة هي حالة عدوان واحتلال خارجي، وأنَّ الذين تورطوا في الخيانة من أبناء هذا البلد، إنما هم في موقع الخيانة والاستسلام والتبعية للمعتدي الخارجي، الذي هو السعودي كمنفذ، والإماراتي كمنفذ، تحت إشرافٍ أمريكي، وبدورٍ إسرائيلي وبريطاني، هذه مسألة واضحة جداً يعترفون بها، وشواهدها قائمة في الساحة.
في المحافظات المحتلة الذي يسيطر على أولئك: على الخونة والمرتزقة بكل صفاتهم، لو كانت صفته رئيس، الاسم الذي يتسمى به، الصفة التي يقدمها ويزعمها، باسم رئيس، أو رئيس حكومة، أو وزير، أو محافظ، أو قائد عسكري، كلهم يخضع لأبسط ضابط سعودي يأتي ليديرهم في تلك المحافظة.
مثلاً: في مأرب الذي يدير الجميع: من هو باسم محافظ، من هم بأسماء قادة عسكريين، من هو باسم وزير دفاع، ضابط سعودي، هذا أمر معروف، مثلاً في عدن، مثلاً في مختلف المحافظات المحتلة، الحالة هي نفسها، الذي يدير الجميع، الذي يأمر الجميع، المنصوب فوق الجميع: هو إما ضابط سعودي، أو مسؤول سعودي، حتى في الجانب السياسي، السفير السعودي منصوب فوق عبد ربه، عبد ربه دون مستوى السفير السعودي، ودون مستوى أي ضابط سعودي، أحياناً يتم إبلاغه ببعض الأوامر والقرارات عبر ضابط استخبارات، يوجه إليه الأوامر، وهو ينفِّذ.
فيما يتعلق أيضاً بكل المنشآت الأساسية والحيوية والسيادية في المحافظات المحتلة يسيطر عليها الأجنبي (السعودي، أو الإماراتي) بشكل مباشر: المطارات، الموانئ، القواعد العسكرية، المراكز المهمة والحيوية، المنشآت النفطية- كثيرٌ منها- تحت سيطرتهم المباشرة، وتحت أعينهم ورقابتهم، أموالها، عائداتها كذلك، كثيرٌ منها يجبى إلى بنوك سعودية، أو بنوك إماراتية، ويتم حجزه، ولا يتم التصرف فيه إلا وفق أوامر سعودية، ما عدا القليل، الذي ينهبه أولئك الخونة.
فالمسألة واضحة جداً، فالعدوان- بكل ما تعنيه الكلمة- خارجي، بهندسة أمريكية، وإسرائيلية، وبريطانية، وتنفيذ سعودي إماراتي، وإشراف أمريكي، والبقية: داعش، القاعدة، عبد ربه وجماعته، أصحاب من يسمون أنفسهم بحزب الإصلاح، أولئك المفسدون في الأرض، ومن لف لفهم وجرى معهم، هم مستأجرون، وهم متورطون في الخيانة.
أضف إلى ذلك ممارسات هذا العدوان منذ بدايته وإلى اليوم تقدم صورةً واضحة عن هويته، عن أهدافه، وعن أنه لا يمتلك أي هدف مشروع، ولا هدف لمصلحة هذا الشعب، وأنه يمثل جريمة كبيرة بحق هذا الشعب، وكل ممارساته منذ بدايته وإلى اليوم، إجرامية، وحشية، تدميرية، يندى لها جبين الإنسانية.
في مقدمتها: جرائم القتل، والإبادة الجماعية، والتدمير الشامل، والحصار الخانق، والاستهداف لكل أبناء هذا البلد: كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، الاستهداف حتى للأطفال الرضع والنساء الحوامل.
نأتي للحديث تفصيلياً عن بعض أشكال هذا الاستهداف، وما يدل عليه، وبدأت كل هذه الأشكال من الاستهداف منذ بداية العدوان، منذ منتصف تلك الليلة التي بدأت فيها الغارات والعمليات العسكرية ضد بلدنا:
الاستهداف للأحياء السكنية والمنازل والقرى، وهذا مكثف منذ بداية العدوان وإلى اليوم، ومن أول غارة استهدفت الأحياء السكنية، استهدفت الناس في منازلهم، اليمني يستهدف في كل مكان في بلده: في منزله، وفي خارج منزله، أينما كان يستهدف، وأتت الغارات الجوية وبشكل وحشي لتدمر الكثير من المنازل، وتستهدف الكثير من المنازل في المدن، في الأحياء السكنية فيها، وفي القرى أيضاً، ونشرت الكثير من المشاهد، والضحايا من المدنيين: أطفال، ونساء، ومشاهد مؤلمة ومأساوية جداً، أيُّ شيءٍ يمكن أن يبرر هذا، أو يشرعن هذا؟! غارات إلى وسط صنعاء، إلى وسط مختلف المدن، إلى القرى، في الأرياف، حتى في المناطق البدوية، حتى استهداف لخيام البدو، وقتل للبدو في خيامهم، وقتل لمواشيهم، أيُّ شيءٍ يمكن أن يبرر هذا، أو يشرعنه؟! وأيُّ غاية إيجابية ونبيلة يمكن أن تكون من وراء مثل هذه الجرائم، والتي نُشِرت عنها الكثير من المشاهد في التلفزيونات.
الاستهداف للمساجد مع قدسيتها، وللمصلين فيها، وللمصاحف فيها، وأكثر من ألف وأربع مئة مسجد استهدفه الأعداء ودمروه، وقتلوا فيه المصلين، ومزقت فيه المصاحف المقدسة (كتاب الله القرآن الكريم) بقنابل الأعداء وبقصفهم، استهانة حتى بالمقدسات، استهانة بحياة الناس كبشر، وبحرمة ذلك، واستهانة بالمقدسات، أيُّ شيء يمكن أن يبرر هذا، أو يشرعنه؟! وما هي الغاية التي يمكن أن تكون غاية نبيلة، وهدف مقدس، أو شريف، أو نبيل، من وراء هكذا جرائم؟!
بما فيها مساجد أثرية قديمة، البعض منها منذ بداية صدر الإسلام، والبعض منها من عصر التابعين، والبعض منها من مراحل متقدمة، وتم التركيز على استهدافها، في عمق المناطق اليمنية، ليست في مناطق الاشتباك وفي الجبهات، في عمق المناطق، وبشكلٍ متعمد، تعمد للمسجد وللمصلين، تعمد لذلك المسجد الأثري أيضاً.
الاستهداف للمدارس، والجامعات، والمنشآت، والمرافق التربوية والتعليمية، وللطلاب والمدرسين، هذا أيضاً استهداف للبشر، لهذه الفئة من أبناء المجتمع، وأيضاً سعي لتعطيل العملية التعليمية، وتدمير كل بنيتها التحتية؛ حتى تتوقف عملية التعليم في البلد، عندما يدمِّرون المدارس، عندما يستهدفونها والطلاب فيها، ويستشهد الكثير من الطلاب والمدرسين، وعندما أيضاً يستهدفون المرافق الأخرى: إدارات تربوية، مرافق تربوية، جامعات، عدد كبير من المنشآت الجامعية استهدفت، وجرى الحديث عنها ضمن الإحصائيات التي قدِّمت في هذه الأيام الماضية، في الفعاليات المختلفة، التي أقامتها الجهات المعنية في صنعاء.
فنلاحظ أنَّ هذا الاستهداف للطلاب- وهناك مشاهد مأساوية جداً- للطلاب، وللمدارس، وما نتج عن ذلك، ونشرت وبُثت في التلفزيونات والقنوات الفضائية، وقُدِمت عنها المعلومات الموثَّقة المكتوبة، وقُدِمت إلى مختلف الجهات في العالم: أمم متحدة، منظمات… غير ذلك.
هل يمكن أن يكون الاستهداف للطلاب، للمدارس، للجامعات، أن يكون الاستهداف للطلاب في حركتهم إلى المدارس، أن يكون الاستهداف لهم داخل المدارس، أن يكون الاستهداف للمرافق والمنشآت التربوية، وذات العلاقة بالعملية التعليمية، لهدفٍ مشروع، أو لغايةٍ مشروعة، أو أنه سعي لتعطيل العملية التعليمية في البلد، ولاستهداف الناس حتى لا يتعلموا؟! وكم نتج عن هذا من معاناة؟ كم تضررت العملية التعليمية بفعل ذلك؟ كم نتج عن ذلك من تشريد للكثير من الطلاب، أو عدم توفر فرصة التعليم لديهم؟ من الذي يحارب التعليم في البلد؟ أليس هم أولئك؟ أليس هم أولئك الذين يرتكبون هذه الجرائم؟
اليوم في كثير من المناطق- وبالذات في الأرياف- يتجه الطلاب للدراسة تحت الأشجار، لا مأوى لهم، لا مدارس لهم، أو بعضهم- إن تحسنت أحوالهم- تحت خيام، أو في أماكن متواضعة جداً، ويواصلون العملية التعليمية مع الخوف من الاستهداف، وهذا جارٍ بشكلٍ عام في المدن والأرياف، أو أيضاً مع مشكلة كبيرة في البنية التحتية، أو تضرر العملية التعليمية بفعل الظروف الاقتصادية، تداخلت كل الضغوط لاستهداف العملية التعليمية في البلد.
طيب، من يتحرك بهذا الشكل، من يستهدفنا حتى في عمليتنا التعليمية، في نشاطنا التعليمي، ما الذي يريده بشعبنا ولبلدنا؟ هل يمكن أن يريد خيراً بهذا البلد؟! هناك قصص كبيرة، ومآسٍ كبيرة، من أبرزها الحافلة التي كانت تقل الطلاب في ضحيان، من أبرز المآسي، وعرفت تلك المأساة، وجرى تغطية إعلامية لها، وهناك شواهد كثيرة في مختلف المحافظات بمثل هذه المآسي.
الاستهداف للمستشفيات والمراكز الصحية، وبالمئات، يعني: المئات من المستشفيات والمراكز الصحية استهدفت بشكلٍ متعمدٍ وممنهجٍ ومقصود، ودمرت، وفي كثيرٍ من الحالات استشهد فيها ضحايا، من العاملين فيها، ومن المرضى، ومن الجرحى، أليس هذا عملاً إجرامياً شنيعاً؟ أليس مخالفاً لكل شيء: للقانون الدولي، للأعراف، لحقوق الإنسان، لكل الاعتبارات والحيثيات، جريمة موصوفة بكل اعتبار.
إذا جئنا لنصنِّف مثل هذه الجرائم، وتستمر على مدى سنوات، تستمر على مدى سنوات، وفي مختلف المحافظات، هل ممكن أن يشرعن مثل هذه الجرائم شيء، أو يبررها تبرير صحيحاً شيء، أو يمكن أن نقول: أنها لهدف لمصلحة هذا البلد، وأن من يفعل ذلك بهذا الشعب، ويقتل أبناء هذا البلد في منازلهم، وفي مساجدهم، وفي مستشفياتهم، وفي المراكز الصحية، ويستهدف المرضى، ويستهدف الجرحى، ويستهدف الكادر الطبي والصحي، هل يمكن أنه يفعل ذلك من أجل هذا البلد، ولخدمة هذا البلد؟!
الاستهداف أيضاً للمطارات، طبعاً كم نتج من معاناة، يعني: عندما دُمِّرت مثلاً الكثير من المنشآت الصحية، والمراكز الصحية، والمستشفيات، بقي الكثير من أبناء هذا البلد- وبالذات في الأرياف- لا يحصلون على الخدمات الصحية، لا يعرف أين يذهب بمريضه؟ أين يعالج مريضه، أو جريحه؟ نتج عن هذه معاناة كبيرة جداً، معاناة للمرضى وذويهم، معاناة كبيرة للجرحى وذويهم، أليس هذا هو استهداف عدواني ظالم لأبناء هذا الشعب؟ أليست هذه المأساة صنعها من؟ ألم يصنعها أولئك المعتدون الذين بقنابلهم وصواريخهم وطائراتهم دمِّرت تلك المنشآت الصحية، والكل من أبناء شعبنا قد يعاني نتيجة ذلك على المستوى الصحي، إضافة إلى الضرر الكبير الذي لحق بالقطاع الصحي نتيجة الوضع الاقتصادي، لكن هذا على مستوى الاستهداف المباشر.
الاستهداف للمراكز والمرافق والمنشآت الحكومية بمختلف أشكالها وأنواعها: مجمعات، مؤسسات، مراكز شرطة، سجون، محاكم… كل ما يقدم خدمة لأبناء هذا الشعب، من المراكز الحكومية، والمباني الحكومية، ذات الصلة بمسؤولية تجاه الناس، تجاه أبناء هذا البلد، استهدفت ودمِّر الكثير منها، هل يمكن أن يفعل ذلك من أراد الخير لهذا الشعب، أو من يريد أن يكون في هذا البلد دولة، وحكومة، ومؤسسات دولة، وتقوم بخدمة الشعب، وبالعناية بأبناء البلد، أو أنه هدف مختلف وعكس ذلك تماماً؟ حتى المحاكم، واستشهد البعض من القضاة، وفقدت الكثير من الوثائق في المحاكم، التي فيها قضايا الناس، وبعضها فيها إثباتات لأطراف من المتنازعين والمتخاصمين والمتشاجرين في مختلف قضاياهم، وتضرروا من ذلك.
الاستهداف لمحطات ومولدات الكهرباء، وبالمئات، وطبعاً تضرر الشعب كثيراً نتيجةً لذلك، في المدن حصل ضرر كبير جداً، كثير من الخدمات التي تعتمد على الكهرباء تضررت، وتضرر الناس في أشياء كثيرة، نتيجةً لهذا الاستهداف، وكان بشكل متعمد وواضح، محطة كهربائية في صنعاء تستهدف، محطة كهربائية في صعدة تستهدف، في الحديدة، في محافظة كذا… في مختلف المحافظات، في تعز… في مختلف المحافظات، واستهدفت بشكلٍ واضح، من المتضرر من ذلك؟ هل هو حزب معين؟ هل هي فئة معينة؟ هل جماعة معينة، أم هو ضرر يعاني منه أبناء الشعب بمختلف فئاتهم ومكوناتهم؟ من الذي فعل ذلك؟ ولماذا فعل؟ لأنه أراد أن تحصل تلك المعاناة، لأنه يريد لهذا الشعب أن يعاني، لأنه يجعل من معاناة هذا الشعب وسيلة أمَّل فيها أن يكسر إرادته، وأن يجبره على الاستسلام والخنوع، لأنه عدواني، يتلذذ بمعاناة هذا الشعب، ويرتاح ويسر بمعاناة أبناء هذا البلد.
الاستهداف لخزانات وشبكات المياه، بأكثر من ألفين منشأة وشبكة مياه وخزان مياه تغذي المناطق الآهلة بالسكان، ويستفيد منها المواطنون، طبعاً من يسعى لأن يعاني الناس من العطش، من يسعى لأن يعاني الناس في المدن وفي مناطق مختلفة من الحصول على الماء، من الحصول على الماء، وتصبح مسألة الحصول على الماء مسألة معقدة، وفيها صعوبات كبيرة، وفعلاً حصلت صعوبات كثيرة، سكان العاصمة صنعاء يعرفون حجم المعاناة التي كانوا يعانون منها، الكهرباء من جهة توقف، وأثَّر حتى على مسألة شبكات ومحطات المياه، والاستهداف من جانب آخر، وانعدام الديزل من جانب ثالث، عوامل كلها حوَّلت مسألة الحصول على المياه والصرف الصحي مسألة معقدة جداً، وأصبح الأكثر يعتمدون على الوايتات، التي تأتي بالماء مقابل مبالغ معينة، وفي كثير من الحالات يأتي الماء غير صحي ولا مناسب، ومعاناة كبيرة في مختلف المدن نتيجة هذا، من الذي فعل ذلك؟ ولماذا فعل؟
لأنه أراد أن يعاني الجميع، عندما يرى أبناء هذا الشعب وهم يعانون في توفير الماء الذي يشربون، في توفير المياه للمنازل، لحاجتهم للاستخدام المنزلي لها، يرتاح بذلك، عندما يرى الطوابير وهي تجتمع حول خزان ماء، أو وايت ماء، يرتاح بمعاناة هذا الشعب؛ لأنه عدو يكره هذا الشعب، يعادي هذا الشعب، يتلذذ بارتكابه الجرائم بحق هذا الشعب، يرتاح لمأساتنا ومعاناتنا في هذا البلد، لاحظوا كم هم عدوانيون! عدوانيون بشكل عجيب جداً.
من غريب أمرهم فيما يتعلق بقضية الماء: أنهم استهدفوا حتى الحمامات الطبيعية، حمام جارف في بلاد الروس، في محافظة صنعاء، حمام طبيعي، وفيه ماء للاستشفاء، ماء طبيعي ساخن للاستشفاء، استهدفوه.
الاستهداف لشبكات ومحطات الاتصالات: كلنا نعرف أهمية الاتصالات في هذا الزمن، وما تقدمه من خدمة كبيرة للناس في شؤون حياتهم، أصبحت الكثير من شؤون حياة الناس في أمورهم المعيشية والاقتصادية والحياتية معتمدة على الاتصالات، وعبر الاتصالات تختصر الكثير من الأمور، وتنجز الكثير من الأمور، شبكات الاتصالات العامة في هذا البلد، التي يستفيد منها المواطنون بشكلٍ عام، من دون أي تمييز، لا مذهبي، ولا مناطقي، ولا عنصري، أبناء هذا البلد بشكلٍ عام، تم استهدافها بشكل مكثف وبغارات كثيرة، والتدمير لها، وفي أحيان كثيرة بقيت كثيرٌ من المحافظات والمناطق بدون اتصالات، وعانى أهلها الكثير نتيجة ذلك، من الذي فعل ذلك؟ تحالف العدوان، لماذا؟ لأنه أراد أن يعاني الناس في بلدنا، أن يعاني هذا الشعب بكل أبنائه مختلف أنواع المعاناة، أن يعانوا في كل شيء.
الاستهداف للطرق والجسور: جزء كبير من حملة العدو ومن استهدافاته وغاراته ركزت على الطرق بين المحافظات، وعلى الجسور، الجسور الأساسية التي تربط ما بين محافظة وأخرى، أو لها دور أساسي في طريق عام، يصل منطقة بمنطقة، وحصل معاناة كبيرة لأبناء شعبنا نتيجة استهداف الطرق والجسور، على مستوى أمن الطرق، استهدفت الكثير من السيارات، من- كذلك- من وسائل النقل بمختلف أنواعها، استهدفت وهي في الطرقات ذهاباً وإياباً، واستهدفت الجسور والطرق؛ مما أثَّر على حركة السير، وحركة السفر للمواطنين وتنقلاتهم، وأصبح التنقل من محافظة إلى أخرى محفوفاً بالمخاطر؛ نتيجةً للاستهداف الذي يتكرر للسيارات، لوسائل النقل، للمسافرين، وبث الكثير في القنوات الفضائية، مآسٍ مروِّعة جداً.
وحركة النقل أيضاً للمواد الغذائية، والاحتياجات، والإسعاف للمرضى، ولغير ذلك من شؤون حياة الناس المختلفة والمتنوعة، كانت كلها تعاني من الاستهداف بأشكالها، وتعاني أيضاً من هذه المخاطر المستمرة: الشعور دائماً بالخطر واحتمالية الاستهداف، والمعاناة في الطرق التي تصعبت وتعسرت نتيجة ما لحق بها من أضرار كبيرة، مع صعوبة صيانتها في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعاني منها البلد، لماذا فعلوا ذلك؟ سعياً لأن يعاني هذا الشعب، لأن يعاني جميع أبناء هذا البلد.
الاستهداف للأسواق، والمنشآت التجارية، ومخازن الأغذية: طبعاً الاستهداف للأسواق كان يهدف إلى تحقيق غرضين لتحالف العدوان:
الأول: قتل أكبر عدد ممكن من الناس؛ لأن الناس عادةً يزدحمون في الأسواق، وهم يريدون أن يرتكبوا جرائم الإبادة الجماعية بحق أبناء هذا الشعب، يفرحون عندما يلقون قنابلهم في مكان فيه تجمع أكثر؛ لتكون الحصيلة مجزرة مروِّعة، فهم لتنفيذ جرائم الإبادة الجماعية والقتل الجماعي، وقتل أكبر عدد ممكن من الناس، استهدفوا الأسواق؛ لازدحامها بالناس.
وثانياً: لتعطيل حياة الناس، هم يدركون الأهمية الاقتصادية والمعيشية للأسواق بالنسبة للناس، تتوفر فيها احتياجاتهم الغذائية ومختلف أغراضهم لحياتهم، والناس يضطرون عادةً للذهاب إلى الأسواق؛ لتوفير احتياجاتهم، احتياجاتهم الغذائية… احتياجاتهم بمختلف أنواعها، احتياجاتهم الحياتية التي يحتاجون إليها في مختلف شؤون حياتهم، فاستهدافهم لها لإلحاق ضرر شامل بالناس في مختلف شؤون حياتهم، واستمرت وتيرة الاستهداف، وكان هناك مآسٍ كبيرة بمثل هذا النوع من الاستهداف، وارتكب تحالف العدوان فيه أبشع الجرائم، جرائم مروِّعة وبشعة للغاية، ومجازر رهيبة وشنيعة. المنشآت التجارية كذلك، مخازن الأغذية كذلك، وبثت الكثير عنها من المشاهد في القنوات الفضائية التي وثِّقت بالفيديو، وأيضاً المعلومات والإحصائيات والتي أعلنت من الجهات المعنية.
الاستهداف للمناسبات الاجتماعية، في الأعراس، وهذا من أسوأ أشكال الاستهداف، حصل هذا في ذمار، معروفة القصص هذه في ذمار، في حجة، في تعز، في صنعاء، في صعدة، في الجوف، في مأرب… في مختلف المحافظات، الاستهداف للأعراس، الاستهداف للناس وهم يقيمون عرساً، فيحولونه إلى مأتم، إلى عزاء، إلى مأساة، بدلاً من الفرحة يأتي الحزن، ويأتي الأسى، وجرائم بشعة، ولها أشكال وصور مأساوية جداً ومؤلمة جداً، لا يمتلك الإنسان عندما يشاهد إلَّا أن يشعر بعميق الحزن والأسى، وفي أكثر الأحيان لا يتمالك الإنسان نفسه إلا أن يبكي، مشاعره الإنسانية تفيض وتجبره على البكاء، مشهد العرس في بني قيس في حجة ألم يكن مأساوياً؟ مشاهد أعراس استهدفها العدوان بقنابله، أي إجرامية هذه؟! أي مستوى من التوحش يجعلهم يفعلون ذلك؟! هل يمكن أن يشرعن ذلك شيء، أن يبرر ذلك شيء، أن يكون ذلك لأهداف لمصلحة هذا لبلد، أن يكون لخدمة هذا الشعب؟! هل الخدمات التي تقدمونها لهذا الشعب هي بهذا الشكل وعلى هذا النحو؟! وكم هي القصص والحكايات، والتي وثِّق الكثير منها، وبقي البعض منها؛ لم يكن هناك من يوثِّق، وأتت عنها المعلومات والتفاصيل والمشاهد.
وكذلك مناسبات العزاء، من أبرزها: الصالة الكبرى وسط صنعاء، اجتماع بمناسبة عزاء، مناسبة اجتماعية لها حرمتها، وكم هناك يعني من مثل هذه الحالة استهدفت بهدف- كذلك مثلما حالة الأسواق- قتل أكبر عدد ممكن من الناس أثناء تجمعهم، وليزداد العزاء عزاءً، والمأساة مأساةً، جرائم مروعة، كبيرة، بشعة، وحشية، شنيعة جداً، لا يمكن أن تبرر، ولا يمكن أن تشرعن، وبشكل مستمر ومتكرر.
أيضاً الاستهداف لمخيمات النازحين: وتكرر في محافظات متعددة، منها في محافظة حجة، ومحافظات أخرى، وللنازحين أثناء حركتهم وانتقالهم، أو في أماكن يصلون إليها، لو لم يكن بشكل مخيمات، حتى في مساكن، أو مدارس، أو أماكن عادية، أو حتى تحت الأشجار، أو في خيام، يستهدفون، وهناك كثير منها قد- كذلك- نقلت المشاهد المأساوية عنه وبثت، ووثقت المعلومات عنه، وحشية وإجرام، النازح نزح نتيجةً للعدوان إلى منطقة أخرى، ثم يأتون فيكملون المجزرة.
الاستهداف للمعالم الأثرية، والمدن الأثرية: وتكرر هذا في صنعاء، وفي الجوف، وفي تعز، وفي الحديدة… وفي محافظات مختلفة، صنعاء القديمة كم فيها من جرائم استهداف وتدمير وغارات إلى داخلها، صعدة القديمة، معالم أثرية في الجوف قديمة جداً، معالم أثرية في تعز، معالم أثرية في الحديدة، دمِّرت، ومساجد أثرية دمِّرت واستهدفت، ومقابر أثرية، ومقابر من هذا العصر، حتى الأموات في قبورهم، أتت القنابل لاستهدافهم، أي وحشية؟! أي رعونة؟! أي إجرام هذا؟! ما الذي يمكن أن يبرر مثل هذا النوع من الاستهداف، أو يشرعنه؟ لا شيء، هذا يكشف حقيقة هذا العدوان، هوية هذا العدوان، وأهدافه الحقيقية، أهدافه الحقيقية: تدمير شامل وممنهج ومنظَّم يستهدف ويطال كل شيء في هذا البلد.
الاستهداف للصيادين: من الجرائم التي ركَّز عليها تحالف العدوان من بداية الأمر وإلى اليوم، الاستهداف للصيادين، حتى أصبحت عملية الصيد في البحر مهمة مأساوية ومغامرة، يذهب الصياد لا يدري هل سيعود سالماً، أم أنه سيستشهد، أو في بعض الحالات يختطف؟ استهداف بالقتل، واستهداف بالاختطاف، وتتكرر هذه، والاستهداف للقوارب أيضاً، استهداف لهم وهم في قواربهم، واستهداف لقواربهم في حالات أخرى بالقصف، وفئة كبيرة تضررت من أبناء محافظة الحديدة، كانوا يعتمدون في معيشتهم وفي تحصيل قوتهم على الصيد، يذهبون للصيد، يعتمدون بشكل أساسي، يصطاد، ومن كده، ومن عرق جبينه، يذهب لبيع هذا الذي قد اصطاده من السمك، ويشتري لأسرته القمح، يشتري متطلبات الحياة الضرورية، الكثير منهم، آلاف تضرروا جداً، ولم يتمكنوا من مواصلة مهنتهم هذه، وحرفتهم هذه، التي يعتمدون عليها في تحصيل قوتهم.
إضافة إلى ذلك حصل مشكلة كبيرة في توفير والاستفادة من هذه الثروة لأبناء الشعب بشكلٍ عام، أصبحت عملية ينطلق فيها من ينطلق من يتحرك وبشكل مغامرة، مغامرة، قد لا يعود، يتوقع في كثيرٍ من الأحيان ألَّا يعود، هو معرَّض إما للقصف والاستهداف، وإما للاختطاف، من يفعل ذلك هل هو يريد خيراً في هذا البلد؟! هل هناك شيء يشرعن أو يبرر هذا؟! هل هذا بأهداف نبيلة لمصلحة هذا البلد، أم أنه إلحاق ضرر بكل أبناء هذا البلد؟ يأتون لكلٍ في مجال عمله، لكلٍ في معيشته، لكلٍ في حرفته، لكلٍ في مهنته، لاستهدافه، ولإلحاق الضرر بالجميع؛ لأنهم يريدون إلحاق الضرر الشامل بالجميع بدون استثناء، ومثل هذه الحالة معروفة في الحديدة، حجم المعاناة نتيجةً لهذا الاستهداف يعرفه أهل محافظة وأبناء محافظة الحديدة، وفي حجة كذلك، والمحافظات التي هي على الساحل.
الاستهداف للمصانع بكل أنواعها، المصانع المتوفرة من مصانع الإسمنت إلى مصانع الأغذية الخفيفة، مصانع البفك والقرمش والأشياء الخفيفة، حتى هي تستهدف وتدمَّر، ومحطات الوقود ووسائل النقل التي توفر منها المواد الغذائية وتنقلها بين المحافظات، وهذا بهدف الإضرار بالاقتصاد الوطني، وإلحاق الضرر بأبناء الشعب، وجلب للمعاناة لهم.
الاستهداف حتى لمزارع الدجاج، ما الذي يبرر استهداف مزارع الدجاج؟! هل هي عسكرية؟! هل الدجاج لها طابع عسكري مخيف، يخافون أن تنقرهم، أم ماذا؟ الاستهداف لمزارع الدجاج، وللمواشي بشكلٍ عام، مزارع المواشي: مزارع الأبقار والأغنام، حتى لدى البدو، استهدفوا عندما يشاهدون ويرصدون تجمع للبدو ولمواشيهم: جِمال، أو أبقار، أو أغنام، أو ماعز، يستهدفون، وحصلت هذه بشكل متكرر، وفي مناطق متعددة، وأتى ما يشهد لذلك في وسائل الإعلام بالفيديو وبالمعلومات.
الاستهداف لذلك لماذا؟ يستهدف مزرعة دجاج! مزرعة دجاج معروف كم؟ بالمئات، بالمئات، حتى أصبحت من الأهداف الرئيسية لتحالف العدوان، أليس هذا لإلحاق الضرر بالمواطنين؟ ما يشتوا عاد يجي لواحد حتى لحمة دجاج، وإلحاق ضرر أيضاً بمن؟ بمن يشتغلون في هذه الحرفة، يبيعون ويشترون في هذا الجانب، ويوفرونه للشعب، وأرزاقهم وأقواتهم معتمدة عليه، استهداف شامل.
الاستهداف للحقول الزراعية، وبشكل كبير، يعني: أكثر من سبعة آلاف حقل زراعي استهدف، بالآلاف، استهداف للزراعة، وللقطاع الزراعي، وللأسواق الزراعية، ولحركة النقل ذات العلاقة بالمحاصيل الزراعية، وهذا جانب ومجال كامل له حصته من الاستهداف الكبير والمركز، حتى في الطرق العامة تجد في بعض الناقلات بعد استهدافها وقد تبعثرت المحاصيل الزراعية خلف الطرق، واحترقت بفعل القصف، الأسواق الزراعية كذلك تضررت واستُهدِفت المحاصيل.
أضف إلى ذلك الاستهداف للمنشآت الرياضية، حتى المنشآت الرياضية، يعني: لا يريدون أن يبقى مجال من مجالات شؤون الحياة إلا ويستهدف، وحتى ملاعب كرة القدم، كثيرٌ منها تم استهدافه.
الاستهداف حتى لما لم يكن لِيُتَوقع، ولم يكن ليخطر ببال أحد أن يكون هدفاً لتحالف العدوان لقصفه واستهدافه: مركز إيواء المكفوفين من الأطفال، لا أستبعد- والله أعلم، والله أعلم، نحن لا نعلم الغيب- أن يكون الشيطان تفاجأ من هذا الابتكار الإجرامي، لا نستبعد ذلك، لا نقطع به، ولا نستبعده، كيف يخطر ببالهم أن يجعلوا من مركز إيواء للمكفوفين، الذين فقدوا حاسة البصر، وبقية لهم- إن شاء الله- حاسة البصيرة، من الأطفال، مركز لإيوائهم، ويتم استهدافه بالقصف، ما الذي يمكن أن تفسر هذا النوع من أشكال القصف والاستهداف؟! وحشية، إجرام، رعونة، طغيان، كبر، غطرسة، همجية، كل المفردات التي تعبر عن الشر بكل أشكاله يمكن أن تستخدمها لتوصيف هذه الجريمة، ووُثِّق هذا، وبُثت مشاهده في القنوات الفضائية.
استهداف حتى لأشياء أخرى أيضاً، تستغرب أن تستهدف، مركز الرصد الزلزالي في ذمار، مركز لرصد الزلزال يستهدفونه، غريب!
الاستهداف للمتاحف، وتكرر هذا.
الاستهداف لإسطبلات الخيول، وقتل الخيول بشكل جماعي المتوفرة فيها، وبشكل مأساوي ومؤلم وغريب يعني! البعض فسر هذا أنهم يغتاظون ويحقدون ويحسدون هذا الشعب على أن لديه، بقيت لديه شوية خيول أصيلة، عربية أصيلة، فأرادوا إبادتها.
الاستهداف للحيوانات بمختلف أنواعها، لا داعي لأن نتعمق في هذا بشكل أكثر.
هذه الجرائم، هذا النوع من الجرائم أتى منذ البداية يعني، منذ البداية بشكل واسع، بعضها يعني في بدايات العدوان، في أول شهر من العدوان أكثر هذه الجرائم كان قد نُفِذَ منها نماذج، وبأعداد كبيرة يعني، وبعضها فيما بعد تلاحقت وهكذا، وتستمر وإلى اليوم، يعني: قبل أن يكون هناك أي مبرر، طبعاً هذه الجرائم بأعداد كبيرة، شيء منها بالآلاف، والبعض منها بالمئات، وممنهجة، لا يمكن أن يقال عنها أخطاء، ولا يمكن أن يقال عنها تصرفات فردية، أولاً هذا العدو يمتلك التقنيات والإمكانات، التي تحدد له الأهداف بوضوح، لديه أقمار صناعية، وعمل بها، لديه طائرات للرصد الدقيق، لديه وسائل للتصوير والرصد متطورة جداً، وتقنيات متطورة جداً، لديه أيضاً عملاء على الأرض، جواسيس وخونة، ينقلون له المعلومات والمشاهد، أشياء بنفسها واضحة، أسواق واضحة، معالم واضحة، أماكن واضحة، ليست ملتبسة، حقول زراعية واضحة، مستشفيات معلوم أنها مستشفيات، مراكز صحية واضح حالها، مدارس واضحة، منشآت خدمية واضحة، كلها أشياء واضحة، واستمر ويستمر في استهدافها.
ثم الغزو البري والاحتلال، وما تعبه من جرائم كثيرة جداً: الغزو البري والاحتلال لمنطقة واسعة من هذا البلد، احتلال لمجموعة من المحافظات، لمساحة شاسعة من هذا البلد، جريمة، جريمة؛ لأنه ينتهك سيادة هذا البلد، استقلال هذا البلد، حق أبناء هذا الشعب، وأيضاً يمتهن هذا الشعب عندما يسيطر على بلده، ويسيطر عليه، ويتبع ذلك أيضاً بجرائم قتل كثيرة جداً؛ نتيجة هذه العمليات البرية، كم استشهد من أبناء بلدنا الآلاف المؤلفة؛ نتيجة هذا العدوان البري والاحتلال، كم اختطف، كم يعذب في السجون بكل أنواع التعذيب، والجرائم الأخرى في المحافظات المحتلة، ومنها جرائم الاغتصاب.
كل هذا الغزو البري والاحتلال، الذي هو- بحد ذاته- جريمة، واستهداف لهذا البلد، وانتهاك لسيادته واستقلاله، وما تبعه من جرائم: قتل، وتعذيب، واختطاف، وامتهان، وإذلال، وقهر، ومصادرة للقرار… أشياء كثيرة، واغتصاب، شمل حتى محافظات لم يكن فيها أي جبهات، يعني: امتد إلى المهرة، امتد إلى حضرموت، امتد إلى سقطرى، امتد إلى مناطق لم يكن هناك ما يبرر أن يكون فيها اجتياح أجنبي، وتمركز لقوات خارجية، وسيطرة من مندوبين من جانب تحالف الاحتلال، لم يتركها حتى لمرتزقته، للخونة الذين باعوا كل شيءٍ لمصلحته، هذا أيضاً من جرائمه الكبيرة.
أيضاً من الجرائم الخطيرة جداً، ومن أخطر أشكال الاستهداف لأبناء هذا البلد: سعي تحالف العدوان لتفكيك هذا الشعب وتقسيمه تحت كل العناوين، تحت كل العناوين، نشاط كبير مكثف جداً على المستوى الإعلامي، على مستوى التضليل بأساليب تثقيفية، وأشكال متنوعة، يسعى تحالف العدوان إلى أن يفكك من خلاله أبناء هذا البلد:
تحت عنوان العنصرية: حاول أن يفرق بين أبناء هذا البلد الواحد، الذين هم أخوة، تجمعهم أسمى وأقدس رابطة: رابطة الأخوة الإيمانية، وينتمون للإيمان، وهم أبناء وطن واحد، وشعب واحد، حاول أن يشغل العنوان العنصري، من الذي يشغله؟ أليس هو تحالف العدوان؟ أليس هم مرتزقته؟ من الذي يشتغل عليه ليل نهار؟ من الذي يسيء فيه إلى مختلف أبناء هذا البلد؟ من الذي يشتغل ليعمل فرزاً اجتماعياً، ويبني عليه مواقف وحساسيات وعقد ومشاكل بين أبناء هذا البلد؟ تحالف العدوان؛ أما الذي يتصدى لهذا العدوان ليس لديه أي عمل من هذا النوع، يسعى إلى أن يكون أبناء هذا البلد أخوة، ومتعاونين، ومتكاتفين، ويداً واحدة، وموحدين.
العنوان الطائفي: من الذي أتى بمفردة المجوس، وأطلقها على أبناء هذا الشعب؟ الرسول يقول: (الإيمان يمان، والحكمة يمانية) «صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله»، وهؤلاء يقولون عن الشعب اليمني: [مجوس، وروافض]، ويبيحون دمائهم، من الذي قدم أكبر كذبة في هذا العصر، وأعظم افتراء، وأكبر بهتان في هذا الزمن، على الشعب اليمني، عندما قالوا عنه: أنه يستهدف مكة المكرمة، وأنه يسعى لغزو مكة، والكعبة، والاستهداف للكعبة، وأنه يسعى بالصواريخ لاستهداف مكة المكرمة؟
أبناء هذا الشعب، – والله أعلم- لا أعلم أحداً أعظم وفاءً منهم، ولا أكثر حرصاً في أن يكونوا فداءً لبيت الله الحرام، ولمكة المكرمة، أبناء هذا البلد هم الذين بقوا أوفياء حتى مع المسجد الأقصى، في الوقت الذي خانه الأعراب وباعوه، وتنازلوا عنه، وقدموه في المساومات السياسية، فما بالك بمكة المكرمة، ما بالك بالمدينة المنورة، الركن اليماني يشهد لأهل اليمن من هم أهل اليمن، في إيمانهم ووفائهم، وفائهم لله، وفائهم للدين الإسلامي، وفائهم للرسول وللقرآن، وفائهم للمقدسات الإسلامية، وعلى رأسها مكة المكرمة، وبيت الله الحرام، والمسجد النبوي الشريف، والمدينة المنورة، المسجد الأقصى والقدس، وغيرها من المقدسات، من يمكن أن يقال عنه أنه الأوفى، الأوفى منكم- بلا مقارنة- هو هذا الشعب في ذلك.
لماذا كل هذه العناوين؟ لماذا العناوين الطائفية، العناوين العنصرية، العناوين المناطقية؟ من الذي يحركها؟ من الذي يشتغل بها في إعلامه ليل نهار، من الذي جعلها جزءاً أساسياً من حملته الدعائية والإعلامية؟ ألستم أنتم؟ أنتم يا تحالف العدوان، أنتم ومرتزقتكم وخونتكم، أنتم من يفعل ذلك، أنتم من تشتغلون بذلك، هل هذا من الإسلام في شيء؟! هل إثارة النعرات العنصرية، والطائفية، والمناطقية، والسعي للتفريق بين أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد، من الإسلام في شيء؟! هل يمكن أن يكون له غاية شريفة، وهدف نبيل؟ هل يمكن أن يكون فيه مصلحة لأبناء هذا الشعب؟ أين المنطق المنسجم مع الإسلام، المنسجم مع الإنسانية، المنسجم مع الحق، المنسجم مع المصلحة الحقيقية لأبناء هذا البلد، هل هو منطق إثارة النعرات العنصرية، والطائفية، والمناطقية، والسياسية، كل أشكال ونغمات وعبارات الفرقة والخلاف وإثارة الكراهية؛ أم منطق الأخوة، والتوحد، والتعاون، والتآلف، والهوية الإيمانية الجامعة؟ منطقكم معروف، وشغلكم واضح ومكشوف.
مع ذلك أيضاً جريمة أخرى من أبشع أنواع الجرائم- ولو قد طال بنا الوقت- جريمة الحصار: من أفظع وأبشع ما يرتكبه تحالف العدوان من جرائم في استهدافه لشعبنا اليمني هو جريمة الحصار، الحصار الشامل.
العدو من خلال حصاره يعمل على منع وإعاقة وصول المواد الغذائية، إلا بصعوبة بالغة، وبكلفة كبيرة، لا يصل القمح، ولا تصل مختلف المواد الغذائية إلى بلدنا إلا بعد إعاقة، وتأخير، ومنع، وتحمل غرامات وتكاليف، وبشكل معقد، فتصل في نهاية المطاف، وبعناء كبير، وبكلفة كبيرة، وبأسعار باهظة، والذي يعاني نتيجةً لذلك هو المواطن اليمني، هم أبناء هذا الشعب، الشريحة الأوسع في هذا البلد، وهم الفقراء، هم الأكثر معاناة نتيجةً لذلك، معاناة في التأخير، في إشكالية الأسعار الباهظة التي تأتي نتيجةً لذلك.
تحالف العدوان عمل على منع وصول المواد الطبية والأدوية إلى هذا البلد، إلا بصعوبة كبيرة، ومعاناة كبيرة، وبعد تأخير كبير، وبالتالي بتكاليف مادية كبيرة، وبأسعار باهظة، من الذي يعاني؟ أليس هم أبناء هذا البلد؟
منع المرضى من السفر للعلاج في الخارج، لا يسافرون إلا القليل جداً، بعناء كبير، وفي حالات نادرة، والأكثر منعوا من السفر، وحضر عليهم تحالف العدوان ذلك، حتى إلى دول هي جزء من هذا التحالف، هي الأردن، حالات نادرة جداً، وبصعوبة كبيرة.
معظم المواد والاحتياجات الأساسية للناس، لا تصل إلا بصعوبة كبيرة جداً، وأكثرها بالتهريب، وبعناء شديد، وبالتالي بأسعار باهظة، هذا سبب معاناة كبيرة لأبناء الشعب، أكثرهم لا يحصل على أي شيء يحتاج إليه، أو يريده، أو من متطلبات حياته، أو يمثل ضرورةً له، إلا بعناء شديد، وبتكاليف باهظة، وأسعار باهظة.
لماذا يفعل تحالف العدوان ذلك؟ لأنه أراد أن يعاني جميع أبناء هذا الشعب، هو يرتاح بقدر ما يعاني أبناء هذا الشعب، بمختلف مناطقهم، بمختلف مذاهبهم، بمختلف اتجاهاتهم، أو أن المعاناة هذه خاصة بآل فلان، أو زعطان، أو فلتان، أو بمذهب كذا، أو بقوم كذا، أو بفئة كذا؟ لا، معاناة شاملة في مختلف المحافظات.
يمنع ويعيق وصول المشتقات النفطية والغاز، إلا بعد تأخير كبير، وعناء شديد، وأسعار كبيرة جداً، وظروف تسبب معاناة في مختلف المجالات؛ لأن الوقود يحتاج إليه هذا الشعب في مختلف شؤون حياته، المستشفيات بحاجة إلى الوقود، محطات المياه بحاجة إلى الوقود، محطات الكهرباء بحاجة إلى الوقود، أشياء كثيرة جداً، وسائل النقل تعتمد على الوقود، هذا يسبب معاناة كبيرة للشعب، والعدو يدرك ذلك، وهو يركز على هذا الجانب؛ لإلحاق أكبر قدر من المعاناة بالناس في ذلك، يرتاح، النظام السعودي، المسؤول السعودي، الضابط السعودي، الضابط الإماراتي، من معهم من الخونة، يبتهج ويرتاح عندما يلحظ معاناة الشعب اليمني وهم طوابير كبيرة؛ كي يحصلوا على قليل من البنزين بسعر مرتفع، يرتاح ويبتهج، يشعر بالسرور والغبطة، وعنده أنه انتصر، أصبحت راحتهم بمعاناة شعبنا، بعذاباته، بأوجاعه بآلامه، هل يمكن أن يقال عنهم أنهم يريدون خيراً لهذا البلد، أو أنهم يقدمون شيئاً لصالحه؟ أليست هذه حالة عدائية للجميع، في كل هذه الحالات التي شرحناها؟
كل من يعاني في أي شيءٍ مما قد ذكرناه، ليتذكر أن وراء هذه المعاناة هو السعودي، ليلعن من وراء هذه المعاناة، من ضابط سعودي، أو مسؤول سعودي، أو مسؤول إماراتي، ومن فوقه، ومن معه من الأيادي المرتزقة الخائنة لوطنه، ليدرك من يفعل به ذلك، من يجب أن تكون ردة الفعل تجاهه، من يجب أن نغضب عليه، من يجب أن ندرك أنه الذي نعاني بسببه، بسبب عدوانه، بإجرامه، بفعله، بجريمته، لنعرف إلى من نوجه السخط، وإلى من يتوجه الموقف الصحيح للرد على كل هذه الجرائم بكل أشكالها.
والمعاناة كبيرة وملموسة؛ إنما نتحدث عن هذه الأمور، هي أمور نعيشها في واقعنا كشعب، ونشعر بها في واقعنا كشعبٍ يمني مظلوم، يستهدف بكل هذه الأشكال من الاستهداف.
الغاز، القصة كبيرة، تصل إلى كل منزل، معاناة، وظروف صعبة، وفي بعض المراحل تزداد هذه المعاناة.
لماذا تفعلون هكذا بهذا الشعب؟ لماذا تعادونه إلى هذا المستوى؟ لماذا تعذبونه إلى هذه الدرجة؟ أي وحشيةٍ تتصفون بها؟! أي إجرامٍ تفعلونه؟! لقد تجردتم عن كل المشاعر الإنسانية، أنتم أعداء لكل هذا الشعب؛ ولهذا تشمله جميعاً هذه المعاناة بفعلكم أنتم، بجريمتكم أنتم، بمؤامراتكم أنتم، بإعاقاتكم أنتم، بمنعكم أنتم.
في السياق الاقتصادي، أتت المؤامرة على البنك المركزي، والموارد التي كانت تأتي إليه، وعطلوا دوره في صنعاء تماماً، واستنسخوا نسخةً أخرى في عدن، وكان الدور الرئيسي للنسخة الأخرى المستنسخة هو الحرب على هذا الشعب، الحرب عليه، اتخاذ كل التدابير التي تضر بالتجار، والعملية التجارية، والنشاط التجاري، وبالعملة، إلى حد كبير.
في هذا السياق طبعوا أعداد كبيرة جداً، وأنزلوها بالشكل الذي يكسر العملة، في هذا السياق عطلوا الإيرادات إلى البنك المركزي في صنعاء وإدارته لها؛ نتج عن هذا ظروف اقتصادية صعبة، وانقطاع المرتبات، عندما انقطعت المرتبات؛ لأن الإيرادات لم تعد تورد إلى بنك صنعاء، إلى البنك المركزي في صنعاء، وتم تعطيل دوره ومحاربته، وتم سَرِقت تلك الموارد التي كانت تأتي إليه من المحافظات الأخرى، ومنعها من الوصول، نتج عن ذلك انقطاع المرتبات، كم عانى الكثير من أبناء هذا البلد لانقطاع المرتبات! كانت مأساة كبيرة.
لماذا تفعلون ذلك؟ لأنكم أردتم ألَّا تصل المرتبات إلى تلك الأسر التي تقتات عليها، لأنكم أردتم أن تلحق المعاناة بكل هذه الآلاف المؤلفة من الموظفين، وغيرهم ممن كان لهم مرتبات، لأنكم أردتم أن تسقط العملة، وأن تفقد قيمتها في مقابل الدولار، وأن ترتفع الأسعار، لأنكم أردتم أن يعاني هذا الشعب كل أشكال المعاناة، وفي مقدمتها المعاناة في معيشته وفي قوته؛ لأنكم أعداء لهذا الشعب، لأن حربكم عدوانية على هذا البلد، لأن أهدافكم شيطانية، كلها شر، كلها إجرام، كلها خطر، كلها عداء، كلها عداء لهذا الشعب.
الحالة والتوصيف الشامل لكل ما تفعلونه بهذا الشعب، كل ما يفعلونه بهذا البلد، تلخصها الآية القرآنية المباركة: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[البقرة: الآية205]، هذا هو ما فعلوه، ويفعلونه إلى اليوم، هذه هي يوميات عدوانهم على بلدنا: إفسادٌ في الأرض، وإهلاكٌ للحرث والنسل.
تجاه كل ما تقدم، ما هو الموقف الصحيح تجاه هذا العدوان، بأهدافه المشؤومة، في السيطرة على بلدنا، والاحتلال له، ومصادرة حقنا في الاستقلال والحرية والكرامة، والاستعباد لهذا الشعب، والإضرار به، والظلم له، وتجاه ممارساته، كل هذه الممارسات الإجرامية، الوحشية، السيئة والبشعة جداً؟ معروف ما يكون الموقف الصحيح، سواءً بالنسبة لنا كشعب يمني، أو بالنسبة للآخرين من بلدان وشعوب أمتنا، أو من غيرهم، الموقف بالاعتبار الإنساني، بالاعتبار الأخلاقي، باعتبار العرف الإنساني، والقوانين الدولية، وحقوق الإنسان وغيرها، معروف، إدانة هذا العدوان واعتباره جريمة كبرى، وتسبب في إحداث أكبر مأساة إنسانية معاصرة.
نحن في الداخل، بالتأكيد لن يكون خيارنا الاستسلام؛ لأننا يمن الإيمان، لأننا من يتوجه إلينا كل هذا الظلم، كل هذا الاستهداف الوحشي الهمجي الإجرامي، كيف يمكن أن نستسلم؟ كيف يمكن أن نسكت؟ كيف يمكن أن نقعد؟
بالفطرة الإنسانية لوحدها، يكفي أن تتجه لمواجهة هذا العدوان، أما مع الهوية الإيمانية (الإيمان يمان)، مع العزة الإيمانية، مع الكرامة، لا يمكن أبداً السكوت، ولهذا كان الصمود، الثبات، التصدي لهذا العدوان، هي العناوين الذي تعبر عن موقف هذا الشعب، الذي انطلق فيه أحراره ورجاله والأوفياء فيه.
وإذا جئنا لنتحدث عن مشروعية موقفنا، فأكيد موقفنا مشروع بكل الاعتبارات، يكفل لنا في العرف الإنساني، القانون الدولي، القوانين والأنظمة، الأعراف، كلما لدى البشر من كافرين وغيرهم، يكفل لنا حق الدفاع عن بلدنا، عن شعبنا، عن أنفسنا، في مواجهة هذا العدوان الذي له كل هذه الهمجية، كل هذا الإجرام، كل هذا التوحش، والذي يهدف إلى السيطرة علينا، والاحتلال لبلدنا.
ولكن بالنسبة لنا الأهم من كل ذلك، والأهم من مجلس أمن، ومن أمم متحدة، ومن كل ما هنالك، أننا نمتلك المشروعية القرآنية الإيمانية، أن هذا بالنسبة لنا هو واجب ديني، وإيماني، وأخلاقي، وقيمي، الله «سبحانه وتعالى» قال في كتابه الكريم، القرآن الكريم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج: الآية39].
لكي نتصدى لهذا العدوان، بكل هذه الهمجية والوحشية والإجرام، لا نحتاج إلى إذن من مجلس أمن، ولا من أمم متحدة، ولا موافقة من الجامعة العبرية، ولا إذا من الدول الأوروبية، ولا ترخيص وموافقة من أي طرفٍ في هذه الدنيا، نحن ننطلق ونحن نمتلك هذه المشروعية القرآنية، الله «سبحانه وتعالى» أذن لنا، نحن عباده، هو ربنا، هو مولانا، هو ملكنا، هو مالكنا، هو إلهنا، الذي نؤمن به، ونؤمن بكتابه، ونؤمن بشرعة، ونؤمن بهديه، هو من منحنا هذا الإذن، كشعبٍ مظلومٍ معتدىً عليه، أمام هذا العدوان الوحشي الإجرامي الهمجي، نحن قوتِلنا بغير حق، لم نبدأ نحن بالقتال، لم نعتد على أحد، هم الذين أتوا للاعتداء علينا، وقاتلونا هم ابتداءً، وهجموا علينا هم ابتداءً، وقتلوا الآلاف منا ابتداءً، ودمروا كل شيءٍ في بلادنا ابتداءً، نحن لا ننتظر الإذن من أي عاصمة، ولا من أي سفارة، ولا من أي هيئة، ولا من أي مجلس، ولا من أي طاغية، ولا من الشرق ولا من الغرب، نحن نمتلك هذا الإذن، يكفينا هذا الإذن لنقوم بهذا الواجب المقدس، المشروع والعظيم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}، نحن ظلمنا بغير حق، أليس كل ما شرحناه آنفاً، أليس ظلماً فظيعاً؟
بلى، إن لم يكن هو الظلم، إن لم تكن كل تلك الأشكال من الجرائم، الذي قتلنا فيها في هذا البلد رجالاً، ونساءً، وأطفالاً، وكباراً، وصغاراً، ودمر فيه كل شيء، واستهدف فيه كل شيء، إن لم يكن ظلماً، فما هو الظلم؟! إن لم يكن جريمة، فما هي الجريمة؟! ما هو الشيء الآخر- غير كل ما ذكرنا- يمكن أن يوصف بظلم، أو إجرام؟!
نحن ظُلِمنا، وقوتلنا بغير حق، وأعتدي علينا بغير حق، وأتوا هم، وأعلن هذا العدوان من آخر الدنيا، من غرب الأرض، ثم أتت جيوشهم، أتت طائراتهم، أتى مرتزقتهم، أتى كل الذين جندوهم، للاعتداء علينا، إلى بلدنا، إلى قرانا، إلى مدننا، واجتاحوا البلد من أطرافها، معاركهم التي وصلوا فيها إلى مارب، ووصلوا فيها في المحافظات الجنوبية، أتت من خارج اليمن، آلياتهم وعرباتهم أتت من خارج اليمن، الذين أتوا بهم من مرتزقة السودان، ومن مرتزقة تشاد، ومن المرتزقة من مختلف البلدان، من بلدان كثيرة، أتوا بهم لاحتلال بلدنا، وقتلنا إلى بلدنا، نحن قتلنا في اليمن، قتلنا في قرانا، قتلنا في مدننا، قتلنا في مناطقنا، في جبالنا، في سهولنا، في صحارينا، لم نقتل ونحن في حالة اعتداء على أحد، نحن ندافع عن بلدنا وعن أنفسنا، نحن الطرف المظلوم والمعتدى عليه، والله أذن لنا، بل وقدم لنا الأمل بنصره، عندما قال: {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، هو يطمئننا بأنه سيقف إلى جانبنا، عندما نؤدي واجبنا، هو القائل «جلَّ شأنه»: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ}[الشورى: الآية39]، من الباغي، ومن المبغي عليه؟
أليسوا هم من بغى علينا؟ ألم يعتدوا علينا هم؟ هم الذين بغوا علينا، هم الذين أتونا، هم الذين أتوا في منتصف الليل، وبدأوا عدوانهم غدراً في منتصف الليل، من دون أي سابق إنذار، ولا سابق مشكلة ولا اشتباك.
هو القائل: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: من الآية194]، نحن نمتلك هذه المشروعية القرآنية من كتاب الله، هو القائل: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}[البقرة: من الآية190]، هو القائل: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ}[الحج: من الآية60]، هو القائل: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}[الشورى: الآية41].
نحن يمن الإيمان، نحن قوم منطلقاتنا إيمانية، مبادؤنا قرآنية، مواقفنا تعتمد على هذه المشروعية، ولا نبالي بأحد، لا نبالي بأحد، يمكن أن يكون له موقف آخر، يمكن أن يطلب منا أن نخنع، أن نبقى مستسلمين، جامدين، خانعين، أمام وحشية الأعداء، وتحركنا كشعبٍ يمني من كل مكونات هذا الشعب، الأحرار من كل المكونات، من كل الفئات، ليس فقط من فئة واحدة، ولا من مكون واحد، فعلاً هناك دور رئيسي وبارز وأساسي لأنصار الله، في قيادة هذا الموقف الوطني، هذا الموقف الشعبي والرسمي، ولكن ليسوا لوحدهم، وليس هذا تنصلاً، هذا فخر، أن يكون لأنصار الله دور أساسي في المعركة هذا فخر وشرف، شرف عظيم، وتوفيق إلهي كبير، ولكن الحق يقال، ليسوا لوحدهم، الأحرار من كل هذا البلد، من كل أبناء هذا البلد، من كل مكونات هذا الشعب، موقفهم جميعاً، من مختلف المذاهب والمكونات والمناطق والمحافظات، موقفهم واحد، وقرارهم واحد، في التصدي لهذا العدوان.
والبعض قد يكون له منطلقه الوطني، والبعض قد يكون له منطلقه القومي، والبعض منطلقه الإنساني، ولكن الموقف واحد: هو التصدي لهذا العدوان، هو المنع من احتلال هذا البلد، ومن السيطرة على هذا الشعب، هو العمل لنيل الحرية والاستقلال والكرامة، وتحرك من تحرك في هذا الاتجاه من أبناء هذا الشعب في مسارات عملية جادة، بدءاً من التحرك في الميدان في مختلف الجبهات.
صفوة هذا الشعب من مختلف أبنائه، من مختلف مكوناته، من مختلف فئاته، تحركوا إلى الجبهات، بكل إباء، وثبات، واستبسال، وشجاعة، ورجولة، وشهامة، وَغِيره، وحمية إيمانية، وكرامة وعزة؛ لمنع احتلال هذا البلد، وللتصدي لكل الذين أتى بهم تحالف العدوان من المرتزقة، من جيوش وجماعات، ومن داعش والقاعدة وغيرهم، وفي الميدان قُدِّمت أروع الأمثلة للصمود، جُسِّد هذا العنوان بأرقى صوره في الميدان، صموداً واستبسالاً وتفاني في التصدي للعدوان.
في مسار التصنيع العسكري، مع الحصار الشديد، اتجه أبناء هذا البلد والأحرار فيه إلى التصنيع العسكري، وتمكنوا- بفضل الله «سبحانه وتعالى» وبتوفيقه- من تصنيع مختلف أنواع الأسلحة، من الكلاشينكوف، إلى الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيَّرة، والصواريخ المجنحة، وبات هذا إنجازاً عظيماً، وتوفيقاً كبيراً من الله «سبحانه وتعالى»، وإنجازاً استراتيجياً بكل ما تعنيه الكلمة.
تمكَّن شعبنا أيضاً من توجيه الضربات إلى عمق تحالف العدوان، واستهداف منشآت أساسية لهم، وقواعد عسكرية، وقواعد جوية، ومطارات عسكرية، وأصبحت هذه الضربات مصدر إزعاج كبير لهم، ويصيح معهم من يصيح، عندما توجه ضربات إليهم، تأتي بيانات التنديد، والعبارات عن القلق، وعبارات الشجب، من أوليائهم، وأصحابهم، وأصدقائهم، لا يهمنا ذلك؛ لأننا نعلم ما نحن فيه، ونعلم طبيعة الظروف القائمة في العالم اليوم.
على مستوى العمليات العسكرية بكل أنواعها، آلاف العمليات العسكرية ينفذها الجيش اليمني، مسنوداً بالشعب، بمختلف أنواع هذه العمليات: من إغارات، إلى عمليات هجومية، إلى عمليات دفاعية، إلى عمليات نوعية، إلى عمليات بمختلف التخصصات: عمليات الهندسة، عمليات الدروع، عمليات القناصة، عمليات متنوعة جداً.
كان هناك أيضاً تحرك في بقية المجالات: التحرك على المستوى الاقتصادي، وكفاح كبير في هذا المجال، تحرك فيما يتعلق بالتكافل الاجتماعي، طبعاً لا يتسع الحديث للدخول في كل التفاصيل، تحرك مستمر، يعبر عن حيوية هذا الشعب ونشاطه، بالمظاهرات، بالوقفات، بالقوافل (قوافل الرجال، وقوافل المال)، تحرك نشط على المستوى التوعوي والإعلامي والتعبوي، نشاط مستمر وعمل مستمر في توثيق الجرائم الإنجازات أيضاً.
وهناك عطاء كبير في إطار هذا الصمود، أول عنوانٍ لهذا العطاء هو الشهداء، في كل يوم هناك قوافل من الشهداء، وهناك أيضاً ما يعبر عن هذا العطاء، وما يجسد هذا العطاء، في معاناة الجرحى والأسرى، وفي معاناة أسرهم، وفيما يقدمه المرابطون في مختلف الجبهات، من مواقف بطولية مشرفة وعظيمة في التصدي للعدوان، في مختلف الجبهات.
هناك إسهام من مختلف أبناء هذا البلد، وطبعاً الأحرار والذين يستشعرون المسؤولية، حتى على مستوى النساء هناك إسهام عظيم ومشرف، وتضحيات كبيرة، وصبر عظيم، وعطاء كبير، وبذل للمال، وحتى لِلحُلي، وصبر على المعاناة، ومن مختلف أبناء هذا البلد، هناك عطاء وتضحية، والكلام يطول جداً في هذا السياق.
ثمرة هذا الصمود أننا جسدنا قيمنا ومبادئنا، على المستوى الإنساني والأخلاقي والإيماني، وأيضاً على المستوى الميداني، وحفظنا لأنفسنا – بعون الله «سبحانه وتعالى»- الحرية والاستقلال والكرامة، وحفظنا لأولادنا ولأجيالنا القادمة، حفظنا لهم مستقبلهم؛ لكي يكونوا أحرار، وأعزاء، ومستقلين.
ثمرة عظيمة جداً في النكاية الكبيرة للأعداء، في تكبيدهم الخسائر الكبيرة، في أن يعانوا من الفشل والإخفاق المتكرر، لا يتسع الكلام للمزيد من التفصيل في ما يتعلق بهذه الجوانب، نصل إلى النقاط الختامية:
•نؤكد على أن الصمود هو خيار شعبنا المبدئي، والإنساني، والأخلاقي، والإيماني، وبكل الاعتبارات والحيثيات، وأنه خيارٌ مشروعٌ لا نقاش فيه، وطالما استمر العدوان والحصار، سيواصل شعبنا بإذن الله «سبحانه وتعالى»، وبكل إباءٍ وعزمٍ وجدٍ، في التصدي لهذا العدوان، وللحصار، معتمداً على الله «سبحانه وتعالى»، ومتوكلاً عليه، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}[النساء: الآية45]، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
•ثانياً: نصيحتنا لتحالف العدوان بالوقف الفوري للعدوان والحصار، فست سنوات كافية في إثبات فشلهم وإخفاقهم، وقد بات من الواضح ألَّا أُفُق لهم، ولا نتيجة، إلا تراكم المزيد من الفشل والإجرام، هذا فقط، ونحن بالنسبة لنا جاهزون للسلام المشرف، الذي ليس فيه مقايضة بحق شعبنا في الحرية والاستقلال، ولا مقايضة بحقوقه المشروعة.
في الآونة الأخيرة حاول الأمريكيون، وحاول معهم السعودي، وحاول معهم البعض من الأوروبيين وبعض الدول، أن يقنعونا بأن نقايض الملف الإنساني، وما هو استحقاق إنساني وقانوني لشعبنا في وصول المشتقات النفطية إليه، والمواد الغذائية والطبية، والمواد الأساسية، وأن نربط هذا ضمن اتفاقيات وخطوات وشروط عسكرية، وشروط سياسية، نحن لا يمكن أن نوافق على ذلك، ولا أن نقبل بذلك؛ لأن وصول المشتقات النفطية، والمواد الغذائية، والمواد الطبية، والمواد الإنسانية، والمواد الأساسية، هو استحقاق إنساني وقانوني لشعبنا اليمني، لا يمكن أن يكون في مقابل ابتزاز واستغلال ومقايضات وشروط عسكرية وسياسية، هذا يسمى ابتزاز واستغلال لا يمكن أن نقبل به، لو قبلنا به لكان ذلك وزراً، لكان ذلك خيانة لهذا الشعب، لكان ذلك يعني أن نخضع للاستسلام، وأن يعتمد العدو على تبرير كل إعاقة لوصول أي مشتقات نفطية، أو إعاقة لوصول أي مواد غذائية أو طبية، باعتبار تلك الشروط، مجرد اشتباك ميداني من جانب مرتزق هنا، أو خائن هناك، أو سعودي هناك، أو سوداني هناك، أو أي إشكالية، ومنع بناءً عليها وصول أي إمدادات غذائية، أو طبية، أو إنسانية، أو مشتقات نفطية، ثم يبرر ذلك بأن هناك اتفاق، وأن هناك شروط.
لا يمكن أن نقبل أن تتحول وصول هذه المواد الإنسانية، التي يكفل القانون الدولي وصولها، التي لا يستند تحالف العدوان في منع وصولها، وفي إعاقته لها، لا إلى قانون دولي، ولا إلى قرارات مجلس أمن، ولا مقررات من أمم متحدة، ولا إلى أي شيءٍ يمكن أن يستند عليه، أو يبرر له ذلك، وما يفعله هو إجراء تعسفي، ظالم، عدواني، غاشم؛ لإلحاق الضرر بهذا الشعب.
ولذلك الطريق نحو تحقيق السلام واضح، يكفي أن توقفوا عدوانكم، أنتم المعتدون، ونحن المعتدى عليه، أنتم في موقف العدوان، ونحن في موقف التصدي لعدوانكم، أنتم المحاصرون، ونحن الشعب والبلد المحاصر، فكوا حصاركم، أوقفوا عدوانكم، اسحبوا احتلاكم من محافظاتنا وبلدنا، وتنتهي المشكلة، وتنجز بقية الملفات: ملفات الأسرى، التعويضات، ملفات إنسانية يمكن أن تنجز.
لكن أنتم في حالة العدوان المستمر، والحصار الخانق، والإجراءات التعسفية الظالمة الباطلة، ثم تقدمون ما تسمونه بمبادرات، وتربطون الاستحقاقات المشروعة، المستحقة إنسانياً وقانونياً للشعب اليمني، بمقايضات عسكرية وسياسية، هذا- أصلاً- لن يحقق لنا شيئاً في البلد؛ إنما يزيد المشكلة تعقيداً، ثم تحاولون أن تبرروا حصاركم غير المبرر بتلك الاعتبارات والشروط، والتعقيدات العسكرية، والتعقيدات السياسية.
نحن مستعدون للسلام، نحن لسنا من يعتدي، نحن المعتدى عليه، لكن لا يمكن أن نقايض، لا بحق شعبنا في الحرية والاستقلال والكرامة، ولا بحقوقه المشروعة في وصول المشتقات النفطية، والاحتياجات الإنسانية، والمواد الغذائية والطبية، إليه، لا يمكن أن تتحول إلى وسيلة لابتزازنا، للمقايضة بها في إطار شروط عسكرية وسياسية، هذا عين المستحيل.
ثالثاً- شعبنا اليمني، وانطلاقاً من هويته الإيمانية، متمسكٌ بمواقفه المبدئية الإيمانية تجاه قضايا أمته، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وإدانة واستنكار العمالة والموالاة لإسرائيل تحت عنوان (التطبيع)، وطبعاً اتضحت الحقائق مع كل هذه السنوات، وتبين أن هناك تحرك مشترك ما بين النظام السعودي، النظام الإماراتي، والعدو الإسرائيلي، طبعاً هذا مدان؛ لأنه يستهدف كل أبناء المنطقة، وهم يحاولون أن يكون الإسرائيلي طرف في كل قضايا الأمة، في كل مشاكل شعوبها، أن يصبح، وهو شاذ، وكيان غير طبيعي، فرض نفسه بالقوة، وبمصادرة الحقوق في المنطقة، أن يتحول إلى من يقود هذه المنطقة بكلها، ويتدخل في شؤون كل شعوبها، هذا مدان ومستنكر وغير مقبول.
كما أن شعبنا متمسكٌ بموقفه المبدئي في التصدي لكل مساعي التفرقة والفتنة بين أبناء الأمة، تحت مختلف العناوين الطائفية والعنصرية والعرقية، ونعتبر الأخوة الإسلامية بين المسلمين مبدأً دينياً، والتزاماً إيمانياً؛ لأن الأعداء يحاولون- ومن ضمنهم تحالف العدوان- يحاولون أن يفرقوا بين أبناء الأمة، تحت العناوين العرقية، وتحت العناوين العنصرية، وتحت العناوين الطائفية، ويشتغلون شغل كبير في هذا الاتجاه.
•رابعاً: مسارات عملنا كشعبٍ يمني في كل المجالات مستمرة، ويجب أن نسعى لتحويل التحدي إلى فرصة، وأن تتضافر الجهود رسمياً وشعبياً لتعزيز كل عوامل الصمود، والتوجه نحو البناء والنهضة والتطوير في مختلف المجالات، ومنها المجال الاقتصادي، بالتركيز على الإنتاج المحلي، والقطاع الزراعي، والتصنيع في البلد.
طبعاً لن أطيل الكلام هنا؛ لأن لنا- الحمد لله- الآن مسارات عمل واسعة، وخطط عملية تفصيلية، ونحن سنتوجه بناءً عليها- إن شاء الله- في الواقع العملي.
•خامساً: سنسعى بشكلٍ مستمر إلى تطهير وإصلاح مؤسسات الدولة؛ للقيام بواجباتها تجاه الشعب، وطبعاً هذه المسؤولية كبيرة، وفي نفس الوقت معقدة، هناك آثار كبيرة للماضي أثرت بشكلٍ كبير على بنية الدولة، على مؤسساتها، على كادرها الوظيفي، على سياساتها، على أشياء كثيرة جداً، صممت لوضعٍ مختلفٍ عن هذا الوضع.
ولذا أمامنا اليوم هنا مهمة شاقة، لإصلاح بنية مؤسسات الدولة، وكادرها الوظيفي، وإصلاح سياساتها، وإعادة برمجتها من جديد؛ لتؤدي دوراً لخدمة الشعب، ولتكون في خدمة الشعب، إصلاح هذا الأمر يتطلب وقتاً، وجهداً، ومالاً، وظروفاً، نحن عاملون في هذا الاتجاه، هناك قصور، صحيح، هناك تقصير، صحيح، لكن هناك جهود جادة، هناك إرادة صادقة، وهناك معاناة وعوائق، وهناك معاناة وعوائق، نحن لسنا في حالة رضى عن الأداء الرسمي، فيه القصور، والتقصير، والمعوقات، والإشكالات، والأخطاء، لكننا والله نسعى بكل جد، وبإرادة صادقة، إلى تصحيحه وإصلاحه، وأملنا في الله كبير، وفي هذا الشعب، أن تكون عملية التعاون قائمة، بدلاً مما يفعله البعض من التوظيف والاستغلال الخاطئ.
العناية القصوى بالتكافل الاجتماعي، هذه حالة قائمة، ويجب أن تستمر بشكل أكبر، ومنظمة بشكل أفضل، نحن نسعى إلى تنظيمها- إن شاء الله- بشكل أكبر، وأيضاً العناية بإخراج الزكاة؛ لأن كبار التجار هم الأكثر سرقة للزكاة وبخلاً بها، مع أن لها إسهام كبير في سد معاناة الفقراء والمحتاجين.
•سابعاً: أدعو إلى المشاركة الفاعلة والقوية في مسيرات ومظاهرات يوم الصمود الوطني، غداً الجمعة إن شاء الله؛ لأن مظاهرات شعبنا، ووقفاته، وخروجه الكبير، من أبرز الشواهد على حيويته، وشجاعته، ووعيه، وفاعليته، وتصميمه، وعزمه، وقراره الحازم، بالتصدي لهذا العدوان.
في ختام هذه النقاط، لا ننسى أن نتوجه أيضاً بالشكر لكل الذين وقفوا- وهم قليل- مع شعبنا العزيز في مظلوميته، من دول، في مقدمتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأيضاً في مستوى مواقف إيجابية وإنسانية، مثلما تفعله سلطنة عمان، الجار الطيب، في مقابل جار السوء الذي اعتدى علينا وخاننا وغدرنا.
وأيضاً على مستوى من وقفوا من أبناء أمتنا، وعلى رأسهم حزب الله، وسماحة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله «حفظه الله»، وكل الذين وقفوا المواقف المبدئية والإنسانية والأخلاقية، لمناصرة شعبنا في مظلوميته، هذه المظلومية الكبرى.
يبقى أن نصل إلى الفقرة الأخيرة (قادمون)، طبعاً كان هناك في كل السنوات الماضية، بعد كل عامٍ وآخر، كان هناك مفارقات في النتائج وفي الواقع، ما بين قادمون في كل عامٍ من الأعوام الماضية، إلى العام الذي يليه، كان هناك بالنسبة للأعداء تراكم من الفشل والإخفاق، من الإجرام والوحشية، وكان هناك تراكم في أداء شعبنا العزيز، في صموده، في ثمرة صموده وتوكله على الله «سبحانه وتعالى»، تراكمٌ من الإنجاز والنجاح والتقدم على كل المستويات.
ولذلك فنحن قادمون في العام السابع، من موقعٍ متقدمٍ بفضل الله «سبحانه وتعالى»، على مستوى التصنيع العسكري، وعلى مستوى التقدم الميداني، وعلى مستوى الوعي الشعبي، وعلى مستوى الزخم العسكري، وعلى مستوى الإنجاز الأمني، وعلى مستوى الصمود الاقتصادي، وعلى مستوى الثبات السياسي، وعلى مستوى الالتزام بالموقف الإيماني، قادمون، لا متراجعين، ولا يائسين، ولا محبطين، قادمون بإذن الله تعالى، ومتقدمون إلى الأمام، قدماً قدماً لإنجازاتٍ أكبر، وانتصاراتٍ أعظم، ونجاحاتٍ أكثر، وثباتٍ أقوى، بإذن الله «سبحانه وتعالى»، كل ذلك بتوكلنا على الله، وبثقتنا به، {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}.
نسأل الله «سبحانه وتعالى» أن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛