الثورة /قاسم الشاوش
بعد فوز الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة وهزيمة الحليف الأكبر للنظام السعودي الذي يقترب يوما بعد يوم من هاوية العزلة الدولية جراء السياسات الصبيانية التي يمارسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان واستراتيجيّاته المفضوحة دوليّاً، لمحاولة تلميع انتهاكاته في مجال حقوق الإنسان، وانتهاء مرحلة التغطيّة الأمريكيّة على الأفعال الإجراميّة لساسة البلاد.
بذلك ستبدو الصورة القبيحة التي طبعها محمد بن سلمان عن بلاده في الأذهان الدوليّة أكثر وضوحاً بعد انتصار بايدن في الانتخابات، لأنّ الديمقراطيين يحاولون إظهار أنفسهم كمدافعين عن حقوق الإنسان، وقد تتعرض الرياض لهزيمة كبرى بعد الفضائح الكبيرة التي وثّقت منهج الملوك الدمويّ في التعاطي مع شعبهم ومع الدول الأُخرى.
مصالح أمريكا
وفي أسلوب سعوديّ رخيص، قال رئيس الاستخبارات السعودية السابق، تركي الفيصل، المعروف بعلاقاته الوثيقة بوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA””: إنّ بايدن لا تغيب عنه مصالح أمريكا في المنطقة من خلال خبرته كعضو في مجلس الشيوخ الأمريكيّ، وكنائب للرئيس في عهد باراك أوباما.
وبعد خسارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب الذي كان يرغم السعودية على دفع مليارات الدولارات مقابل حماية واشنطن لها، أشار المسؤول السعوديّ- الذي عمل سفيراً لبلاده لدى الولايات المتحدة خلال عامي 2005 -2007م- إلى متانة العلاقات بين الرياض وواشنطن على كافة الأصعدة، في تملق مباشر للرئيس الديمقراطيّ الجديد.
وزعم الأمير السعوديّ أنّ علاقات التعاون المشترك بين بلاده وامريكا على الصعيد الأمنيّ وثيقة لمواجهة ما أسماه “خطر الإرهاب”، ما يشمل تبادل المعلومات، والقيام بعمليات مشتركة وغيرها من النشاطات التي واجهت خطر “القاعدة” و”داعش”، في محاولة لرأب الصدع الذي خلّفه انحياز الإعلام السعوديّ لترامب وحملته الانتخابيّة.
وأسهب تركي الفيصل في الحديث عما وصفها العلاقات الدبلوماسيّة المتينة بين المملكة وكافة الإدارات الأمريكية، رغم وجود صعود وهبوط في هذه العلاقات حسب تغير الأوضاع، وفي تصريح مثير للسخريّة اعتبر أنّ العلاقات الاستراتيجيّة بينهما بقيت وثيقة بوجود المصالح المشتركة وأهمها “إيجاد السلام والاستقرار” في المنطقة، من خلال محاولة التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، التي قدموها لواشنطن على طبق من ذهب، وغيرها من القضايا التي تشكل المملكة رأس حربة فيها كاليمن النازف والممزق بسبب إرهاب السعودية التي تشن حرباً ظالمة عليه منذ ما يقارب الست سنوات وما رافقها من دعم أمريكيّ في فترة دونالد ترامب.
الجدير بالذكر أنّ الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن سبق وأن هاجم السعودية، وتوعد بملاحقة قتلة الصحفيّ السعوديّ المعروف جمال خاشقجي، في قنصليّة بلاده باسطنبول عام 2018م، كما توعد بإيقاف مبيعات الأسلحة لها ، ورفع الغطاء عن جرائم ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان.
وفي الوقت الذي تنتهج فيه مملكة آل سعود سياسة لا تتماشى أبداً مع سياسة “أمريكا بايدن” ، لا بد على الرياض أن تقدم الطاعة والكثير من التنازلات ما يعني المزيد من الدعم للولايات المتحدة ، يضاهي ما قدمته لإدارة ترامب الذي قام بزيارتها بعيد انتخابه في مايو 2017م، وأقام مع قادتها وخصوصاً محمد بن سلمان علاقات وطيدة للغاية.
وما ينبغي ذكره، أنّ علاقات ترامب تناقضت مع السعودية ودول الخليج الثريّة الأخرى مقارنة بالعلاقات الفاترة التي ربطت هذه البلدان الغنيّة بالنفط بسلفه باراك أوباما، الذي أثار- بإبرامه اتفاقا نوويّاً مع إيران- مخاوف السعوديّة وجيرانها، وكان بايدن نائباً لأوباما طوال فترة حكمه.
كما عارض البيت الأبيض في عهد الرئيس ترامب القرارات المناهضة للسعودية في الكونجرس على خلفية حربها الشعواء على اليمن وجريمة قتل الصحافيّ السعوديّ جمال خاشقجي.
وتشعر مملكة آل سعود بالقلق من أن تقوم إدارة بايدن بإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النوويّ مع إيران الذي انسحب منه ترامب، وتخفّف العقوبات على طهران، وتتبّع سياسة متشددة تجاه مسألة “حقوق الإنسان” في بلاد الحرمين، التي غض الرئيس الجمهوريّ الطرف عنها.