بعد ست سنوات من العدوان على اليمن، السعودية تسجل أكبر عجز حكومي في موازنتها بما يعادل تراكميا موازنتها للعام 2021م، وتسجل أعلى نسبة لديونها الداخلية والخارجية في العام 2021م.
الثورة / ابراهيم الوادعي
أعلنت السعودية موازنة 2021 بإنفاق 264 مليار دولار مقابل إيرادات بـ226 مليار دولار، متوقعة عجزاً قيمته 38 مليار دولار.
وبرغم ان الحكومة السعودية تتهرب من الإشارة والاعتراف بأن تكاليف الحرب على اليمن في اعلى قائمة الأسباب التي أدت إلى هذا المستوى من العجز في احدث موازنة حكومية، وتعزو أسباب العجز وتفاقم الديون إلى انخفاض أسعار النفط وجائحة كرونا، الا ان مراقبين اقتصاديين لا يرون ان جائحة كورونا قصيرة المدى وانخفاض أسعار النفط مؤخرا يمكن ان يتسبب بهكذا أزمة اقتصادية لأحد اكبر الاقتصادات العالمية، ويرون ان تكاليف الحرب في اليمن وصفقات شراء الأسلحة وشراء المواقف الدولية المؤيدة أو الصامتة عما يجري في اليمن من اهم الأسباب التي أدت إلى الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعيشه السعودية وتبخير 700 مليار دولار من أرصدتها المالية الاحتياطية.
خلال العام 2017م فقط منحت الرياض مليون فرصة عمل للأمريكيين، ووقعت مع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب صفقات بما يزيد عن 450 مليار دولار لضمان وقوفه الى جانبها وشراء المزيد من صفقات الأسلحة لمواصلة الحرب على اليمن.
خلال الخمس السنوات الماضية منذ 2016م من عمر العدوان على اليمن تجاوز حجم الإنفاق العسكري ضمن ميزانيات السعودية، حجم الإنفاق على قطاعي التعليم والصحة، وبلغ 20.9 % من اجمالي الانفاق الحكومي.
وتصدرت السعودية قائمة الدول عالميا من حيث النفقات العسكرية حيث تم إنفاق أكثر من 60 مليار دولار عام 2018 لوحدها، وهذا الرقم أعلى من الانفاق العسكري في «إسرائيل» ثلاث مرات، دون نتيجة بحسب معهد بروكينجز الأمريكي.
وكشفت البيانات المالية لموازنات السعودية تجاوز مخصصات الإنفاق العسكري منذ 2016 حتى 2020، نحو 273 مليار دولار، بزيادة 71 مليار دولار عن مبلغ الإنفاق على قطاع الصحة.
كم أظهرت بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، أن السعودية خامس أكبر دول العالم انفاقا عسكريا، في 2019، و شهدت وارداتها من الأسلحة ارتفاعا بنسبة 8.7 %، بقيمة 3.67 مليار دولار.
البيانات المالية السعودية نفسها تفضح كذلك زيف الأسباب التي يسوقها النظام السعودي لتفاقم أزمة العجز والديون، حيث أنهت الرياض العام الأول من العدوان على اليمن 2015م بتسجيل ديون محلية للداخل للمرة الأولى في تاريخها ربما، وفي العام التالي 2016م شرعت بالاستدانة الخارجية الى جانب تضاعف قيمة الدين الداخلي وبلوغه مستويات قياسية في حين كانت أسعار برميل النفط مرتفعة.
وبحسب وزارة المالية السعودية أيضا فقد بلغت الديون المباشرة القائمة على الحكومة في 31 ديسمبر 2015 (142.2) مليار ريال سعودي (37.9 مليار دولار أمريكي) جميعها ديون محلية وتعادل (5.8) بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للمملكة للسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2015.
وبلغت الديون المباشرة القائمة على الحكومة في 31 ديسمبر 2016 (316.6) مليار ريال سعودي (84.4 مليار دولار أمريكي) منها (213.5) مليار ريال سعودي (56.9 مليار دولار أمريكي) ديون محلية و (103.1) مليار ريال سعودي (27.5 مليار دولار أمريكي) ديون خارجية.
وبلغت الديون المباشرة القائمة على الحكومة في 31 ديسمبر 2017 (443.3) مليار ريال سعودي (118.2مليار دولار أمريكي) منها (259.5) مليار ريال سعودي (69.2 مليار دولار أمريكي) ديون محلية و (183.8) مليار ريال سعودي (49.0 مليار دولار أمريكي) ديون خارجية.
وبلغت الديون المباشرة القائمة على الحكومة في 31 ديسمبر 2018 (560.0) مليار ريال سعودي (149.3 مليار دولار أمريكي) منها (305.0) مليار ريال سعودي (81.3 مليار دولار أمريكي) ديون محلية و (255.0) مليار ريال سعودي (68.0 مليار دولار أمريكي) ديون خارجية.
وبلغت الديون المباشرة القائمة على الحكومة في 31 ديسمبر 2019 (677.9) مليار ريال سعودي (180.8 مليار دولار أمريكي) منها (372.8) مليار ريال سعودي (99.4 مليار دولار أمريكي) ديون محلية و (305.2) مليار ريال سعودي (81.4 مليار دولار أمريكي) ديون خارجية.
وبلغت الديون المباشرة القائمة على الحكومة في نهاية سبتمبر 2020 (847.8) مليار ريال سعودي (226.1 مليار دولار أمريكي) منها (497.6) مليار ريال سعودي (132.7 مليار دولار أمريكي) ديون محلية و (350.2) مليار ريال سعودي (93.4 مليار دولار أمريكي) ديون خارجية.
معهد «بروكينجز» الأمريكي أشار الى وجود سياسة عمياء تمضي بها المملكة السعودية بحيث لم تقلل حجم الإنفاق العسكري رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها بسبب السياسات المتهورة لولي العهد «محمد بن سلمان».
ووفقا للمحلل السابق في الاستخبارات الأمريكية والزميل في مركز القرن الحادي والعشرين للأمن والاستخبارات ومركز سياسة الشرق الأوسط، «بروس ريدل»، كان السعوديون ينفقون من احتياطاتهم حتى يعوضوا النقص في الميزانية بحيث انخفض الاحتياطي من 750 إلى 500 مليار دولار، ورد الملك على الوضع بمضاعفة ضريبة القيمة المضافة وقطع الدعم، وفرض إجراءات تقشف، وهي إجراءات تضر بالفقراء.
وقال ريدل: إن السعودية أنفقت الملايين على التسلح ولكنها عجزت عن وقف هجمات اليمنيين على المنشآت السعودية، ولم تتمكن من الرد على انتهاك سيادة البلاد، وهذا دليل على إهدار مئات المليارات التي تم إنفاقها على جيش المملكة.
وترى كثير من مراكز الدراسات الدولية بما فيها أمريكية بأن النظام السعودي يتوجس خيفة من اضطرابات في الشارع الذي يتلقى المزيد من الضرائب، ويبتعد يوميا عن حلم الرفاه الذي وعد به محمد بن سلمان في رؤية 2030م، وأمام هذه الخشية يتعمد إخفاء النفقات العسكرية على الحرب في اليمن والتي لاتزال حقيقتها اكبر من المعلن عنه.
ويشير مراقبون إلى أن الأمنية السعودية بعد ست سنوات من الحرب على اليمن تنحصر في الخروج بهزيمة غير واضحة بعد أن اضحى النصر مستحيلا نتيجة انقلاب موازين الميدان اليمني منذ فبراير 2020م، وانكشاف مفاصل المملكة الحيوية للهجمات اليمنية وعجز المنظومات الأمريكية عن درء خطر الصواريخ والمسيرات اليمنية المتزايد.
وبحسب هؤلاء فإن الرهان على الوقت يصب اليوم في صالح صنعاء التي تواصل كيل اللكمات للرياض، وتوشك على أن تسدد لها ضربة قاضية أخرى في مارب النفطية وآخر حصونها في شمال شرق اليمن.